جندي فرنسي يقفز من دبابته أثناء عبورها لاجئاً إلى أهالي شقرا

الأهالي في الجنوب أكثر أمناً من الدبابة العسكرية
الأهالي في الجنوب أكثر أمناً من الدبابة العسكرية


داني الأمين - هل بات جنود اليونيفيل يجدون أهالي القرى والبلدات الجنوبية ومنازلهم، وربما حزب الله، أكثر أمناً لهم من دباباتهم وآلياتهم العسكرية؟

وهل احتكاكهم المباشر مع الأهالي منذ فترة وجودهم بعد الحرب الأخيرة أكسبهم قناعة، لم تكن موجودة عندما كانوا في بلادهم، بأن أهالي الجنوب وحزب الله أناس طيبون وغير متزمتين أو إرهابيين. فهناك تغير لافت في تعاطي الجنود الدوليين، منذ بداية وجودهم وحتى الآن. فبعد انتهاء الحرب، دخلت قوات اليونيفيل المعززة أراضي الجنوب، وبدا الخوف والقلق من الأهالي بارزاً في وجوههم، وكانوا يتصرّفون، وخاصة الفرنسيين والإسبان، بطريقة «خشنة» مع المواطنين.

وجوه مكفهرّة وغاضبة، وعدم احتكاك مع الأهالي، وبدون إلقاء التحية على العابرين بقربهم. لكن سرعان ما تبدل ذلك، سلام عن بعد واقتراب من الأطفال والكبار، إضافة إلى المبادرات والمساعدات المختلفة.

ويقول أحد المستشارين البلجيكيين «بتنا لا نخاف من حزب الله، بل على العكس نثق كثيراً بالسيد حسن نصر الله».

واللافت أن ما حدث أخيراً من اعتداء على القوات الإسبانية في الخيام، لم يغير هذه المعادلة الجديدة، رغم الاحتياطات الأمنية المشددة المستجدة لقوات اليونيفيل. فالأهالي يبدون أكثر أمناً لهم من الأماكن النائية والبعيدة عن المساكن والأحياء. فتجد قوات اليونيفيل يتفيئون على جانب الطريق العام لبلدة برعشيت في أحد المنازل، ويشربون القهوة كضيوف وأمام العابرين يميناً ويساراً. لكنهم يبدون أكثر قلقاً وحذراً وتشدداً في الأودية والطرقات الخالية المباحة.

وما برز أخيراً، ولم يصرّح عنه، قد يشبع هذا المشهد وضوحاً. أحد الجنود الفرنسيين القادمين حديثاً إلى الجنوب، فرنسي الأصل وليس عربياً مجنساً أو غير ذلك، سمع أخبار ما حدث للجنود الإسبان في مرجعيون، قدم إلى لبنان خائفاً وبغير إرادته كما أفاد لأحد الأهالي، وازداد خوفاً عندما علم أن فرقته العسكرية، كما يقول، سيتم دمجها مع القوات الإسبانية في مرجعيون. وأثناء عبوره في دورية مكونة من دبابة وجيب عسكري مرافق، في أحد الأودية الخالية من السكان بين بلدتي مجدل سلم وشقرا، باتجاه بلدة حولا (قضاء مرجعيون)، قرّر الهروب! ولو على حساب مصيره الوظيفي والوطني، فقرر اللجوء إلى الأهالي. فعلى ذلك الطريق الوعر، أثناء عبوره، وجد غباراً كثيفاً ينطلق من إحدى الكسارات العاملة في الوادي المذكور، فكانت الفرصة مؤاتية للقفز من الدبابة دون أن يراه زملاءه في الدبابة والجيب المرافق. قفز وجرحت يده اليمنى وأصيب برضوض بسيطة، وتوجه مسرعاً نحو العاملين في الكسارة. استقبله أحد المتواجدين هناك، طلب الفرنسي منه السكوت وعدم الإفصاح عن وجوده، وأخذ يردد خوفاً عبارات بالفرنسية لا يفهمها هذا العامل، لكن جلّ ما فهمه هو طلب الحماية، مع ذكر بعض كلمات عربية مثل كلمة حزب الله، فأشار له بيده سائلاً إن كان يريد أخذه إلى أحياء بلدة شقرا القريبة من المكان، فأومأ بالإيجاب. فنقله مسرعاً بسيارته إلى شقرا وسلمه إلى أحد أبناء البلدة الذي بدوره سلمه مباشرة إلى الجيش اللبناني للتحقيق معه. قوات اليونيفيل عمدت مسرعة للتفتيش عن مفقودها، دبابات كثيرة في الوادي المذكور، وطائرات عسكرية، لكن سرعان ما وصل إليهم الخبر. فعاد الصمت إلى المكان. لا أحد يعرف مصير هذا الجندي فالأمر يحتاج إلى متابعة مع الجيش واليونيفيل، لكن الواقع أن الجندي وجد الأهالي في الجنوب أكثر أمناً له من دبابته العسكرية.

تعليقات: