نعم، بطيخ الخيام لا يفي بالطعم المتميز للبطيخ العدلوني


البطّيخ العدلوني ينضج في تموز... والسوق غارقة به الآن!

يجزم مزارعو بلدة عدلون الجنوبية الساحلية أن زراعة البطيخ «العدلوني» الذي حمل اسم بلدتهم إلى أقاصي الشرق والغرب والخليج، وشكّل نوعية مميزة بين أنواع البطيخ الأخرى على المستوى العالمي، تنحو زراعته نحو أفول

من الصعب رصد المساحات المزروعة بطيخاً في عدلون، إذ تظلّلها في كثير من الأحيان بساتين الموز المتفوقة عليها في الوقت الراهن، وذلك بعد أن هرب المزارعون من «الأولى» بسبب تغيّر المناخ وتراجع اليد العاملة ومنافسة البطيخ المستورد وغلاء المواد الكيماوية والأسمدة والمبيدات الزراعية.

فقد تراجعت هذه الزراعة في السنوات العشر الأخيرة من نحو 6 آلاف دونم تغطي الجبل والسهل في البلدة، إلى أقل من مئتي دونم حالياً

إلا أن أفول زراعة البطيخ العدلوني لم يؤثر على صيته الشائع، إذ إن الكثير من واجهات المتاجر والبسطات تتغنى ببيع بطيخ لم يعد متاحاً في مصدره، وتعلق لافتات تزعم بيع «البطيخ العدلوني» الذي لا يهل هلال «المهجّن» منه إلا في حزيران، و«البعل» في تموز، وبكميات متواضعة بالمقارنة مع ما هو موجود في السابق.

إعلان كاذب

«نستعد لقطاف موسم البطيخ «الأنفاق»، أي المزروع في الخيم الزراعية الطولية والصغيرة، بعد غرق السوق بالبطيخ الذي تزرع كمياته الكبيرة في الوزاني قرب الخيام، وفي البقاع. بيد أن هذا البطيخ لا يشي بالطعم المتميز للبطيخ العدلوني، بالرغم من تعديله وتهجينه، بل ظل طعمه أقرب إلى القرع أو الكوسى المعتمد الأساس في الزرع قبل التطعيم».

هذا ما يقوله محمد سميح وهبي، أحد كبار مزارعي البطيخ العدلوني، ويردف: «من يعلن اليوم عن وجود بطيخ عدلوني في متجره أو بسطته، إنما يعلن الكذب. أنا اليوم أزرع نحو 53 دونماً على نمط (التونال) لأنني جددت زراعة بستان الموز، وسأتوقف عنها العام المقبل بعد نمو البستان، ولن أعود لزراعة هذا الحقل بطيخاً قبل 13 عاماً، عام تبديل الموز. لم يعد في عدلون من يبور أرضه من أجل زراعة البطيخ، في ظل منافسة البطيخ المستورد من الأردن ومصر الذي يأكل السعر المرتفع قبل نضوج موسم البطيخ المحلي».

استغلال

«كنت أزرع لوحدي بين 50 و60 دونماً بطيخاً في عدلون بعد جدي وأبي، ومن أرباحها اشتريت 120 دونماً من الأرض. اليوم لم أعد أزرع «جبّاً» واحداً وأشتري البطيخ من المحلات». والكلام للمزارع حسن خليل عبود علامة (70 عاماً) الذي يترحّم «على أيام العزّ، يوم كان البطيخ العدلوني يعرض في فرنسا وسويسرا والسعودية ومعظم الدول العربية».

ويتذكر أنه دخل مرة إلى سوبر ماركت في فرنسا، ووجد لافتة تشير إلى «أن سعر حزّ البطيخ العدلوني كذا وكذا، في شهر شباط، أي في شهر زراعته؛ هذا يعني مدى الشهرة التي وصل إليها البطيخ العدلوني، ومدى استغلال اسمه في البيع، مثل اليوم، إذ يعلن الباعة عن وجود بطيخ عدلوني، وهو لم يقطف بعد، والشمسي في طور الزهر»؛ والشهرة برأيه تعود «إلى التربة والأرض والطبيعة وطريقة الزرع والعناية واستخدام السماد الطبيعي».

ويقول «زرعت مرة 40 دونماً من البطيخ العدلوني (النمس) وصلت إحداها إلى نحو 28 كيلوغراماً، كانت تنمو تحت التراب؛ اليوم، الدولة التي كانت تساعد لم تعد تقدم شيئاً من الأسمدة والأدوية والمبيدات، ورزنامة الاستيراد لا ترحم».

معلومات للمستهلك

مزارعو بطيخ عدلون «صغاراً»، يستفيدون من الموسم في حقول متواضعة قد لا تتعدى مساحتها أصابع اليد من الدونمات، بينما يعدّ المزارعون الكبار على اليد، ومع ذلك لا يمكن مقارنة سنوات العز مع ما يزرع اليوم في البلدة.

قد تصل البطيخة العدلونية إلى نحو 18 كيلوغراماً على النمط المهجن؛ إنما في الحقول «الشمسية» أي البعلية، فلن تتفوق على هذا الوزن، إذ إن المزارعين قللوا من استخدام السماد الطبيعي، أي سماد المواشي والطيور، ولا يغالون في استخدام الأسمدة الكيماوية.

تبدأ الزراعة في منتصف شهر شباط وتنتهي في مطلع حزيران للمعتمد على «الانفاق»، فيما تبدأ البعلية بعد منتصف نيسان تجنباً للمطر الكثيف وينتهي جني المحصول أواخر تموز. وقد تراجعت اليد العاملة اللبنانية، وخصوصاً من أبناء عدلون إلى حدود «الندرة» والعاملون السوريون قلائل بعد الاعتماد على نظام ري «جي آر» التنقيط الموفر في استخدام العمال والمياه.

البطيخ «جرار» والبزرة أميركية و«روزي»؛ والري مؤمن من مشروع الليطاني، والشمس «مجانية». بيد أن الزراعة في تراجع مستمر، بعدما نكبت العام الماضي بتلف الموسم، بسبب العدوان الإسرائيلي الذي جاء في أيام جني المحصول «الشمسي» بين آب وتموز؛ ولم يجد المزارعون من يعوّض عليهم هذه الخسارة المقدرة بالملايين. اليوم باتت الأفضلية لزراعة الموز بديلاً عنها، إذ إن أرض عدلون صالحة جداً للموز الذي يبقى منتجاً إلى 12 عاماً.







افكار لتزيين البطيخ
افكار لتزيين البطيخ


تعليقات: