مراكب تجوب بركة كفرتبنيت ـ النبطية الفوقا والفرحة تغمر أطفال المنطقة

  متنزهون ينتظرون دورهم للصعود إلى مركب البركة
متنزهون ينتظرون دورهم للصعود إلى مركب البركة


تحوّلت إلى متنزه عام ومصدر رئيسي لري المزروعات بعدما زالت الخلافات من حولها..

كفرتبنيت :

ليست الصورة لنهر أو بحر أو بحيرة، بل هي لبركة كفرتبنيت ـ النبطية الفوقا التي أرادت «شعبة حزب الله» في البلدة أن تؤكد أهميتها بالنسبة للبلدة وأهلها. أحضر عناصر الشعبة مركباً يمخر عباب البركة ويعمل على نقل روادها وزوار حديقتها كباراً وصغاراً في نزهة دائرية على مدى بضعة أيام مستفيدين من الطقس الربيعي الحالي وغزارة المياه الشتائية التي أغدقتها الطبيعة على لبنان هذا الشتاء.

تشكل بركة كفرتبنيت ـ النبطية الفوقا التجمع الأساسي لمياه الأمطار التي تستعمل في زراعة التبغ والمزروعات الصيفية الأخرى في القرى والبلدات المجاورة. ولا تقتصر أهميتها على هذه الناحية فقط، بل تتعداها إلى الناحية الجمالية، حيث تحولت إلى متنزه ريفي طبيعي يقصده المواطنون والزائرون للتمتع بمنظرها وأمواجها، لا سيما في موسم الربيع، بعدما أضفى «اتحاد بلديات الشقيف وجمعية أمواج البيئة وبلدية كفرتبنيت» مسحة تحسينية من خلال تخصيصها بمشروع جمالي تمثل بإنشاء طريق دائرية في محيطها وأنشأوا قنوات لتصريف مياه الأمطار الفائضة عنها، وإحاطة الجزء الخطر والمنحدر منها بجدار واقٍ من الحديد والإسمنت. وتم طلاء الحاجز باللون الأبيض بطول حوالى خمسين متراً، بهدف حماية السيارات من السقوط فيها أثناء مرورها على الشارع المحاذي لها من جهة الشرق، وتم تجهيز الجدار بالمصابيح الكهربائية وزراعة محيطه بعشرات الشجيرات الحرجية.

وحولت التحسينات البركة إلى ما يشبه الحديقة العامة أضيفت إلى «حديقة بوابة التحرير» التي أنشأتها بلدية كفرتبنيت على أرض الجانب الغربي «لحرج كفرتبنيت» القريب من «معبر كفرتبنيت» سابقاً والذي يبعد عنها عشرات الأمتار، وباتت متنفساً للكثيرين من أهالي البلدة والعابرين على طريق عام مرجعيون ـ النبطية للتنزه والترويح عن أنفسهم والتمتع بالأشجار الحرجية والطبيعة الساحرة المترامية الأطراف.

يقارب عمر بركة كفرتبنيت ـ النبطية الفوقا عمر البلدتين، كما يقول كامل بشر الذي يقطن بالقرب منها، مشيراً إلى مصادفة وجودها في الطرف الغربي لبلدة كفرتبنيت على حدودها العقارية المشتركة مع النبطية الفوقا، ولهذا السبب كانت لفترة خلت موضع خلاف بين أهالي المنطقيتن، لا سيما عندما حاول مختار النبطية الفوقا السابق عبد الحميد غندور مسحها وضمها إلى عقارات بلدته باعتبارها جزءاً من أراضيها، مما أثار اعتراض أهالي كفرتبنيت الذين تداعوا للنزول إلى البركة والتجمهر عندها للحؤول دون مسحها أو ضمها إلى عقارات النبطية الفوقا.

كانت حجة أهالي كفرتبنيت في حقهم في البركة، أنه بالرغم من إقرارهم بوجودها في أراضي النبطية الفوقا العقارية المحاذية لحدود بلدتهم، لكن مياه الأمطار والينابيع الشتوية التي تغذيها مصدرها بلدتهم المنحدرة نحوها والأقرب إليها جغرافياً، بحسب أحمد سعيد الأخرس، وهو يرى أنه لولا هذه المياه لكانت البركة فارغة لا ماء فيها ولا حياة، لذلك يحق لهم الاستفادة منها مع أهالي النبطية الفوقا الذين اقتنعوا أخيراً بهذه الحجة، وأقروا بمشاركة أهالي كفرتبنيت فيها. ومنذ ذلك الحين يتشارك أهالي البلدتين باستعمال مياهها، كما سمحوا لأهالي قرى وبلدات يحمر الشقيف وأرنون وزوطر الشرقية وزوطر الغربية المجاورة بنقل المياه منها لاستعمالها للأغراض الزراعية وعلى الأخص زراعة التبغ.

تبلغ مساحة بركة كفرتبنيت ـ النبطية الفوقا حوالى خمسة عشر ألف متر مربع وعمقها يزيد على العشرين متراً، وتعتبر من أهم وأكبر البرك في منطقة النبطية على الإطلاق، حتى أنه يندر وجود مثلها في منطقة الجنوب، كما يقول أحمد خليل فقيه، لافتاً إلى أن مياهها كانت في السابق تستعمل في زراعة التبغ وللحيوانات وغسل الأواني المنزلية، كما كان الأطفال والأولاد يتعلمون فيها السباحة. وبوصول مياه مصلحة نبع الطاسة إلى منازل بلدتي كفرتبنيت والنبطية الفوقا في أواخر الستينيات استغنى الأهالي عن استعمال مياه البركة سوى للأغراض الزراعية الصيفية، لا سيما زراعة التبغ من خلال نقلها بواسطة الجرارات الزراعية، مشيراً إلى تحول البركة لمقياس سنوي لنسبة هطول مياه الأمطار في فصل الشتاء.

كانت بركة كفرتبنيت ـ النبطية الفوقا في الماضي قليلة العمق، كما يتذكر حسين علي زيتون، إلا أنه مع تطور زراعة التبغ المدعومة من الدولة وانتشارها على نطاق واسع في قرى وبلدات كفرتبنيت والنبطية الفوقا ويحمر الشقيف وزوطر الشرقية والغربية، عمد عدد من أصحاب الجرافات فيها إلى تعميقها ونقل تربتها بواسطة الشاحنات سنوياً، ما أدى إلى توسيعها ومضاعفة عمقها الذي يتجاوز العشرين متراً في الوقت الحاضر، بحيث باتت تستوعب مخزوناً هائلاً من مياه الأمطار التي يحتاجها مزارعو القرى والبلدات المحيطة لري مزروعاتهم في فصلي الربيع والصيف، ولولا وجود هذه البركة لكانت الزراعة متعذرة لندرة المياه في المنطقة وكلفة نقلها من الأماكن الأخرى.

تعليقات: