علي الشطوط
في الخيام أشخاصٌ كثيرون مرّوا، بينهم وجوهٌ نتذكرها تركت آثاراً وذكريات في نفوس أهالي البلدة لا يمكن نسيانها، منهم من كانوا عظماء أو خيّرين ومنهم من كانوا بخلاء..
علي الشطوط هو واحد من بين هؤلاء..
قد نجد بعض الشبان في الخيام، أو صغار السّن فيها، لا يعرفون شيئاً عنه، لكن الكبار يعرفونه جيداً، فقد شكّل حالة مميزة وغريبة في نمط حياته أدهشت كل الذين عايشوه أو عرفوه.
علي الشطوط كان يمثّل شخصية غامضة غير متفق عليها..
منهم من كان يصفه أنه كان ملجاً للمحتاجين، يقدّم المساعدة لمن ساءت أحواله، طبعاً مقابل كسبٍ صغير..
ومنهم من كان يصفه أنه كان يمارس الربا...
لكن الكل كان يجمع أن الأحاديث التي تتناوله لم تكن تخلو من المتعة والفكاهة والتشويق!
أجمل ما سمعت عنه أنه لو كان قد عاش في عصر الجاحظ، لكان هذا الأخير قد أضاف إلى كتابه الكثير من القصص المرحة...
لقد حرم الشطوط نفسه من متاع الحياة في الأكل والشرب واللبس والتنقل والرفاهية وتكوين العائلة وجمع ثروة كبيرة وامتلك الكثير من الأراضي التي تقدر قيمتها حالياً بملايين الدولارات..
إضافة تلك الثروة المادية الكبيرة المنقولة والغير منقولة التي تركها الشطوط فقد ترك أيضاً ثروة من الحكايات المرحة والقصص المشوّقة..
بعد وفاته إدعى الكثيرون حول حقّهم في وراثته، وطالبوا بذلك، وقد سمعت، من جهات عديدة، أن آل القلـّوط (عائلة والدته) هم الأقرب إليه والأحق بوراثته..
جاءت المطالبة من كل حدب وصوب ووصل الأمر إلى أناس يدّعون أنهم أقرباءه مقيمون في أماكن بعيدة تمتدّ من مشغرة إلى دير الزهراني وربما أبعد من ذلك..
ووقعت إشكاليات كثيرة حول "من له الحق بالوراثة" إلى أن وصلت الأمور إلى القضاء الذي سيعجز عن البتّ فيها قبل عشرات وربما مئات السنين.
علي الشطوط كان يسكن في حيّنا، على مسافة لا تزيد عن مئتي متر من بيتنا، يعيش في منزل صغير (لديه "حاكورا" صغيرة) مع والدته الحاجة حمدي.. وكونها توفيت قبله صار الورّاث يشيعون أن آل القلوط لم يعد لهم الحق بوراثته وأنهم أصبحوا خارج اللعبة...
ما من أحد، ممن يدّعون أنهم أقراباء له وممن يجاهرون بحقهم بالوراثة، حاول العمل على ردّ الجميل لعلي الشطوط على ما تركه للآخرين، كتكريمه أو تخليده أو تسمية أحد شوارع البلدة بإسمه، كون البلدة تستفيد كثيراً الآن مما تركه بعد وفاته..
فالبلدية وضعت يدها على قطعة كبيرة تزيد على عشرة دونمات معروفة بإسم "قلعة علي الشطوط" وبنت عليها مؤخراً القصر البلدي وبعض المرافق الأخرى على مبدأ أنها ستدفع ثمن الأرض بعدما تبت المحاكم بمسألة الورثة.. وبعض "مدعو الحق بالوراثة" يستثمرون أراضيه الزراعية دون وجه حق قانوني..
علي الشطوط، إسمه الحقيقي علي حسن قاسم، كان من أكثر الخياميين ثراءً رغم أنه كان يعمل "منجداً (وقد تردد أنه هنا يكمن سرّ ثروته)، كان سريع الحركة، متحدث لبق، يُكثر إدخال الحِكَم والأقوال المأثورة في أقواله، ويتجاهل ما لا يعجبه من أحاديث...
وقد تبين أنه من الناحية اللغوية كلمة "شطوط" من شطّ تعني الخفة والحركة السريعة والانتقال من مكان لمكان.. وهكذا كان حاله..
كنت أسمع عنه أنه إذا أراد الذهاب إلى جديدة مرجعيون لا يستقل سيارة إجرة بل:
"يرمي عصاه بعيداً أمامه فيركض وراءها ليتلقفها ثم يعيد رميها وهكذا دواليك إلى أن يصل حيث يريد دون أن يشعر بمشقة الطريق"..
آخر قصة سمعتها عنه، رواها لي السيد ابراهيم قشمر، تقول:
"أن الشطوط كان يقشّر البطاطا على طريقته.. كان يحفّها على الحائط، كوسيلة لنزع القشر فقط وبأقل خسارة"
في سبيل جمع الحكايا والروايات الطريفة التي تتناول الشطوط، قرر خيام دوت كوم إقامة ندوة، تحدد موعدها عند السادسة من مساء السبت الموافق 30 كانون الثاني 2010، ستقام في صالون مركز خيام دوت كوم، حول «سيرة علي الشطوط» وسيجري خلالها عرض بعض الصور وأفلام الفيديو عنه (المتوفرة فقط لدى الموقع) إضافة إلى سرد قصصه التي يتناقلها الكثيرون..
وستكون الندوة مناسبة لتوثيق الروايات التي تتناوله!
تعليقات: