من يؤمّن الخدمات العامة في بنت جبيل ومرجعيون؟

عيتا الشعب
عيتا الشعب


بنت جبيل ــ

على حافّة طرق قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون، يقف يومياً العديد من الأهالي صباحاً، ينتظرون «متطوعاً» لنقلهم إلى النبطية وصيدا وبيروت. هنا، لا وسائل نقل عام بالمطلق، فيما ينطلق سائقو السيارات العمومية من كل قرية أو بلدة، في الصباح الباكر، مصطحبين ركّاباً يستطيعون دفع أجرة التاكسي، ثم تخلو المناطق من وسائل النقل لبقية النهار. ليست المشكلة فقط في عدم وجود وسائل للنقل العام، بل في عدم وجود مراكز حتى للخدمات العامة في تلك المنطقة، إضافة إلى الدوائر الحكومية المختلفة. ينطلق أستاذ المدرسة كمال قطيش إلى شارع بلدته الرئيسي في حولا (مرجعيون) سيراً على الأقدام، منتظراً فاعل الخير الذي يقلّه إلى أقرب مكان ممكن إلى النبطية لإجراء بعض الفحوص المخبرية. تبعد النبطية عن بلدة حولا نحو 40 كلم، وهناك معظم مراكز الخدمات العامة، لكن الوصول إليها بالنسبة إلى محدودي الدخل والذين لا يملكون السيارات الخاصة أمر مكلف ومتعب جداً، وخصوصاً إذا ما تطلب الأمر التوقف عن العمل وأكثر من مشوار واحد. يقول قطيش «هذه المنطقة يجب أن تسمّى المنطقة المقطوعة الوسطى، لا القطاع الأوسط. تصوّر أنه ليس هناك مختبر للتحاليل الطبية هنا، ويضطرّ الأهالي إلى قصد مستشفيات صيدا وبيروت». ويبيّن جمال مبارك، من بلدة ربّ ثلاثين، أن على صاحب كل معاملة أو مصلحة أن يمشي سيراً على الأقدام أكثر من 3 كلم، ويدفع مبالغ كبيرة للوصول إلى النبطية أو أي مدينة أخرى، مع العلم بأن جميع المقيمين هنا من الفقراء المزارعين أو الموظفين الصغار. أكثر ما يربك الأهالي في تلك المنطقة هو سوء الخدمة الصحية واضطرار المرضى المصابين بأمراض غير عادية إلى أن ينتقلوا على وجه السرعة إلى مستشفيات بيروت وصيدا. فتقول نور ضاوي (كفركلا): «حاولت مراراً الحصول على المعالجة الطبية من مراكز الاستشفاء هنا، لكن هناك الكثير من الأخطاء وسوء العناية ترتكب باستمرار، لذلك يضطرّ المرضى إلى التوجه إلى مستشفيات المدن». أما ربيعة فواز فلا تنسى يوم أجرت فحصاً مخبرياً بعد الولادة في أحد مراكز منطقة بنت جبيل الصحية، فكانت النتيجة أنها مصابة بسرطان الرحم. تقول «أصبت وقتها بحالة يأس وخوف شديدين، فتوجهت مباشرة إلى أحد مستشفيات بيروت، فأجري لي الفحص عينه من جديد، فكانت النتيجة عدم وجود أي مشكلة صحية. لذلك تعلّمت أن لا أعالج نفسي أو أحداً من أولادي إلا في مستشفيات بيروت المحترمة». وفي منطقة مرجعيون يتناقل الأهالي خبر وفاة أحد المرضى بنوبة قلبية في أحد المستشفيات القريبة، لأنّ الطبيب المعالج تأخر أكثر من نصف ساعة. في أحد مستشفيات صيدا، تمتلئ العيادات بعشرات المرضى، وجميعهم من أبناء الجنوب ولا سيما المناطق النائية. وتروي ريما بلحص من بلدة صديقين: «كان عليّ المجيء إلى هنا، لأنه ليس هناك مراقبة صحية سليمة في مناطقنا، فقد أصيب ولدي بالتهابات حادة، وراجعت أكثر من مصدر طبيّ في منطقتي، وكلهم كانوا يصفون الأدوية المختلفة، لكن دون جدوى، رغم أن درجة حرارة طفلي الصغير ترتفع على نحو دائم ومخيف، إلى أن وجدت العلاج المناسب هنا».

نقص في التجهيزات

«70% من الحالات المرضية العقلية في منطقة بنت جبيل يعود سببها إلى عدم وجود المستشفيات المجهّزة للعناية بالطفل في أثناء الولادة وبعدها». هذا ما تقوله مديرة أحد مراكز تأهيل ذوي الحاجات الخاصة في عيتا الشعب، دعد اسماعيل. أما السبب في الوصول إلى هذه النسبة العالية، فتقول إن «أغلب المعوقين عقلياً كانوا بحاجة إلى الأوكسيجين بعد ولادتهم، ولم يكن هذا متوافراً في مستشفيات المنطقة بسبب النقص الكبير في التجهيزات، ولا يزال الأمر على هذه الحال». تطالب اسماعيل المعنيين بتوفير تجهيزات لبعض المستشفيات لتلبية الحاجات الضرورية للناس.

تعليقات: