رافع يعترف بدوره المساعد في اغتيال الأخوين مجذوب

محمود قاسم رافع
محمود قاسم رافع


قلّل من أهمية خدماته لـ"الموساد" على مدى 13 عاماً..

اعترف الموقوف محمود رافع بتعامله مع المخابرات الاسرائيلية منذ العام 1993. لكنه نفى في الوقت نفسه علمه بالمهمات الأمنية التي نفذوها في لبنان ومنها اغتيال الأخوين محمود ونضال المجذوب من "الجهاد الاسلامي" في 26 ايار من العام 2006 بتفجير عبوة ناسفة كانت مزروعة في باب سيارة تم ركنها امام منزل المغدورين في صيدا.

وقلل رافع من اهمية "الخدمات" التي قدمها للموساد الاسرائيلي على مدى ثلاثة عشر عاماً، قائلاً ان تلك الخدمات لم تتعد نقل رسائل حمّلوها إياه ضباط في المخابرات الاسرائيلية الى الفلسطيني الفار حسين خطاب، فضلاً عن تقديم "المساعدة" لأشخاص كانوا يزرعون بريداً ميتاً في عدد من المناطق اللبنانية، حيث اقتصرت مهمته في هذا المجال على نقل هؤلاء الأشخاص الى أمكنة محددة والمجهولين الهوية من قبله، مؤكداً بأن الحقائب المدرسية التي كانوا يقلونها تحوي أموالاً وأجهزة.

واذ نفى تزويد الموساد بآي معلومات عن مواقع عسكرية أو عن مراكز لحزب الله، روى بالتفصيل عملية اغتيال الأخوين مجذوب التي نفذها خطاب والمدعو جورج، لكنه اكد عدم علمه بها، واكتشف بأن الاسرائيليين وراء العملية بعد حصولها، وتقاضيه مبلغ ثمانية الاف دولار مقابل الخدمات التي قدمها للموساد خلال مرحلة اعداد العملية، وابرزها احضاره للسيارة المفخخة من موقف المطار لكنه لم يعلم الهدف من استعمالها.

وكانت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن نزار خليل وعضوية المستشار المدني القاضي داني الزعني وبحضور ممثل النيابة العامة القاضي احمد عويدات، قد باشرت امس محاكمة رافع الذي يلاحق في خمس دعاوى، فإلى جريمة الأخوين مجذوب، جريمة اغتيال جهاد جبريل في العشرين من ايار عام 2002 وجريمة اغتيال مسؤول حزب الله الشيخ حسين صالح في محلة الكفاءات في الثاني من آب عام 2003، فضلاً عن ملاحقته مع المتهمين الفارين ابراهيم ياسين وحسين خطاب بجرائم التعامل ودس الدسائس لدى العدو وتأليف عصابات في مثلث الزهراني في النبطية.

واستكملت امس المحكمة استجواب رافع في جريمة اغتيال الأخوين مجذوب بحضور وكيله المحامي انطوان نعمة الذي استمهل لتقديم لائحة شهوده الى الجلسة المقبلة التي حددتها المحكمة في الخامس عشر من تشرين الأول المقبل، على ان تتابع في الجلسة عينها محاكمة رافع في الدعاوى الأخرى.

وكان القي القبض على رافع في عملية نوعية اطلق عليها "عملية الفجر" بعد القبض عليه اثناء عودته من احد المقاهي في منطقة حاصبيا فجراً، بعد اخضاعه لمراقبة مشددة.

في مستهل الجلسة عاود المحامي نعمة مناقشة مذكرة الدفوع الشكلية التي سبق للمحكمة ان ردتها مطالباً مجدداً بإبطال التحقيقات بحق موكله كونه لم يؤخذ برأي المدير العام لقوى الأمن الداخلي قبل ملاحقة رافع الذي كان عسكرياً.

وأوضح رئيس المحكمة في هذا المجال ان جرم اغتيال الأخوين مجذوب قد حصل في العام 2006 ولم يكن رافع حينها عسكرياً.

ثم طلب نعمة من المحكمة اتخاذ قرار بمواجهة موكله مع بعض المدعى عليهم بجرم التعامل مع اسرائيل، فتقرر ذلك في معرض السير بمحاكمته في الدعاوى الخمس.

وبعد تلاوة القرار الاتهامي، سئل رافع عما اذا كان يؤيد افاداته السابقة، فأيدها جزئياً وقال: "لم أكن اعيش تفاصيل العملية وكان دوري احضار سيارة من المطار انما لم اكن اعلم الهدف من استعمالها".

وعن سبب عدم تأييد افاداته كاملة، قال رافع انه تعرض للضغط، وأضاف رداً على سؤال ان دوره في الجريمة كان يتعلق بالسيارة وقال: "انا اشتركت في الموضوع انما ليس عن سابق تصور وتصميم كما يقولون".

وسئل: متى تعرفت على ضباط المخابرات الاسرائيلية فأجاب: "اثناء خدمتي في النبطية، كان ذلك خلال العام 1993، حيث تعرضت لمضايقات منهم، وأقدموا مرة على اطلاق النار علي اثناء عودتي الى منزلي في حاصبيا". اضاف: "استمر الوضع على ما هو عليه لعدة اشهر، وهم كانوا يستدرجون كل شخص، وكان أول تواصل قد تم معهم، على معبر كفرتبنيت، حيث التقيت هناك بشخص من الادارة المدنية ويدعى ايوب، ويتحدث العربية، وطلب مني في البداية نقل رسائل منه الى حسين خطاب الذي تعرفت عليه بعد ان زودني الضابط ايوب بمواصفاته.

سئل: تقول في افادتك السابقة انك قمت بتجنيد خطاب على ان يعمل معك فأجاب: "هم طلبوا مني ذلك، وكنت اتقاضى في الشهر مقابل نقل المعلومات لخطاب حوالي مئة دولار". وسئل:

لماذا طلبوا منك شراء سيارة فقال: "بعد اكثر من سنة اشتريت سيارة مرسيدس بمبلغ 1500 دولار وهم اعطوني ثمنها، وكان ذلك نوع من المساندة". سئل:

[ أليس لتنفيذ المهام التي يطلبونها منك؟

ـ كلا، وأنا كنت أذهب بالسيارة الى عملي.

[ هل طلبوا منك جمع معلومات عن منطقة عدلون؟

ـ لم يكلفوني ابداً بمهمات امنية.

ورداً على سؤال، اجاب رافع بأنه تعرف على ضابط اسرائيلي يدعى "أزاك"، وهم كانوا يبدلون ضباط المخابرات، واضاف: "اخذني ايوب من حاصبيا واصطحبني بسيارة عبر خط عسكري الى اسرائيل، وعندما مررنا على طريق الحزام الأمني خبأني ايوب وكان برفقته ازام بشرشف، وطلبا مني عدم اخبار اي عنصر من جيش لحد عن علاقتي بالمخابرات الاسرائيلية كي لا يعرفني أحد.

وتابع رافع: "في اسرائيل كانت الزيارة نوع من الترغيب والترهيب، وقالوا لي ان عملي معهم ليس خطأ واني بذلك اساعد الجيش اللبناني والدولة اللبنانية. وكنت قد اقمت في اسرائيل في فندق في كريات شمونة، وبقيت فيه طوال فترة الزيارة".

ورداً على سؤال، قال رافع انه خلال الزيارة طلبوا منه احضار خطاب الى منطقة البحر ليأخذوه الى اسرائيل، واضاف: "فعلت ذلك ليلا وقد حضر عناصر من الكومندوس الى الشاطئ وأخذونا، وكانت كلمة السر بيننا ميشال، ثم انزلونا في المياه على مسافة حوالي 200 أو 300 متر من الشاطئ حيث حضر زورق وأخذنا الى عرض البحر حيث كانت توجد باخرة اقلتنا الى حيفا".

وتابع: "في الباخرة التقيت بضابط يدعى نادان، وعندما اوصلت حسين عدت مساء وبقي الأخير في اسرائيل ثم عاد بعد حوالي اسبوع عن طريق الناقورة.

وبسؤاله، قال رافع ان ايوب زوده بكومودينا تحوي جهاز اتصال وان خطاب ابلغني انهم دربوه على كيفية استعمال الجهاز، كما زودوني بورقة تحوي معلومات عن كيفية استعماله.

وسئل: اين وضعت الجهاز؟ فقال: في غرفة نوم منزلي في حاصبيا وكنت استعمله كل 24 ساعة في وقت معين، وعندما كانوا يريدون مني شيئاً، ثم طلبوا مني عدم التعاطي مع خطاب وقالوا لي انهم سيعرفوني على شخص لبناني في اسرائيل، فرفضت، وقلت لهم انني لن اتعاطى بأي عمل امني.

سئل: ألم يطلبوا منك اي معلومات امنية، فأجاب: "ابداً"، انما كانوا يريدون ارسال شخص ما لزرع بريد ميت، ولم يحددوا لي المكان.

[وهل تعاملت مع الضابط موريس فقال: "عام 1997 استعملني الضابط موريس وصرت اتعامل معه، وكنت في كل فترة اذهب الى اسرائيل حيث يضعوني على آلة للكذب، وكان موريس يسلمني من وقت الى آخر مبلغا بحدود المئتي دولار".

وهل افدت رؤساءك بما حصل معك كونك عسكرياً، فأجاب رافع بالنفي.

وبسؤاله اجاب: عام 1996 تم تشكيلي الى بعبدا وسكنت في عاليه مع عائلتي، وفي البداية لم احضر معي الجهاز، ثم نقلته وكنت اتصل بهم بين الواحدة والثالثة بعد الظهر لمدة 3 دقائق تقريبا: وسئل:

* هل طلبوا منك استئجار شاليه في الغولدن بيتش"، فأجاب كان ذلك عام 1998 وبقيت فيه حوالي سنتين او ثلاث سنوات، ولم يكن يحضر احد الى الشاليه".

* الم تنقل الأشخاص الذين يحضرون البريد الميت؟

ـ لم أكن أعرف من هؤلاء الاشخاص سوى ميشال وجورج وابراهيم ياسين المعروف بـ "هارفيك" وكان مسؤولا امنيا ويقيم حاليا في اسرائيل. أما ميشال فكان يتحدث لهجة بدوية وقد يكون سوريا، وأعتقد ان جورج لبناني من جزين، وكان هناك شخص يدعى فؤاد يلقبونه الدعبول.

واضاف رافع: كانوا يتصلون بي على الجهاز ويحددون لي النقطة لملاقاة أشخاص الذين كنت احضرهم عن الطريق العام ليلاً، وكانوا يحوزون حقيبة مدرسية تحوي اموالاً، ويزرعونها في مناطق نائية او فرعية. وتم ذلك عشرات المرات، ثم قال رافع: "16 مرة".

واضاف: "قاموا بزرع بريد ميت مرة في قرية في الشمال وفي أرصون وعند جسر القاضي وأماكن أخرى.

وسئل عن سبب ذهاب معظم المتهمين بالتعامل مع اسرائيل الى منطقة عميق، فأجاب رافع: "لا اعرف السبب وأنا ذهبت مرة الى هناك".

وما كان دورك خلال عملية زرع البريد الميت، فقال: "كنت احضر الأشخاص وأرافقهم الى الأماكن التي يحددونها، لكني لم أرَ ما يفعلون، حيث كنت اغادر لمدة نصف ساعة تقريباً، ثم يتصلون بي عند الانتهاء عبر هاتف خلوي يسلمونني اياه عند حضورهم ويأخذوه مني او يطلبون تلفه.

وهل اخذت بريداً ميتاً، فأجاب: طلبت منهم مرة مبلغاً من المال، فارسلوا لي بريداً في علبة، وفي احدى المرات استحصلت من بريد ميت على مبلغ 3 آلاف دولار من دون ان ابلغهم بذلك، ولم يكن يحوي البريد الميت اي اسماء.

ولماذا استأجرت شاليه في طبرجا، فقال: كانوا يطلبون مني تبديل سكني كل سنة.

وبقيت فيها لحوالي السنة، ونقلت معي جهاز الكومودينا، وكنت اتنقل بسيارة الرانج روفر".

وعن سبب تزويده بأوراق رسمية مزورة، قال رافع انه كان يستأجر بواسطتها شاليهات وأجهزة خلوية مع خطوط تشريج، وانه اشترى مرة في محلة انطلياس خمسة أجهزة خلوية، انما على اسمه، ولم يستعمل اخراج قيد مزور، كما سلموه دفاتر سوق مزورة باسماء فتيات.

وبسؤاله قال: "ذهبت مرة الى ايطاليا بناء على طلبهم حيث التقاني شخص هناك نقلني الى إسرائيل، بعد ان انجز بنفسه كافة المعاملات، وكان بانتظارنا الضابط ناتان في المطان الذي اقلنا الى حيفا، وسئلت حينها عن وضعي العائلي ووضعوني على جهاز الكذب، وبقيت يومين بعد ان سلموني جهازاً جديداً أكثر تطوراً من الجهاز الاول.

ورداً على سؤال، قال رافع: "ما بعمرهم طلبوا مني معلومات عن حزب الله أو الدولة أو مراكز عسكرية".

وهل كانوا يزودونك بخرائط، اجاب رافع:كانوا يرسلون لي خطيطة صغيرة للدلالة على مكان معين للوصول اليه.

وعن المرة الأخيرة التي التقى فيها حسين خطاب، قال رافع انه التقاه قبل حصول انفجار الاخوين مجذوب بنحو أسبوع ويوم الانفجار.

وعما إذا كان حسين خطاب يخبره عن المهمات التي يطلبها منه الإسرائيليون أجاب رافع: "كان يزودهم بمعلومات عن الفلسطينيين، وحول الوضع السياسي والعسكري بعد الانسحاب".

اما عن جريمة الاغتيال، فروى رافع ما يلي: "طلبوا مني قبل شهر من العملية احضار سيارة من موقف المطار عائدة لشخص يتعامل معهم، وان اركنها في موقف مستشفى الحياة، بعد ان ابلغوني ان مفتاح السيارة موجود في منفضة داخلها".

اضاف رافع: "بعد 15 يوماً من ذلك، طلبوا مني نقل السيارة الى مرآب مجمع غالاكسي، في كاليري سمعان، وعندما سألت هناك عن التكلفة التي كانت بحدود 40 دولارا، اخذت السيارة الى منزلي ورحت اتنقل بها في حاصبيا".

وعن سبب تغطية السيارة بشادر أمام منزله، قال رافع: "كي لا تتسخ، ثم طلبوا مني بعد ذلك تسليم السيارة الى حسين خطاب، ففعلت، حيث اعلمني الاخير ان السيارة ستكون مثل سيارة جيمس بوند، وعرفني خطاب على 4 مناطق في صيدا، لم اكن اعرف ان إحداها يسكن فيها الاخوان مجذوب، ثم بعد اسبوع اتصلوا بي عبر جهاز خلوي يحمل خطاً إسرائيلياً كان بحوزتي وطلبوا مني استئجار سيارة فان مقفلة، والتوجه بها الى العديسة وابقاء محركها دائراً، ولدى وصولي التقيت بفؤاد وجورج، حيث كان بحوزتهما مغلف نايلون كبير (باب سيارة) وشنطة ووضعوهما في الفان، ثم عاد فؤاد ادراجه، وبقي جورج الذي قال لي انه ينقل جهاز كومبيوتر لحسين خطاب".

واضاف رافع: اعتقد انهم كانوا يراقبونني عبر منطاد لدى وصولي الى العديسة، وعندما سألت جورج عن الاغراض، قال لي انه باب سيارة مرسيدس يحوي كاميرا لحسين خطاب ومربوطة بكومبيوتر، ولم يعلمني مطلقاً ان في داخله متفجرات، وعند وصولنا الى حاصبيا تم استبدال الباب بباب سيارة المرسيدس التي كانت معي واحضرتها من المطار، وكان ذلك حوالي الساعة الثانية فجراً، ثم نزلنا الى موقف سبينس في صيدا بالسيارة والفان التي قادها حسين ومعه جورج، وغادرت بعدها، واثناءها، التقيت بجورج وحسين على المستديرة وهما سيراً على الاقدام، فصعدا معي وقالا لي انهما يريدان إجراء تجربة، ثم تلقى جورج اتصالاً، وقال للمتصل "اوكي مئة بالمئة". وبعد حوالي ساعة من ذلك رن هاتف جورج، فرديت انا وسألني المتصل اذا كان الشباب جاهزين، واعلمت حسين وجورج بذلك، وبعد حوالي خمس دقائق سمعت دوي انفجار، وللوهلة الأولى لم يخطر ببالي ان يكون جورج وحسين هما المنفذان.

وبسؤاله قال رافع: كنت قد غادرت صيدا بطلب من جورج، مع حسين الذي نزل في عبرا، وانا كنت ذاهباً باتجاه جزين، وكان جورج قد سلمني مغلفاً يحتوي على مستندات السيارة فأتلفتها فيما بقي مفتاح السيارة الذي ضبط معي.

ورداً على سؤال قال رافع، انه بعد تنفيذ العملية، اخذ جورج جهازي الكومبيوتر والارسال معه، ثم طلب مني الإسرائيليون التوجه الى جبيل برفقة جورج والانتظار قرب صخرة على البحر، وعندما اقتربنا من المكان اعطاني جورج حقيبة مدرسية تحوي مسجلة واموالا وطلب مني تسليمها لخطاب، ففعلت، كما سلمني مبلغ 8 آلاف دولار.

ورداً على سؤال قال رافع: كنت اعرف انهم يقومون بعمل غير مشروع، ولم يسألوني مرة عن الاخوين مجذوب.

وأكد رافع عدم معرفته بأي من العملاء اللبنانيين أو لقائه بهم في إسرائيل.

وبسؤال ممثل النيابة العامة، قال رافع ان كل ما يقوله الآن أمام المحكمة هو الصحيح.

ورداً على اسئلة موكله، افاد رافع انه وقّع على افادته الاولية ليلاً، ولم يقرأها قبل التوقيع عليها، مؤكداً بأنه لا ينتمي الى أي حزب أو تنظيم سياسي، ويعتقد ان لا علاقة لتجنيده بكونه عسكرياً.

وعما اذا سأل الإسرائيليون ما كانوا يقصدونه من ان الشباب جاهزون، قال رافع: "كنت اعتقد انهم جاهزون لتجربة السيارة، مؤكداً بأنه لم يتفحص الباب المفخخ".

تعليقات: