كارول سماحة: فنّانة حرّة و... «حدودها السما»

كارول سماحة
كارول سماحة


.

تستهوي كارول سماحة مسألة أخذ قرارات «فوق العادة». هذا ما فعلته ثلاث مرات، حين راحت تسلك سككاً متشعّبة قبل أن تصل إلى «أضواء الشهرة».

في بداية دراستها الجامعية، آثرت المسرح والإخراج على المحاماة. ثمّ قررت مغادرة المسرح الدرامي باتجاه المسرح الغنائي الرحباني، بموازاة أعمال على الشاشة الصغيرة.

ثمّ تركت «المجد الرحباني» واعتنقت الغناء وتفرّغت له.

بعد أيام قليلة، ستطلّ يوم السبت المقبل على مسرح «كازينو لبنان» لتغنّي للحب بعد نجاح ألبومها «حدودي السما».

عملها هذا ليس أول نجاحاتها. لطالما كان الفنّ قدر ابنة الخنشارة التي ترعرعت في أنطلياس.

استهوت الفنون والديها المتخصّصين في آداب اللغتين العربية والفرنسية.

«كان صوت أبي جميلاً جداً» تقول كارول، مثل أصوات عماتها.

عمتها إميلي سماحة خير الله حصدت الميداليّة الذهبيّة عن فئة الغناء الطربي في «ستديو الفن» عام 1973. حققت تلك العمة نجاحاً كاسحاً؛ لكنها كانت متزوجة ولم يتقبّل زوجها مواصلتها للغناء.

أمّا والد كارول، فقال لابنته ذات مرة: «يمكن كل الناس أن يتزوّجوا، لكن لا يستطيع كل الناس خلق مسيرة فنية تعيش إلى الأبد». قبل أن تختار اختصاصها الجامعي، كانت كارول تعرف أنها ذاهبة إلى المسرح. شجعها أساتذتها على دراسة الحقوق نظراً إلى مواقفها اللافتة في الدفاع عن زملائها. لكن حين سألت أباها عن رأيه في المحاماة، ردّ: «إيّاك وإلا فستندمين. أنت ابنتي وأعرفك منذ كنت صغيرة، أنت فنانة وتريدين الفنّ. ستدرسين المحاماة وتعملين في المجال، وستجدين نفسك غير سعيدة، ويكون الوقت قد ضاع، فإياك أن تقعي في هذه الغلطة».

البنت المولعة بالتمثيل والغناء والرقص وكتابة الشعر، لم تكن تحتاج إلى جهد كبير كي توقّع اسمها على خشبة المسرح الدرامي. خلال دراستها الإخراج والمسرح، لم تخبر أساتذتها بجمال صوتها، حتى لا يقترن تمثيلها بالأدوار الغنائية فقط. «كنت أريد أن أشتغل على الممثلة الموجودة فيّ»، تقول.

وقفت على الخشبة بإدارة روجيه عساف؛ وأطلّت مع نضال الأشقر في «طقوس الإشارات والتحولات» لسعد الله ونوس عام 1996. يومها، غنّت للمرة الأولى ألحاناً تراثية وموشحات، ثم تفرغت بعد سنة للمسرح الدرامي ومثّلت مع أستاذها ميشال جبر في «بيت برناردا آلبا» لفدريكو غارسيا لوركا، و«المهاجر» و«هي في غياب الحب».

بعد أربع سنوات من العمل على الخشبة، شعرت أن هذا لم يعد كافياً. كانت عينها على المسرح الرحباني: «منذ كنت صغيرة، تأثرت بمسرحيات فيروز والرحابنة. كان هدفي أن أؤدي أدواراً تجمع الغناء والتمثيل، وهذا ما حصل». كانت تقف أمام آلة التسجيل لحفظ مقاطع من أعمال الرحابنة وفيروز وتؤديها تمثيلاً ورقصاً... عام 1998، منحها الراحل منصور الرحباني دوراً رئيساً في مسرحية «آخر أيام سقراط» لتجسّد دور تيودورا عشيقة سقراط أول الفلاسفة. شكلت هذه المسرحية محطتها الجماهيرية الأولى على المستوى المحلي. لم يلبث منصور أن قدمها في مسرحية «وقام في اليوم الثالث» (2000) بدور مريم المجدلية، ثم في مسرحية «أبو الطيب المتنبي» (2001) بدور خولة شقيقة سيف الدولة، ثمّ في «ملوك الطوائف» (2003) بدور «الغسالة».

لكن الصبية المسكونة بالأضواء كانت تطمح إلى أدوار بطولة نسائية مطلقة في المسرح الرحباني: «قلت للأستاذ منصور: اكتب لي دور بطولة نسائية مطلقة، فرفض وقال: عندك وقت وهذا سابق لأوانه. قلت له: أنا درست التمثيل وجئت لعندكم جاهزة. اشتغلتم عليّ كصوت. صحيح أن الأدوار التي أؤدّيها هي بطولة نسائية، لكن أكبر دور لا يتعدى خمسة مشاهد». وتواصل كارول مستعيدةً مغامرتها الرحبانيّة: «بدأت أشعر بالتكرار في الأدوار، قلت عندها للأستاذ منصور: «أنا سوف أنسحب، لأن المسرح الغنائي لن يؤمّن لي انتشاراً عربياً؛ وأشعر أنني إذا تابعت هكذا، فسأنتهي موظّفة في المسرح الرحباني أنتظر راتبي كل آخر شهر. قررت الانفصال والاتكال على نفسي».

ولا ينبغي أن ننسى عبور كارول سماحة على الشاشة الصغيرة، من خلال مسلسل «طالبين القرب» من إخراج مروان نجار (1999). ثم في مسلسل «نورا» و«اسمها لا». لكن الغناء، سيصبح أكثر فأكثر رهان حياتها. أغنية «في صباح الألف الثالث» التي كتبها منصور الرحباني، فتحت لها أبواباً كثيرة. بثوبها الأحمر الرصين وخلفها الأوركسترا، حفرت صورتها في رأس الجمهور كفنانة معنية بشجون الناس وهمومهم.

هكذا حسمت الفنانة الشابة أمرها، واختارت التفرّغ الكامل للغناء. عملت كارول سماحة مع مدير أعمالها في ذلك الحين الملحن نقولا سعادة نخلة على إنجاز ألبوم خاص بعنوان «حلم» (2003)، ثم تتالت الإصدارت: من «أنا حرة» إلى «أضواء الشهرة».

أسهمت أغنية «تطّلّع فيّي هيك» لمروان خوري، في نجاحها كمطربة وخصوصاً بعد تحقيقها انتشاراً عربياً.

وفي عام 2006 تعاونت مع صديقها ماريو قسطا والملحن سليم عساف لتأسيس شركة إنتاج خاصة تحت اسم «لاكرما»، أصدرت أخيراً ألبوم «حدودي السما».

في 2007 عادت كارول مجدداً إلى المسرح الرحباني، من خلال عمل مسرحي ضخم قدم في دبي، ثم في جبيل يتناول ملحمة «زنوبيا» التاريخية. أدت دور ملكة تدمر أمام غسان صليبا (قائد الخيالة) وأنطوان كرباج (أورليانوس، إمبراطور روما). اليوم، رغم كل نجاحاتها المسرحيّة، تقول: «الزمن الآن ليس زمن المسرح، إنّه زمن الاستعراض والسينما والـ«سي. دي». السينما هدف من أهدافي الأساسية لأنني أنا ممثلة أصلاً، لكن لا أشعر أنني قادرة على التفرغ للسينما الآن، ثمة أشياء كثيرة في الموسيقى يجب أن أقولها. هناك أحاسيس ومشاكل يمكن أن تمر في حياتي أحب أن أعبر عنها بالموسيقى. سأغنّي هذه المرة من تأليفي أنا».

لا تعتزل كارول الـ«هجرات المتتالية». قد تجد نفسها في أحد الأيام أمام قرار آخر «فوق العادة»، فتذهب باتجاه الفن السابع أو الغناء العالمي... «لن أتورّع» تقول.

5 تواريخ

في السبعينيات

الولادة في أنطلياس ــ شمال بيروت

1996

مسرحية «منزل برناردا آلبا» لميشال جبر، أخذتها إلى احتراف المسرح

1998

تقاسمت بطولة «آخر أيام سقراط» لمنصور الرحباني، مع رفيق علي أحمد وهدى ووليم حسواني

2003

ألبومها الغنائي الأول «حلم»

2010

بعد ألبوم «حدود السما» (2009)، تقدّم حفلة في 13 شباط (فبراير) على خشبة صالة «السفراء» في «كازينو لبنان»

تعليقات: