التحالف الجنبلاطي ـ الأرسلاني في حاصبيا يبرّد الأجواء.. والعرقوب يترقب

حاصبيا :

تُجمع مختلف الجهات والقوى الحزبية والسياسية في حاصبيا، على صعوبة رسم صورة دقيقة لطبيعة التحالفات الانتخابية في هذه المنطقة الحدودية، وذلك على الرغم من التوجهات والتسريبات المتعددة عن تفاهمات جنبلاطية – أرسلانية قادرة على ضبط إيقاع هذا الاستحقاق في حاصبيا وقراها، مما سيجنبها حتماً، إذا صفت النيات، المعارك الانتخابية والتي كانت تتسم بالحدة في استحقاقات سابقة.

وإذا كان للانتخابات المرتقبة فرامل في حاصبيا وقراها الدرزية، فالوضع يختلف بعض الشيء في قرى العرقوب السنية، خصوصاً شبعا وكفرشوبا والهبارية، حيث يسير الوضع، كما يبدو حتى الآن، في اتجاه المعارك والتي ربما تكون حادة. فعلى الرغم من التفوق الواضح لـ«تيار المستقبل» في القرى السنية، يبقى للاتجاه العائلي، وما يسمى بالأجباب، التأثير الأشد في حسم النتائج، من دون إغفال أدوار بقية الأحزاب والتيارات السياسية، والتي تتمتع بأرضية ناخبة وبسلطة لا يستهان بها، خصوصاً الجماعة الإسلامية والسلفية، إضافة إلى نفوذ «حزب الله» و«القومي» و«البعث» و«الشيوعي».

التحركات باتجاه الاستحقاق انطلقت في معظم قرى القضاء، لكن الحميّة والحماوة لا زالتا في أدنى درجاتهما، وما زال الهمس سيد الموقف. علماً أن هناك تمايزات واضحة ومؤشرات تدل إلى تجاوز ما يمكن تسميته بالقطوع البلدي، لا سيما في القرى الدرزية وحاصبيا تحديداً، حيث أرسى تحالف الاشتراكي ـ الديموقراطي، قواعد ضبط منهجي لمسار المعركة.

وفي قرى العرقوب تحرص مختلف القوى، وفي مقدمتها «تيار المستقبل» والمقاومة وثقافتها، في الدفع إلى مزيد من التحصين والابتعاد عن الحساسيات الضيقة، على اعتبار أن المنطقة لا تزال على خط تماس مع العدو، في جبهة مفتوحة على كل الاحتمالات. ويمكن القول هنا إن المعركة في القرى السنّية تترنح بين تكتل العائلات وبين التموجات السياسية التي بدأت تفرز توازنات جديدة تتواءم مع انخفاض منسوب الخطاب المذهبي وسقوط شعارات العداء لسوريا. وفي ذلك ما يفرض لبوسات سياسية متجددة، لا أحد يستطيع التكهن كيف سيتجه بها المزاج السني الذي يشكل «تيار المستقبل» حضوراً وازناً فيه، ولا كيف ستكون النتائج في خضم التبدلات والوقائع السياسية والاجتماعية.

ومع ذلك، فهناك ما يشبه الإجماع على أن تكون الأولية لإيصال الأكفأ في إدارة القضايا والهموم البلدية والتنموية، بحسب مصدر مسؤول في «الجماعة الإسلامية». في حين يحدد «تيار المستقبل» تحالفه المبدئي مع «الجماعة السلفية» و«الجماعة الإسلامية»مع ترك الباب مفتوحاً أمام بعض الجهات. وتشير بعض العائلات إلى ضرورة التجديد للرئيس الحالي، رئيس اتحاد بلديات العرقوب عمر الزهيري، الذي استطاع أن يكون قاسماً مشتركاً ومقبولا من شريحة شبعانية واسعة. فيما يرفض النائب قاسم هاشم أن يكون طرفاً في هذا الاستحقاق، ويدعو إلى التوافق في كافة القرى، خصوصاً في ظل التصعيد الإسرائيلي واستفزازاته المتواصلة.

والحال إن كافة الدلائل تشير لانطلاقة التوافق الانتخابي بين «الاشتراكي» و«الديمقراطي» من بلدة حاصبيا، أي مركز القضاء، وأن نجاح هذه الخطوة سينعكس على مختلف القرى، خصوصاً حيث يوجد حضور متقارب للحزبين. ومن هذه القرى، الخلوات، بلدة الوزير وائل أبو فاعور والذي يبدي اهتماماً كبيراً بالتوافق على مجلس بلدي جامع، للقوى السياسية والعائلية، على اعتبار أن التجربة الوفاقية في المجلس الحالي خير دليل، إذ تمّ تقاسم رئاسة البلدية مداورة بين الحزبين «الديموقراطي» و«الإشتراكي»، فكان عمل بلدي ناجح ومثمر.

وفي التسريبات حول التحالف الجنبلاطي - الأرسلاني في حاصبيا، علم أن الاتجاه يقضي بأن تكون رئاسة البلدية مناصفة بين الحزبين، أي ثلاثة أعضاء لكل حزب، وأن يعطى منصب نائب الرئيس للحزب السوري القومي الاجتماعي، على أن يتوزع المخاتير (6) على «القومي» و«الاشتراكي» و«الديموقراطي»، ومن بينهم مختار مسيحي ومختار سني. كذلك سيكون توافق على الصيغة عينها في قرى الخلوات وشويا والماري.

وفيما يدعو مصدر في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، كافة الجهات الحزبية والعائلية في هذه المنطقة إلى التمسك بالتوافق كخيار لا بد منه، من دون استثناء أحد، يشدد مسؤول في «الحزب الديموقراطي» على ضرورة تجاوز هذه المرحلة بالكثير من المرونة والتوافق، لما فيه مصلحة كافة الجهات، لا سيما من أجل ما يخدم الحاجات الإنمائية لهذه القرى.

«الوفاق البلدي، بمضمون تنموي» ليس قناعة جديدة لدى النائب أنور الخليل وهو الذي سعى خلال الانتخابات السابقة والتي سبقتها لتثبيت هذا المبدأ، من دون أن يوفّق. أما اليوم، فيقول النائب الخليل «ان الأجواء الإيجابية التي نتجت عن إعلان التعاون بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني ستفضي دون شك إلى تعميم مناخ ولغة وفاقية تساهم في بحثٍ مسؤول عن أفضل الخيارات الوفاقية في المجال البلدي». ويُشير الخليل الى أنه للوفاق عدّة أوجه، «ونحن نفضل الوجه الذي يعكس رغبة الرأي العام الحاصباني في مختلف بلدات القضاء، ويُسهم في تقديم أفضل الكفاءات القادرة على تزخيم العمل البلدي، والتعويض من خلال الشخصيات القادرة والكفوءة عن التقصير الرسمي المرشح للاستمرار طويلاً».

وكشف الخليل «أن الحوار القائم مع القوى السياسية كافة في منطقة حاصبيا يسير باتجاه التأكيد على ضرورة أن تشكل الانتخابات البلدية مناسبة تلتقي حولها القوى السياسية والأهلية في أجواء من الانفتاح حتى يأخذ هذا الاستحقاق بعده التنموي».

وختم الخليل بتأكيده الانفتاح على مختلف القوى السياسية والأهلية، منوّهاً «بالمبادرات الكبيرة للنائب وليد جنبلاط التي أسست لمرحلةٍ جديدة مع الحزب الديمقراطي وسائر القوى السياسية على المستوى البلدي والوطني».

يذكر أن عدد المسجلين على لوائح الشطب، في قضاء حاصبيا، يبلغ حوالي 49 ألف ناخب، في حين يقدر عدد المقترعين بحوالي 17 ألف مقترع، ينتخبون 15 رئيس بلدية، و177عضواً بلدياً، و35 مختاراً، و51 عضواً مختاراً.

تعليقات: