الكتيبة الإسبانية تدشن مجسماً لمسجد قرطبة في إبل السقي

مجسم الـ \
مجسم الـ \"مزكيتا دو كوردوبا\" في ساحة قرطبة في مقر الكتيبة الإسبانية – صورة ادوار العشي – مرجعيون


ثاباتيرو يتفقد كتيبة بلاده الجمعة المقبل لتدشين ساحة قرطبة ومجسم قناطر مسجدها العظيم "مزكيتا دو كوردوبا"...

مرجعيون:

تستعد قيادة القطاع الشرقي في قوات "اليونيفيل" المعززة في الجنوب، والكتيبة الإسبانية العاملة تحت رايتها، لاستقبال رئيس الوزراء الإسباني خوسيه رودريغيز ثاباتيرو، الذي سيقوم بزيارة تفقدية لكتيبة بلاده في مقرها في قاعدة "ميغل دو ثيرفنتس" العسكرية في سهل إبل السقي نهار الجمعة المقبل في السادس عشر من الجاري، كما أكدت مصادر وثيقة في "اليونيفيل" لـ"السفير"، وذلك في اطار جولة شرق أوسطية تشمل لبنان، سيتم خلالها إفتتاح ساحة قرطبا، قرب مهبط المروحيات، حيث يشيد العمال وبوتيرة متسارعة، مجسم Hypostyle Hall لقناطر مسجد قرطبة العظيم Cordoba The Mezquita of، الذي كَانَ في ما مضى، المسجدَ الأكبرَ الثانيَ في العالمِ في مدينة قرطبة في إسبانيا، ويُعد تحفة فنية لا نظير لها، وقد بُني في العام 780م على بقايا كاتدرائية سان فايسينت Basilica of San Vicente، وبعد سيطرة الإسبان أُعيد ثانية، كاتدرائية كاثوليكية رومانية العام 1236م. وبذلك، تبعث الكتيبة الإسبانية من جديد عبر مجسم "مزكيتا دو كوردوبا"، مجد عبد الرحمن الداخل في مقرها، بعد نحو سبعة قرون على خروج العرب من بلاد الأندلس.

وتعتبر قرطبة إلى جانب إشبيلية، المدينة البحرية بمينائها الذي ربط إسبانيا بالعالم الجديد، وغرناطة وفيها قصر الحمراء، من المدن التاريخية في بلاد الأندلس، وإلى قرطبة ينتسب لواء المشاة الإسباني والخيالة عصب الجيش الإسباني. وهي عاصمة المقاطعة التي تحمل إسمها بمنطقة الأندلس في جنوب إسبانيا، "أندلسيا" كما يطلق عليها الإسبان، وتقع على ضفة نهر الوادي الكبير، ويبلغ عدد سكانها حوالى 310 آلاف نسمة. وقد اشتهرت أيام الحكم العربي الإسلامي لإسبانيا، حيث كانت عاصمة الدولة الأموية زمنذاك، ومن أهم معالمها مسجد قرطبة العظيم. وقد استولى عليها القائد المغربي طارق بن زياد سنة 711 م بعد قتل مليكها رودريك، وأطلق عليها إسم الأندلس بعد أن عبر بقواته إلى ايبيريا.

وقد جعل الأمويون الأندلس ولاية تابعة لولاية المغرب، وحين تولى عمر بن عبد العزيز جعلها تتبع للعاصمة الأموية في دمشق بشكل مباشر. وجعل الأمويون قرطبة مقراً لولاتهم على الأندلس، فظلت كذلك حتى سقوط الدولة الأموية على أيدي العباسين العام 750م.

لكن لم يعلُ شأن قرطبة، إلا مع قدوم صقر قريش الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل، الذي استولى على مقاليد الأمور في الأندلس الإسلامية، وأسس فيها الدولة الأموية، بعد سقوطها في الشرق على أيدي العباسيين، وجعل قرطبة عاصمة له عام 756 م. و قد كان هذا بداية لعصرها الذهبي، حيث أصبحت عاصمة الأندلس الإسلامية بأكملها، وأهم مدينة في شبه الجزيرة. و في عهد الداخل، بدأ العمل في بناء جامع قرطبة الكبير، الذي ما زال قائماً في المدينة اليوم. و استمر الحكم بيد الأمويين من سلالة عبد الرحمن الداخل في هذه الفترة، وسميت قرطبة بالمدينة الزاهرة.

وقد كانت دولة قرطبة من أهم الدول الأوروبية في القرن العاشر، كما كانت منارة للعلم و الثقافة في أوروبا، وعاصمة من عواصم الأدب والثقافة العربية والإسلامية، وأنجبت المدينة العديد من الفلاسفة والشعراء. وفي العام 1212م، تهاوت معظم المدن الإسلامية في الأندلس في أيدي مملكة قشتالة المسيحية، فسقطت قرطبة عام 1236م على يد فرناندو الثالث، بعد ما يزيد على خمسة قرون من الحكم الإسلامي للمدينة.

وحتى يومنا هذا، لا يزال الحيّان الإسلامي و اليهودي القديمان، معروفين في مدينة قرطبة الحالية، كما بقي مسجدها الضخم قائماً في وسطها، إلا أنه تم بناء كنيسة في قلب المسجد في القرن السادس عشر، و تحول الجامع فيما بعد كاتدرائية كاثوليكية. وقد جعلت اليونيسكو وسط مدينة قرطبة، أي الحي القديم بما فيه المسجد والحي اليهودي (الخوديريا)، موقعاً من مواقع التراث العالمي، بالإضافة إلى مدينة الزهراء المجاورة لقرطبة، التي أنشأها عبد الرحمن الناصر بإسم زوجته.

ومن معالم قرطبة قلعة "كالاهورا"، قنطرة قرطبة على نهر الوادي الكبير والتي عرفت باسم "قنطرة الدهر" والجسر الروماني وبقربه الناعورة، بقايا أسوار المدينة، وقصر الكازار (Alcazar) ، وهو قصر إبتناه حكام قرطبة الإسبان بعد استيلائهم عليها، على موقع قصر قرطبة القديم، ومنه تم السماح لكريستوفر كولمبوس عام 1492، بالسفر بحثاً عن طريق جديد إلى الهند.

وفي لفتة خاصة بالشعب اللبناني، نوه البريغادير جنرال ريكاردو الفاريز غارسيا، في كلمة ألقاها في مناسبة عزيزة على الإسبان وكل الشعوب الناطقة باللغة الإسبانية في العالم، اليوم الوطني الإسباني، "بزائرين من الماضي، أتوا مغامرين من سواحل المتوسط إلى أرضنا، حيث تاريخنا كما طبعنا المحب للسفر والمغامرة، دائم التاثر بهذا البحر الساحر الذي تغسل مياهه أقدام الأرض اللبنانية، التي انطلق منها أجدادكم الفينيقيون، ومن بعدهم جاء العرب، ورسخوا ثقافتنا، وتركوا آثاراً لا يمكن محوها من حضارتهم، أغنت تراثنا الذي هو كنز ثمين لا يمكننا أن نتنكر له".

والمسجد العظيم \
والمسجد العظيم \"مزكيتا دو كوردوبا\" القائم حالياً في وسط قرطبة – مجموعة ادوار العشي - مرجعيون


تعليقات: