اعترافات «فادي السّيغمو» هؤلاء قتلوا فرنسوا الحاج

تتقاطع إفادات الموقوفين عند نتيجة واحدة: «فتح الإسلام» قتلت فرنسوا الحاج
تتقاطع إفادات الموقوفين عند نتيجة واحدة: «فتح الإسلام» قتلت فرنسوا الحاج


«اغتالت مجموعة من فتح الإسلام كلاً من فرانسوا الحاج ووليد عيدو». حتى اليوم، نقل أكثر من موقوف هذه الرواية عن أمير التنظيم عبد الرحمن عوض. بعضهم أضاف جرائم أخرى، كاغتيال وسام عيد. أما الموقوف الأخير، السيغمو، فكرّر الرواية ذاتها، محدّداً اسم شخص شارك في اغتيال الحاج

تُحيي المؤسسة العسكرية وعائلة اللواء الشهيد فرانسوا الحاج الذكرى السنوية الثانية لاغتياله، نهاية الأسبوع المقبل. وتأتي الذكرى هذا العام في ظل اقتناع لدى المؤسسة العسكرية بأنه بات بين أيدي محققيها اسم لمشتبه في مشاركته باغتيال قائد عمليات الجيش. والمشتبه فيه هو نعيم عباس، أحد أبرز المطلوبين في لبنان ، وأحد الناشطين في الدائرة المشتركة بين تنظيمي «القاعدة» و«فتح الإسلام». نعيم عباس فلسطيني من مواليد عام 1970. هو من مخيم عين الحلوة. كان في السابق مقرباً من حركة الجهاد الإسلامي، قبل أن يتقرب من الشخصيات الأصولية الناشطة في مخيم عين الحلوة. وفي النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، أوقفته الأجهزة الأمنية اللبنانية بعد مشاركته في إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. وحينذاك، أوقِف معه الشيخ صالح قبلاوي (أبو جعفر المقدسي) الذي قضى في العراق لاحقاً، خلال قتاله الاحتلال الأميركي. ويقال في بعض الأوساط الإسلامية إن قبلاوي كان أحد أبرز المقربين من أبو مصعب الزرقاوي.

بعد خروجه من السجن في لبنان، بقي نعيم عباس في مخيم عين الحلوة، وبدأ اسمه يلمع يوماً بعد آخر، حتى صار واحداً من نحو 20 شخصاً مطلوبين من جهات متعددة، لبنانية وإقليمية ودولية، بعد الاشتباه في تورطهم بعمليات تفجير في لبنان، سواء ضد الجيش أو اليونيفيل، وصولاً إلى تنفيذ عمليات خارج الحدود (سوريا والعراق). وفي نهاية عام 2008، قيل إنه غادر مخيم عين الحلوة إلى سوريا، وقيل إنه لوحق هناك، وتمكن من الفرار مجدداً إلى لبنان. وخلال العام الماضي، خفف الرجل من تحركاته، حتى بات ترصّد الأجهزة الأمنية له شديد الصعوبة.

وسط هذا التضارب، وقع فادي إبراهيم، الملقب بـ«السيغمو»، في قبضة استخبارات الجيش اللبناني. ويُعدّ الأخير أيضاً أحد أبرز المطلوبين في مخيم عين الحلوة. كان مقرباً جداً من مجموعة «فتح الإسلام» في المخيم، وعلى رأسها «الأمير» عبد الرحمن عوض وأسامة الشهابي ومحمد الدوخي (الملقب بخردق) ويوسف شبايطة، إضافة إلى صلته بالناشط البارز توفيق طه (يؤكد الأمنيون أنه ينتمي إلى «القاعدة»).

قبل نحو عام، وبعدما تكثف الضغط الأمني على تلك المجموعة، ابتعد عنها السيغمو، قبل أن توقفه استخبارات الجيش فجر 30 تشرين الأول الفائت، وتحقق معه وتحيله على القضاء لكونه متهماً في عدد من القضايا، وشاهداً في أخرى، من أهمها جريمة اغتيال القضاة الأربعة في صيدا.

لكن أبرز ما ورد في اعترافات السيغمو، هو ما يتعلق بعمليتي اغتيال كل من اللواء فرانسوا الحاج والنائب وليد عيدو. وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإن الموقوف قال إن أمير «فتح الإسلام»، عبد الرحمن عوض، أخبره أن مجموعة من التنظيم هي التي نفذت عملية اغتيال اللواء فرانسوا الحاج، انتقاماً منه لدوره في معارك نهر البارد. وأضاف السيغمو، نقلاً عن عوض، قوله إن نعيم عباس كان في عداد تلك المجموعة. اعترافات السيغمو لم تقتصر على جريمة اغتيال الحاج. ونقلاً عن المصدر ذاته، قال السيغمو إن عبد الغني جوهر نفذ جريمة اغتيال النائب وليد عيدو في منطقة المنارة عام 2007. (عبد الغني جوهر هو المُلاحَق بسبب الاشتباه في ارتكابه جرائم التفجير في طرابلس والبحصاص والعبدة التي استهدفت حافلتين ومركزاً للجيش، إضافة إلى دوره في تفجير دمشق خريف 2008 ومحاولة اغتيال قائد الجيش العماد جان قهوجي عندما كان برتبة عقيد وغيرها من الجرائم).

كذلك تحدّث السيغمو عن مسؤولية «فتح الإسلام» عن التفجير الذي وقع في الأشرفية مع بداية أحداث مخيم نهر البارد في أيار 2007، ثم الانفجار الذي استهدف الكتيبة الإسبانية في منطقة سهل الخيام في حزيران من العام نفسه. وأضافت المصادر أن السيغمو قال للمحققين إن محمد الأفندي (من مجموعة فتح الإسلام في مخيم عين الحلوة) أخبره أنه هو (الأفندي) الذي فجر العبوة الناسفة التي كانت مزروعة في القاسمية في تموز 2007، والتي استهدفت دورية للكتيبة التنزانية في اليونيفيل، مشيراً إلى أن بلال كايد هو من خطط لهذه العملية، علماً بأن فرع المعلومات كان قد أوقف نهاية عام 2007 المدعو سليم كايد الذي أكد أنه هو من نفذ الجريمة الأخيرة.

فضلاً عن ذلك، قال السيغمو إن مجموعة عوض نفذت أيضاً عملية التفجير التي استهدفت قوات اليونيفيل يوم 8/1/2008 في منطقة الرميلة. كذلك كشف السيغمو أن مجموعة «فتح الإسلام» في مخيم عين الحلوة كانت قد اتخذت قراراً باغتيال مساعد مدير استخبارات الجيش العقيد عباس إبراهيم، خلال زيارته المقبلة لمخيّم عين الحلوة. وشرح الموقوف للمحققين الخطة التي كانت المجموعة قد أعدتها للاغتيال، محدداً اسم الشخص الذي كان مكلفاً إطلاق النار باتجاه إبراهيم من بندقية قناصة.

في الأجهزة الأمنية اللبنانية، ثمة من يتشكك في إفادة السيغمو، مشيراً إلى عدم وجود أدلة على ما يقوله. وفي المقابل، يؤكد أمنيون معنيون أن هذه الإفادة هي دليل إضافي على تورط «فتح الإسلام» في عدد كبير من العمليات التي نُفذت في لبنان خلال

جوهر اغتال عيدو، وفتح الإسلام خطّطت لقتل نائب مدير استخبارات الجيش

السنوات الأربع الماضية. ويشير هؤلاء إلى التقاطع الجاري بين إفادات عدد كبير من الموقوفين، مع إفادة السيغمو. وأبرز هذه الإفادات هو ما أدلى به كل من حمزة قاسم وخالد قنبز. وبحسب وثيقتين صادرتين عن كل من المدعي العام العدلي القاضي سعيد ميرزا والمحقق العدلي في جريمة التفجير بطرابلس نبيل صاري، اعترف حمزة قاسم، الذي أوقف في تشرين الثاني 2008، بأنه كان قد آوى في منزله بمخيم البداوي أميرَ فتح الإسلام شاكر العبسي بعد فراره من مخيم نهر البارد. وبحسب الوثيقتين، فإن قاسم نقل عن شاكر العبسي قوله إن عبد الرحمن عوض أخبره أن مجموعة تابعة له (عوض) اغتالت كلاً من العميد فرانسوا الحاج والنقيب في فرع المعلومات وسام عيد.

أما خالد قنبز، فكانت استخبارات الجيش قد أوقفته بداية عام 2009. وقال خلال التحقيق معه إن عبد الرحمن عوض أخبره عن تفجيرات عديدة نفذتها «فتح الإسلام» مستهدفة قوات اليونيفيل، إضافة إلى قوله إن اثنين من التنظيم، هما أبو هاجر وأبو عائشة، اغتالا النائب وليد عيدو، «رداً على الحرب التي فتحها تيار المستقبل على التنظيم في الشمال». وأبو هاجر وأبو عائشة هما ثنائي معروف جداً في أوساط الأصوليين والأمنيين اللبنانيين والسوريين. الأول هو عبد الغني جوهر، أما الثاني فهو السعودي عبيد مبارك عبد القفيل. والأخير، هو من تؤكد تحقيقات لبنانية وسورية أنه الانتحاري الذي فجر نفسه في دمشق نهاية أيلول 2008.

قهوجي و«بازل» الإفادات

خلال زيارته الأخيرة إلى دبي الشهر الفائت، كشف قائد الجيش، العماد جان قهوجي، أن في حوزة المؤسسة العسكرية أسماء بعض «الأشخاص الذين كانت لهم علاقة مباشرة بالتفجيرات خلال السنوات الماضية». واكتفى قهوجي بهذه الجملة، إلا أن عدداً من الأمنيين أوضحوا قصده. فقائد الجيش يستند إلى «البازل» الذي يجري تركيبه بناءً على إفادات الموقوفين، التي تتقاطع عند نقطة واحدة: «فتح الإسلام» اغتالت فرنسوا الحاج، والأوامر صدرت من عبد الرحمن عوض المحاصر، مع مجموعته، في أحد أحياء مخيّم عين الحلوة. لكن المحققين لم يتمكنوا بعد من تدعيم هذا «البازل» بأدلة حسية، أو باعتراف شخص من الدائرة الضيقة التي اتخذت القرار أو نفذت. ويشير معنيون إلى أن بعض أفراد مجموعة عوض قد يتمكن من التسلل إلى خارج المخيم. لكن الرئيسيين فيها «خاضعون لمراقبة لصيقة». وثمة من ينتظرهم داخل المخيّم. وفي الخارج، الجيش مصمّم على توقيفهم.

تعليقات: