أي رأس سنة هذا وأية سنة هذه؟

الزمن لا يعود إلى الوراء
الزمن لا يعود إلى الوراء


يا حاملو الكؤوس وأنتم سكارى تشربون نخب عامٍ جديد..

أي نخب هذا وأي فرح هذا وأي ابتهاج هذا وأنتم تحتفون بقدوم هذه السنة الجديدة على حساب سنة مضت أيامها من عمركم بعد أن أطفأتم شموعها وغابت إلى الأبد وكل شمعة نطفئ من سنين عمرنا نقترب أكثر فأكثر من نهاية لا أحد يرغب بالوصول إليها.

كم كان جميلاً لو كان عدد أيام السنة ألوفاً مؤلفة من الأيام وكل يوم يطول ويطول إلى ما لا نهاية!

أيها السكارى..

الحياة حلوة وأيامها أحلى بل جميلة ولا يرقى إلى جمالها جمال من كل ما صنعته يد الإنسان من قصور ضخمة وفنادق فاخرة.. هذه المعالم، الغير مرتبطة بالزمن، التي تحتفلون بها بمناسبة ضياع عمركم سنة بعد سنة وهذه السنين تمرّ من عمرنا بالثواني وكل ثانية نعيشها تصبح خلفنا وبها نبتعد عن الحياة أكثر فأكثر ونقترب من نهاية عمرنا بسرعة أكبر.

كم كان جميلاً لو توقف الزمن وتحطمت كل الساعات الشاهدة عقاربها على مرور عمرنا بثوانيه وساعاته!

أيها الفرحون المبتهجون وأنتم نحو الموت سائرون..

لماذا هذا الجنون الذي لا حدود له؟

إن عمرنا يمرّ شئنا هذا أم أبينا وإن للزمن عقارب هي الأكثر دقّة والشاهدة على كل ما هو آت وما هو راحل، سواء كان إنساناً أو جماداً أو نباتاً وعلى كل ما وجد على هذا الكوكب.

إن الحياة شيئ والجسد شيئ.. والموت شيئ آخر، وإن ساءت الأقدار وعنفت رياحها تداعت لها عروش وانهارت قصور وذهبت معها ملوك وسلاطين.

أيها السهارى وأيها السكارى لماذا كل هذا الفرح وهذا الإبتهاج ونحن نعيش ذكريات سنين عمرنا وننظر إلى أيامها تتهاوى كأوراق الشجر في قلب عاصفة خريفية هوجاء..

أي رأس هذا وأية سنة هذه التي تحتفلون بقدومها وهي في طريقها إلى الموت المحتم كما مات غيرها من سنين وأزمنة.

من منا لا يرغب أن يعود الزمن إلى الوراء؟

وتعود له كل سنين عمره التي فقدها بل التي أحرقها واحتفل بموتها حتى سن الطفولة والشباب أو يقف به الزمن إلى ما لا نهاية.. ولا نعرف ماذا يحمل جديد هذه السنة للبشرية جمعاء؟!...

* أبو حسين علي عبد الحسن مهدي

هاتف: 840087 /07

تعليقات: