أهالي حاصبيا يعارضون مجدّداً إنشاء سدّ إبل السقي

مكان بديل لسدّ ابل السقي في مجرى نهر الفات
مكان بديل لسدّ ابل السقي في مجرى نهر الفات


اتصالات وزارية نيابية ودراسة بديلة تسبق زيارة مدير الموارد إلى المنطقة..

يسبق هذا التحقيق عن سد إبل السقي الذي يقع عند الطرف الجنوبي لحوض نبع الحاصباني، زيارة المدير العام لوزارة الموارد المائية والكهربائية المهندس فادي قمير الى المنطقة للوقوف على حقيقة ما نشرته "النهار" اخيرا عن سلبيات هذا السدّ في حال تم تنفيذه كما هو مقرر والذي سيقضي على اجمل احواض لبنان على الاطلاق، وعلى الثروة الزراعية التي هي مورد الرزق الاساس لأهالي العديد من قرى المنطقة وفي طليعتها مدينة حاصبيا، حيث ستغمر المياه اكثر من خمسة آلاف دونم من البساتين وحقول الزيتون وعشرات المنازل وسوق الخان الاثري، لافتاً النظر الى مكب النفايات المطل على حاصبيا من فوق تلال الضهر.

المراجعات التي قام بها وفد من اهالي حاصبيا ادخلت الى نفوسهم الخشية اذ سمعوا ان المشروع قائم، وهو في طريقه الى التلزيم، كما صرح وزير الطاقة آلان طابوريان الى احدى وسائل الاعلام عندما سئل عن الوضع المائي وما اذا كانت السدود ستبقى في مهب الوعود والكلام، اذ قال: قد يفاجئك ان وضع الماء اكثر سوءا من وضع الكهرباء، اما السدود فقد ارسلنا مشاريع 12 سداً للتلزيم، وهذا رقم غير مسبوق، وبعد خفض الموازنة شككوا في امكان انجاز السدود الـ12، علما ان دراستنا تؤكد امكان انجازها كلها بالتوازي في مهلة اقصاها 5 سنوات، تطبيقا للخطة العشرية. ولا يمكن حل مشكلة المياه من دون السدود، حتى ان قسما ضئيلاً منها يساهم في توليد الطاقة وفق البنك الدولي.

وكان الوزير طلال ارسلان اجرى اكثر من اتصال مع الوزير غازي العريضي لتنسيق الموقف مع النائب وليد جنبلاط في هذا الموضوع، كما تحدث مع النائب اسعد حردان الوزير طابوريان في الموضوع ليصار الى اعادة النظر فنيا في هذا السد.

ونقل الوزير وائل ابو فاعور الى اهل حاصبيا موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي يرفض ان تمس حقوق اهالي حاصبيا والمنطقة، "وان اي مشروع، اكان سداً للمياه او غيره من المشاريع، لا يمر اذا لم يوافق عليه اهالي المنطقة".

هذه المواقف بمجملها خففت من حدة التشنج التي سادت المنطقة خلال الاسابيع الماضية، وخلال الزيارات التي قام بها وفد من اهالي حاصبيا الى كل من خلدة والمختارة سلم الناشط البيئي لبيب الحمرا الى ارسلان وجنبلاط دراسة مختصرة حول المشروع ومما جاء فيها:

"(...) تضمنت الدراسة اقامة سد شمال بلدة ابل السقي يكون ارتفاع اعلاه 530 متراً عن سطح البحر بسعة نحو 55 مليون متر مكعب من المياه، واذا تم بناؤه فانه من المفترض ان تغمر المياه الارض الواقعة بين موقع السد وجسر الحاصباني ويترتب على هذا الآتي:

1 – في الجغرافيا: ان المياه سوف تغمر نحو 3000 دونم مروي مزروع بمختلف انواع الاشجار والفواكه ونحو 2000 دونم مزروع معظمها باشجار الزيتون المعمرة والحديثة. وسوف تغمر المياه كذلك نحو 40 منزلاً في بلدة الفرديس و15 منزلاً في سوق الخان ومتنزهات وفيلات وبيوتا عدة في حوض الحاصباني وسوف يتسبب بتقطيع اوصال المنطقة، لان شبكة المواصلات وما تحتويه من بنى تحتية (شبكات كهرباء وتلفون ومياه) سوف تغمرها المياه.

2 – في التاريخ: ان تاريخ هذه المنطقة وابنائها مرتبط بهذا الحوض في شكل وثيق وفيه موقع سوق الخان الاثري الذي بني العام 1367 وهو كان بمثابة محطة وفندق للاشخاص المسافرين بين بلاد الشام وفلسطين، وقد قامت بلدية حاصبيا العام 2002، وبالتعاون مع جمعية "مرسي كور" ووكالة التنمية الاميركية، بترميم هذا الموقع الاثري والى جانبه سوق شعبي يعتبر ملتقى لكل ابناء المنطقة.

3 – في الاقتصاد والسياحة: توجد مئات العائلات التي تعتمد في معيشتها في شكل اساسي على زراعة ارضها في هذا الحوض وحرمانها ارضها سوف يعرّضها، في شكل او في اخر، الى التشرد والضياع. هذا بالاضافة الى ان حوض الحاصباني يعتبر من اجمل الاحواض في لبنان وتقوم على ضفافه وجواره عدد من المشاريع السياحية، وله مستقبل واعد اذا حل السلام في ربوع الوطن. ويراوح ثمن المتر المربع ما بين 50 و150 دولاراً وفق الموقع.

4 – في البيئة: ان وجود حوض الحاصباني في منطقة وسطية بين بلدات وقرى عدة واحتواءه على مئات الالوف من الاشجار البرية والمزروعة يساهمان الى حد كبير في تمتع هذه المنطقة ببيئة نظيفة ومناخ لطيف في فصلي الربيع والصيف، اذا ما قامت هذه البحيرة وجرى تقطيع الاشجار وتدمير البيئة فان هذا الحوض سوف يتحول خزان مياه في الشتاء، وعندما يحل فصل الربيع سوف تجر هذه المياه وتستعمل لري اراضي جديدة لا تفيد منها حاصبيا ومنطقتها وسوف تنضب مياه هذه البحيرة بالتدريج (...).

5 – في الهندسة: بالنظر الى الخارطة الموضوعة لانشاء السد، وبالنظر الى الارتفاعات الموضوعة، فاننا نرى ارتفاع جسر الشقعة عن سطح البحر 505 امتار وارتفاع اعلى نقطة في السد 530 متراً اي بفارق 25 متراً فقط وبارتفاع وسطي يبلغ 12,5 مترا. ومن المعروف علميا ان المياه في لبنان تتبخر بسماكة تراوح ما بين ثلاثة الى اربعة امتار في السنة، وذلك وفق ارتفاع درجات الحرارة. وعمليا فانه لا مبرر منطقياً لانشاء هذا السد في الموقع المحدد له، لان السدود تقام عادة في الوديان وليس في سهل كحوض الحاصباني.

6 – الحلول البديلة: يوجد جنوب هذا الحوض، وفي المجرى نفسه، واد عميق مهمل، لصعوبة الوصول اليه لعدم توافر المياه فيه في فصل الصيف، وكذلك هناك واد كبير شمال حوض الحاصباني وهو مجرى شتوي للنهر والاراضي على جانبيه صخرية ووعرة، ولذلك فاننا نقترح انشاء سدين في الموقعين المذكورين كمشروع بديل يفيد اهالي المنطقة كافة في قضاءي حاصبيا ومرجعيون، لان انشاء سد في شمال الحوض سوف يساهم في ريّ اراض عالية وسوف يساهم في خلق فرص عمل لأبناء المنطقة وجر المياه لمنطقة اخرى اذا اراد القيمون على المشروع ذلك. وانشاء سد ثان جنوب الحوض بعيدا من البلدات والقرى وعلى علو منخفض سوف يساهم في انشاء مشاريع زراعية في السهول الواقعة جنوب وغرب السد.

يذكر ان رئيس لجنة الاشغال في مجلس النواب النائب محمد قباني اجرى اتصالين هاتفيين بـ"النهار" للوقوف على "حقيقة الموضوع"، ووعد بانه سيقدم سؤالا الى الحكومة يستوضحها فيه: كيف تسمح الحكومة لخبراء اجانب بزيارة موقع السد بمفردهم في العام 2003، والتصريح لمن كان معهم من المواطنين بان اسرائيل سمحت ببناء هذا السد لانها المستفيد الاول منه؟

مكب النفايات المطل على حاصبيا والحاصباني
مكب النفايات المطل على حاصبيا والحاصباني


تعليقات: