فرانسين يستجيب لطلب جميل السيّد: 13 تموز موعد المواجهة مع بيلمار

اللواء الركن جميل السيّد
اللواء الركن جميل السيّد


أوّل جلسة علنية للمحكمة الخاصة بلبنان ليست للقتلة بل لملفّات «شهود الزور»..

استجاب قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين لطلب اللواء الركن جميل السيّد بصفته مدعياً، وحدّد يوم الثلاثاء في 13 تموز 2010 موعداً لعقد جلسة علنية للنظر في المراجعة التي قدّمها له، لتزويده بالأدلّة والإثباتات والمستندات والتسجيلات الصوتية والمحاضر عن شهود الزور وشركائهم والمسؤولين عن توقيفه تعسفياً، لكي يتمكّن من مراجعة المحاكم الوطنية المختصة وإبراز تلك الأدلّة والوثائق لها في سبيل ملاحقتهم ومقاضاتهم.

ولم يلبّ فرانسين طلب المدعي العام الدولي القاضي الكندي دانيال بيلمار لجهة عدم عقد جلسة علنية، والاكتفاء إذا لزم الأمر، بإصدار قرار في غرفة المذاكرة من دون أيّة جلسة، على غرار الجلسة الشهيرة التي أفرج فيها فرانسين عن الضبّاط الأربعة اللواءين السيّد وعلي الحاج والعميدين مصطفى حمدان وريمون عازار في 29 نيسان 2009، معلناً براءتهم، وهو ما عاد وأكّد عليه بيلمار بطريقة غير مباشرة، خلال ردّه على مراجعة السيّد الحاضرة، بقوله إنّ السيّد لا يملك الصفة القانونية ليقدّم هذه المراجعة كون المحكمة الخاصة بلبنان مختصة فقط للمتهمّين والضحايا في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهذا يعني أنّ اللواء السيّد ليس متهمّاً ولا ضحيّة.

وهذه الجلسة العلنية هي الأولى في تاريخ المحكمة التي ولدت في الأوّل من آذار 2009، وبدلاً من أن تكون مخصّصة لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإذا بها مقتصرة على معرفة وقائع المستندات والأدلّة المرتبطة بشهود الزور، بدءاً بالسوري محمّد زهير الصدّيق والسوري هسام طاهر هسام، ومروراً بالسوري أكرم شكيب مراد، والفلسطيني عبد الباسط بني عودة، واللبناني أحمد مرعي والسوري إبراهيم ميشال جرجورة، والسوري عبد الحليم خدّام، وانتهاء بكلّ من ضلّل التحقيق لنيل مكاسب سياسية على حساب دماء الحريري، وذلك في سبيل مقاضاة هؤلاء أمام المحاكم الوطنية المعنية، بعدما تنازل القضاء اللبناني لغايات باتت معروفة، عن صلاحياته في ملاحقة شهود الزور، واعتبار المحكمة الخاصة بلبنان نفسها غير معنية بكلّ من عمل على حرف التحقيق عن بوصلته خلال مرحلة لجنة التحقيق الدولية المستقلّة في عهود رؤسائها الألماني ديتليف ميليس، والبلجيكي سيرج برامرتز، والكندي بيلمار، واعتبارها نفسها معنية بمحاكمة كلّ من يدلي بالشهادة الكاذبة أمامها فقط مع أنّ التحقيق كلّ متكامل لا يتجزأ.

وتعقد الجلسة العلنية عند الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الثلاثاء في 13 تموز في مقرّ المحكمة في ضاحية ليتسندام في لاهاي في هولندا، حيث يحضر المدعي جميل السيّد ووكيله القانوني المحامي أكرم عازوري، ويقف مقابلهم المدعى عليه القاضي بيلمار وما يحتفظ به من ملفّات متعلقّة بشهود الزور آثر عدم تزويد السيّد بها عند مراجعته مراراً بشأنها، ممّا استدعى حصول هذه المراجعة والمواجهة القانونية بين هذين الطرفين.

وأمام المحامي عازوري مدّة عشرين دقيقة لتقديم مرافعته بصفته مدعياً، ثمّ يترافع بيلمار المدّة نفسها، ويليها قيام فرانسين بطرح الأسئلة الملائمة عليهما ليجيب كلّ واحد منهما عنها بما يراه مناسباً.

وما يلفت النظر في هذه الجلسة أنّها ليست جزائية كما يتوهّم بعضهم، لأنّ المحكمة الخاصة بلبنان ليست ملتئمة بوظيفتها الجزائية فلا القرار الظني صدر ولا مضبطة الاتهام انتشرت علناً وصارت بمتناول الرأي العام، كما أنّ موضوع هذه الجلسة ليس إدانة أشخاص في جريمة قتل وإنزال عقوبة بهم، بل إنّها تعقد كمحكمة مدنية للنظر في طلب مدني قدّمه اللواء الركن السيّد بغية إلزام القاضي بيلمار بتسليمه كلّ ما بحوزته من أدلة وإثباتات عن شهود الزور.

وبناء على هذا التعريف القانوني لهذه الجلسة، فإنّ القاضي بيلمار لا يحمل صفة المدعي، بل على العكس تماماً صفة المدعى عليه، كما أنّه لا يمارس وظيفته الاتهامية ولا يقف على يمين قوس المحكمة طالباً التجريم والإدانة، فموقعه الإجرائي في المحاكمة ليس موقع المدعي العام.

أمّا بخصوص النقطتين المفصليتين اللتين سيبتّ فيهما القاضي فرانسين قبل التصدّي لأساس المطالبة، فهما صلاحية المدعي اللواء السيّد للتقاضي أمام المحكمة الخاصة بلبنان وصلاحية هذه المحكمة للبتّ في طلب السيّد.

وقد نازع بيلمار في هاتين النقطتين الإجرائيتين في ردّه المتكرّر على السيّد وعازوري، معتبراً أنّه ليست للسيّد الصفة للتقاضي كونه ليس متهمّاً ولا ضحيّة، إلاّ أنّ السيّد ردّ على حجج بيلمار بالارتكاز إلى اجتهادات المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الخاصة بجرائم رواندا، والتي اعتبرت أنّ للمحاكم الدولية المنشأة بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، صلاحية قضائية ذاتية غير محصورة بنظامها كما أقرّه مجلس الأمن، لأنّ الأخير عندما ينشئ محكمة خاصة يكون قد أنشأ جهازاً قضائياً وليس جهازاً إدارياً تابعاً له، وإنّ للجهاز القضائي الصلاحية الذاتية وإنْ لم يكن منصوصاً عليها في قرار إنشائه، وبطبيعة الحال، فإنّ لدى هذه المحكمة كلّ الصلاحية لتأمين حسن سير العدالة.

وبعدما يبتّ فرانسين في نزاع اللواء السيّد والقاضي بيلمار، يحقّ لكلّ واحد منهما أن يستأنف قراره إذا لم ينل إعجابه ورضاه، أمام المحكمة الخاصة بلبنان التي تكون عندها مضطرة إلى عقد جلسة برئاسة رئيسها القاضي الإيطالي أنطونيو كاسيزي شخصياً أو من ينتدبه عنه من قضاتها وبينهم اللبناني والدولي.

علي الموسوي

تعليقات: