14 شباط: في بيروت «نهار فني طويل»

طبل ورقص وهيصة في الساحة أمس
طبل ورقص وهيصة في الساحة أمس


موفقاً كان اختيار ميشال قزي لتقديم الجزء الفني من يوم 14 شباط.

نجومية مقدم برامج الترفيه تعود إلى ما قبل صعود السياسة لتحتل وحدها سنوات الجنون الفائتة. وقزي لم يخرج من جلده الترفيهي إلى ادعاء خطاب أكبر منه. تحدث عن «النهار الفني الطويل»، ومازح الجمهور، مصراً على اداء وصلة غنائية صغيرة في خلال تقديم المغنين والمغنيات.

ظل قزي على مرحه. لم ترهبه الذكرى كثيراً، وهي ذكريان في آن: ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وذكرى «14 آذار» الأول، اليوم المشهود.

الجمهور لم يطلب أكثر من ذلك. هو جاء في السنة الخامسة، من دون أوهام. هبطت أعداده إلى حدها القياسي مقارنة بالأعوام الفائتة. وللمرة الأولى، كان يمكن التحرك في الفراغات الواسعة بين جمهور مسترخٍ يكاد، لولا الأصوات الجميلة التي غنت، وعبد الكريم الشعار في مقدمتها، يصاب بالضجر في هذا اللقاء الشعبي الذي لا سياسة حقيقية فيه.

لا أوهام لدى جمهور «تيار المستقبل». أتى إلى الساحة براياته الزرقاء أولاً، ليحل العلم اللبناني في الدرجة الثانية. وكان يؤدي واجباً غالياً تجاه الرئيس الراحل، والرئيس الجديد، من دون أن يثقل الأكتاف بالتحديات. لا اعتصام على بعد أمتار. ولا سابع من أيار، ولا انتخابات نيابية مقبلة بعد انتصار مدوٍ في الانتخابات الأخيرة، ولا محكمة دولية يطالب بقيامها، ولا شعارات رنانة، ولا هتافات ضد خصم محلي أو شقيق، ولا حتى لهفة بانتظار خطاب ناري. هكذا، كان اليوم المقتطع من فصل الربيع، أحداً لطيفاً ليس مطلوباً فيه من هذا الجمهور حتى أن يكرر إثبات ولائه بتجمع مليوني.

غياب التحديات كبّل أيدي الناس، أو حررها لا فرق. انصرف الشبان والشابات فيهم إلى الرقص على وقع الموسيقى، أو إلى التسامر وتدخين النراجيل، بينما النسوة والرجال وجدوا ما شاؤوا من المقاعد الفارغة ليرتاحوا إليها، متلفتين بملل بادٍ على الملامح. هم للمرة الأولى يصلون إلى الساحة من دون الانطلاق مع ساعات الفجر، من دون ازدحام سير يسببه ما اصطُلح على تسميته بـ«الزحف». غير أنهم، وذلك ما كان جلياً، وصلوا إلى الساحة من دون حافز حقيقي رافق ودعم إحياء الذكرى الأولى والثانية.

مشهد «ثورة الأرز» (تسمية قوى 14 آذار لنفسها) بات بعيداً. في السنوات الفائتة، كان انفعال الجمهور، وغضبه، يرتفعان كثيفين فوق الرؤوس حتى تكاد رؤيتهما تكون ممكنة بالعين المجردة، بخاصة مع وليد جنبلاط، الأيقونة التي افتقدتها الساحة. لا خطيب آخر كان قادراً على ملء الفراغ الذي خلّفه غياب جنبلاط عن المكان، ولا ربما، على إزالة الإحباط الذي تتركه في النفوس واقعية سياسية ليست سحرية قط. واقعية ليست حكراً على جنبلاط هذه المرة.

لم يعتد الجمهور بعد على غياب السياسة، بمعناها اللبناني، عن الساحة. مع ذلك، كانت السياسة بعيدة بعد السابع من حزيران العام الفائت، اليوم الأخير لـ «السماء الزرقاء» ووعيدها.

العدد ليس مهماً لـ«تيار المستقبل»، الآن على الأقل. وهو لن يكون مهماً لـكل من «القوات اللبنانية»، و«الكتائب»، اللتين تفضلان الجمهور الصافي الذي يوحي بقوة تمثيلية من الصعب الإيحاء بوجودها في الذكرى التي يتصدى لها «المستقبل» من ألفها إلى يائها، مادياً ومعنوياً.

وإذا كان العدد ثانوياً، يصبح شحن النفوس ممنوعا. لقد أدت الجماهير (من الطرفين) أدوارها بأمانة يوم كان مطلوبا منها أن تؤدي أدواراً. وفي الغالب، ستعود لتؤدي أدوارها حين تحتاج المنابر والشوارع والصناديق إليها. أمس لم يكن مطلوباً من الناس أي دور، بل على العكس، كان على المنظمين أن يقدموا للناس بعضاً من الراحة والفرح الغاليين منذ جريمة الاغتيال وما تلاها؛ أن يكافئوهم بيوم من دون أعباء، إلا عبء الحب لدولتي الرئيس الراحل والرئيس الجديد، والاستمتاع بالشمس، والغناء والأمل على الرغم من حزن ذكرى الاغتيال، وتلاشي ذكرى الرابع عشر من آذار.

على ذلك، كاد ينسحب النهار السياسي القصير إلى الصف الخلفي، ليتقدم عليه «النهار الفني الطويل».

لم يخطئ ميشال قزي تماماً في توصيفه لنهار الأمس.

------------------------------------------------------------

من الساحة

اكتفى رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط بوضع إكليل من الزهور أمام ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتلاوة الفاتحة عن روحه وعن أرواح رفاقه الذين استشهدوا معه، ثم غادر المكان تاركا في الساحة نجله تيمور والوزراء غازي العريضي وأكرم شهيب ووائل أبو فاعور.

وكان جنبلاط قد زار رئيس الحكومة سعد الحريري وحضر إلى ساحة الشهداء معه في سيارته، وتأبط الحريري ذراع جنبلاط في الساحة، ثم توجها سوياً إلى ضريح الرئيس الشهيد الحريري قبل أن يتبادل جنبلاط القبل مع الحريري ويغادر المكان.

÷ ارتفعت صورة كبيرة للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز على احد الأبنية في ساحة الشهداء، كما رفع بعض الحضور صورة للملك السعودي وأخرى لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.

÷ رغم أن كلمات الخطباء وهتافات المحتشدين تفادت توجيه كلام سلبي نحو سوريا فقد شوهدت لافتة تحمل صوراً للرئيس إميل لحود والنائب سليمان فرنجية واللواء جميل السيد وفوق الصور عبارة «عملاء سوريون بامتياز».

لافتة «عملاء سوريون بامتياز»
لافتة «عملاء سوريون بامتياز»


تعليقات: