الزمن الغير قابل للتغيير

عاشت غزة فصولاً كربلائية غاية في القسوة
عاشت غزة فصولاً كربلائية غاية في القسوة


مأساة كربلاء تخطت أكثر من ثلاثة عشر قرناً وما زالت حيّة في أحضان التاريخ... لم تنتهي ذكراها حتى يومنا هذا بل هي باقية ما بقيت الحياة.

لكن عالمنا العربي شهد آلاف المآسي الكربلائية، وإن كانت كربلاء الحسين قد انتهت خلال عشرة أيام فإن كربلاء العرب قد لا تنتهي.

كربلاء الحسين كان جلادها يزيد لكن العرب يواجهون اليوم جلادون لا حصر لهم ولا عدد، بل أكثر بشاعة وأشدّ ظلماً من جلاد كربلاء، وهؤلاء الجلادون هم الجهل والفقر والجوع والمرض والفساد والضعف الذي هو يزيد هذه الأمة المغلوب على أمرها.

عاش العرب ظروفاً كربلائية هي كربلاء العهد العثماني البشع التي دامت ما يقرب من خمسماية عام.. لقد كانت أصعب حقبة زمنية عرفها العرب في ذاك الزمن الأسود.. وهم الآن ليسوا أفضل حالاً إذ أنهم يعيشون على هامش الحياة، لا يملكون من الحضارة شيئاً يذكر، إنهم يعتاشون على فضلات حضارة الآخرين.

جنوب لبنان عاش وعانى ظروفاً كربلائية مأساوية استمرت أكثر من عشرين عاماً مع الكيان الصهيوني وكان يزيدها الضعف العربي والخلافات اللبنانية اللبنانية، وتلك الخلافات كانت صناعة إسرائيلية، هذه الكربلاء الجنوبية، سال فيها من دماء على أرض الجنوب ما سال في كربلاء الحسين آلاف المرات ولم تكن تقل قداسة عن دم الحسين الشريف.

وتعيش الآن غزة فصولاً كربلائية غاية في القسوة، محاصرة بالجوع والعطش والمرض والإهمال الدولي والنسيان العربي ولم نزل نسمع أصواتاً تتعالى في مناسبات دينية كمجالس العزاء التي يفتتح الشيخ بها بكلمته الشهيرة "يا ليتنا كنا معكم لنفوز فوزاً عظيما".

رجال الدين في مجالسهم يبكون الحسين بدموع سخية قد تصل أحياناً إلى ذقونهم ولا أحد يعلم إلا الله إذا كانت هذه الدموع صادقة أم لهم بها مآرب أخرى!..

والآن نرى نار كربلاء جديدة تشتعل بالعراق والصومال واليمن والسودان وقد ذهب مئات الألوف من ضحاياها وكأن هذا هو قدر العرب.. هو الزمن الغير قابل للتغيير والفوز لم يزل بعيداً عن شعار هذا الشيخ الذي لم يزل يردد منذ مئات السنين الشعار نفسه والمقولة ذاتها "يا ليتنا كنا معكم مولاي لنفوز فوزاً عظيما"...

أيها الشيخ، ثق تماماً إن شعارك هذا هو لإثارة المشاعر ولا يرتكز على أي قاعدة عملية، بل هو شعار ليس إلا وسيبقى الفوز بعيداً عن العرب بعدهم عن حضارة الآخرين، وهي مسافة زمنية يصعب الوصول إليها عملياً وسوف نبقى كما نحن عليه الآن وقد نشهد زمناً آتٍ ويتبدل كل شيئ عندما نرى الحسين يبكي أمته!

* أبو حسين علي عبد الحسن مهدي

هاتف: 840087 /07

تعليقات: