واقع الإجهاض في لبنان يكشف عمق الجريمة

الطفل هبة من عند الله وليس قصاصا
الطفل هبة من عند الله وليس قصاصا


"لماذا قتلتني يا أمــي"؟ عنوان لافت لكتاب طوني غالب المجاز في العلوم السياسية والإدارية، يتحدث عن الإجهاض "الذي تحوّل الى جريمة العصر بامتياز" مشيرا الى "إمكانية تواطؤ منظمة الصحة العالمية مع بعض الدول لتشريع وتوزيع وسائل منع الحمل وادوية من شأنها ان تقتل الجنين بطريقة ملتبسة و" شريفة".

بـــرأي غــالــب اصــبــح الإجــهــاض عملية جراحية بسيطة يقوم بها أطباﺀ محترفون في الإطار المعقّم للعيادات والمستشفيات. وهذه الــصــورة الإيجابية الــتــي رسمها أعضاﺀ الجسم الطبي والتي شرّعها القانون، والتي دعمها تقنيو اللغة وطبقتها التكنولوجيا المتقدمة، ونشرتها وسائل الإعلام، هي التي تساعد على استمرارية المجزرة المتتابعة لأكثر من مليون ونصف مــلــيــون طــفــل مــن الــمــفــروض ان يولدوا سنوياً في اميركا وحدها التي تشكل عينة ومثالاً لغيرها من البلدان. واستناداً الى معطيات منظمة الصحة العالمية للعام 1990 توفي أكثر من 40 الى 60 مليون طفل سنويا نتيجة الإجهاض، أما اليوم فالرقم تخطى حدود المعقول ومــا مــن احــد يتجرأ الإفــصــاح عن الــشــوائــب والــفــضــائــح المتعلقة بمسألة الإجهاض او تزويدنا بالأرقام الحقيقية لعمليات الإجهاض في العالم العربي بشكل عام ولبنان بشكل خاص.

ورأى غالب أن المعضلة الحقيقية اليوم تكمن في تمرير الإجهاض الــجــراحــي فــي لبنان تحت كذبة الإجهاض العلاجي، والسبب يعود الى ان الإجهاض في لبنان محظور قــانــونــيــاً. فــي حين يسمح إجــراﺀ الإجهاض العلاجي ضمن شروط مــحــددة تتمثل بـــان يــكــون هــذا الإجهاض الوسيلة الوحيدة لإنقاذ حياة الأم المعرضة لخطر شديد، وتحت موافقة اكثر من طبيب على خــطــورة حملها وتوقيعهم على اربــع نسخ تؤكد صعوبة حالتها.

كذلك يشير غالب الــى ان فــورة العلم والتكنولوجيا تفتح الطريق امــام ممارسة الإجــهــاض بطريقة "حضارية" و "ســريــة"، وذلــك من خلال تجهيز مستحضرات كيمياوية واجهزة داخل الرحم ولقاحات من شأنها ان تقوم بنفس الدور الذي تقوم به الوسائل الإجهاضية في المراحل الأولى من نمو الجنين، وهي الآن متوفرة بكميات كبيرة في لبنان (ولكن بسرية تامة).

في حين رأى مصدر طبي أن واقع الإجهاض في لبنان ليس بعيداً عن غيره من الدول إذ يستخدم بعض الصيادلة والأطباﺀ ادوية كيمياوية لــتــغــطــيــة عــمــلــيــات الإجـــهـــاض، وفــي حــال تعذر الإجــهــاض يلجأ البعض الــى الإجــهــاض الجراحي بسرية تامة. ويشير المصدر الى صعوبة تحديد نسبة الإجهاض فــي ظــل غــيــاب الأرقــــام الرسمية (لأن عــمــلــيــات الإجـــهـــاض سرية وغامضة) ولكن يجري أكثر من 12 الف عملية اجهاض جراحي سنوياً في الكواليس الطبية دون الاخذ فــي الاعتبار عمليات الإجهاض الكيمياوي، والرقم في طور التزايد إذا استمرت الفوضى التشريعية والطبية تسود المناطق اللبنانية.

واشــــار الــمــصــدر الـــى ان النساﺀ الــلــواتــي يــلــجــأن الـــى الإجــهــاض تتراوح اعمارهن بين 30-16 سنة ودون معرفة الأهــل. ورأى ان آخر الأرقام العالمية تؤكد انه في كل دقيقة تصبح حوالي 400 إمرأة في العالم حاملاً ونصفهن لم يخططن او يرغبن فــي الحمل، وكــل سنة يتمّ إنهاﺀ حوالي 45 مليون حالة حمل غير مقصودة في شتى انحاﺀ العالم.

من جهة أخــرى اعتبر غالب ان المسؤولية تقع على أكثر من طرف لأن العوامل الاجتماعية والقانونية وحتى السياسية منها تلعب دورا سلبياً وربما تشجيعيا لعمليات الإجهاض. فمن الناحية الطبية يستخدم الأطباﺀ تعابير التباسية ليعللوا جرائم الإجهاض بحيث يستبدلون كلمات القتل والتدمير بكلمات لطيفة مثل "الإيــقــاف الــطــوعــي للحمل ""، الإجــهــاض العلاجي ""، اللولب.".

. وبالتالي يتهرب الجسم الطبي من تحمل المسؤولية تحت حجة" عوارض جانبية مفاجئة". أما بالنسبة الى التشريع، فالقانون اللبناني يعاني من شوائب كثيرة تحمل تأويلات والتباسات، ورغم المواد القانونية المنصوص عليها فــي القانون اللبناني، واهمها المواد 539 546 والتي تحذر من نشر وترويج واستخدام وسائط الإجهاض من ادويــة وعمليات والا يحكم عليه بالسجن من شهرين الى 3 سنوات وبغرامة مالية، تبقى القوانين حبرا على ورق فيما المجرمون يسرحون والفوضى تعمّ كل زاوية من زوايا المجتمع.

أما على الصعيد الاجتماعي، فتعددت الأســبــاب الــتــي تدفع الــمــرأة الــحــامــل الـــى الإجــهــاض واهمها العوامل النفسية وعدم تقبلها للجنين، اسباب اقتصادية ومالية، تشوهات جسدية او عقلية عند الجنين، فشل وسائل منع الحمل، الحفاظ على جسم المرأة، الحدّ من التنامي السكاني...

أما بالنسبة الى الأصوات التي تطالب بتشريع الإجهاض ليكون بذلك تحت إشراف طبي ويُجرى بشروط جيدة وصحية آمنة، فيرد غالب بالقول: "إن الغاية من العمل الطبي هي انقاذ الحياة ولــيــس القضاﺀ عليها كما هي الــحــال فــي الإجـــهـــاض. كــمــا ان تشريع الإجــهــاض يعزز ذهنية القتل بين الناس واللجوﺀ اليه لأســبــاب ولأوقـــات لحظها ام لم يلحظها القانون. والتجربة في فرنسا وغيرها (حيث ان الإجهاض مشرّع) خير دليل على ان التشريع لم يخفض عدد عمليات الإجهاض السري.

ولا يُخفى على احد ان تزايد عمليات الإجــهــاض دفــع برجال الدين وبعض المنظمات الإنسانية الــى "دق ناقوس الخطر" ورفع الصوت عاليا لأن ما يحدث في العيادات الطبية والمستشفيات اللبنانية لم يعد يقتصر على حالة او اثنتين وإنما تحوّل الى جريمة تصدرت بامتياز قائمة الجرائم اللبنانية. فــإلــى مــتــى سيبقى المجتمع يقف مكتوف اليدين يلعب دور المتفرج الصامت؟ !

إعدامهن بالرصاص

تجري في الصين 13 مليون عملية إجهاض سنويا وتتراوح اعمار النساﺀ ما بين 20 و29 سنة. وتفرض السلطات الصينية منذ 1978 نظاما صارما لتقنين الإنجاب في محاولة لوقف التزايد السكاني في الصين. ويمنع بموجب هذه السياسة أن يزيد عدد الأطفال لدى الزوجين عن الطفل الواحد في معظم الحالات.

واخيراً لاقت 3 صينيات حتفهن بعدما رفضن الإجهاض وعصين القوانين الصينية التي تحذر انجاب اكثر من ولدين، ما دفع بالحكومة الصينية الى اصدار قرار بإعدامهن بالرصاص بعدما رفضن قتل الاجنة.

تعليقات: