يحمر الشقيف تدجّن الصعتر البرّي

سكنة عليّق تعتني بحقل الصعتر (كامل جابر)
سكنة عليّق تعتني بحقل الصعتر (كامل جابر)


تلقى زراعة «الصعتر» و«تدجينه» في بلدة يحمر الشقيف اهتماماً استثنائياً بدأ في عشرة بساتين لمزارعين دمّرت منازلهم خلال العدوان الإسرائيلي في تموز الماضي، وذلك بتشجيع ودعم من الاتحاد الأوروبي عبر مؤسسة ICUالتي قدمت الشتول وتمديدات الريّ وخزّانات المياه والمضخّة

أسهمت مكانة الصعتر البري في المونة البيتية للمناطق الجنوبية ومنها يحمر، وارتفاع سعر كيلوغرام اليابس منه إلى نحو 15 ألف ليرة، إضافة الى مسارعة «البدو» الى قطفه قبل الأوان، في تلبية مزارعي يحمر نداء مؤسسة ICU لتدجين الصعتر وتكثيف إنتاجه، تمهيداً لبيعه. وقد حاول المزارعون سابقاً زراعة الصعتر في حدائق البيوت لتوفير مونة منازلهم، بسبب الانتشار الكثيف للقنابل العنقودية في حقول يحمر الشرقية والغربية، إلا أن المزارعين يعانون اليوم عثرة «الخطوة الأولى»، إذ إن ندرة المياه في يحمر، وعدم تسلّمهم الشتول في الشتاء للاعتماد على مياه الأمطار، دفعهم الى شراء مياه الري، ما سيزيد من كلفة إنتاج الموسم الأول من الصعتر.

زراعة سهلة ومطلوبة

أرض سكنة عليق كغيرها من حقول يحمر، كانت مزروعة بمئات القنابل العنقودية من مخلفات العدوان الإسرائيلي، وقام فريق «ماغ» بتنظيفها ثم عرض الاتحاد الأوروبي على المزارعين خياراً من ثلاثة، إما تربية النحل أو البقر، وإما زراعة الصعتر، فآثرت سكنة الخيار الأخير «لأنه لا يحتاج إلى خبرة كبيرة، وخصوصاً أن المؤسسة الداعمة قدمت تمديدات الري، وخزانات المياه والمضخة وبعض السماد العضوي، ووجدت نفسي بعد فترة مزارعة صعتر».

وتشير الى أن «الصعتر يحوز اهتمام بيوت يحمر كافة، فهو من المونة الرئيسية في بيوتنا، ومحبذة عند الجميع، وخصوصاً الأطفال، نيئاً مع الزيت، أو في المناقيش، ويؤثر أبناء القرية أن يعدّوا مونتهم هذه بأنفسهم، من القطاف والتنقية، إلى الطحن والغربلة، وإضافة السماق».

تأخر زرع الشتلة

ويجمع أصحاب الحقول التي بدأت بتدجين الصعتر البري في يحمر، على أن المؤسسة المانحة تأخرت في إطلاق الموسم، ولذلك يعانون بعض الصعوبات، وأهمها شحّ المياه في البلدة. ويؤكد الجميع أن كلفة إنتاج الموسم الأول ستكون مرتفعة، إذ إن المؤسسة المانحة لم تأخذ على عاتقها توفير المياه للري.

وحصلت سكنة على أكثر من 3 آلاف شتلة من الصعتر يبلغ ارتفاع الواحدة منها نحو 25 سنتيمتراً، فغرستها في 800 متر مربع من حقلها القريب من ساحة يحمر، وتقول «تلقّينا الشتول في نيسان الماضي، وتعتبر هذه الفترة غير مناسبة لزرع الصعتر، لأن الموسم الأول يحتاج إلى الريّ لكي تنغرس الشتلة وتصمد في التربة». وتتابع سكنة «لقد اصطدمنا بعقبة شحّ المياه في يحمر، واشتريت حتى اليوم، أربع نقلات مياه من بركة أرنون، بمئة ألف ليرة لبنانية، مع أنني أعرف أن الموسم الأول لن يسترجع سعر الكلفة».

ويقول المزارع شوقي ناصر إن «شحّ المياه أدى الى يباس مئات الشتول، على الرغم من أننا ننفق على نقلة المياه أكثر من عشرين ألف ليرة». وأضاف «صحيح أننا سنجني هذا الصيف ثمار الشتول الناضجة، لكن الموسم لن «يقلّع» قبل ثلاث سنوات، حتى تنتشر الشتول أكثر ويصلب عودها، وتتمكن من مقاومة شحّ المياه على غرار رفيقاتها البرية».

ويلفت ناصر الى أن «زراعة الصعتر تكون في أواخر شباط ومطلع آذار، وتأخر وصول الشتل الى نيسان أدى الى العديد من المشكلات، ومع ذلك سنبقى إلى جانبها، ولو أنها لن تردّ كلفة الري هذا الموسم».

زراعة مربحة

ويشير ناصر الى أنه «سبق أن قمت بتجربة ناجحة، إذ أتيت ببعض الجذور والشتول البرية، وزرعتها في حديقة البيت. وأنا، حالياً، أوفّر حاجة البيت من مونة الصعتر، وأعتقد أن هذه الزراعة أفضل من زراعة التبغ التي تحتاج إلى نحو 14 شهراً من العمل ولا يزيد سعر الكيلوغرام الواحد على 11 ألف ليرة أو 12 ألفاً. بينما كيلوغرام الصعتر يصل اليوم الى نحو 15 ألف ليرة، ولا يحتاج إلا إلى القليل من الرعاية، وما يشجّعنا أن الطلب عليه كثيف، ونحصل على ربحنا مباشرة، ولكنني أعتقد أن الحقول العشرة التي زرعت في يحمر، بدعم من الاتحاد الأوروبي، لن تكفي حاجة يحمر وحدها من الصعتر».

ويلفت عدنان عليق إلى أن أبناء يحمر يتعاملون مع الصعتر البري المنتشر بكثافة شرقي يحمر وغربيها برقّة تتوافق وموسم جنيه من دون عشوائية في القطف، «غير أن قوافل من نساء البدو وفتيانهم يتسللون إلى التلال ويقطفون الصعتر قبل تساقط البزر، ما يسبب تراجع الكمية المنتشرة، لذلك باتت البلدة في حاجة إلى ما يسد حاجتها من الصعتر، الذي يعطي ثمراً أخضر في الشتاء والربيع ويوفّر المونة في الصيف، وهذا يعني أن المزارعين سوف يفيدون منه ثلاث مرات في العام، بعكس زراعة التبغ». وتمنى «أن تلقى هذه الزراعة البديلة تشجيعاً على مختلف المستويات، وأن تدعم المؤسسات المحلية والبلديات خسارة الموسم الأول، بسبب كلفة شراء المياه».

طربونة زعتر برّي
طربونة زعتر برّي


تعليقات: