علي خشيش (داخل الدائرة) ورفاقه ساعة الإفراج عنهم
الحلقة الخامسة من يوميات الأسير المحرر علي خشيش في معتقل الخيام:
الهروب الكبير
في السابع من ايلول /سبتمبر سنة (1992) وحوالي الساعة الثالثة ليلا" شهد المعتقل حادثا" من نوع آخر. فقد مزّق سكينة الليل دويي انفجار هائل قريبا"من جدار السور المحيط بالمعتقل فاستيقظنا وأخذ الهلع بنفوسنا ظننا للوهلة الاولى بان مجموعة من المقاومة تحاول ان تشق طريقها الى المعتقل او كأصوات انفجارات سابقة. أيكون حيوان ؟ وكم من سين وسين عمّا يجري وظنّ الحراس للوهلة الاولى وكالعادة بأن أحد الكلاب مرّ قرب المبنى على حقل الالغام . فعند وقوع الانفجار حوالي الرابعة صباحا لم يقم العملاء بأي شيء .
وما ان انبثق الفجر وجدوا رجلا" ممددا" ينزف من جراحه مشلول الحركة وسط المنطقة المحظورة على الناس. فأطلقت صفارات الانذار وأطلقت القنابل المضيئة وبدأ أحدهم يستجوب الجريح ولما اطمأنوا بأنه معتقل حاول الفرار بدأوا يجولون في المعتقلات ويبحثون عن المصدر وبدأوا يفتّشون بحثا" على الغرفة الفارغة . وجدها احد السجّانين في السجن رقم 4 غرفة رقم 9 . الباب منزوع منه عدة قضبان حديدية وموضوع عليها بطانية والمفقودون اربعة معتقلين منها، فاطلق صافرة وبدأ بالركض الى الخارج ليعلم رفاقه بذلك . علموا بعملية الهروب وبدأوا بالبحث والاجراءات المطلوبة . لبسوا عتادهم العسكري مدججّين بالسلاح وانتشروا في باحة المعتقل وخارجه بحثا" عن رفاقه ،استدعوا قوة كبيرة منهم وبدأت البحث في الخارج في المنطقة كلها وصولا الى النهر.
اخذ القرار والظروف المتاحة
واتضح فيما بعد بان اربعة من المعتقلين قرروا الانطلاق الى الحرية ففكروا بعدة اساليب للهرب (طبعا" كانت هذه حال الاغلبية من المعتقلين ولكنهم يصلون الى حائط مسدود من خلال العقبات الموجودة )
احدهم من منطقة العرقوب ويعلم طبيعة المنطقة ومن اين وجهة سير الهرب .كان احدهم في الكلفة
توزيع الطعام على المعتقلين
وفي ذهابه وايابه كان يراقب الثغرات الموجودة وأين يوجد نقاط ضعف درس الموضوع بناء" لعدة معطيات .غرفة الشمس في اغلب الاوقات تترك مفتوحة لاحظ الخروج من غرفة التشميس أسهل الامور فقرر الخروج من خلال نزع عدد من القضبان الحديدية الموجودة على بوابة الغرفة بعد ان افلح هو ورفاقه في خداع الحراس ستروا البوابة بعدة خيطان الى ان تم خلع حوالي الخمسة او ستة قضبان ليتسنى للفرد منهم إخراج جسمه منها . ساعة الصفر،كانت بعد منتصف الليل اخذوا معهم حبالا"من صنع محلي وخرجوا وتسللوا من الغرفة الى غرفة التشميس ومنها الى السطح وسلكوا طريقا" فوق غرفة الشمس للاخوات الاسيرات . وفوق سجن الاخوات وضعوا الحبال من على السطح الى الاسفل عند حقل الالغام وقد حالفهم الحظ باجتياز الحقل بسلام واخترقوه باستثناء المعتقل الاخير . أتت يده على لغم فانفجر في وجهه وانقطعت يده واقتلعت احدى عينيه على الفور وبقي مكانه حتى حضرت قوة اسرائيلية مستخدمة الوسائل الآلية والاحذية المصفحة المعدنية المضادة للألغام الفردية الخاصة بحقول الالغام وبعد جهود استمرت حوالي الساعتين تمكنت من انتشاله حيا". بعد الانفجار بادر الثلاثة للهرب باتجاه نهر الحاصباني منطقة العرقوب ولكن احدهم اعياه التعب فلبث بالقرب من النهر ليرتاح قليلا" ويعاود الهرب . ولكن في هذه الاثناء تم نشرجيش من العملاء في كافة المنطقة وما ان وصلوا بالقرب منه حتى رآه احدهم فبادر باطلاق النار باتجاهه أدّت الى اصابته في كتفه فاحضروه وأخذوه مع الجريح الآخر الى مستشفى مرجعيون للمعالجة وضعوهما فترة قليلة ثم اعادوهما الى المعتقل ليكملا بقية سجنهما في غرف افرادية .
والمعتقلان الآخران واصلا ركضهما وامكنهما اجتياز المنطقة المحتلة واكملا طريقهما حتى وصلا الى بيروت .
وعلى اثر هذه العملية عملت سلطات الاحتلال والعملاء القيمون على المعتقل على تشديد الاجرءات من تجهيز الابواب والشبابيك الحديدية بكمية قضبان اضافية وزيادة الحراسة وتفتيش الغرف تفتيشا دقيقا وإزالة ماهو مخالف بنظرهم من خيطان وكنزات صوف واشياء مشغولة يدويا".
دخول اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي
في سنة 1995 اصبحنا نسمع بعض الهمسات بان الصليب الاحمر الدولي سوف يدخل الى المعتقل وقد شاهدنا ذلك باجراء بعض الترميم والتحسينات في المعتقل . استمرت هذه الحالة لفترة دخول اللجنة التي نالت بعض التنازلات من سلطات الاحتجاز وبدأت تدخل اليه .
واما التحسينات التي شهدناها فهي على الشكل التالي : قاموا بتوسيع الغرف فكل أربع غرف صغيرة اصبحت غرفة كبيرة . حوالي العشرة امتار طولا والمترين عرضا وواحدة جعلوها حمّاما" ووضعوا فيها مجلى لغسل الاواني وادخلوا اليها سخانا" كهربائيا" للمياه الساخنة ووضعوا شباك الحديد فوقها وزادوا فيها الانارة ووضعوا اسرّة كما احضروا بالاضافة الى الحرامات اكياس نوم وفرشا" من الاسفنج وبعض الاواني المطبخية وبات الطعام يدخل الى الغرفة عبر فتحة احدثوها في الباب وزادوا كمية المياه ،كل ذلك ليتسنى للصليب الاحمر الدخول ليرى وينقل الصورة الى العالم الخارجي بان المعتقلين في راحة تامة وكما ينص مؤتمر جنيف حول حق الاسير فكنّا داخل الغرفة الواحدة اثنا عشر معتقلا" وهكذا تمكنت اللجنة بافرادها القلائل من استطلاع حال كل فرد من المعتقلين وإن بصورة سريعة فبادرنا الى شرح المعاناة الطويلة والعذابات وعمرها سنوات من حياتنا .كانوا يُسجّلون اقوالنا لتكتب على الاوراق فقط. كان جوابهم : لانستطيع ان نفعل شيئا للماضي ولكن سنحاول تحسين الاوضاع في المستقبل فبالرغم من ذلك استمر التعذيب والمعاناة الى فترة التحرير ، ولكن في المقابل تحققت وعود لجنة الصليب الاحمر الدولية بعد صراع حقوقي مرير معهم بعد ان امكنها إنتزاع حق المعتقلين من لقاء اهلهم وتحسين ظروف حياتهم .
ففي العاشر من كانون الاول ديسمبر من العام نفسه قام السجانون باحضار بعض الكتب التي حرمنا منها طيلة هذه السنوات ووزعوها علينا .
ومن بينها كتاب القرآن الكريم وايضا منها الادعية والكتب القصصية والتاريخية والمدرسية وتعليم اللغات والسماح للاهالي بإحضار بعض الاطعمة والملابس الداخلية وكانت تتعرض للتفتيش من قبل العملاء ، يسرقون منها ما يحلو لهم دون رقيب ولا حسيب وسمحوا بإستلام بعض الرسائل الموجزة .
الرسائل
ففي صبيحة يوم الاربعاء من تاريخ 15/7 /1995 تلقّى المعتقلون رسائل للمرة الاولى . فحين سلمني السجان رسالتي الاولى كان معي من الوقت ربع ساعة لقراءتها ولأرد على نفس الرسالة بكلمات موجزة خالية من أي تعابير سياسية والا سوف تمزّق لتعود الى الاهل وهكذا ،
الاشغال اليدوية
وفي العام 1996 أدخلت الينا المواد التي طال انتظارها من الاشغال اليدوية ومستلزماتها .كنا نرسم بعض اللوحات الفنية ونحيكها على الاقمشة او الكرتون من الخرز والخيطان وبالرغم من ذلك كانوا يقومون بتفتيش الغرف وكل ما يظهر امامهم يصادرونه فسياسة النظام القمعي للسجن هو النظام .
المقابلات
وبعد انقطاع استمر لفترة ثماني سنوات عن الأهل سمحوا لنا بمقابلتهم كل ستة اشهر مرة والبعض كل ثلاثة اشهر . وبعد فترة استدعوني لمقابلة الاهل يرافقني اخي متعلقا بقميصي من الخلف معصوبي الأعين الى غرفة المقابلات التي استحدثوها لذلك على المدخل الرئيسي للمعتقل ، نزعوا الاكياس عن وجهينا ولم يسمحوا لي بالسلام على اخي او ادخالنا لمقابلة الاهل مع بعض . دخلت اولا"غرفة صغيرة فيها شباك حديدي في وسطها، بعرض المتر لكي لايتسنى لنا السلام او معانقة الاهل . انتظرت قليلا واذا بحاجة كبيرة تتوجه الى ناحية الغرفة التي اقف فيها وهي تبتسم وايضا رجل يغزو رأسه الشيب وقفا خلف الشباك . من هم هولاء هل هم مخطئون أم انا دخلت الى الغرفة الخطأ . وبدأ الكلام : كيفك يا ابني يا علي ! يا إلهي هذه والدتي ! وهذا والدي! يا للعجب لم اعرف والديّ بادرت الى الكلام معهما ولكن في قرارة نفسي تساءلت هل هما والديّ فعلا ام انا في عالم آخر والدتي بدت امرأة عجوزا"بعد ان تركتها في عز صباها . والدي غزا الشيب شعره بعد ان تركته رجلا" في مقتبل العمر فما بال هذه السنين التي مرت ؟ والاصعب من ذلك هناك الحاجز الحديدي الذي منعنا من العناق بعد كل هذه الفترة . ظلم ما بعده ظلم . استمرت المقابلة حوالي العشردقائق، عدت الى الغرفة والغصة تعتريني . بعد قليل حضر اخي وكان في غرفة بالقرب من غرفتي سألته من قابلت اليوم فقال لقد قابلت كهلا" وعجوزا" وايضا هو لم يعرف الاهل . الشعور نفسه ، ولكن كانت عزيمتنا قوية. تساءلنا :كم هي المدة التي سنقضيها ليأتي يوم نخرج فيه من هذه الزنازين ؟ ؟
بعد ان تسنى لي ان ارى اهلي للمرة الاولى منذ ثماني سنوات صارت لقاءاتي منتظمة على نحو ما ، ولكنها بقيت رهن ارادة السجانين . غير انني حرمت من هذه القاءات لستة اشهر خلت وقد قابلنا الاهل بعدها عدة مرات الى ان جاء الفرج وتمّت الفرحة .
ساعة الصفر للافراج
في الواحد والعشرين من شهر تموز كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة ظهرا"بينما كنت في الغرفة مستلقيا" على الأرض وإذا بأحد السجّانين يقف خلف الباب وينادي باسمي .
وقفت واذا به يقول : إجمع اغراضك . قلت له : الى اين ؟
(لأن المعروف عندنا وخاصة الذين أمضوا سنوات طوال إمّا يتم النقل الى غرفة ثانية او الى سجن ثاني او افرادي لعمل قمنا به لايناسبهم ) قال : فقط اجمع اغراضك . ونذكر بانه لاعلم لنا باي اخبار تحدث بالخارج لنبني افكارنا عليها . جمعت الاغراض وانتظرت قليلا واذا به يأتي ويفتح الباب . مشيت امامه الى خارج السجن متوجهين الى باحة التشميس واذا بي ألتقي أخوة معتقلين من الذين أمضوا سنوات طويلة وعددهم حوالي العشرين معتقلا" تساءلنا عن الامر والكل لا يعرف . تبادر الى ذهننا بان امرا" ما يحصل غير طبيعي وبين سين وجيم والمعتقل يعيش غليانا لم يشهد له مثيلا" واذا بمندوب الصليب الاحمر الدولي يحضر ويقول لنا بان هناك عملية تبادل تحصل بين المقاومة والعدو سيتم خلالها تسليم الاسرائيليين جثثا" لجنودهم وفي المقابل يتم الافراج عن معتقلين من معتقل الخيام وانتم بهذه الصفقة مقابل جثتين اسرائيليتين . وجرى التداول بقائمة من الاسماء تضم حوالي الاربعين اسما" فعمّت الفرحة وجوهنا ولكن لم تكن مكتملة لان عددنا قليل والاخرين سيبقون معتقلين . ناديت احد السجانين وقلت له اريد ان يخرج اخي بالمقابل وانا ابقى فرفض ذلك لأن الأسماء متّفق عليها خارجيا" ولكن سمح لي بان اذهب واسلم عليه قبل مغادرتي ثم سلمونا ما تبقى من الامانات ساعة يد وبعض العملة التي لم يعد لها قيمة وتقاعدت من السوق وفقدت محبس الخطبة وبعض الاغراض فمازحت احدهم قائلا له : يوجد اغراض ناقصة ! قال ماهي ؟ قلت له : الاسلحه التي صادرتموها من عندي فترة إعتقالي ! قال مستغربا": اما زلت تفكر فيهم بعد طيلة هذه السنوات من الاعتقال؟ قلت له : هم حياتي وسوف اعود لمقارعتكم , ردّ قائلا كفّ عن الكلام والاّ اتخذنا اجراءا" آخر بحقك وقد وقّعت على ورقة اتعهد فيها بان لا اقوم باي امور مخالفة لنظامهم وان امتنع عن أي عمل يمس منطقتهم . ابتسمت للأمر فرد احدهم بان هذه اجراءات شكلية ليس إلا ، بعدها انتقلنا بواسطة باص صغير الى باحة خارج المعتقل حيث ينتظرنا باص كبير للجنة الدولية للصليب الاحمر . نزلنا من الباص الصغير لننتقل الى الباص الكبير . هويت الى الارض وقبلت التراب الطاهر واشرت بعلامة النصر وانا رافع قبضة يدي الى الاعلى مما اغاظ احد العملاء الذي لو يترك الامر اليه لأرجعني الى الزنازين . صعدنا على متن الباص وانطلقنا باتجاه المنطقة المحررة .
عند المدخل الرئيسي للمعتقل وعند انطلاق الباص كانت آلية للعملاء امام الباص وآلية خلفه ليتأكدوا من خروجنا من المنطقة بسلام ومن دون ردة فعل قد تصدر عناّ . كان الفرح يغمر كل من في الباص ، استقبلنا جمع من الاهالي بالزغاريد ورش الارز والورود ودموع الفرحة بالنصر الذي نلناه رغم انوف الصهاينة واعوانهم الحاقدين مررت ببلدتي الخيام أجول فيها بنظري يمينا وشمالا"وراحت عيناي تلتهمان المشهد التهاما ولا تصدقان هذا التحول السريع في الزمن . يوجد تغيرات كثيرة حرمت منها احدى عشرة سنة وها انا اخرج الى الحرية مُبعدا"عنها . في الطريق وعند وصولنا الى منطقة تدعى كرم اللوز قبل معبر كفرتبنيت بقليل وقف الباص . الساعة تشير الى الثالثة انتظرنا حوالي الساعتين فبدت الهواجس تجول في الخاطر هل يمكن اعادتنا الى المعتقل والحرية على مسافة امتار وقد راودتنا فكرة اذا اعيد الباص سوف نقوم باي اجراء ميداني ونحاول قطع المسافة ركضا" حتى ولو أدّى الى استشهادنا ولا يمكن الرجوع الى المعتقل . افكار عديدة تأتي وتذهب الى ان حضر مندوب الصليب الاحمر وقال لنا بانه كان يوجد اشكالية حول الاشخاص العملاء الذين هم من ضمن الصفقة بعودتهم الى ديارهم وهم لايريدون العودة . وعاود الباص انطلاقه .
معبر كفرتبنيت
وصلنا الى معبر كفرتبنيت وهناك تعالت التكبيرات والصيحات وسرعان ما اعلنت الاذاعات والتلفزة قاطعة" إرسالها لإعلان خبر وصولنا .كان حشد من الصحافيين والاعلاميين يتبع الباص لحظة بلحظة .
اخيرا رأيت شمس الحرية بعد انقطاع فترة طويلة عنها . وضعت عصبة سوداء على رأسي كتب عليها (هيهات منّا الذلّة ) وكان لقائي بامواج من البشر والاحبة والاصدقاء حضروا لاستقبالنا كان استقبال الابطال العائدين الى الوطن ، واذا بصرخات الفرح التي تفيض بالمشاعر تنطلق من هنا وهناك وراحت الايدي تلوح ملهوفة متسارعة للتلامس وانا ما زلت تحت وقع الذهول، استقبلونا بحفاوة وحملوني على الاكتاف تتقاذفني الامواج حتى وصلنا الى غرفة وهناك تم نحر الخراف وتم استقبالنا من قبل بعض المسؤولين في المقاومة ووسائل الاعلام والاهل الذين كانوا بانتظارنا لتهنئتنا بالسلامة وسط هذه الجموع الغفيرة وبدأت اتعرف على بعض الوجوه هذا فلان وهذا آخر وآخر وآخر .
جلسنا بعض الوقت وكل واحد منّا يدلي بتصريح لوسيلة اعلامية .لم اكن قد هيأت نفسي للاجابة على اسئلة الاعلاميين فسألني احد الصحافيين ما شعورك في هذه اللحظات فاشرت بيدي الى لوحة فنية مرسومة على قطعة قماش كنت قد خبأتها لهذه اللحظات وهي ترمز الى مشعل الحرية وتحته كتبت عليها عبارة :
(ظنّوا أنهم باعتقالهم جسدي سيخمدون أنفاسي عن متابعة المسير ) وقلت هذه العبارة تكفي لما اكن ما بداخلي لأنّ الفرحة غير مكتملة واشرت الى مصير اولئك الذين لايزالون قابعين هناك في المعتقل .
نقلتني السيارة برفقة اهلي الى بيروت والمنزل لفترة من الوقت مشغول باستقبال الاحبة والناس المهنئين .
عانيت بعض الوقت من تجاذبات الحياة ما بين الاعتقال و الافراج ، بعدها تابعت حياتي العملانية العاديّة .
افكر ما ورد عن الإمام الصادق (ع) حين كان في السجن عندما قال"الحمد الله الذي فرغني لعبادته" وبقي فيه حتى نال الشهادة فهنيئا" لمن اجتباه الله وخصه بالشهادة وهنيئا" لمن خصه بالأسر ولكن للذي جعل حياة الأسر مدرسة من مدارس أهل البيت وميدانا" من ميادين الجهاد وسبيلا"من سبل النجاة،
فالاعتقال مدرسة لتأديب النفس وترويضها على الصبر لان الصبر كما جاء في الحديث الشريف هو بمنزلة الرأس من الجسد كما أن الاعتقال فيه نفحات عبادية ربانية نورانية ومعراج الروح وخالص الدعاء ومشاركة مصائب أهل البيت (ع).
لذلك علينا بالثقافة على جميع الأصعدة وخاصة السياسية وعلينا أن نسأل كل أسير عن ظروف اعتقاله لتكوين فكرة واضحة عن التجربة فمازال أمامنا طريق طويل طريق القدس وغيرها هو مشروع تحرير وشهادة ونصر فمن الممكن أن يستشهد فرد منا أو يجرح أو يؤسر . لا يفكر أحدكم بأنه بعيد عن خط المواجهة فبالأمس اخوة من الجنوب ومن البقاع وفي الأردن وفي فلسطين وغدا"قد يكون في بيروت أو أي بلد عربي أو أجنبي فالأساليب متعددة والعدو واحد والسجن واحد،فكما تدربنا على حمل السلاح ومواجهة العدو والدفاع عن هذه الأمة فلابد لنا من أن نتعلم كيف نهيئ أنفسنا لمرحلة الأسر فانه أمر واقع في مراحل حياتنا،
(ولأننا مسلمون وموالون لأهل البيت (ع) فنحن مهددون أينما وجدنا كيف لا وقد قال رسول الله فيهم
"من أحبهم فلينتظر كثرة الأعداء "،فعلينا الدفاع عن أنفسنا وعرضنا وأرضنا.)
لمحة عن الأسير المحرر علي خشيش
ألبوم صور جمعية الوفاء التعاونية لتأهيل أسرى المعتقلات الإسرائيلية
الحلقة الأولى: "يوم زجّي في معتقل الخيام"
الحلقة الثانية: "أيام التعذيب والمعاناة التي عشناها..."
الحلقة الثالثة: "رحلة العذاب التي عشناها بين الغرف في معتقل الخيام"
الحلقة الرابعة: "الانتفاضة الكبيرة في معتقل الخيام"
الحلقة التالية: "مراحل الاعتقال.. تندرج تحت عدة عناوين" بقلم الأسير المحرر علي خشيش
للملاحظات أو لمزيد من المعلومات 359121 /03 (الرقم الخاص لعلي خشيش)
تعليقات: