مشروع سد «إبل السقي» على الحاصباني يحيي المنطقة زراعياً وسياحياً

المنطقة التي سيقام عليها السد
المنطقة التي سيقام عليها السد


أصحاب الأملاك يطالبون بتعديل مكانه والخوف من تحوله إلى بحيرة مياه آسنة..

الحاصباني :

يجهد لبنان مرة جديدة لإثبات حقه بمياهه، فبعد نجاحه في استغلال كمية من مياه الوزاني في العام 2002 لمصلحة عشرات القرى الحدودية، تطرح الدولة اليوم للتلزيم، عبر وزارة الموارد المائية والكهربائية، مشروع إقامة سد ضخم لتجميع مياه الحاصباني عند نقطة يطلق عليها تسمية عريض المطيلب، غربي بلدة الفرديس.

ويهدف المشروع إلى تأمين مياه الشفة والري لمنطقتي حاصبيا ومرجعيون لغاية منسوب ثلاثمئة متر عن سطح البحر، وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين، باعتبار أن السد يقع على نهر دولي، وكون لبنان أقر في المجلس النيابي اتفاقية تقاسم مياه الأنهر الدولية غير الملاحية التي صدرت عن الأمم المتحدة في العام 1997.

يبتعد السد الذي يقع عند مجرى الحاصباني، والذي أطلق عليه سد ابل السقي، مسافة حوالى سبعة كيلومترات جنوبي نبع الحاصباني، ومن المفترض أن يخزن حوالى خمسين مليون متر مكعب من مياه النبع وعشرات الينابيع الأخرى القريبة، إضافة إلى مياه الأمطار وتلك الناتجة من ذوبان ثلوج جبل الشيخ. وستغمر مياه السد، التي ستبدأ بالانحسار في وادي الفرديس، حسب الدراسات والمجسمات التي أعدتها شركة متخصصة، مساحات واسعة من الأراضي البعلية والمروية في حوض الحاصباني، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، بساتين مشجرة بالزيتون والتفاح والليمون والكرمة، تعود بمعظمها لسكان قرى الفرديس وابل السقي وكوكبا وأبو قمحة وحاصبيا.

وتبلغ مساحة الأراضي التي ستًُغمر في الفرديس حوالى 485 دونماً وفي كوكبا وحاصبيا خمسة آلاف دونم، كما سوف تغرق المياه 41 منزلا في الفرديس لتصل إلى حدود المدرسة الرسمية، إضافة إلى سوق الخان الأثري وجسر الشقعة وجانب من الطريق العام الذي يربط العرقوب بحاصبيا ومرجعيون.

وبدأ عدد من فعاليات منطقة حاصبيا وأصحاب الأملاك في حوض الحاصباني، سلسلة تحركات واتصالات بالجهات المعنية، في محاولة للتخفيف قدر الإمكان من الأضرار الناتجة من السد التي ستطال مئات العائلات، وذلك من خلال تغيير مكان إنشائه عبر نقله جنوبا لمسافة حوالى كيلومترين اثنين، بحيث يمكن التخفيف من الأضرار الناجمة وبنسبة تزيد على الثمانين في المئة مقارنة مع تلك الناتجة من التخطيط الحالي.

ويشير مزارعو الحوض إلى انه على الرغم من أهمية المشروع وجدواه الاقتصادية والسياحية، إلا «أن الأضرار التي يمكن أن تنتج منه ستكون مرتفعة وقاسية حتى يمكن وصفها بالقاتلة، لذا على الجهات المسؤولة أخذ ملاحظاتنا بعين الاعتبار لما فيه مصلحة الجميع».

ووجه رئيس بلدية حاصبيا كامل ابو غيدا، بعد تلقيه سلسلة احتجاجات من مزارعي حوض الحاصباني حول الأضرار التي ستلحق بهم بسبب السد، وجه كتابا بتاريخ 19/8/2009 حمل الرقم 750 إلى المدير العام لوزارة الموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير يستفسر فيه عن المشروع وعن مدى جديته وجدواه، ليطالب «بتزويد البلدية بمعلومات مفصلة حوله ليبنى على الشيء مقتضاه».

وزارة الطاقة

ويشير مصدر مسؤول في وزارة الطاقة والمياه الى ان الوزارة أرسلت منذ فترة إلى إدارة المناقصات مشاريع عشرة سدود للتلزيم، لُزِّم منها اثنان هما سد بحيرة اليمونة، وسد يونين، على ان يبقى قيد التلزيم سد القرقف وسد البارد في قضاء عكار، سد المسيلحة وسد وبحيرة بلعة في قضاء البترون، سد وبحيرة بقعاتا كسروان - المتن، سد وبحيرة العزونية في عاليه، بحيرة معاصر الشوف في الشوف، سد العاصي (المرحلة الثانية) في الهرمل، وتأهيل بحيرة الكواشرة في عكار، وسد ابل السقي عند الحاصباني.

وهناك العديد من السدود قيد الدرس ومنها سد وبحيرة برحاشه في زحلة، بحيرة حدث الجبة في الديمان بشري، سد وبحيرة وادي الشّش في الارز ـ بشري، بحيرة الاطلبة في عكار، سد وبحيرة ايعال في زغرتا.

أما السدود التي ستباشر دراستها فهي: سد وبحيرة كفرحونه، بحيرة عين عرب في راشيا، بحيرة شحور في صور، سد وبحيرة الصلعة في حاصبيا، سد وبحيرة نبع الطاسة في جرجوع النبطية، بحيرة اللقلوق، وبحيرة المخّاضة اهمج.

ويقع السد عند مجرى الحاصباني، وأطلق عليه سد ابل السقي، لمسافة حوالى سبعة كلم جنوبي نبع الحاصباني، بحيث سيخزن حوالى خمسين مليون متر مكعب من مياه النبع وعشرات الينابيع الأخرى القريبة، اضافة الى مياه الأمطار وتلك الناتجة من ذوبان ثلوج جبل الشيخ. وستبدأ مياه السد بالانحسار في وادي الفرديس، وسوف تغمر، حسب الدراسات والمجسمات التي أعدتها شركة متخصصة، مساحات واسعة من الأراضي البعلية والمروية في حوض الحاصباني، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، بساتين مشجرة بالزيتون والتفاح والليمون والكرمة عائدة بمعظمها لسكان قرى الفرديس وابل السقي وكوكبا وابو قمحة وحاصبيا، تبلغ مساحتها في الفرديس حوالى 485 دونماً وفي كوكبا وحاصبيا خمسة آلاف دونم، كذلك سوف تغرق المياه41 منزلا في الفرديس لتصل الى حدود المدرسة الرسمية، إضافة الى سوق الخان الأثري وجسر الشقعة وجانب من الطريق العام الذي يربط العرقوب بحاصبيا ومرجعيون.

يصف غالب سليقا من بلدة الفرديس المشروع بالعشوائي والسيئ، وقال «لنبدأ اولا بالتسمية (سد ابل السقي) فهذه التسمية بعيدة عن الواقع، لأن المشروع في خراج بلدة الفرديس ولا يلامس ابل السقي وهذا يعني ان الانطلاقة خاطئة». ويرى سليقا أن «من مساوئ السد انه سيغمر مساحات واسعة من البساتين المثمرة مصدر رزق مئات العائلات، وسيغرق بلدة الفرديس بشكل شبه كامل، فالحي الغربي الذي يشكل نصف البلدة سيمحى عن الخريطة، متسائلا عن العدل والإنصاف ومصلحة الأهالي في المشروع. ويقترح سليقا على الجهات المعنية نقل السد جنوبا والى مسافة حوالى كيلومترين اثنين، وعندها تكون المنازل والمناطق الزراعية بعيدة عن مياهه، لأن المناطق هناك وبنسبة 95 في المئة وعرة وبور ومشاع وغير صالحة للزراعة.

بدوره يرى لبيب الحمرا أن المشروع يشكل «كارثة على أبناء حاصبيا، حيث ستطال الخسارة حوالى 5500 دونم من الأراضي الزراعية، ويقدر ثمن المتر المربع منها بحوالى مئة إلى 150 دولارا أميركيا، في حين ان الدولة سوف تستملك المتر بخمسة دولارات كما ابلغنا»، متسائلاً عن السبب الذي يدفع الأهالي لأن يرضوا بهذه الخسائر.

ويتوقف الحمرا عند مخاوف الأهالي من أن تتحول مياه السد الى تجمعات ملوثة، خاصة أن كميات كبيرة من المياه المبتذلة وزيبار الزيتون العائدة لأكثر من ثلاثين بلدة تصب جميعا في مجرى الحاصباني وستصل إلى السد بحيث تتحول عندها البحيرة إلى أشبه بتجمع خطر للمياه الآسنة. وأشار الحمرا إلى أن الأهالي بصدد تشكيل لجنة متابعة لملاحقة الموضوع، حيث سيُقترح تغيير المكان ونقله الى جنوبي النقطة الحالية ولمسافة اكثر من كيلومترين اثنين أو إلغاؤه بالكامل.

وان كان لأهالي حوض الحاصباني تحفظ على المشروع، جراء خوفهم على خسارتهم الكثير من أرزاقهم وأملاكهم، إلا أن الخطر الرئيسي الذي يهدد تنفيذه يتمثل بإسرائيل التي تراقب عن بعد كل حركة وتفصيل، وان كانت تنتظر على ما يبدو الخطوات المقبلة لجهة المباشرة بالتنفيذ. ويكمن الخوف بأن تلجأ إسرائيل إلى موقف سلبي رافض وبحجج واهية تنسف المشروع من اساسه، علما بأنها، كما هو معروف، كانت قد أجهضت محاولتين لبنانيتين في هذا الاتجاه.

ووقع الاعتداء الأول في العام 1965 إذ أغارت مقاتلاتها على ورشة لبنانية عائدة لشركة فهمي سركلي، كانت تقوم بتنفيذ اشغال تحويل مجرى الحاصباني، والذي كان قد أقر عبر مجلس الجامعة العربية عام 1964ضمن مشروع شامل، يقضي بتحويل مجاري الأنهر التي تصب في بحيرة طبريا وهي الحاصباني والوزاني وبانياس الى وادي الأردن. وتمكنت الطائرات من تدمير معظم المعدات والآليات وقتل سائق احدى الجرافات وجرح آخرين، مما أدى الى وقف العمل وبالتالي إلغاء المشروع، حيث لا تزال الحفريات وبعض الأقنية المتضررة جراء هذا العدوان شاهدة للعيان عند الطرف الجنوبي لبلدة الماري.

ووقعت الثانية في العام 2002 حيث وجهت إسرائيل إنذارا إلى لبنان عبر السفارة الأميركية، في أعقاب محاولة مؤسسة «ميرسي كور» الممولة من وكالة التنمية الأميركية، إنشاء سد على نهر شتوي يسمى نهر أبو دجاجة، ينطلق من الهضاب الغربية لمرتفعات جبل الشيخ وينساب عبر واد بين بلدتي شبعا والهبارية، ليصب بعدها في مجرى الحاصباني غربي بلدة الفرديس، وحسب الخرائط المرفقة كان السد مقررا ليكون بطول حوالى 600 متر وبعرض يراوح بين ثلاثين وسبعين متراً وله قدرة تجميع حوالى ربع مليون متر مكعب من المياه، على ان تلي إقامته شبكة اقنية للري تنطلق منه وصولا الى الاراضي الزراعية في أسفله، وعلى مسافة بين ثلاثة وخمسة كيلومترات لتبلغ مساحة هذه الاراضي حوالى ألف دونم. كما تضمن المشروع إقامة مرافق سياحية على ضفاف السد والبركة، وتشمل متنزهات ومنتجعات بمواصفات عالمية، بالاضافة الى جناح للسياحة وممارسة هواية ركوب الزوارق الصغيرة. وأدت الضغوطات الإسرائيلية الى إلغاء المشروع كليا وبعد اقل من 48 ساعة على الإعلان عنه.

والمعروف أن نهر الحاصباني الرافد الأساسي لنهر الأردن، ويوصف حوضه بأنه الخزان المائي العالي لمناطق حرمون ووادي التيم والعرقوب والجولان والحولة وطبريا. ويبلغ طول النهر داخل الأراضي اللبنانية 24 كلم ويوفر 115مليون متر مكعب في السنة، كما انه يغذي مجموعة الينابيع خارج الحدود اللبنانية بما فيها الدان وبانياس، لأنه يشمل القمم بارتفاع 2870 مترا وكذلك السفوح الغربية لجبل الشيخ حيث يشكل تساقط الثلوج والأمطار معدلات سنوية تصل الى 890 مللمترا في السنة المتوسطة في الاعالي و600 مللمتر سنويا على السفوح. ولان جبل الشيخ او حرمون يتميز بانحدارات قوية وانعدام للتغطية النباتية الشجرية تتحول صخوره الى مجار مائية سطحية، إضافة الى تسرب جوفي يقدر ما بين 37,2 في المئة و39 في المئة من إجمالي ما يتساقط عليه من ثلوج وأمطار. وتغذي التسربات ليس نبعي الحاصباني والوزاني فقط بل ينابيع الجوز والمغارة في أعالي وادي شبعا وغيرها. وعليه يصبح نهر الحاصباني بمثابة نبع من مجموعة القاطع الغربي لجبل وسفوح حرمون.

تعليقات: