«محرومة» تهبط اضطرارياً في صيدا

احدى السيدات تلتقط صورة «محرومة» اثناء مرورها
احدى السيدات تلتقط صورة «محرومة» اثناء مرورها


صيدا ــ

هي أنثى، لكن هل هي أنثى بجع؟ يقول العارفون إنها أحد أنواع الفصيلة نفسها. ومهما كان أصلها وفصلها، إلا أن السؤال هو كيف ضاعت عن سربها وحطّت هنا؟ حظّها العاثر؟ لا شك. فأن تضلّ الطريق في موسم هو أوّلاً غير موسم هجرتها المعتاد في أيلول، ثم تضيع عن سربها، لا يمتّ إلى حسن الطالع بصلة. هكذا، راحت تحلّق فوق سماء صيدا على علوّ منخفض، وبحركة عبثية دائرية، كمن يدور حول نفسه، فما كان من أحدهم إلا أن أطلق عليها النار فأصابها بجراح بالغة في جناحها الأيمن فسقطت أرضاً، وباتت مهيضة الجناح لا تقوى على التحليق مجدداً. لكنّ البجعة الجريحة وجدت على الأرض من يداوي جراحها، إذ قام بائع الأسماك الصيداوي علي الابريق بإسعافها واحتضانها وتقديم يد العون لها، وباتت تتنقّل معه وتلازمه العمل في المسمكة التي يعمل فيها قرب مرفأ صيدا، وإن بخيط مربوط بإحدى قائمتيها.

يجود الابريق كرماً من أسماكه المعروضة أصلاً للبيع على بجعته التي انتقى لها اسماً «من واقع حالها فسمّيتها: محرومة، لكونها حرمت من الطيران وحرمت من أهلها»، مشيراً إلى أن «هذه البجعة مقيمة على اليابسة منذ ثلاثة أسابيع، أي بعد ساعات على تعرّضها لإطلاق النار وإصابتها بإعاقة دائمة»، مستغرباً وجودها في هذا الشهر في سماء لبنان. لذلك يقول: «ربما ضلّت الطريق، إذ إن موسم هجرة هذه الطيور ليس في مثل هذه الأيام، بل تعبر سماء بلادنا خلال أيلول أثناء ترحالها من أفريقيا وأوستراليا، بعد أن تكون البحيرات المالحة التي تستوطنها قد جفت، فتنتقل بحثاً عن بحيرات أخرى». ويشير الصياد إلى حسن العلاقة بينه وبين «محرومة»، ففي «بادئ الأمر كانت تبدي نيّات عدوانية تجاه من يقترب منها، إلا أنها الآن تكيّفت مع الواقع الجديد وأمورها على خير ما يرام».

تنتصب «محرومة» بمنقارها الطويل وقدّها الممشوق وجناحها الذي في طور النقاهة. استوقفت العابرين، وما إن عرفوا قصّتها حتى بادروها «بلمسة تضامن». ولا تجد مدام بيضاوي، التي كانت تبتاع السمك من المسمكة، «بداً من إطعام البجعة والتنويه بحسن سلوكها وسلامها الدافئ، على الرغم من منقارها الذي أخافني للوهلة الأولى»، ملقية لها مما اشترته بضع سمكات.

تعليقات: