المقبرة في ساعة متأخرة من الليل ليوسف هزيمة


"المقبرة في ساعة متأخرة من الليل" هو العنوان الذي اختاره الكاتب يوسف هزيمة لمجموعته القصصية الصادرة اخيراً في بيروت. وفي العنوان عامل جذب للقراء رغم انه قد يبعث على الخوف الممزوج بالتساؤل، الا ان هزيمة لا ينكر عدم اقتناعه به، لكنه اراد ان يواكب به الثورة التكنولوجية الهائلة والفضائيات التي ألغت دور الكتاب حسب تعبيره.

عنوان قد يخالف المضمون، والهدف هو اثارة الجدل، وهذا ما لم ينفه هزيمة مؤكداً انه نجح فيه الى ابعد الحدود.

هزيمة وقّع كتابه الرابع هذا في قصر الاونيسكو وبرعاية وزارة الثقافة بحضور شخصيات ومهتمين.

التقينا الكاتب هزيمة وكان الحوار:

* لماذا اخترت "المقبرة..." عنواناً لمجموعتك القصصية؟

- اعترف وبكل صراحة ان "المقبرة في ساعة متأخرة من الليل" يشكّل عنواناً مثيراً للجدل، وسيترك أثره والكثير من التساؤلات حوله، ولا انكر اني تعّمدت ذلك بل اكثر اقول اني سعيت للفت الانظار وقد نجحت. مع الإشارة الى اني كنت اميل الى تسمية اخرى ولكن عوامل كثيرة ساهمت في اختياري هذا عدا عامل اثارة الجدل.

* ما هي هذه العوامل؟

- سألت نفسي اولاً اين أصبح دور الكتاب في ظل الكمّ الهائل للفضائيات التي غزت كافة البيوت، وهل خسر الكتّاب مكانتهم امام هذا الواقع، فكانت الاجابة ان استعمل اسلوب الجذب في عنوان كتابي حتى ولو لم اكن مقتنعاً به، وحتى لو كان عن المقبرة والمقابر، وفي النهاية المقبرة هي المكان الاخير لنا، اردت من عنواني هذا اللحاق بالركب التكنولوجي والثورة الهائلة له على حساب الكتاب.

* اذا العنوان لا يرتبط بالمضمون؟

- القضية ليست بهذه البساطة، انا انسان واقعي، وانطلاقاً من واقعيتي خططت ان لا يكون مصير كتابي كباقي الكتب التي تبقى في المستودعات بعد اصدارها، وأنا ادرك اننا نعيش أزمة غياب للقراء كوننا شعوب لا تقرأ مهما بلغت اهمية الاصدارات. وباختصار اؤكد انه من اصل الف نسخة لا يبيع الكاتب في ايامنا الا العشرات.

وفي العودة الى مضمون كتابي فلا ارى ان العنوان يسيء اليه، فما اقدمه هو مجموعة قصصية فيه الكثير من الطرافة ولا تمت للسوداوية بأي صلة على الاطلاق، بل هي مأخوذة من صور واقعية واعراف شعبية.

تقاليد جنوبية

* بأي معنى وما هي طبيعة هذه الصور؟

- ما اعتمدت عليه في مادتي المكتوبة هو العادات الموروثة، فأنا اتكلم عن عادات كانت سائدة عند اهل الجنوب اللبناني حيث كانت الناس تقرأ على الميّت وعلى مدى عشرة ايام الآيات القرآنية الكريمة، وحدث مرة انه توفي احد الوجهاء واراد ابنه ان يطبق هذه التقليد القديم فكلف شخصين بتلاوة القرآن على الضريح، والقصة في زمن الاحتلال الاسرائيلي للجنوب، وفيما كانا يتلوان الآيات والقرية في ظلام دامس ما عدا الضوء الذي يعلو الضريح، غفا احدهما، والضوء اثار ريبة الاسرائيليين الذين اندفعوا بعربة للوقوف على حقيقة ما يجري ولما وصلوا استقيظ النائم مما ارعب الجنود وفروا مهرولين وهم يرددون عبارة "عاد الميت".

هدفي الإصلاح

* هل تريد ارسال رسالة معينة من خلال ما ذكرته؟

- قبل ان اجيبك على تساؤلك هذا اود ان اقول انني لست من دعاة الأدب من اجل الأدب، وانا لم انشر قصصي هذه بهدف النشر او سعياً للترف الأدبي كما اني لم اهدف الى ارضاء الذات. بل انني ازعم ان هذه الاقصوصات هدفها الوحيد هو الاصلاح ولا شيء سوى الاصلاح.

*هل انت قادر على الاصلاح؟

- ان لم اقدر فسأترك أثراً وليس بالضرورة الآن ربما لاحقاً، فأنا لا اكتب لهذا الزمن وحسب بل لاجيال قادمة.

* هل اصداراتك السابقة تقع في نفس الاطار القصصي؟

اصداراتي السابقة لا علاقة لها بالقصة، بل هي عبارة عن بحوث بكل ما للكلمة من معنى، وهي بحوث دينية ونفسية وأدبية، هناك كتاب يحمل عنوان "التكبر آفة وعلاج" وسبقه بحث يحمل عنوان " من علوم القرآن" ولدي اصدار لاحق عبارة عن بحث حول القصة.

تأثرت بالجاحظ

• بمن تأثرت قصصياً؟

- قد اكون تأثرت بالجاحظ، وهذا ليس رأيي الخاص، بل سمعته من النقاد، وفعلياً، كنت منذ الصبا اعكف على قراءة كتابي الحيوان والبخلاء واعدت قراءتهما اكثر من مرة. كما اني قرأت كثيراً لابراهيم عبد القادر المازني وزكريا تامر ويوسف ادريس واحببت روايات حنا مينه. ومن الطبيعي ان اكون مطلعاً على جبران ومحمود تيمور والمنفلوطي والكثير من الاسماء الرائدة في مجال الحرف. لذا من الممكن ان يكون كل هؤلاء تركوا اثرهم في كتاباتي.

* الا تسعى للتفرد لتكن "انت"؟

- بلى وبالفعل اردت ان أؤسس اسلوبي الخاص. ازعم بأني نجحت الى حد ما في ذلك، ولو قال البعض ان هذا الاسلوب مأخوذ من الجاحظ والمازني او من موليير صاحب مسرحية "مريض الوهم".

* هل ترى انك نجحت في السخرية؟

- انا لم اتعمد السخرية ولم اعتمد عليها، كل ما حاولت القيام به هو إصلاح بعض التقاليد البالية والعادات السيئة، وقد استعملت بعض التعابير الساخرة والناقدة، ربما عن قصد او غير قصد، ولكن اؤكد ان هذا الاسلوب هو الذي يأتي اليِّ أكثر مما اذهب اليه او ربما كلانا نلتقي على فكرة الاصلاح. واسلوب التهكم والسخرية مبرراً اذا كانت غايته نبيلة.

تعليقات: