نصف الطلاب يدخّنون ويطفئون سجائرهم أمام لافتة ممنوع التدخين

تركيز وتدخين
تركيز وتدخين


في انتظار إقرار مشروع قانون منع التدخين في الأماكن العامة المتعثّر في مجلس النواب..

مبادرات خجولة وغير كافية تحاول تنظيف الأحرام الجامعية من السمّ القاتل..

هل يأتي يوم يتغلب فيه المنطق الصحي على المتعة الآنية لدى الشباب، الذين غالبا ما تبدأ الحكاية معهم بـ"مجة صغيرة"، وتنتهي بوقوعهم في فخ الادمان على التدخين؟

هم يدركون ان هذا الدخان السام المنبعث بكثافة من احرام جامعاتهم (ومدارسهم!)، حيث نشهد الولادات المبكرة لاجيال من المدخنين، "يؤدي الى امراض مميتة" ولكنهم مقتنعون بان "شبح" الامراض والوفيات المبكرة لا يزال بعيدا. حملات وصرخات عديدة تطلق سنويا في الجامعات مع اليوم العالمي لمكافحة التدخين (31 ايار) ولكنها تبقى "خجولة" وغير كافية لأولئك الحالمين باحرام جامعية خالية من التدخين. وفي انتظار اقرار مشروع قانون منع التدخين في الاماكن العامة، الذي يتقلب على مضض المماطلة في ادراج مجلس النواب منذ 2004، هل تبدأ رحلة الألف ميل بمنع التدخين في الجامعات؟

مبادرات

مبادرة نوعية اتخذها عميد كلية الاعلام والتوثيق بالتكليف في الجامعة اللبنانية الدكتور جورج كلاس، مانعا التدخين في مبنى العمادة في الطيونة الذي يضم مكاتب ادارية وصفوف الدراسات العليا في الاعلام والماجيستير. ويقول ان القرار "جاء تجاوبا مع الاتجاه الى المحافظة على بيئة ادارية نظيفة" مؤكدا ان رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر "رحب بالفكرة"، ومتمنيا الا تكون هذه الخطوة "مشروعا شهيدا"، لان القرار اتخذ لينفذ، والاساتذة يجب ان يعطوا المثال الصالح لطلابهم(...). الموضوع يتطلب التزاما، ويجب الا يكون موسميا بل ان تواكبه حملة توعية".

واكد كلاس ان "الالتزام بالقرار واجه تعجبا وتضايقا من البعض في اليومين الاولين، لكنه سرعان ما تحول التزاما تاما، حتى انه لم يعد هناك وجود للمنافض لدينا". واشار الى ان بعض الطلاب، وهم صحافيون يعملون في وسائل الاعلام، بدأوا "يبشرون" بهذا "القرار الصحي والبيئي".

كذلك اعلنت عميدة كلية الصحة العام في الجامعة اللبنانية الدكتورة نينا سعدالله زيدان "حظر التدخين بعد التشاور مع مجلس الوحدة في حرم الكلية بفروعها الستة تحت طائلة المسؤولية، حرصا على الصحة العامة، وتلافيا لمضار التدخين بوجهيه السلبي والمباشر". واكدت في حديث الى "النهار" ان القرار اتخذ بالاجماع في مجلس الكلية "وهو من ابسط واجباتنا ككلية صحة"، وانه يتم العمل على تطبيقه بالتشاور مع وزارة الشؤون الاجتماعية التي كوّنت خبرة في هذا المجال". واضافت: "طلابنا هم اختصاصيون في الصحة، يعملون في المستشفيات والمستوصفات والمختبرات، وغالبيتهم من غير المدخنين، وقد التزموا جميعهم القرار عندما لمسوا مدى جديتنا في المضي به. ولكن المشكلة تكمن في الموظفين الذين تعودوا التدخين مع القهوة، اذ لا يمكننا فرض اي قرار بالقوة انما بالتفاعل رويدا رويدا، وقد فتحنا الشرفات المحاذية للمكاتب لمن يرغب بالتدخين خارجا".

الكافيتيريا

في جامعة الروح القدس – الكسليك "يمنع قانون الجامعة التدخين في الاماكن المغلقة، كالصفوف والمماشي ومكاتب الموظفين والاداريين والحمامات" وفق مدير مكتب شؤون الطلاب الاب ميشال ابو طقة، الذي يؤكد ان "حرية الطالب تتوقف عند حرية زملائه حين يوجدون في الاماكن المغلقة". اما في ما يتعلق بالكافيتيريا، فقال انه "عندما منعنا التدخين فيها خف التواصل بين الطلاب، لان الكافيتيريا هي المكان المفضل لتلاقي الطلاب بعد حصص الدراسة، لذلك اعدنا النظر في الامر وسمحنا من جديد بالتدخين في الكافيتيريا محافظة على الحياة الاجتماعية لطلابنا، علما ان السجائر لا تباع فيها والاعلانات التسويقية لها وللكحول ممنوعة في حرم الجامعة". واكد ان ادارة الجامعة شديدة الحرص على تنظيم محاضرات توعية من خطر التدخين وعلى استضافة اختصاصيين في هذا الشأن بالتعاون مع كلية الطب.

استطلاع الاميركية

اما في الجامعة الاميركية في بيروت، حيث منع التدخين في الحرم ما خلا بعض الزوايا المحدودة المخصصة فقط للمدخنين "لتحسين المناخ الصحي المحيط بأسرة الجامعة وتنظيفه"، فكانت ادارة الجامعة اصدرت قانونا خاصاً بالتدخين smoking policy في العام 2000، ولكنها بدأت تطبيقه في ايار 2008 بالتزامن مع حملة اعلامية. واجرت مجموعة من الباحثين في كلية الصحة العامة دراسة استندت الى استطلاعات بينت ان القانون ارضى 90 في المئة من الطلاب غير المدخنين، فيما 36 في المئة فقط من المدخنين كانوا "راضين"عنه. اما غالبية المدخنين "الحاليين (51,7) فلم يرقهم الوضع الجديد. وتفهم غير المدخنين "تبرير" قانون المنع (64,5) اما المدخنون فلم يتفهم منهم هذا التبرير سوى 13,8 في المئة.

وسئل الطلاب عن مدى التزامهم تطبيق القانون واعتماد الزوايا المحددة للتدخين، فكان جواب 75 في المئة من المدخنين ايجابيا (ولم يسجل تفاوت يذكر بين الذكور والاناث). واكد عشرة طلاب (من اصل 60 مدخناً) دخنوا في اماكن غير مسموح فيها بالتدخين انهم تلقوا بطاقات تحذيرية.

وعندما سئلوا عن "سلوكهم التدخيني" بعد قانون الحظر، تبين ان 20 في المئة منهم (اي من الطلاب المدخنين) انخفض معدل التدخين لديهم.

طلاب "مع" و"ضد"

يقول بول (18 سنة) وهو طالب في جامعة سيدة اللويزة ان اشارات "ممنوع التدخين موجودة بكثافة في مباني الجامعة ولكنها لا تشكل رادعا، فغالبا ما نطفىء سجائرنا عليها"، مؤكدا ان "نصف طلاب الجامعة من المدخنين".

اما هادي (23 سنة) الذي انتقل من الجامعة الاميركية في بيروت الى اللبنانية الاميركية في جبيل فيقول انه كان ينزعج من الدخان في الـAUB اكثر منه في الـLAU، علما ان "ليس هناك قانون صارم يمنع التدخين في حرم جبيل، الا ان غالبية المدخنين يدخنون في الهواء الطلق"، ملاحظا ان "عدد المدخنين يزداد وخصوصاً بين الفتيات" وان "الاساتذة يشاركون طلابهم في التدخين من دون أي حرج". واضاف: "اصبحت علبة السجائر ملازمة للخليوي وحقيبة اليد وعلاقة مفاتيح السيارة".

وتقول رلى (21 سنة) وهي طالبة في جامعة الحكمة: "في جامعتنا الطلاب يدخنون في كل الاماكن، حتى ان الكافيتيريا تبيع السجائر، واحيانا نرى فيها اعلانات مروّجة لنوع منها".

ويلاحظ ميشال (18 سنة) ان "اكثر من نصف طلاب الجامعة حيث يتابع دراسته (سيدة اللويزة) من المدخنين، علما ان لا احد يضع لهم قوانين صارمة". ودافعت مجموعة من طلاب الجامعة اللبنانية (كلية العلوم في الفنار) بـ"استشراس" عن "عقيدة" اصبحت مقدسة في قاموسهم "نفخ عليها تنجلي" أو "لا يحلو السهر من دون سيجارة وكأس"..

وكانت "الدولية للمعلومات" اجرت استطلاعات للرأي بين طلاب الجامعات الخاصة عن عادات التدخين والكحول والمخدرات والمهدئات في كانون الأول 2009 أفاد فيه 59 في المئة من المستطلعين الجامعيين انهم من المدخنين، مقابل 34 غير مدخنين، في حين تنخفض نسبة المدخنات لدى الاناث الى 48 في المئة مقابل 52 من غير المدخنات. وبدا لافتا الترابط ما بين السهر والتدخين، اذ ترتفع نسبته كلما زادت وتيرة السهر. اما في ما يتعلق بوتيرة التدخين، فان الاكثرية (47 في المئة) تدخن يوميا، فيما تخالفهم اقلية نسبتها 12 في المئة، وترتفع نسبة الذكور المدخنين يوميا الى 54 في المئة مقابل 37 لدى الاناث.

اطفاء السيجارة قبل الدخول الى الجامعة الاميركية في بيروت
اطفاء السيجارة قبل الدخول الى الجامعة الاميركية في بيروت


تعليقات: