الشهيد أسعد عواضة
كانت أم محمد عواضة على شرفة منزلها في محلة الصفير، قلقة على فلذة كبدها أسعد، تنظر إلى آخر الشارع علها تلمح قدومه من بعيد...
كانت كلما مرّ أحد تنظر في عينيه، متأملة أن تقرأ فيهما شيئاً أو أن يبادر بطمأنتها عن إبنها...
لقد اعتاد أسعد أن يعود بعد ظهر كل سبت، في عملية استبدال أسبوعية، لكنه هذه المرّة تأخر!
وحين صودف مرور الشاعر حسن عبدالله لاحظ القلق بادٍ عليها فسألها عما بها، وكان النهار حينها قد بدأ يذوب مؤذناً ببداية ساعات الليل، ولما أخبرته السبب أجابها بكلمات عاطفية مدعاة في التخفيف عنها وطمأنة بالها...
وبعد عدة ساعات، عندما رجع الشاعر من سهرته، تقريباً ساعة بزوغ الفجر، فوجئ برؤية أم محمد ما تزال مسمرّة على الشرفة، "عينها لا تنام" فتأثر بما شاهده.. وعندما ثبت خبر استشهاد أسعد عواضة كتب قصيدته "أجمل الأمهات" التي قال فيها:
أجمل الأمهات التي انتظرت إبنها
أجمل الأمهات التي انتظرتهُ
وعاد مستشهداً
فبكت دمعتين ووردة
ولم تنزوِِ في ثياب الحداد
....
أم محمد انتظرت طيلة سنين لحظة ملاقات وجه ربها، ليتسنى لها عندها لقاء إبنها أيضاً..
أجمل الأمهات رحلت والشوق يعصر فؤادها لملاقاة إبنها الذي طالما انتظرته!
لم تكن تخاف الموت لأنها كانت تؤمن أن الموت حقّ!
أسعد عواضة لم يعد لكنها ذهبت إليه، تطمئنه أن الرسالة التي كان يحملها قد أزهرت وأثمرت تحريراً وشهداء..
قصيدة الشاعر حسن عبدالله:
أجمل الأمهات
أجمل الأمهات التي انتظرت إبنها
أجمل الأمهات التي انتظرتُه
وعاد مستشهداً
فبكت دمعتين ووردة
ولم تنزوِ في ثياب الحداد
* * *
آه... آه... آه
لم تنتهِ الحرب لكنه عاد
ذابلة بندقيته ويداه محايدتان
* * *
أجمل الأمهات التي انتظرته وعاد
أجمل الأمهات التي عينها لا تنام
تظل تراقب نجماً يحوم على جثة بالْظلام
لن نتراجع عن دمه المتقدم في الأرض
لن نتراجع عن حبنا للجبال التي شربت روحه
فاكتست شجراً جارياً
نحو صيف الحقول... صامدون هنا... صامدون هنا
قرب هذا الدمار العظيم
وفي يدنا يلمع الرعب في يدنا
في القلب غصن الوفاء النضير...
صامدون هنا... صامدون هُنا
باتجاه الجدار الأخير
وفي يدنا يلمع الرعب في يدنا
في القلب غصن الوفاء النضير
صامدون هنا... صامدون هنا
* * *
تعليقات: