«زعيم» سلفيّي العرقوب: نحن شمّاعة المخططات المشبوهة

الشيخ محمد إبراهيم الزغبي
الشيخ محمد إبراهيم الزغبي


بدأت الحركة السنية السلفية نشاطها، في جنوب لبنان، وتحديداً في منطقة العرقوب، انطلاقاً من بلدة شبعا، من خلال مسجد ضخم ومدرسة لتحفيظ القرآن ومركز لـ«وقف النور الخيري»، ثم بناء مسجد في قرية الدحيرجات، وأخيراً في بلدة الكفور في قضاء النبطية.

«عملنا الأساس الذي أتينا من أجله إلى الجنوب، هو تخفيف المعاناة عن أهلنا المقيمين في قرى العرقوب، ونجحنا في الأمور الاجتماعية وكانت أيسر من الأمور الدعوية العلمية، ربما لأن فترة الاحتلال ساهمت في نفور أهلنا من الدين والالتزام، ومع الإصرار والمتابعة اختلف الأمر»، بحسب رئيس جمعية الوقف الشيخ محمد إبراهيم الزغبي الذي يشير إلى أن «حملنا للدعوة السلفية شكّل عائقاً أمام نشاط الدعوة وقبول الناس لها، وخصوصاً في ظل الضبابية التي كانت سائدة حول الدعوة السلفية وأبعادها لجهة ما كان يتردد في الجزائر، مثلاً، من نسبة أعمال القتل والعنف الى هذه الدعوة. لكن استمرارنا في أدائنا المستقيم وإصرارنا على المضي في حمل هذه المسؤولية جعل الناس يرون حقيقة الدعوة واختلافها عما يسمعونه أو يُنقل إليهم».

ويقرّ الشيخ الزغبي بأن «موضوعنا مع غير السنّة كان أصعب، مع حزب الله مثلاً، إذ كانت تصلنا أخبار عن قلق وتخوّف من ظاهرة السلفية في المنطقة وأبعادها، إلى أن تلاشت هذه المخاوف عبر اجتماعات متكررة بيننا وبين إخواننا في الحزب»، مشيراً الى «بعض المشاكل الشخصية مع مرجعيات سنية لا علاقة لها بالمرجعية الأساس، وبعدما راجعنا دار الفتوى بشخص سماحة المفتي (محمد رشيد قباني) ذُلّلت هذه العقبات».

أما بالنسبة إلى العمل السياسي فيؤكد «أننا ابتعدنا عنه بدليل أننا لم نشارك في أي انتخابات اختيارية أو بلدية أو حتى نيابية، فوالدي ترشح مرتين لمنصب مختار، ولم أنتخبه أنا وإخواني. لكن، ومع تطور المجريات والأحداث في لبنان، أصبحنا ملزمين بالتعاطي السياسي من خلال توعية الناس على عدم الانجرار إلى ما لا تُحمد عقباه، وهذا أمر شرعي، من أجل ضبط الناس حتى لا تنجرف إلى الوقوع في فتن تخالف المفهوم العام للأمن الإسلامي وهو عدم السماح بإيجاد أرضية لأي فتنة، وخصوصاً بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فبدأنا بالخطاب السياسي الضابط للانفعالات والتهوّرات التي يمكن أن تؤدي إلى فتنة، واستطعنا ذلك من خلال شبكة علاقات مع جميع القوى السياسية من دون استثناء، لكن هذا لا يعني أننا نذوب في أحد، فهدفنا شرعي تفرضه علينا الدعوة في سبيل منع شرّ محتمل. ولم نشعر بصعوبة بسبب التنوّع المتميز في هذه المنطقة».

وعن تنظيم «القاعدة» يقول: «نحن نرى أن فكر هذا التنظيم ومنهج عمله يخالف المنهج الإسلامي القويم، بل يضرّ بمصالح المسلمين في العالم. وأكبر دليل على أنه فكر سرطاني يأكل بعضه، هو امتداد هذا الفكر الذي بدأ في الدول غير الإسلامية، منذ 11 أيلول، ووصوله إلى قلب دول إسلامية، وعلى سبيل المثال ما تعانيه السعودية اليوم. موقفنا هو أن فكر القاعدة مدمر لا يعمل للبناء، وإذا استمر فسيؤخر النهضة الإسلامية قروناً. ونحن أخذنا على عاتقنا في إطار المسؤولية التي نحمل، التحذير من هذا الفكر وتنبيه الشباب المتحمّس إلى عدم الاغترار بهذه الأعمال، لأننا استشرفنا حتى من أسلوب تعاطي القاعدة مع العدو أنه أسلوب يخالف الإسلام ويقوم على الغدر وعدم التمييز بين المدني والمحارب كالذي يقتل المسلمين في فلسطين مثلاً. هذا الأمر يختصر موقفنا مما جرى في الجنوب ضد اليونيفيل وفي نهر البارد، ونعتبر أن كل عمل يقوم على أسس العنف وسفك الدماء، لا يقوم على ميزان شرعي».

ويستغرب أن «كل عمل أمني كبير يسبقه تحضير إعلامي أكبر، تماماً كما حدث قبل أحداث نهر البارد وقبل إطلاق الكاتيوشا أخيراً ثم ضرب اليونيفيل، إذ بدأ حديث إعلامي عن مخططات وعمليات لاستهداف القوات الدولية، والإسبان على وجه الخصوص، وبعض الصحف نشرت مقالات مفصّلة، نقلاً عن مصادر أمنية، عما سمّتها عناصر سلفية تراقب اليونيفيل وترصد تحركاتهم وتصوّر مواقعهم، وفجأة تحصل العملية العسكرية الموعودة. وهنا أسأل: طالما أن هذه المصادر كانت لديها كل هذه المعلومات الدقيقة والتصوير والمراقبة، كيف تفلت مجموعة، مُرَاقبة كل هذه المراقبة، وتنفذ عملية في منطقة تقع ضمن إطار مراقبة أمنية؟ هذا أمر خطير يهدف إلى إيجاد شمّاعة لتمرير مخططات أمنية مشبوهة تعلّق على السلفيين الذين بالمجمل لا غطاء سياسياً لهم يدفع عنهم هذه التهم».

ويؤكد الشيخ الزغبي أن «المنهج السلفي هو منهج تربوي علمي يهدف إلى إصلاح كل ما وقع في المجتمع من فساد، ولكن بطريقة تتوافق والآية الكريمة: ادعُ إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. لذلك نحن مع تحريم التغيير أو الإصلاح بواسطة القتل والعنف وإشاعة الفوضى والفساد».

تعليقات: