مراجع قانونية: لا تزكية بعدمهلة سحب الترشيحات


لم تتوقف مساعي "حزب الله" وحركة "امل" من اجل انجاح التزكية في بلدات جنوبية عدة، على رغم اقفال باب سحب الترشيحات منتصف ليل الاثنين - الثلثاء. ونشط المسؤولون الحزبيون لاقناع عدد من المرشحين المستقلين واليساريين بالعزوف عن خوض الاستحقاق الانتخابي بعد توقف قطار التزكية، فيما يتوقع ان تشهد نحو 30 بلدة في قضاء بنت جبيل منافسات تتفاوت حدتها بين بلدة واخرى، علماً ان المشهد العام يعكس استرخاء لدى الناخبين في اعقاب ركون "امل" والحزب الى تثبيت تحالفهما بعد ترنح محدود في المرحلتين السابقتين، وما تخللهما من تشطيب بادر اليه احد طرفي التحالف، وبدا جلياً في بلدات ساحل المتن الجنوبي، مما دفع القيادتين الى اعادة تأكيد التحالف التوافقي على قاعدة النسبية المتكئة على نتائج الانتخابات البلدية السابقة (2004)، علماً ان "حزب الله" خاض تلك الانتخابات في معظم البلدات الشيعية في مواجهة "امل" وحلفائها وعلى رأسهم اليساريون. وقد اثار احتساب هذه النسبة لـ"امل" وحدها حفيظة اليسار الذي قرر خوض المنافسة غير المتكافئة، مستلهماً ابعاد تجربة اللبوة البقاعية وتداعياتها، وسقوط لائحة الثنائي فيها بفارق مئات الاصوات.

من جهة ثانية، اثار التوجه الى اعلان التزكية بعد ايام من اقفال باب سحب الترشيحات استغراباً لدى عدد من المراجع القانونية التي اجمعت على عدم قانونية اعلان التزكية بعد اقفال باب سحب الترشيحات، اضافة الى عدم تمتع الاستشارة الصادرة عن هيئة التشريع والاستشارات بالقوة المعنوية.

وبحسب بعض المرشحين المستقلين في بلدات جنوبية عدة منها عيناتا (بنت جبيل)، ان عدداً من المسؤولين الحزبيين حاولوا ثنيهم عن الاستمرار في الترشح لإعلان تزكية لوائح "التنمية والوفاء". الا ان الاستجابة كانت محدودة. واللافت تسمية المرشحين المستقلين في بلدة كفرا لائحتهم باسم لائحة "عائلة كفرا – تنمية ووفاء" لمقارعة لائحة "التنمية والوفاء" التي يقودها التحالف.

ومن بلدة كونين جاء الانتقاد اللاذع تحت عنوان "بيان مهم الى كل شريف ونزيه"، حمل توقيع "شرفاء البلدة"، مطالباً رئيس البلدية الحالي بعقد لقاء عاجل لابناء البلدة لـ"فضح كل من كان مزوراً وسارقاً ومنتحلاً صفة النزاهة والكفاية. واذ سأل عن تعويضات عدوان تموز 2006 و"انصاف الفقراء الذين صمدوا 33 يوماً"، انتقد "تدخل الحزبيين وممارستهم الضغوط خلال تسمية المرشحين".

اما جارة كونين عيناتا، فلم يعرف فيها المرشحون المستقلون طعم النوم ليل امس وقبله، اذ استمرت الضغوط المغلّفة بالتمني على هؤلاء لانسحابهم من السباق الانتخابي تمهيداً لاعلان التزكية رغم اقفال باب سحب الترشيحات رسمياً قبل يومين. وبحسب هؤلاء المرشحين، ان مسؤولين حزبيين عرضوا سحب بعض مرشحيهم وادخال مستقلين الى لائحة "التنمية والوفاء" وابعاد كأس الانتخابات المرة عن البلدة، متذرعين بوجود استشارة قانونية تسمح باعلان التزكية بعد اقفال باب سحب الترشيحات.

لا تزكية

وفي السياق نفسه، استغرب عدد من القانونيين ما يحكى عن اعلان التزكية بعد اقفال باب سحب الترشيحات، واكد هؤلاء لـ"النهار" ان الاستشارة القانونية الصادرة عن هيئة التشريع والاستشارات لا تلزم الادارة (الحكومة، الوزارة،.. الخ)، وهي على سبيل الاستئناس، ولا تتمتع بأي قوة قانونية ملزمة، وانما لها صفة معنوية، اضافة الى ان القانون لا يسمح باعلان التزكية بعد اقفال سحب الترشيحات". ومعلوم ان القانون اعلى رتبة من المرسوم والاستشارة والقرار والتعميم.. الخ.

ويذكر ان وزارة الداخلية والبلديات لم تعلن فوز بلدية المريجة – الليلكي – التحويطة بالتزكية الا جزئياً بسبب عدم سحب المرشحين عبده خليل الحاج عساف وانطوان بشارة الحاج عساف ترشيحهما ليل 26 – 27 نيسان الفائت وانتظارهما الى 29 منه لسحب ترشيحهما (مسجلان لدى دائرة الكاتب العدل في بعبدا تحت الرقمين 1746 و1747 لسنة 2010). وبناء على احكام قانون البلديات اجريت الانتخابات في بلدية المريجة في الثاني من ايار الجاري رغم ان عدد المرشحين كان مطابقاً لعدد المقاعد المطلوبة. من جهته يرى الخبير الدستوري حسن الرفاعي ان اعلان التزكية ممكن بعد انتهاء مهلة سحب الترشيحات ولا مانع من ذلك.

ولوحظ انتقال عدد من المسؤولين الحزبيين من بيروت الى بلدات جنوبية لانجاح التزكية، بعد اخفاق المسؤولين المحليين في ادارة ملف الانتخابات البلدية وملحقاتها. كذلك دخل عدد من مديري المؤسسات التابعة لجهات حزبية على خط "التمني" على بعض المرشحين العاملين لديها بالانسحاب، ولم يتلقوا اشارات ايجابية.

من جهته، اكد المرشحون المستقلون في عيناتا لـ"النهار" استمرارهم في خوض غمار الانتخابات. وقال المرشح الدكتور وهيب غانم: "لن اتراجع عن ترشحي مهما كلّف الامر، حتى لو سحبوا بعض المرشحين من لائحتهم لاننا نعرف معنى الديموقراطية ومن حقنا ممارسة خياراتنا، ولا احد يزايد علينا في وطنيتنا ومقاومتنا واخلاصنا لوطننا".

وأيده في ذلك المرشح المستقل محمد فرج الذي قال: "آثرت الاستمرار في الترشح رغم التمنيات والطلبات من جهات حزبية أقدرها واحترمها، لكن الترشح حق ديموقراطي، والحكم للصناديق الاحد المقبل، وترشحت من اجل تعزيز مقومات الصمود في الارض المجبولة بدماء الشهداء وعرق الآباء ومن اجل صون الكرامة الانسانية والحقوق في الموارد الطبيعية".

اما المرشح الثالث غانم غانم فأقفل هاتفه الخليوي بسبب كثافة الاتصالات التي يتلقاها لثنيه عن الترشح، علماً ان الاخير مكلّف مهمات دينية عدة في البلدة، منها رفع الاذان والاهتمام بالمناسبات الدينية وامور بلدية اخرى.

كفرا: تنمية ووفاء

ولا يختلف مشهد الاستحقاق البلدي في بلدة كفرا عن جاراتها في بنت جبيل بعد تشكيل لائحة "عائلة كفرا – تنمية ووفاء" غير المكتملة في مواجهة لائحة "التنمية والوفاء" وتضم 8 مرشحين يمثلون فاعليات عائلية، واصدروا امس بياناً انتقدوا فيه "محاولة فرض اسلوب التسلّط والانعزال وصولاً الى التخوين، خلال تأليف لائحة كفرا البلدية المدعومة من "حزب الله" و"امل". وجاء في بيانهم: "(...) ان البعض لا يزال يعاني عقدة النقص، وتمسك بالاتفاق (الموقع بين "امل" و"حزب الله") وفسّره بخلاف مضمونه (...) خارجاً بأسلوبه عن طرق اللياقة والصدقية ونؤكد التزام العمل وفقاً لتوجيهات قيادتي "امل" و"حزب الله".

نداء فضل الله

في خضم هذه الاجواء، اطلق إمام بلدة عيناتا ورئيس "المنتدى الثقافي لاحياء التراث العاملي" السيد علي عبد اللطيف فضل الله ما يشبه "النداء الاخير" لمن يعنيهم الامر، جاء فيه: "اننا امام المشهد الانتخابي وفي ظل هذا الكمّ الواسع من الخطاب السياسي والديني الذي يتحدث عن مخاطر الهجمة الاميركية، وضرورة محاربة كل اشكال العصبيات المذهبية والطائفية التي تسعى الى تفكيك واقع الممانعة على مستوى المنطقة، نرى ان الانقسامات والحساسيات التي تنتجها العصبيات العائلية والمواقف التي تميّز المناخ الانتخابي تستفزّ معايير التخلّف التي تقوم على ما ينافي النص الديني الذي يشجب ان يرى الانسان شرار قومه افضل من خيار قوم آخرين، وبذلك يسقط الانسان القيمة ويستحضر الرقم.

امام هذا المشهد وباسم قطاعات كبيرة ومخلصة لهذا الوطن وباسم الحرصاء على المقاومة، نستنكر غياب المعايير التي تبحث عن مصالح الناس وعدم تقديم اصحاب الكفايات والقدرات لتخفيف مشاكل الاهالي، وكذلك غياب الحديث عن التنمية وعن المشاريع التي تسد حاجات الناس، وبروز السجالات التي تظهر منطق المحاصصات الرخيصة والتوازنات الهشة، والتي ترجع ذاكرتنا الى عهود التخلّف الذي نعتبره قد ولّى في زمن المقاومة والممانعة والافق الاوسع. واخيراً كيف يمكن ان نخوض حرباً لاسقاط الطائفية السياسية التي تعتبر علّة العلل لنظامنا، ثم نركن الى العائلية ونكرسها والوقوع في الدرك الاسفل للتخلّف وانتاج المناخات التي توظّف العام من اجل الخاص؟".

وكان فضل الله من محبذي عدم ترشح اشخاص من عائلته لتبقى في منأى عن السجالات حول نيابة رئاسة البلدية التي تطالب بها عائلة سمحات.

تعليقات: