رحيل واحد من الرواد: الدكتـور أسـعد ديـاب

الدكتـور أسـعد ديـاب
الدكتـور أسـعد ديـاب


مبكراً جاء الرحيل، يا أبا هشام..

كنا للتو قد فرغنا من تقبّل التهاني باختيارك عضواً في المجلس الدستوري، الذي رأينا فيه ـ هذه المرة ـ بعض الأمل في مكافحة الزور والتزوير في الانتخابات النيابية وحيث تطال صلاحياته..

وكانت «ضيعتك» شمسطار، لما تفرغ من الاحتفاء بك عنواناً مشرقاً لها، ولمنطقتها كافة، متباهية بأنك قد جعلتها «اسم علم»، وقد كانت نسياً منسياً، ووفرت لها ـ بعلمك وكفاءتك وسيرتك العطرة ـ أن تزدهي بك بين المدن والبلدات جميعاً، مفاخرة بأنها قد أنجبتك.

لكأنني أنعى فيك جيل الطليعة من أبناء تلك المنطقة المبعدة عن قلوب أصحاب السلطان وعن ذاكرتهم، والمستبعدة من خطط الإنماء والإعمار، تصارع قدرها بالرجال الذين كان عليهم أن ينتزعوا الاعتراف بهم وبأهلهم البسطاء بالتفوق الذي لا يمكن طمسه.

ولقد كنت اختراقاً فذاً لجدران السلطة المصفحة دوننا، لا عون لك إلا اجتهادك وكفاءتك حين نجحت في ولوج جنة القضاء، ثم حين تم اختيارك لرئاسة الجامعة اللبنانية، التي اجتهدت ما وسعك الجهد في حمايتها كصرح تربوي عام يستطيع الفقراء أن يدخلوها فيتخرجوا منها مؤهلين لكي يحتلوا أرفع المناصب بكفاءتهم، وليس بشفاعات أهل النفوذ.

وكان حدثاً خارقاً أن تكون أول من يتولى منصب الوزارة من أبناء شمسطار التي كانت نسياً منسياً فصار لها ذكر في ديوان السلاطين.

العزاء للبنان جميعاً، وبالذات لمنطقتك عموماً ولبلدتك شمسطار، خصوصاً، التي وصلت معك وبك إلى حيث تستحق أن تكون، بكفاءة أهلها، كما كل أبناء المناطق المغيبة والمنسية والمتروكة لريح الفقر والعوز والإهمال الرسمي، فيهجرونها إلى حيث الرزق والعلم، ولو في أقصى الأرض، ليؤكدوا أنهم يقدرون، متى أتيحت لهم الفرصة.

لقد خسرنا كبيراً من بلدنا، بخلقه كما بعلمه، بصدق سريرته كما بظرفه، بقلبه الكبير كما بدماثته ورقة حاشيته.

خسرنا واحداً من قلة من الرواد الذين فتحوا أمامنا الطريق إلى مستقبل أفضل.

تعليقات: