مظاهر الإحتفال تبدّلت وقلّة من البيروتيين تهتم بالنصف من <شعبان> بسبب الضيق الاقتصادي

مشبك ومعكرون حلويات <شعبان>
مشبك ومعكرون حلويات <شعبان>


قلّة من البيروتيين تهتم بالنصف من <شعبان> بسبب الضيق الاقتصادي

مدائح ومواليد وزيارات للأقارب وتوزيع حلويات احتفاء بشهر <شعبان> وتمهيداً لاستقبال رمضان

الشيخ البابا: الصيام يوم <النصف> تضاعف فيه الأجور وتكثر التجلّيات نعيش في هذه الأيام في شهر له خصوصيته من الشهور، إنه شهر <شعبان> الذي تشعّب الخير فيه، فهو شهر رسول الله (#)، وشهر انتصارات رسول الله في غزوة <الغابة> وبني <المصطلق> و<بدر> الثالثة، وشهر إسلام <جويرية بنت الحارث> التي كانت سبباً في إسلام قومها، وشهر انشقاق القمر·

إنه <شعبان> أيامه مباركات ولياليه فضيلات وساعاته سانحات، لذلك كان أصحاب القلوب النيّرة، لا يفوّتونها، إذ إن فيه ليلة من أفضل الليالي التي ينبغي اغتنامها، إنها ليلة النصف من <شعبان> التي صادف مرورها هذا العام في الخامس من الشهر الجاري·

ولهذه الليلة واقع خاص وأنواع عبادات كالصلاة والذكر وتلاوة القرآن، إضافة الى تقوى الله وأداء الواجبات واجتناب المحرّمات فينبغي للشخص الفطن الذكي في ليلة النصف من شعبان أن يسارع للخيرات كما ينبغي له في سائر الأوقات وسائر الليالي أن يتذكّر أن الموت حق وهو آت لا محالة·

كما إن قراءة سورة يس في هذه الليلة فيها ثواب كما في سائر الأوقات·

وبما أن هذا الشهر من الأشهر المباركة التي تبشّّر بقدوم شهر رمضان المبارك، فإن الكثير من أبناء بيروت يحتفلون بهذا الشهر وبليلة النصف من <شعبان>·

لتسليط الضوء على خصوصية هذه الليلة وتقاليدها، التقت <اللـواء> عدداً من أهالي بيروت الذين تحدثوا عن أهمية هذه الليلة بالنسبة لهم وكيفية احتفالهم بها، فكانت اللقاءات التالية:

نوع من المحبة

< هشام حمادة مواطن بيروتي يفرح جداً بإقتراب شهر <شعبان> لأنه مؤشّر على قدوم الشهر المبارك، يقول: <أيام زمان كانت الفرحة أكبر، وخصوصاً أن مظاهر الاحتفال تغيّرت وتبدّلت حيث هناك قلّة من البيروتيين تهتم بالبعض منها، وذلك بسبب الضيقة الاقتصادية التي يعاني منها غالبية الشعب اللبناني· وفي هذه الليلة يزداد الإقبال على شراء الحلوى لتوزيعها على الأهل والأقارب والجيران كنوع من المحبة والتقرّب الى الله في هذه الليلة الفضيلة، الا ان هذا الاقبال شهد بعض التراجع خلال العامين الماضيين بسبب ارتفاع اسعار الحلويات الناتج عن ارتفاع اسعار بعض السلع الاساسية في صناعته، وقد اقتصر الطلب على بعض الانواع الرخيصة بعض الشيء كالمشبك والشعيبيات والهريسة>·

إقامة المدائح والموالد

< توفيق محيو اعتبر الاحتفال بالنصف من <شعبان> مغاير تماماً لما يحصل اليوم، يقول: <المحبة في السابق كانت أفضل، فالناس كانوا يزورون بعضهم البعض ويحرصون على ذلك· ويحتفلون بالنصف من <شعبان> سوياً فيقيمون المدائح و<الموالد> ويوزعون <المشبك> (نوع من الحلويات) كعبارة عن شبك الأيادي مع بعضها البعض كعربون ألفة ومحبة· أما اليوم فالناس تكتفي بشراء المشبك دون معرفة المغزى منه، كما أن زيارة الأقارب لبعضهم البعض باتت قليلة إن لم نقل شبه معدومة علماً ان الله عز وجل أوصى بصلة الأرحام وبضرورة الالتقاء بالأهل والأقارب·

ذكريات الطفولة

< هدى خانجي تستذكر ليلة النصف من <شعبان>، فتقول: <شهر شعبان يعني لي الكثير، كونه يسبق شهر رمضان المبارك الذي نتهيّأ له من السنة الى السنة، وأنا لا زلت أختزن من الطفولة العديد من الصور في هذه الليلة الكريمة التي لا أستطيع أن أمحوها ما حييت حيث كنا نضيء الشموع أنا وإخوتي ونوزّع حلوى المشبك على الأهل والجيران كما كان الأهل يقيمون الموالد ويقومون أيضاً بزيارة المقابر ليتذكروا الأحباء الذين فقدوهم·

كذلك، كنا نلعب بالمفرقعات النارية مساء هذه الليلة، لكن مع الأسف فإن غالبية هذه المظاهر انقرضت لأسباب يعود بعضها للظروف الاقتصادية الصعبة التي يرزح تحت وطأتها الشعب اللبناني إضافة الى الظروف الاجتماعية الضاغطة، أيضاً والتي لم تعد تترك مجالاً لتقارب الناس كما كان يحصل في السابق>·

الصوم يومي الإثنين والخميس

بدورها سهام بعيون تحدّثت، قائلة: <خلال شهر شعبان هناك العديد من الناس الذين يحرصون على الصيام، فيقوم بعض الافراد بالصيام يومي الاثنين والخميس طاعة لـ لله عز وجل، كما يحرص بعضهم على الصيام في النصف من شعبان نظراً لأهمية هذا اليوم· كذلك يهتمون اهتماماً خاصاً بإحياء هذه الليلة حيث جرت العادة على تناول وجبات الحلويات المشهورة كالمشبك والشعيبيات والغريبة احتفاء بهذه الليلة واحتفالاً أيضاً بقدوم شهر رمضان المبارك·

بدء الإقبال

بدوره، صاحب إحدى محلات الحلويات في بيروت يتحدث عن إقبال الزبائن فيقول: <عملنا يبدأ بالازدهار منذ بدء شهر شعبان، حيث يزداد إقبال الزبائن علينا وإن لم يكن كما في السابق نظراً لارتفاع أسعار الحلويات بعض الشيء نتيجة ارتفاع اسعار السلع بشكل عام· وطبعاً في هذا الشهر يكثر الطلب على المشبك والمعكرون والعوامات، كما اصبح هناك العديد من الناس الذين يشترون الشعيبيات كبديل عن المشبك والحلويات الاخرى لأن سعرها أرخص من غيرها من الحلويات· وطبعاً في النصف من شعبان يكون المبيع جيد جداً خصوصاً على المشبك، وأحياناً كثيرة يطلب الزبائن منا المشبك باللون الاحمر لأن الاولاد يفضّلونه بهذا اللون علماً ان النكهة هي ذاتها· باختصار شهر شعبان نمهّد فيه للعمل في شهر رمضان المبارك الذي يبلغ المبيع فيه نسبة عالية ولا سيما في فترة قبل الظهر وما بعد الافطار، فإن شاء الله <ينعاد> على كل اللبنانيين بالخير والبركة، ونحن بانتظار شهر رمضان الكريم، وكل عام وأنتم بخير·

فائدة الصوم في شعبان

<اللـواء> التقت الشيخ أحمد البابا الذي حدّثنا عن شهر شعبان المبارك، وفائدة الصوم في النصف منه، يقول: <إن الصوم في النصف من شعبان يعود الى سنّة الله عز وجلّ، وقد ورد عن النبي محمد (ص) أحاديث عديدة جداً يحث فيها على الصيام يوم النصف، وأظهر الأجر الكبير لهذه الليلة حيث تضاعف فيها الاجور وتكثر فيها التجلّيات>·

وعن الناس الذين يعتمدون صيام أيام القضاء في شهر شعبان يقول الشيخ البابا: من الممتاز جداً ان يصوم الانسان ما عليه وبنفس الوقت ان ينوي مع صيام القضاء صيام الأيام الفضيلة خلال شهر شعبان، فيكون قد كسب الآجرين>·

وعما إذا كانت هذه الأيام تضاعف يقول البابا: <طبعاً، فالأيام المباركة دائماً مضاعفة، كما ان هذا الشهر يدل اسمه على مسمّاه فهو شهر شعبان الذي يتشعّب منه الخير، والنبي (ص) يصفه بأنه الشهر الذي ترفع فيه الأعمال الى الله· وعندما سئل النبي محمد (ص) عن كثرة صيامه في هذا الشهر المبارك قال: <هذا شهر ترفع فيه الاعمال الى الله وأحب ان يرفع عملي وانا صائم، وبيّن ان افضل اشهر الصيام بعد رمضان المبارك هو شهر شعبان>·

وعن العادات والتقاليد البيروتية التي يتذكّرها الشيخ البابا في هذا الشهر، يقول: <طالما التقاليد والعادات هي طيّبة فنحن معها ودائماً نحث على الالتزام بهذه العادات والتقاليد ولا سيما اذا كان يؤدّي الى فعل الخير· وأذكر أن أهل بيروت كانوا يسمّون شهري رجب وشعبان بأشهر الهلّة>، وهذه تسمية تدل على الخيرات وتبشّر بقدوم شهر رمضان وكانوا يستغلّونها بالتواصل مع بعضهم البعض، وإذا كان لدى بعض الناس من خصومة مع الآخرين كانوا ينهونها قبل مجيء شهر رمضان حيث يستغل شهر شعبان كي يكتمل هذا الاجر، لأن الاجر لا يعطى إلا للواصل لا القاطع والمخاصم·

وأيضاً كانت هناك عادات لإظهار الفرح والبهجة، إضافة الى بعض المأكولات المعروفة والحلويات· ونحن مع هذه العادات كونها تكرّس وتعزّز الإيمان في قلوب الناس، وتبارك بهذه العوائد لذلك علينا أيضاً أن نبقي على هذا التواصل والمحبة الذي دعا إليهما الإسلام>·

العادات والتقاليد

وفي ما يلي نورد بعض التعليقات لعدد من المواطنين الذين تحدّثوا عن عادات وتقاليد النصف من شعبان دون ذكر لأسمائهم، فكان الآتي:

- <ليت هذه العادات والتقاليد الجميلة تستمر كما كانت عليه دون ان تؤثر عليها العولمة والاستغلال التجاري وميل الناس للمباهاة التي تطغى على الروح الحقيقية لهذه المناسبة المباركة· فحق للمسلم ان يفرح وأن لا تكون عادات المسحراتي ومدفع الافطار مجرّد تراث راح وانتهى>·

- <هذه التقاليد مستمرة عند البسطاء منا اما الذين اخذتهم العولمة فقد ضيّعوا جذورهم حتى اصبحوا كورقة في الهواء تتقاذفها الريح كيف تشاء·

هذه التقاليد لها فرحة خاصة· لكن حتى الفرح اصبح بداخلنا غصة نظراً للظروف التي نعيشها فالله يبارك بشعبان ويبلغنا رمضان بصحة وعافية وسلام· وكل عام وأنت بألف خير>·

- <منهم من قال بدعة ومنهم من قال طقوس لا أساس لها في الاسلام··· لكنني أراها تعبيراً عن الفرحة بقدوم شهر الغفران ومقدمة للأطفال لطيفة ليعلموا أهمية هذا الشهر في حياتنا كمسلمين وتحفيز جيد لهم لمحاكاة الكبار بالصوم والصلاة وغيرها من اعمال الخير التي يشجّعها هذا الشهر الكريم>·

- <نحن نحتفل بالنصف من شعبان بتوزيع الحلويات على الاطفال خصوصاً في المناطق الشعبية حيث يطلع الاطفال مع اكياسهم من بعد صلاة العصر ويمرون على الجيران يلمون الحلويات، كما تقوم بعض الاسر بتوزيع الصدقات مثل الطحين والارز على الاهل والجيران والمحتاجين>·

كيف تحتفل الدول العربية في النصف من شعبان؟

قرى الشرقية والقطيف

في عدد من مدن وقرى الشرقية والقطيف والأحساء ينطلق الاطفال في رحلة كرنفالية في ليلة النصف من شعبان المعروفة بليلة <الناصفة>، في الطرقات والشوارع يحملون الاكياس المزركشة، متجوّلين بها من بيت لآخر للحصول على حصة من الحلويات المتنوّعة التي توزع في تلك الليلة، منشدين من خلالهاالاغاني التراثية والاهازيج الشعبية· ويجول الاطفال في تلك الليلة محتفلين بالقرقيعان، الذي يعد من التقاليد التي تتشابه في كافة دول الخليج، لتجميع اكبر كميّة من الحلويات من الهدايا المقدمة من منازل الاقارب والجيران، في مظاهرة يتجمّع فيها الاطفال الاحياء تلك الليلة التي تقتصر على الاطفال، يتزيّنون بهذه المناسبة بأحلى ملابسهم، في طقوس وعادات سرت منذ عقود، بينما لا يقتصر الفرح فيها على الاطفال وحدهم بل يشاركهم الكبار الفرح والسرور·

ويعمل اهالي الاحساء والقطيف على تزيين الشوارع والطرقات ومداخل الاحياء بأنواع مختلفة من الإنارات والإضاءات، كما يتم في كثير من القرى والمحافظات تصميم لوحات تشكيلية بهذه المناسبة، إضافة الى إقامة معارض تراثية للمنازل والمهن تحكي تاريخ المنطقة، كما يتم نصب خيام كبيرة لإقامة المهرجان في هذه الليلة، ويعمد البعض الى تعليق بعض الصور الفنية على الطرقات تغطيها سعفات النخيل، كما يتم تعطير المارة بالبخور ورش ماء الورد على ايديهم وثيابهم·

سوريا

السوريون يولّون شهري رجب وشعبان باهتمام خاص فيحتفلون بإحياء ليلتي الاسراء في السابع والعشرين من رجب والخامس عشر من شعبان وذلك بالصيام في هذين اليومين وقيام ليلتهما ويقوم بعض الافراد بصيام يومي الاثنين والخميس طاعة لله عز وجل·

ويتم كعادة دمشقية متبعة تناول وجبات الحلويات الدمشقية المشهورة كالبرازق والعجوة والغريبة اثناء احياء ليلة النصف من شعبان عند العائلات الدمشقية·

وأيضاً من عادات المنطقة الوسطى - حماه وحمص - الطريفة والمدهشة في هذه المناسبة ما يسمّى بحلاوة المحيا وحلاوة المحيا هذه: حلوى شهيرة لا توجد الا في حماه ولمرة واحدة في السنة ولفترة قصيرة للغاية - فقط خلال عدة ايام قبل وبعد ليلة النصف من شعبان، وتصنع هذه الحلوى من السميد والسكر والسمن مع بعض المنكهات والملوّنات والملوّنات الاخرى··· ولها عدة انواع (كالمحشية والسادة والبشمينة··) ·· وألوان (كالاحمر والابيض والمشكل) ولا يعرف على وجه الدقة اصل هذه التسمية ولكن الاقرب انها تعود الى نفس معنى الحديث السابق حول فضل ليلة النصف من شعبان في كتابة ونسخ المحيا والممات للخلق· ومن غريب هذه العادة ان اهل حماه وحمص مرتبطون بها لدرجة خيالية وفي كل عام تجنّد جميع محلات الحلويات وما يشابهها لانتاج هذه الحلوى·

ومن العادات الطريفة الاخرى في ليلة النصف من شعبان هو ان الخاطب يجب ان يهدي مخطوبته في ليلة النصف من شعبان هدية - ولو رمزية - مترافقة مع تقديم حلاوة المحيا·

ومن التقاليد الراسخة ان المخطوبة وأهلها ينتظرون هذه الهدية بإلحاح·· ولها معنى ورمز خاص لديهم لا يجوز التغاضي عنها او نسيانها>·

البحرين

في البحرين يحتفلون في اليوم الرابع عشر او ليلة النصف من شهر شعبان ابتهاجاً باستقبال رمضان، حيث يرتدي الاطفال الملابس التقليدية ويذهبون الى الاهل والاقارب والجيران وهم يرددون اناشيد معينة ويدقون على الابواب من اجل الحصول على بعض الحلويات والمكسرات ويغني الاطفال قبل دخول المنزل·

الإمارات

كانت النساء في الامارات يتهيأن لشهر رمضان منذ شهر شعبان ويحتفل الاطفال بليلة النصف من شعبان فيسيرون في <الفريج> ويطوفون على البيوت وهم يغنون·

وختاماً، نقول كل عام وأنتم بخير بانتظار أن نحتفل سوياً مع جميع المسلمين بقدوم شهر رمضان المبارك، على امل ان يحمل لنا في طيّاته البركة والخير للبنانيين ولكافة العالم أجمعين·

الزينة في الشوارع احتفالا بقدوم الشهر الفضيل
الزينة في الشوارع احتفالا بقدوم الشهر الفضيل


تزيين الشوارع وإضاءتها
تزيين الشوارع وإضاءتها


هدى خانجي
هدى خانجي


هشام حمادة
هشام حمادة


توفيق محيو
توفيق محيو


الشيخ أحمد البابا
الشيخ أحمد البابا


تعليقات: