المستوى المعيشي في المخيمات الفلسطينية هامشيون في مجتمع مهمش

عناصر من الكفاح المسلح في مخيم عين الحلوة
عناصر من الكفاح المسلح في مخيم عين الحلوة


كيف يعيش المجتمع الفلسطيني داخل المخيمات، وخصوصاً كبار السن؟! سؤال حاولنا الإجابة عليه عبر جولة ميدانية في أحد مراكز الاهتمام الرعائي بكبار السن، وهي قليلة، إنه مركز «الأمل». حيث التقينا بمديرته (...) الشهابي، وعيّنةً من النسوة المقيمات للوقوف على أوضاعهن داخل المركز، والواقع الفلسطيني.

في مركز «الأمل» الفلسطيني 150 بين مسن ومسنّة، منهم 30 مسناً يشاركون في النشاط اليومي والمركز عاجز عن استقبال كل المسنين في مخيم(...) لذلك تقتصر كل دعوة على عدد من المسنين يكونون من حارة واحدة أو يعودون بأصولهم إلى قرية قلسطينية واحدة. فيجتمعون في الإفطارات الرمضانية مثلاً، أو المناسبات، الرحلات التي ينظمها المركز مثل الرحلة إلى القاسمية وأخرى إلى دار السلام.

مديرة مركز "الأمل" الشهابيبرنامج النشاط

مديرة مركز "الأمل" الشهابي تشرح طبيعة نشاط المركز والتثقيفية اليومية، وبرنامجه واهتماماته فتقول: ندعو المسنين إلى جلسات دورية للتوعبة حول أمراض الشيخوخة فيشرح لهم أحد الأطباء علائم أمراض: الضغط، السكري، قلب وخلافه، ويوضح لهم طرق تجنبها، ومعالجتها إذا أصيبوا بها.

كما تعقد جلسات استماع لمشاكلهم إذ يعتقدون أن لا أحد يسمع لهم في عائلاتهم. وتنقل الشهابي كلمات إحدى المسنات التي أخبرتها كيف يتعامل معها أفراد عائلتها ويقولون لها "اسكتي إنتي خرفتي". وتزيد: هناك 30 مسناً ومسنة من أصل 150 يعيش كل واحد بمفرده لا أحد يتحدث إليه ولا يتحدث إلى أحد وهي نسبة عالية إذ تبلغ 20%.

جلسات التوعية

تقول الشهابي: قبل بدء المشروع عقدنا اجتماعاً مع جميع المؤسسات غير الحكومية العاملة في مخيم عين الحلوة وطرحنا أمامهم مشروعنا لعقد جلسات توعية تجمع المسنين والشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة.

تجاوب معنا 24 مؤسسة بدأت بإرسال شخص أو شخصين عند عقد الجلسات ويستمعون فيها إلى المسنين وذكرياتهم في فلسطين، وكيف هربوا منها ولجأوا إلى لبنان وتعرضهم إلى الحوادث والسرقات أثناء انتقالهم من فلسطين ويشرح المسنون كثيراً عن الحياة في فلسطين والازدهار الاقتصادي الذي كانوا ينعمون به ويقارنوه بأوضاعهم الحالية السيئة؟

ولا تقتصر الجلسات على الأحادث التاريخية لتتعداها إلى الغداء الصحي السليم الذي كان يعتمده المسن في فلسطين، فيروي المسن، والحديث للشهابي، كيف كان يُحضِّر الأكل وها هي الأدوات التي كانوا يستخدموها.

إحياء التراث الغذائي الفلسطيني

تشرح الشهابي الجانب التطبيقي من عمل المركز قائلة: حددنا أياماً لتعليم الشباب والصبايا كيفية تحضير المونة، وهذه أيام شهدت إقبالاً واسعاً من الشباب وذوي الاحتياجات الخاصة.

إحياء المأكولات الشعبية

في 20 آب 2009 أطلق مركز "الأمل" مشروع إحياء التراث الغذائي الفلسطيني بمعدل جلسة تطبيقية أسبوعياً للمسنين. ونظم حملة إعداد أكلات المطبخ الشعبي طبقاً للفصول ابتداءً من 15 أيلول ولغاية 26 كانون الأول 2009 ومنها: تجفيف خضار (ملوخية، بامية)، صنع الخل، الفلفل الأحمر، الزعتر البلدي، المكدوس، مربى العنب والتفاح، رص الزيتون وتحضير المخللات، إعداد مربى التين، وإعادة إعداد الفلفل الأحمر، والمكدوس، إعداد كعك العيد، رص زيتون مع المرقوق، إعداد اللبنة المنشَّفة، والمفتول (المغربية).

وترى الشهابي أن بعض أيام النشاط لاقى استحساناً لدى الشباب "مما اضطرنا إلى إعادة تنظيم يوم مماثل". واليوم لدينا نشاط لإعداد الصابون وكما ترى حضر أطفال من روضة نبيلة برير لرؤية المسنين وهم يطبخون الصابون.

وتؤكد الشهابي أن هناك تركيزاً على ذوي الاحتياجات الخاصة علهم يتعلمون إعداد هذه المواد لتشكيل مهنة خاصة بهم فيما بعد. ويحضرّ مركز الأمل لرحلة البرية لإحضار نبتة قصعين لتقطيرها. ويؤمّن المركز المواد الأولية اللازمة لإعداد المونة، في حين أمّن المجلس الدانماركي للاجئين العدة اللازمة للتصنيع مع كاميرا فيديو.

زينة عاصيوتختم الشهابي: نسعى بعد شهر شباط لتنظيم معرض للمنتوجات حتى نسوّق إنتاجهم ونتمكن من تأمين مواد أولية أخرى وتصنيعها.

المجلس الدانماركي للاجئين

أمّن المجلس الدانماركي للاجئين العدة الصناعية اللازمة لإنجاح المشروع عن ذلك، وتقول إحدى مسؤولات المجلس في منطقة صيدا زينة عاصي: عندما حضرنا إلى المنطقة كنا نهدف إلى تقديم الدعم لفئات محرومة من الحماية. وقد دعينا كافة المؤسسات العاملة في مخيمات الجنوب إلى تقديم مشاريع تأخذ بعين الاعتبار أهدافنا.

تقدَّم مركز الأمل بمشروع لحظ فيه إعادة دمج المسنين في المجتمع من خلال جلسات التوعية وتنشيط دورهم الإنتاجي من خلال تصنيع المونة. وقد دعمنا مشروعهم هذا بالإضافة إلى تسعة مشاريع أخرى في منطقتي صيدا وصور.

المستفيدون من المشروع

وآمنة السعدي من المسنات المواظبات على الحضور إلى المركز، لديها ثمانية أبناء متزوجون. لكنها تعيش وحيدة. "دعوني للتسلية في المركز مع بعض المسنين والمسنات الآخرين. هنا أحسن من غرفة وأربع حيطان. على الأقل نتسلى ويأخذوننا رحلات ونتناول فطوراً جماعياً ونتحدث مع الشباب عن أيام فلسطين والأيام الخوالي. نقضي أوقاتاً سعيدة. ألبّي كل دعوة تأتيني بها نادية (عاملة اجتماعية في المركز) وأتمنى لو أحضر يومياً إلى هنا.

أما خديجة عبد الحميد فتعيش مع زوجها وابنها العازب، "لديّ 8 أولاد صبيان وبنات، كلهم متزوجون باستثناء الصغير. دعتني نادية للحضور، ليلاً حضَّرت الغذاء لزوجي الذي يحضر بعد الصلاة لتناول الغذاء، وأتيت باكراً كما ترى لنتحدث ونتسلى.

وتبدي فاطمة محمد أحمد سرورها لقضاء الوقت هنا مع جيران لها أو أناس تعرفت عليهم في المركز، "مع أني أعيش مع ابني، لكني أجد هنا من يستطيع ان يفهمني".

وتشير فضيلة محمد حسن علي إلى أهمية الرحلات لأنها "تجمعنا في بوسطات ونتناول الغداء مع بعضنا، كل واحد او واحدة تحضّر أكلة بعينها. أعيش لوحدي، ماذا أفعل لوحدي؟ أجيء إلى هنا، على الأقل نجد من يستمع لنا وإلى مشاكلنا.

الجهاز البشري للمركز

يعمل في المركز 9 أشخاص، مسؤولة المركز وخمس عاملات اجتماعيات والباقي إداريات.

تقول العاملة الاجتماعية مريم الأشقر: أشارك في تنظيم أيام النشاط، أدعو المسنين للحضور، أوثق آراءهم عبر كاميرا الفيديو، لا نواجه مشاكل عمل معهم، إنهم غير متطلبين.

تذكر الأشقر حادثة حصلت معها: عندما ذهبنا برحلة إلى القاسمية (صور) سمعت المسنة نوفة شبايطة تقول لرفيقاتها: هذه أول مرة أذهب في رحلة بحياتي. وكانت سعيدة جداً.

وتشير الأشقر إلى أن الرحلات شكلت مساحة حرة للمسنين والمسنات للتعبير عن هواياتهم ففي رحلة القاسمية، رقص المسنون والمسنات وسبحوا في نهر القاسمية. كما شكل نشاطنا ميداناً للتعارف بين المسنين. أو إحياء لعلاقة قديمة ففي أحد الأيام قالت واحدة لمسنة جديدة: "نفسي أشوفك، لم أراك منذ عشرين عاماً".

تعليقات: