توتر في قرى جنوبية بين الأهالي واليونيفل على خلفية مناورات

من مناورة سابقة للقوات الدولية (أرشيف)
من مناورة سابقة للقوات الدولية (أرشيف)


دارت أمس في قرى الجنوب الحدودية، حرب بين الكاميرات والآليات من جهة والعصيّ والحجارة من جهة أخرى. فمع استمرار جنود اليونيفيل في دخول الأحياء المأهولة للقرى وتصويرهم الشوارع والمنازل، مزوّدين بكلاب بوليسية، خرج الأهالي عن صمتهم وعبّروا عن احتجاجهم عبر إقفال الطرق بالسيارات الخاصة حيناً وعبر رمي الحجارة والإطارات المطّاطية على الآليات الدولية حيناً آخر.

وكتب مراسل «الأخبار» في بنت جبيل، داني الأمين، أن الأهالي اشتبكوا بالأيدي مع الجنود، بعدما حاول بعضهم الاستمرار في عمله.

وحاول جنود من الكتيبة الفرنسية في اليونيفيل، صباح أمس، دخول الأحياء السكنية في خربة سلم، فاعترضتهم تجمّعات النسوة والأطفال الذين رشقوهم بالحجارة. إلا أنّ الجنود أصرّوا على تنفيذ مهماتهم، لكونها ضمن «مناورة عسكرية نعمل على تنفيذها وسنقوم بذلك»، بحسب أحد الجنود. فاحتج الأهالي مؤكدين أنّ المناورات العسكرية لا يمكن إجراؤها في الأحياء السكنية وأمام النساء والأطفال. وعند قطع الطريق أمام الآليات الفرنسية في القرية، حاول الجنود تفريق الحشود ما أدى إلى عراك بالأيدي كان حصيلته دخول الجيش وتفريق الحشود ومن ثمّ مغادرة الكتيبة الى مواقعها. وتوسّع الاحتجاج فأقفلت الطرق بوجه جنودها في كل من قلاويه، فرون، الطيبة، العديسة وشقرا.

واعترض الأهالي في هذه القرى على مناورة اليونيفيل لكونها تهدف إلى «مجابهة المقاومة، ولكن بين الأحياء السكنية»، فيما أشار مصادر أمني إلى أنّ «القوات الدولية، عندما قرّرت إجراء المناورة الميدانية، طلبت من الجيش اللبناني أن يشاركها بذلك، لكن الجيش رفض، لأن المناورة كان عنوانها فقط التدريب على كيفية مواجهة إطلاق الصواريخ الى داخل فلسطين المحتلّة». وأكد المصدر مطالبة الجيش بأن تكون مهمة المناورة التدريب على كيفية مواجهة الحرب التي قد تشنّها إسرائيل، إضافة الى إطلاق الصواريخ، «لكن قوات اليونيفيل رفضت هذا الطلب وقرّرت تنفيذ المناورة منفردة».

من جهة أخرى، وفي ملف متّصل بالأوضاع الجنوبية، أشار مراسل «الأخبار» في نيويورك، نزار عبود، إلى أنّ لبنان نادى أمس بالعدالة الدولية وانتقد بشدة المعايير المزدوجة المطبقة من قبل مجلس الأمن الدولي وتطبيق قرارات المحاكم الدولية على الضعفاء فقط. ودعا مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة، نواف سلام، في جلسة مخصصة لمناقشة سيادة القانون في حفظ الأمن والسلم الدوليين، إلى تصحيح «العوج الذي يهدّد البنية الأخلاقية للمجتمع الدولي في تعاملاته حتى عندما تكون هناك آراء قانونية صريحة صادرة عن المحاكم الدولية بحق المعتدي». ولفت سلام إلى أن أخطر هذه الاعوجاجات «التصرفات الاسرائيلية إن من حيث ضم الاراضي وبناء المستوطنات كما في الضفة الغربية من فلسطين المحتلة وفي الجولان السوري المحتل، أو في التعدي على الاماكن الدينية وهوية البلاد وتاريخها كما في القدس الشريف، أو في سياسة العقاب الجماعي والحصار كما في غزة، فضلاً عن التهديدات للبنان بالحرب والتدمير والانتهاكات اليومية لسيادته براً وبحراً وجواً».

ورأى سلام أنّ كل هذه الأمور تولد الشعور لدى الرأي العام بأن المجتمع الدولي عاجز عن ردع هذه الممارسات التي تعدّ خرقاً لمبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، وتظهر «إسرائيل دولة فوق المحاسبة وفوق القانون الدولي، كما تظهر الأمم المتحدة هيئة عاجزة ومكبلة الايدي».

وشدد سلام على ضرورة احترام المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة الذي يفرض احترام الجميع لقرارات مجلس الأمن، مضيفاً: «أين تطبيق مبدأ «موجب احترام العقود» pacta sunt servanda عند عدم امتثال بعض الدول للميثاق؟ ما قيمة الآراء القانونية لمحكمة العدل الدولية عندما لا تلتزم بها الدول، كل الدول؟ الى متى سيعاقب مجرمو الحرب ومرتكبو الجرائم ضد الانسانية في دول دون اخرى؟».

كذلك قدّم لبنان شكوى الى مجلس الأمن على خلفية إقدام دورية تابعة للقوات الاسرائيلية على خطف الراعي عماد عطوي في مزرعة السدانة بين شبعا وكفرشوبا داخل الأراضي اللبنانية.

من جهة أخرى، شارك أمس الرئيس نبيه بري في المؤتمر الاستثنائي لبرلمانات منظمة دول المؤتمر الإسلامي لـ«فك الحصار الجائر عن قطاع غزة»، الذي يعقد في سوريا على مستوى رؤساء المجالس النيابية. والتقى برّي على هامش المؤتمر رئيس مجلس الشعب السوري، محمود الأبرش، مستغرباً في تصريح للإعلاميين «أن تقوم القيامة على إسرائيلي مخطوف، فيما لا أحد يتحرك من أجل شعب مخطوف بكامله». وشكر بري لنظيره السوري دعوته إلى المؤتمر، مؤكداً أنّ «قضية غزة هي قضية أساسية ومفصلية لكنها جزء من قضايا العرب الكبرى، وسوريا كانت دائما البلد الحصن للعروبة كما نعلم جميعاً، وكانت القلعة ولا تزال». وأمل بري «ألا نكتفي فقط بالخطابات والبيانات والتوصيات وأن يكون للنواب وللمجالس النيابية كلمة تؤثر على السلطات التنفيذية لدى العرب والمسلمين تستطيع أن تقول نعم أو لا لهذا الموقف أو ذاك».

أما اللافت أمس، فكان دعوة الرئيس السابق إميل لحود، كلاً من رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون والوزير السابق سليمان فرنجية على العشاء حيث ناقشوا مجمل الملفات المطروحة على الساحة الداخلية. وبحضور كل من الوزيرين جبران باسيل ويوسف سعادة، والنائب السابق إميل إميل لحود، جرى الحديث عن الأوضاع الداخلية، وتحديداً عن الوضع الاقتصادي ـــــ الاجتماعي، والمشاريع التي يطرحها وزراء التيار الوطني الحر في الحكومة. كما تطرقوا إلى مشروع الكهرباء والمياه، خصوصاً أنّ الرئيس لحود له خبرة في هذا الموضوع.

وجرى البحث أيضاً في جميع الاحتمالات والسيناريوهات المحتملة التي يمكن أن يستخدمها العدو الإسرائيلي لتخريب الأوضاع في لبنان، من الحرب العسكرية وصولاً إلى زعزعة الوضع الأمني في الداخل. ورأوا أن لبنان قد يخسر في هذه الحروب اقتصادياً، لكن إسرائيل ستكون الخاسر الأكبر.

وجرى نقاش أيضاً في الموضوع المسيحي الداخلي، مع الإشارة إلى أنّ «المسيحيين في لبنان، منذ 60 عاماً إلى اليوم، ينقسمون بين فريقين: الأول يريد أن يكون جزءاً من عمقه العربي، ويحمل قضاياه وهمومه ويتفاعل معها، والثاني يريد عزل نفسه للحصول على مقعد وزراي أو نيابي بالزايد». وتطرق الحاضرون إلى ملف الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين، مؤكدين أنّ «البعض يطرحها كحقوق طبيعية فيما يطرحها آخرون في إطار مشاريع مشبوهة، كالتوطين»، مشددين على أنّه «لا يجوز أن يزايد أحد على الآخرين في الملف الفلسطيني».

خلال قطع الطريق في العديسة (تصوير: جورج نهرا)
خلال قطع الطريق في العديسة (تصوير: جورج نهرا)


تعليقات: