<عيد الأم> اطلق إثر رسالة من أم تشكو جفاء أولادها

21 اذار عيد الام..
21 اذار عيد الام..


21 اذار عيد الام..

<أمهات لبنان> يواجهن مسؤولية المنزل والأولاد ويتحدين الصعوبات بسبب غياب الزوج الذي فرضته ظروف الحياة والقدر؟

تعود الاحتفالات بعيد الأم في العصر الحديث إلى مئة سنة خلت، وتعد الأميركية آنا جارفيس صاحبة الفكرة بلا منازع، وجارفيس مولودة في 1864 وتوفيت في عام 1948 وقد طرحت مشروع جعل يوم عيد الأم إجازة رسمية في الولايات المتحدة، وكانت شديدة الإرتباط بوالدتها· وبعد موت والدتها بسنتين بدأت حملة واسعة النطاق شملت رجال الأعمال والوزراء لإعلان يوم عيد الأم عطلة رسمية، وقامت الكنيسة بتكريم جارفيس في العاشر من أيار 1908، فكانت بداية الاحتفال بعيد الأم في الولايات المتحدة·

وأول إعلان رسمي عن عيد الأم في الولايات المتحدة كان في غرب فرجينيا بولاية أوكلاهوما سنة 1910، ومع عام 1911،ومع مرور الوقت، دخلت الاحتفالات المكسيك وكندا والصين واليابان وأميركا اللاتينية وإفريقيا، ثم وافق الكونغرس الأميركي رسميا على الاعلان عن الاحتفال بيوم الأم في العاشر من أيار 1913، واختير يوم الأحد الأول من شهر أيار للاحتفال بعيد الأم·

ويزعم متابعون لتقاليد وعادات الشعوب أن عيد الأم بدأ عند الإغريق في احتفالات عيد الربيع، وكانت هذه الاحتفالات مهداة إلى الإله الأم <ريا> زوجة <كرونس> الإله الأب، وكان في روما القديمة احتفال مشابه لهذه الاحتفالات، وقد بدأت حوالى عام 250 قبل ميلاد المسيح، وكانت هذه الاحتفالات تسمى عند الرومان <هيلاريا> وتستمر لثلاثة أيام من 15 إلى 18 آذار·

ويختلف تاريخ الاحتفال بعيد الأم من دولة لأخرى، ويتنوع أسلوب الاحتفال به، ففي سوريا يحتفل بعيد الأم في اليوم الأول من فصل الربيع 21 آذار، ويعد من الأعياد الرسمية حيث تعطل فيه المؤسسات التعليمية والدوائر الحكومية، كما يحتفل لبنان ومصر في ذات التاريخ، وتحتفل النرويج بيوم الأم في الأحد الثاني من شباط، وفي الأرجنتين في الأحد الثاني من تشرين الأول، وفي جنوب أفريقيا في الأحد الأول من أيار، وفي فرنسا يجري الاحتفال بالعيد كعيد للأسرة يوم الأحد الأخير من أيار حيث يجتمع أفراد الأسرة للعشاء معاً ثم تقدم كعكة الأم·

وتعتبر السويد عيد الأسرة عطلة رسمية ويأتي أيضا في الأحد الأخير من أيار، وقبلها بأيام يقوم الصليب الأحمر السويدي ببيع وردات صغيرة من البلاستيك تقدم حصيلتها للأمهات اللاتي يكن في عطلة لرعاية أطفالهن، وفي اليابان يكون الاحتفال في يوم الأحد الثاني من أيار، ويحتفل بيوم الأم في إنكلترا في الأحد الواقع في منتصف فترة الصوم الكبير، وكان يسمى أحد الأمهات أو أحد نصف الصوم· وهنا لا بد من أن نشير إلى أن فكرة الاحتفال بعيد الأم بدأت عربيا في مصر وجرى الاحتفال لأول مرة في عام 1956 بمبادرة من مؤسسة دار أخبار اليوم الصحفية، ونهضت الفكرة عندما وردت إلى رئيس التحرير: علي أمين رسالة من أم تشكو جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، وشارك القراء في اختيار يوم 21 آذار ليكون عيداً للأم، وهو أول أيام فصل الربيع، وآنذاك تبارى الفنانون في إطلاق أغنية تمجد الأم، فكان أن اشتهرت أغنية المطربة فايزة أحمد <ست الحبايب يا حبيبة>، واغنية السيدة فيروز <يا ملاكي > ورائعة مارسيل خليفة < أحن الى خبز أمي > وأغنية الفنان والممثل القدير دريد لحام <يامو>، وكانت الاذاعات تبثها بهذه المناسبة·

لجنة الأمهات ولمعرفة الأسباب حول عدم اعتماد <عيد الأم <كعطلة رسمية اسوة بباقي الدول، إلتقت <اللواء> رئيسة لجنة الأمهات في لبنان جميلة الخطيب التي أوضحت الأسباب، تقول: <كما تعلمين هناك 18 طائفة في لبنان، والدولة تلحق هذه الطوائف في ما يخص مسألة العطل لذلك نحن لا يسعنا أن نحمل الدولة أكثر من طاقتها ولا سيما أن هناك العديد من العطل في لبنان·

وصراحة نحن لم نفكر في هذه المسألة وبالتالي لسنا بوارد طرح هذه الفكرة، لكننا بالتأكيد نحرص على الاحتفال بهذا اليوم نظرا ً لأهمية هذا العيد وقدسية معناه، كما أن جامعة الدول العربية اعتمدت الـ 21 من آذار يوما إحتفالياً خاصا بعيد الأم>·

وبالنسبة للإنجازات التي استطاعت الأم اللبنانية أن تحققها خلال السنوات الماضية، تقول : <في ما مضى لم تستطع الأم من ممارسة التجارة دون إذن من زوجها بينما اليوم باستطاعتها ان تمارس هذا الدور بحرية، كذلك أصبح بإمكانها أن تشهد في المحكمة لوحدها وتؤخذ بشهادتها·

أما في ما يتعلق بالأعراف، فبالرغم من دخولها ومشاركتها في العمل الحكومي من خلال العديد من الوجوه النسائية البارزة إلا إنني أشعر أن هذا الأمر ليس كافيا مقارنة مع محيطنا العربي، خصوصا وأن لدينا العديد من السيدات اللواتي يتمتعن بكفاءة عالية جدا لكن الظاهر أن المجتمع اللبناني لم يتقبل حتى اللحظة فكرة أن تكون المرأة صاحبة القرار، ففي مسألة الكوتا لم يستطع مجلس الوزراء الموافقة على الـ 30 % فقرروا 20% في المجالس البلدية>·

تضيف: <نحن بانتظار أن يقر قانون انتخابي جديد في ما يتعلق بالمجلس النيابي لتتمكن المرأة من المشاركة بشكل أوسع وفعال>·

وبالنسبة للصعوبات التي تواجه الأم اللبنانية، تقول الخطيب: <من أبرز الصعوبات التي تعانيها الأم اللبنانية هي مسألة إقرار قانون الجنسية الذي يخولها إعطاء الجنسية لأولادها، هل هناك مسألة أصعب من ذلك·

أنا ابنتي متزوجة من فرنسي وهي لغاية اللحظة تجدد الإقامات لأولادها، هل هذا معقول؟! هذه قضية يجب أن تكون برسم كل إنسان مسؤول، لأنها تتعلق بحياة أسر بكاملها، لكن الظاهر مع الأسف الشديد أن حتى هذه المسألة تحولت إلى مسألة سياسية>·

وعن أبرز نشاطات <اللجنة <في عيد الأم، تقول: <احتفالاتنا بهذا اليوم تمتد لأسبوع كامل يتخللها مهرجان في قصر الأونيسكو إضافة إلى زيارتنا للعديد من السيدات الكبار في السن حيث ندعوهن إلى مآدب غداء للترفيه عنهن والاحتفال بهذه المناسبة، إضافة الى العديد من النشاطات في مختلف المناطق>·

وختاما تمنت الخطيب على كل أم لبنانية أن تنسج من حنانها وحدة وأن تصنع من محبتها عدلا وأن تحقق من حلمها حرية>·

ماذا تقول الأم اللبنانية؟ ولمعرفة ما تعانيه الأم اللبنانية ولا سيما من غاب عنها زوجها بداعي السفر أو بسبب حالة الوفاة ارتأينا أن نلتقي أمهات عايشن هذه المرحلة عن كثب لاكتشاف مدى صعوبة المسؤولية الملقاة على عاتقهن بحكم الأمر الواقع الذي فرضته ظروف البلد من جهة والقدر المحتوم من جهة أخرى·

<أمل اللقاء> ميشلين حاتم أم لولدين (صبي وبنت) تعيش وتستمر في هذه الحياة على أمل اللقاء بزوجها الغائب دوما بداعي السفر نظرا لاحتكاكه اليومي بعالم الرياضة الذي يتطلب منه التواجد باستمرار بين دولة وأخرى، وإن كان قد استقر مؤخرا في دولة قطر·

عن معايشتها لهذا الوضع الذي فرضته ظروف العمل، تقول ميشلين: <لم أتخيل يوما أن أبتعد عن قصي (زوجها) فأنا مرتبطة به روحيا وفكريا ولا تمر ساعة دون أن أفكر فيه وهو أيضا· وربما ما يصبرني على هذه الحياة كونه موجود بداخلها وإلا لما استطعت الاستمرار، فمسؤولية المنزل صعبة ومسؤولية الأولاد أصعب فأنا أضطر لبذل مجهود مضاعف كي أرعاهم بالدرجة الأولى ولأتابع دراستهم باستمرار علما أن قصي على تواصل مستمر معهم وبشكل يومي لكن طبعا الأولاد لا يكفيهم ذلك، من هنا أحاول أن أعوض لهم من خلال دعوتي لرفاقهم بين الحين والآخر كي لا يشعروا بأي فراغ· كما أحرص على إبقاء جو العائلة من خلال زيارة الاهل كي يظلوا يشعرون بأجواء الدفء العائلي>·

تضيف: <أحاول أن أقوم برسالتي كأم على أكمل وجه لكنني أنا من تشعر بالقلق، القلق على زوجي الغائب، القلق من الغد الذي لا أعلم ماذا يخبىء لي ولعائلتي، قبل سفر زوجي لم أكن أفكر على هذا النحو لأن كل المسؤولية كانت على عاتقه فلم أشعر يوما بالقلق· اليوم، انا أعيش على أمل اللقاء وجمع شمل الأسرة من جديد لكن حتى ذلك الموعد عليّ أن أستمر كي أقدم لزوجي ولو جزءا مما يقدمه لنا، فهو كما يتعب لإسعادنا علي أن أشاركه في هذه الرسالة مهما كان <مرها>·

حياتنا كالسندباد؟ سعاد سلام، هي أيضا أم لولدين (بنت وصبي) معاناتها هي نفسها، أما حياتها فهي أشبه بالسندباد، تقول: <مند ثلاث سنوات يعمل زوجي كمهندس في دولة قطر الأمر الذي يضطرني إلى السفر باستمرار أيام العطل المدرسية وخلال فصل الصيف، مما خلق بالنسبة إلي نوعا من عدم الاستقرار·

طبعا، أنا لا أشعر الأولاد بهذه المسألة وأحرص على متابعتهم سواء من ناحية الدراسة أم من ناحية حياتهم الاجتماعية التي أحرص ان أكون دوما فيها إلى جانبهم، فأكون بمثابة الصديقة بالنسبة إليهم وأكون الأم الحازمة حين تدعو الحاجة لذلك، ولا سيما أنهم في عمر المراهقة·

كذلك أشعر أياما كثيرة بالخوف، خصوصا عندما يتحدثون أمامي عن إمكانية حدوث حرب فأهرع لشراء المؤونة وتوابعها· لكن بالرغم من كل ما ذكرت يبقى هناك أمر أساسي وهو أن العمر يمر أمامنا كالحلم وأن أجمل الأيام تذهب أدراج الرياح·

والسؤال الذي أطرحه على نفسي إلى متى ستبقى حياتنا كالسندباد؟ وهل سيأتي وقت لنعود ونجتمع سويا وننعم بالاستقرار؟ هذا السؤال أضعه بين أيدي المسؤولين لأن الإجابة عليه بيدهم وحدهم، كونهم هم من يستطيع فرض الاستقرار في ربوع هذا البلد بدلا من الغربة هنا وهناك>·

<أمر واقع> بدورها، وفاء صابر تعيش نفس المرحلة وهي أيضا أم لولدين (صبي وبنت)، وعن كيفية تعاطيها مع هذه الحياة التي استجدت عليها بحكم الأمر الواقع، تقول: <بعد أن انعدمت فرص العمل أمام زوجي في البلد اضطر للسفر إلى الخارج ليعمل كمهندس في السعودية· وصدقيني بالرغم من صعوبة هذه المرحلة إلا أنني سعدت بها كونها انعكست إيجابا على حياتنا ككل· ولا سيما أنه ليس هناك في هذه الحياة أي شيء دون مقابل، لذلك أحاول أن أكرس وقتي كله للأولاد فأتابعهم في كل صغيرة وكبيرة خصوصا وأن كلاهما ينتظرهما امتحانات رسمية (بريفيه وبكالوريا) الأمر الذي يتطلب مني الكثير الكثير من المسؤولية فيما لو كان والدهما موجودا في البلد لكانت المسؤولية أسهل·

باختصار، أنا أحرص على مساندة الجميع في وقت أحتاج فيه لمن يساندني، لكن حبي لزوجي وللأولاد يبقى هو الدافع لمتابعة هذه المرحلة وتخطيها بنجاح>·

<مات بلمح البصر> سهى رحموني توفي زوجها مند سنة تقريبا في نيجيريا بين ليلة وضحاها، في وقت لم تكلف وزارة الخارجية نفسها أو أحد من المسؤولين التدقيق بكيفية حدوث جريمة القتل التي قيل أنها مجرد حالة سرقة سقط فيها الزوج والأب فؤاد الذي كان منذ فترة وجيزة يملأ منزله بالضحكات واللعب مع الأولاد الذين ما يزالون يفتقدونه رغم مرور سنة على وفاته·

سهى الأم أكدت أن شيئا لم يعد لسابق عهده، تقول: <لم يعد باستطاعتنا أن نعيش يوما واحدا بكل تفاصيله الحلوة لأن من كان يسعدنا غادرنا، فنحن نفتقد الأب الحنون على اولاده والزوج الذي فيه كل المزايا الطيبة وأنا لا أقول ذلك لمجرد أنه توفي بل لأن هذه هي الحقيقة، لذلك المسألة صعبة جداًًًٍ ونحن لغاية الساعة لم نتوقف عن البكاء كما أن النوبات العصبية لم تفارق الأولاد برغم مرور الوقت، علما أنهم محاطون بالأهل سواء من جهة الأب أو الأم لكننا رغم ذلك لا نستطيع التعايش مع الفكرة·

تضيف: <في السابق كنت أعمل كمهندسة لكنني اليوم اضطررت إلى العمل مع أخي في شركة للتأمين كي أكون متواجدة مع الأولاد لدى عودتهم ولأتابع دراستهم عن كثب خصوصا وأنهم تراجعوا بعض الشيء في دراستهم لكنهم استطاعوا أن يعوضوا ذلك، ورامي (الابن) يحرص دوما على أن يدخل إلى نفس جامعة والده ليحقق الحلم الذي كان يتمناه الوالد فؤاد·

بالرغم من سفره كان تواصل الأولاد مستمرا معه من خلال <الأنترنت> كانوا يتحدثون معه، كانوا يرقصون له، لكن كل شيء تبدد في ليلة واحدة بلمح البصر·

وطبعا، متطلبات الحياة تزايدت وبات عليّ أن أجد الحلول بنفسي لكل مسألة ولا سيما عندما يقفل عليك باب المنزل وتصبحين وحيدة بعد أن كان هناك من تلقين عليه بكل همومك ومشاكلك>·

سارة الابنة تفتقد بدورها لوالدها، تقول: <أنا مشتاقتلو، مشتاقة يلعبني ويدلعني، عن جد اشتقتلو كتير>·

رامي أيضا تحدث عن والده، يقول : <كان والدي يساعدني في دراستي وأثناء وفاته تراجعت علاماتي وافتقدته أكثر لكنني من اجله عدت <وقلعت> من جديد، وقد طلبت من الوالدة أن أرتدي ثيابه وأن أحتفظ بكل ما كان لديه من أغراض لأبقى على تواصل معه، <ليش مات ما بعرف؟ اشتقتلو>·

<المسؤولية مزدوجة> إحسان ناصر هي أرملة الشهيد المرحوم طلال ناصر الذي قضى بالإنفجار مع الرئيس رفيق الحريري رحمهما الله، حياة إحسان لم تعد كما كانت فكل شيء تبدل، لكن ما تحرص عليه دوما ثلاثة أمور كان قد طلبها منها المرحوم طلال قبل وفاته بمدة ألا وهي أن تحرص على تعليم الأولاد، أن تلبسهم أجمل لباس وأن تدعهم دوما يشعرون مع الفقراء ويحسنون إليهم·

وها هي اليوم تحاول أن تسير في الاتجاه الذي كان يتمناه، تقول: <المسؤولية اليوم انقلبت من مسؤولية طبيعية إلى مسؤولية مضاعفة سواء بتربية الأولاد أو إتخاذ القرارات كونك تضطرين لأن تلعبي الدورين حتى في مسألة الحنان والعاطفة، وهذه المسألة صعبة للغاية وتضعك بالتالي في حيرة خلال مواقف معينة، الأمر الذي يدفعك لأن تكوني حازمة وقاسية وفي نفس الوقت حنونة كي لا يشعرون بأي نقص فتبقين في حالة من التجاذب>·

تضيف: <ولا أخفي سرا عندما أقول أن ابنتي الكبرى سارة تأثرت كثيرا كونها كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بوالدها فأينما كان يذهب كانت تذهب معه وكنت بالنسبة لها فقط الوالدة بينما طلال كان ينفذ لها كل رغباتها التي كانت أوامر بالنسبة إليه· أما ابنتي الصغرى لين كونها كانت صغيرة فهي لم ترتبط به ارتباطا وثيقا كأختها سارة وبالتالي إستطعت أن أتكيف معها بسرعة أكبر عكس ما حصل مع سارة التي كانت ترفض أن تتلقى أي قرار من خلالي وقد عانينا الكثير إلى أن اجتزنا المرحلة الصعبة خصوصا وأن الذكرى ليست ذكرى عابرة فهي تتجدد كل سنة وبشكل عام، وحتى اليوم لا نزال نشعر بوجود طلال بيننا ونحن لم نتمكن من تخطي هذه الجريمة البشعة لكن كل ما يسعني أن أقوم به هو أن أرعى الأولاد بالشكل الذي كان يحلم به لأوكد له أنني كنت حريصة على المسؤولية التي أوكلني إياها والتي فرضت بالأمر الواقع>·

تضيف: <في المرحلة الأولى أصبت بحالة من الهلع على الأولاد فإن تأخرتا قليلا أقلق وأرتعب لكن شيئا فشيئا تخطيت المرحلة وإن لم اتخطاها بشكل كامل·

لكن بالنهاية مهما قدمت لهما فلن أستطيع من أن أعوض الأب الحنون والزوج الذي لن يعوض بأي ثمن، لذلك أنا أشعر أن حياتي مع طلال أشبه بالحلم الجميل الذي يمر كالنسمة في عز الصيف>·

إمكانية الإكتئاب ولمعرفة الشق النفسي لهذه المسألة، وتداعيات غياب الزوج عن العائلة، التقينا اخصائية الطب النفسي الدكتورة دانا الأمين التي تحدثت عن انعكاسات هذا الواقع ولا سيما على نفسية الزوجة، تقول: <المسألة تتفاوت بين إمرأة وأخرى فهناك سيدات تتحمل الظروف وتتخطاها، كل تبعاً لقدرة تحملها، كما أن العامل المادي والاجتماعي يؤثران فمن يغيب زوجها بداعي السفر أو بسبب حالة وفاة وكانت تتمتع بإمكانيات مادية لن تؤثر على قلب حياتها رأساً على عقب فهي ستتمكن من متابعة حياتها بشكل طبيعي شيئاً فشيئاً، لكن من تسببت لها حالة فقدان الزوج وغيابه بضرر مادي سينعكس على حياتها وحياة أولادها فهذه المسألة تؤدي في بعض الحالات الى حصول نوع من الانهيار العصبي نتيجة للضغط الذي ترزح تحته الأم بسبب متطلبات الحياة واحتياجاتها، مما يشكل لديها نوعاً من <السترس> الذي ممكن ان يتحول الى نوع من الإكتئاب، ولا سيما اذا كان هناك ضمن العائلة احد كان سبق ان عانى مثل هذه الحالة، أي كنوع من المرض الوراثي·

لكن مع إحاطة الأهل وتقديم الدعم المعنوي والاهتمام اللازم ستتمكن هذه الأم من تخطي الازمة كما يمكنها متابعة نوع من العلاج النفسي في حال تطلب الامر ذلك· باختصار، كل حالة مرهونة بظروفها وأوضاعها·

وفي ختام ما أوردناه، لا يسعنا إلا أن نتقدم من كل أمهات لبنان بالمعايدة في هذا اليوم الذي يحمل في طياته الكثير من المعاني السامية، على أمل ان تتحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد لتتوفر من جديد فرص العمل، ولا يضطر احد من مغادرة حضن عائلته، كما نتمنى ان يستقر الوضع الأمني تماماً كي تتمتع كل عائلة لبنانية باستقرارها دون ان تفقد عزيزاً، وكل عام وكل أم لبنانية بألف ألف خير·

تعليقات: