الكويت تحظّر على طلابها الاختصاصات الأدبية في الجامعة اللبنانية


معهد الإمام الأوزاعي في دائرة المنع والقرار يصل متأخراً شهرين..

ستكون الجامعة اللبنانية في مواجهة ازمة جديدة قد تهز صورتها وتعرّض سمعتها للخطر، ليس في الداخل اللبناني الملزم ابناؤه غير القادرين على تحمل اعباء الجامعات الخاصة، بل في المحيط العربي ايضا.

ولا يكمن الخطر في مقاطعة الطلاب العرب للجامعة اللبنانية، لانها في غنى عنهم لكونها تضيق بالوافدين اليها سنة بعد اخرى، لكن الخطر الحقيقي يكمن في تقويم تلك الدول لمتخرجي الجامعة الوطنية لاحقا، وامكان صدور نتائجه سلبية، بما ينعكس على الوظائف التي يحصل عليها هؤلاء في دول الخليج العربي.

مناسبة هذا الكلام كتاب وزارة الخارجية والمغتربين الذي وصل امس الى دوائر وزارة التربية والتعليم العالي ورئاسة الجامعة اللبنانية، وفيه ان وزيرة التربية والتعليم العالي الكويتية اصدرت قرارين تحظر فيهما التحاق الطلاب الكويتيين وتسجيلهم في كل المراحل الجامعية والدراسات العليا في كلية الامام الاوزاعي في لبنان وفي كل التخصصات الادبية في المراحل الجامعية والدراسات العليا في الجامعة اللبنانية.

لا يهمنا الجزء الاول، اذ ان المعهد الذي صار جامعة على اسم الامام الاوزاعي، هو كلية للدراسات الاسلامية، ومؤسسة خاصة لا يؤدي قفلها او تراجع عدد طلابها الى ازمة وطنية، لكن القرار الثاني مؤلم وموجع، ويستحق التوقف عنده، خصوصا ان الجامعة امام استحقاق تعيين عمداء جدد من شأنهم ان يحققوا لها وثبة جديدة، او يمضوا بها الى الهاوية اذا ما أُتي بهم فقط من باب المحاصصة من دون النظر الى كفاياتهم.

ورغم المعلومات الاكيدة لـ"النهار" ان الكتاب الصادر عن الخارجية بلغ وزارة التربية ورئاسة الجامعة، تكتمت مصادرهما على الموضوع، وابلغ مسؤول تربوي "النهار" عدم معرفته به.

وشكك مسؤول تربوي آخر رفض الخوض في الموضوع في مهنية تقرير وفد وزارة التربية الكويتية الى لبنان في كانون الاول الماضي، اذ ان اعضاءه التقوا عددا من الاشخاص المستائين او المتضررين من بعض التصرفات والتعيينات في الجامعة، والذين رسموا صورة مغايرة للواقع.

وأكد ان ثمة شوائب في الكثير من كليات الجامعة لكنها لا ترقى الى مستوى عدم الثقة بشهاداتها وبمتخرجيها. وقال ان الموقف الرسمي اللبناني يجب ان يصدر عن رئاسة الجامعة اللبنانية لانها المعنية المباشرة بالقرار.

وقال المسؤول التربوي ان معهد الامام الاوزاعي الذي صار جامعة، يدفع بطلاب دراسات عليا كل اسبوع بأعداد كبيرة من دون مراقبة الجودة من المديرية العامة للتعليم العالي.

وعلمت "النهار" في هذا المجال ان وزير التربية حسن منيمنة عطّل عمل لجنة المعادلات التي توافق على اعطاء رخص جديدة لجامعات وكليات ومعاهد جامعية قبل مدة، في انتظار صدور قانون جديد للتعليم العالي.

ما هي قصة البعثة الكويتية والقرارات التي صدرت بناء على تقاريرها؟ في الموقع الالكتروني الرسمي لوزارة التربية في الكويت، وتحت باب اجراءات وتعاميم وقرارات، لا يوجد ذكر للموضوع. وفي متابعة لاحقة كانت الاجابة ان القرارين المذكورين أحيطا بنوع من عدم علانية مطلق، لعدم التسبب بأزمة.

في القرار الذي يعني الجامعة اللبنانية والذي لا يشمل الكليات التطبيقية والعلمية (قرار وزاري رقم 45/2010 في تاريخ 31/1/2010، الآتي:

"- بعد الاطلاع على المرسوم الاميري رقم (164/88) الصادر في 16/10/1988 بشأن انشاء وزارة التعليم العالي.

- وعلى المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية.

- وعلى المرسوم الصادر في 4 أبريل 1979 م في شأن نظام الخدمة المدنية.

- وبناء على تقرير وفد الوزارة المكلّف بزيارة الجمهورية اللبنانية في المدة 7 – 9 ديسمبر 2009.

- وبناءً على ما تقتضيه مصلحة العمل.

تقرر

مادة اولى – حظر التحاق الطلبة الكويتيين وتسجيلهم بالتخصصات الادبية بكل المراحل الجامعية والدراسات العليا في الجامعة اللبنانية بالجمهورية اللبنانية، ووقف كل الاجراءات المتصلة بترتيب دراستهم فيها.

مادة ثانية – يسري العمل بهذا القرار اعتباراً من تاريخه.

مادة ثالثة – على جهات الاختصاص العلم والعمل بموجبه.

أ. د. موضي عبد العزيز الحمود

وزير التربية ووزير التعليم العالي".

وفيما لم تجزم اي جهة تربوية الجدال حول الموضوع، تخوّف آخرون من ان يكون الضغط السلفي في الكويت هو ما دفع الى اتخاذ القرارين، لسبب اول يتعلق بالجامعة اللبنانية، وهو تنوّرها الفكري في المجالات الادبية، عبر ادراجها مواد فلسفية وفنية واجتماعية لا تناسب الافكار الدينية السلفية الضاغطة في الكويت، أما ما يخص جامعة الامام الاوزاعي فهو الاختلاف الفقهي بين مدرستين في التفكير.

وفي كلتا الحالتين يحتاج الامر الى توضيح.

موضوع الجامعة يتفاعل: وزير التربية طلب من سفير الكويت توضيحاً رسمياً

ورئاسة اللبنانية توضح أن القرار لا يشمل إلا كلية الحقوق ومردّه إلى طلاب راسبين

تفاعلت أمس قضية القرار الكويتي في شأن الجامعة اللبنانية، واجرى عدد من المسؤولين الاتصالات مع رئاسة الجامعة، التي اوضحت انها فوجئت بالقرار المذكور لانها اتفقت في وقت سابق مع الجانب الكويتي على عدم السماح بتسجيل طلاب كويتيين في كلية الحقوق فقط، وليس في اي كليات اخرى للجامعة، لان المسجلين في الحقوق يرسبون، فيما يتولى المكتب الثقافي الكويتي دفع كامل نفقاتهم من دون نتيجة.

وقد تابع الموضوع وزير التربية حسن منيمنة فاستقبل السفير الكويتي وطالبه باصدار بيان توضيحي عن وزارة التربية في بلاده لان القرار ظالم في حق الجامعة اللبنانية.

وعلمت "النهار" ان عددا من الطلاب الكويتيين والعرب خضعوا لابتزاز سابق في الفرع الاول لكلية الحقوق اذ وعدوا بانجاحهم في مقابل مبالغ مالية تم دفعها لكن النجاح لم يحالف الا القليل منهم.

واذا كانت رئاسة الجامعة اعلنت أمس ان القرار لا يشمل الا الحقوق، فان هذا التوضيح لم يكن مقنعا، اذ كان في امكان وزارة التربية في الكويت الاشارة الى كلية الحقوق تحديدا.

فقد استقبل وزير التربية والتعليم العالي الدكتور حسن منيمنة سفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي وعرض معه خلفية القرار، واوضح بعد اللقاء ان المشكلة ليست في مستوى الجامعة اللبنانية ولا في كلية الآداب لأن التسجيل يتم باعداد كبيرة في كلية الحقوق. وقال منيمنة: ليست واضحة الاسباب الفعلية لمثل هذا القرار ونعتبره بطبيعة الحال "غير دقيق على الاطلاق" وظالما للجامعة اللبنانية، لانه لا يبين الاسباب الفعلية، مما يعطي صورة سلبية عن الجامعة اللبنانية، التي هي اساسية في لبنان ومميزة في كلياتها التطبيقية. وطلاب الجامعة اللبنانية لا ينافسون فقط طلاب الجامعات الكبرى والعريقة في لبنان، بل ينافسون طلاب اعرق الجامعات في المنطقة. والكلام عن الجامعة اللبنانية يترك في ذهن القارئ والمستمع والمشاهد انطباعا سيئا، في حين ان الكليات المفتوحة، المختلفة عن الكليات ذات الاختصاصات العلمية المحضة، تمتاز بمستوى علمي لائق في الجامعة اللبنانية. واذا كان هناك بعض الاشكالات فتلك اشكالات تعاني منها كل الجامعات في العالم.

واضاف: التقيت السفير الكويتي وحاولت استيضاحه الموضوع فأكد لي ان لا علاقة للمستوى العلمي بالقرار وان السبب يعود الى آليات تسجيل الطلاب ومتابعتهم في لبنان.

كذلك التقيت رئيس الجامعة اللبنانية، الذي اتفق مع السفير الكويتي على ان القرار لا علاقة له بأنظمة الجامعة اللبنانية، لان نظام كلية الحقوق لا يشترط الحضور الالزامي، حتى للطالب اللبناني.

وتابع الوزير: واضح انه موضوع اجرائي لا يتجاوز ذلك، وفي المقابل قلت للسفير الكويتي اننا سنبحث الموضوع مع رئاسة الجامعة، التي اكدت ان العام الآتي سيشهد البدء في تطبيق نظام "LMD"، اي الماجيستير والدكتوراه، الذي يفرض نسبة حضور معينة وامتحانات فصلية، وبهذا نسد هذه الثغرة المتعلقة بالحضور.

وفي كل حال كنت اتمنى من وزيرة التعليم العالي في الكويت ان تتواصل معنا قبل اتخاذ مثل هذا القرار، او على الاقل ان توضح لنا خلفيته، كي لا يفهم منه اي انطباع سلبي عن الجامعة، التي تضم الكثير من الطاقات على مستوى الطلاب والاساتذة، وكلنا نعرف مستواها الجيد ولا يجوز اذا كانت هناك ملاحظات على التسجيل والانتساب ان تقدم بصورة اخرى.

وقد طلبت من السفير – ووعدني بالاستجابة – ان يتواصل مع وزارة التعليم العالي في الكويت لاصدار بيان توضيحي من وزيرة التربية الكويتية.

كما اجتمع منيمنة الى رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر لمتابعة الموضوع واطلع منه على خلفيات القرار، واوضح شكر انه علم بالقرار قبل شهرين ونصف الشهر من طريق المكتب الثقافي واعرب عن دهشته في حينه لهذا القرار لانه يخالف مضمون الاتفاق الذي تم مع البعثة التي ارسلتها وزارة التربية الكويتية ومع المكتب الثقافي الكويتي في لبنان، والذي ينص على الحصول على موافقة المكتب الثقافي قبل تسجيل الطلاب الكويتيين في الجامعة اللبنانية.

واوضح شكر ان الدكتورة منى الغيث رئيسة المكتب اخبرته بأن القرار موقت وستتم اعادة النظر فيه من الجانب الكويتي.

وجاء في بيان رئاسة الجامعة: "ان مشكلة الطلاب الكويتيين تكمن في وفودهم الى لبنان للدراسة من دون توجيه مسبق، ما يظهر جليا في ارتياد غالبيتهم كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية، ونسبة نجاحهم تكاد تكون معدومة، بالرغم من التزام الحكومة الكويتية رعايتهم وتوفير الاجازات المدفوعة لهم الا ان العديد من الطلاب الكويتيين الذين يلتحقون بالكليات الادبية، وتحديدا كلية الحقوق، يصبحون مجرد سياح يثقلون كاهل الخزينة الكويتية بلا فائدة، او يقعون ضحية مكاتب توهمهم بامكان تسهيل نجاحهم في الجامعة اللبنانية من دون بذل عناء او جهد".

ولفت البيان الى "اقتراح تقدم به المكتب الثقافي في السفارة الكويتية للحؤول دون استمرار المشكلة المذكورة، وينص على التنسيق ما بين المكتب والجامعة في اسماء المقبولين للانتساب الى الكليات الادبية في الجامعة اللبنانية، التي لا تعتمد في قبول الطلاب على مباراة دخول. وقد قبلت ادارة الجامعة الاقتراح، حرصا منها على التعاون مع الكويتيين والحد من تدفق المئات من الطلاب الفاشلين الذين يحملون الخزينة الكويتية اعباء مادية بلا طائل، مع العلم ان القانون يجيز التسجيل لجميع الراغبين متابعة دراستهم في اي من الكليات المفتوحة".

وتطرق البيان الى تأكيد الجانب الكويتي احترام الجامعة اللبنانية وشهاداتها في مختلف الاختصاصات، الا انه لفت الى ان رئاسة الجامعة فوجئت بالقرار الصادر عن وزيرة التربية والتعليم الكويتية والذي تحظر فيه التحاق الطلاب الكويتيين في التخصصات الادبية في المراحل الجامعية والدراسات العليا في الجامعة اللبنانية.

واكد البيان ان القرار لا علاقة له بالثقة بالجامعة وكفاءة متخرجيها اذ انه لم يشمل الكليات التطبيقية التي تعتمد مباراة الدخول لمتابعة الدراسة فيها، والمشكلة داخلية كويتية ناجمة عن غياب التوجيه للطلاب الراغبين في متابعة دراستهم في كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية خصوصا ان اعداد الراسبين بين صفوفهم مرتفعة جدا، ولا يتعرض الجانب الكويتي بالقرار للجامعة ومستواها فعدد كبير من المسؤولين الاكاديميين والاداريين في دولة الكويت الشقيقة هم من خريجي الجامعة اللبنانية".

ولفت البيان في الختام الى ان القرار المتخذ موقت ريثما تنظم دولة الكويت شؤونها باعتماد ترتيبات جديدة خاصة بارسال الطلاب ورعايتهم من المكتب الثقافي الكويتي بالتنسيق مع الجامعات اللبنانية المعنية.



تعليقات: