طانيوس يدّعي على ضبّاط سوريين لكشـفهم تعاملـه مـع «الموسـاد»


تسلّم قاضي التحقيق الأوّل في بيروت غسان عويدات ادعاء مباشراً من رئيس الدائرة القانونية في «القوّات اللبنانية» المحامي سليمان لبوس بوكالته عن الرقيب أوّل السابق في قوى الأمن الداخلي الياس لطف الله طانيوس، اتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي ضدّ أربعة ضبّاط سوريين هم: جامع جامع، وكمال يوسف وديب زيتوني وبركات العش، والمواطن السوري المجنّس لبنانياً غسان علوش، بجرائم «حجز الحرية والتعذيب والتهديد، ومحاولة القتل والتعطيل عن العمل»، وذلك على خلفية توقيف المدعي وسجنه في سوريا لسبب لم يوضّحه الادعاء المباشر وأغفله نهائياً.

فمضمون الادعاء يقتصر على تصوير مكان وجود طانيوس وكيفية توقيفه، إذ «بينما كان ساهراً في منطقة تلّة الخيّاط لدى صديق له اسمه موريس أبي زيد (لبناني الجنسية) وشخص آخر هو المرحوم كامل عيسى (سوري الجنسية) وأشخاص آخرين، داهمت المنزل قوة من المسلّحين في الجيش السوري، وذلك بناء على إخبار من غسان علوش وخطفت الجميع واقتادتهم إلى فندق «البوريفاج».

ولكن تبيّن من سياق متابعة هذه القضية، أنّ حكمين قضائيين الأول سوري والثاني لبناني صدرا في أوقات مختلفة على المدعي إلياس طانيوس قضيا بإدانته بالتعامل مع العدو الإسرائيلي عبر جهازه الاستخباراتي «الموساد» وعملاء ميليشيا أنطوان لحد، وذلك لقيامه بتجنيد السوري علوش ولقائه ضابطاً إسرائيلياً يحمل اسم «سـيمون».

وأمضى طانيوس نحو تسع سنوات في السجون السورية، منذ توقيفه في محلة تلة الخياط في 15 كانون الأوّل 1991، ولغاية الإفراج عنه ضمن مجموعة من اللبنانيين الذين كانوا يمضون محكوميتهم في السجون السورية إنفاذاً لأحكام صادرة بحقّهم بجرائم متنوّعة، بتاريخ الاثنين في 11 كانون الأوّل من العام 2000، وذلك بناء لحكم قضائي بالإدانة بلغت عقوبته عشر سنوات.

وقامت السلطات القضائية اللبنانية بتوزيع المفرج عنهم على المحاكم اللبنانية بحسب التهم الموجهة إليهم، واختصاص كل محكمة على حدة، فأحيل طانيوس على المحكمة العسكرية الدائمة كون تهمته هي التعامل مع العدو الإسرائيلي.

وفي 10 نيسان من العام 2001 عقدت المحكمة العسكرية جلسة لمحاكمة طانيوس، وانتهت بإصدار حكم وجاهي بحقه، قضى بوضعه في الأشغال الشاقة مدة سبع سنوات ونصف السنة.

وخلال المحاكمة التي نشرت «السفير» وقائعها آنذاك (العدد 8874 الصادر في 11 نيسان 2001)، أدلى طانيوس بأنه قصد في أوائل العام 1990 بلدة القليعة عبر معبر باتر ـ جزين لحضور زفاف إلياس رشيد، حيث التقى صديقه ميشال ناصيف المعروف باسم ميشال عرموني الذي اصطحبه إلى منزله في مرجعيون وعرّفه إلى زوج والدته المسؤول الأمني في ميليشيا أنطوان لحد، ألبير حدّاد الذي طلب منه التعامل معه لمصلحة المخابرات الإسرائيلية مقابل الأموال، فوافق، وطلب منه تجنيد أحد الجنود السوريين، فأبلغه بعدم معرفته بأحد منهم، وتدخّل ناصيف مشيراً عليه بتجنيد السوري غسان علوش الذي يعرفه، فوافق، وحدد له العميل حداد موعداً للاتصال به هاتفياً على هاتف منزله.

وبعد ثلاثة أيّام، غادر إلياس طانيوس منطقة الشريط الحدودي المحتل، والتقى السوري علوش في محلة تلة الخياط في بيروت، وفاتحه بفكرة الذهاب إلى مرجعيون، فأدرك الأخير المغزى من ذلك، وهو التعامل مع العدو الإسرائيلي فوافق، وعندما اتصل ميشال ناصيف في الموعد المحدد، أبلغه إلياس طانيوس بنجاحه في تجنيد علوش، وحدد له موعداً لملاقاته مع علوش بعد شهر على معبر باتر ـ جزين، وهو ما حصل فعلاً، حيث كان بانتظارهما العميل ألبير حداد الذي نقلهما بسيارته باتجاه بلدة الخيام، وطلب منهما في الطريق أن يضعا نظارات شمسية لئلا يتعرف عليهما أحد.

وبوصولهم إلى المكان المقصود، استقبلهم الضابط الإسرائيلي «سيمون» مرحباً، وانفرد بعلوش نحو ساعة، ثم أعادهما حداد إلى معبر باتر، ونقد إلياس طانيوس مبلغ مئتي دولار أميركي بموجب إيصال بالاستلام، على أن يلتقيهما بعد شهر واحد على المعبر نفسه.

وفي الموعد المحدد في المرة الثانية، اصطحب إلياس طانيوس صديقه علوش إلى حداد الذي نقلهما كما في المرة السابقة، إلى الضابط «سيمون» الذي انفرد بعلوش لمدة ساعتين، ثم أعادهما حداد إلى المعبر، ونقد إلياس طانيوس مبلغ مئتين وخمسين دولاراً أميركياً تشجيعاً له على مساندته له بتأمين علوش، وطلب ناصيف منه أن يبقى على علاقة وثيقة بعلوش حتى يتم استدعاؤه مرة ثالثة، غير أن ذلك لم يحصل، لأن المخابرات السورية اعتقلت طانيوس في 15 كانون الأوّل 1992 في محلة تلة الخيّاط.

وبالاستناد إلى هذه الإفادة التي لم يأت الادعاء المباشر على ذكرها، تم سجن طانيوس في سوريا وفي لبنان بتهمة التعامل مع « الموساد» وعملائه.

ولكن الأخطر من ذلك، ما كشفه وكيل طانيوس، المحامي لبوس في اتصال مع «السفير»، أنه بعد هذا الحكم، أعيد موكله، إلى سلك قوى الأمن الداخلي، ليخدم عاماً واحداً وهو الذي كان يعمل عند توقيفه في مصلحة الآليات التابعة لوحدة الإدارة المركزية!

تعليقات: