جميل السيّد يتوقّع مذكّرات توقيف سوريّة بحقّ فريق الحريري

جميل  السيّد: استقالة بلمار ونهاية المحكمة
جميل السيّد: استقالة بلمار ونهاية المحكمة


مشاورات لتجميد المحكمة..

توقّف السيد في مؤتمره الصحافي أمس عند دور استخباري مصري ناشط في بيروت (بلال جاويش)توقّف السيد في مؤتمره الصحافي أمس عند دور استخباري مصري ناشط في بيروت (بلال جاويش)رأى اللواء جميل السيد أن الرئيس سعد الحريري دمّر التحقيق في اغتيال والده، وذلك بمساعدة فريقه الأمني والسياسي والإعلامي. وجّه السيّد اتهامات مباشرة إلى عدد من الشخصيات، وفتح ملفات فساد قديمة. الدعوة الأبرز وجّهها إلى القاضيين دانيال بلمار وأنطونيو كاسيزي كي يستقيلا من المحكمة، وختم بأنه سيأخذ حقه بيده إن لم تعطه إياه السلطات المعنية

ما كاد اللواء جميل السيّد ينهي مؤتمره الصحافي أمس، حتّى توجّه إلى باريس للقاء فريقه القانوني تحضيرا لجلسة نطق الحكم من قبل قاضي الإجراءات التمهيديّة في المحكمة الدوليّة، دانيال فرانسين، في قضية طلب السيد الحصول على ادلة ووثائق تخص شهود الزور. عناوين كثيرة ومواضيع بالغة الحساسية تحدث فيها السيد أمس في مؤتمره الصحافي الذي عقده في الذكرى الخامسة لاعتقال الضباط الأربعة اعتقالاً تعسفياً. قضية شهود الزور التي استفاض فيها مجدداً فتحت أبواب السياسة من القضاء اللبناني إلى المحكمة الدولية، ومن لبنان وسوريا إلى أحلاف تريد إعادة رسم المنطقة. اللغة كانت حادة في أحيانٍ كثيرة، وسقف العناوين المطروحة عالٍ جداً. وجّه السيد اتهامات إلى مسؤولين، وسماهم. فقد رأى أن السلطة الحاكمة، من الرئيس السابق فؤاد السنيورة إلى الرئيس الحالي سعد الحريري، قد ركبت موجة شهود الزور لتحكم البلاد، وأن الرئيس الحريري وفريقه الأمني والإعلامي والسياسي دمّر التحقيق الدولي. ورأى السيد أن تصريح الحريري لصحيفة «الشرق الأوسط» غير كافٍ، وعليه الاعتذار من أطراف وشخصيات بعد الاعتذار من سوريا، ومتابعة ملف شهود الزور. بل أضاف إن على الحريري القول إن المحكمة انتهت، بعدما دمّر التحقيق، وإن اعتذاره من سوريا يمثّل الجزء القليل «مما يجب عليه فعله».

اللواء السيد حذّر الحريري، من جهة ثانية، أن مذكرات توقيف غيابية ستصدر عن القضاء السوري بمن صدرت مذكرات تبليغ في حقهم. في هذا الإطار، دعا السيد الرئيس الحريري إلى معالجة موضوع الشهود الزور، لا الطلب إلى جهات دولية ـــــ ومنها تركيا ـــــ لتتدخل لدى السلطات السورية. وقال إن هذا الأمر حصل، وكان رد القيادة السورية أن الدعوى رفعها اللواء السيد أمام القضاء السوري بعدما سُدت الأبواب في وجهه في بلده.

وتحدث اللواء السيد عن رسالة وجّهها هو إلى بلمار يحذّر فيها من مسار جديد يهدف إلى نقل الاتهام بقتل الرئيس رفيق الحريري من سوريا إلى حزب الله، وذلك قبل أن يصدر المقال الشهير الذي نُشر في «دير شبيغل» الألمانية ليروّّج للاتهام الجديد. وقال إنه سرّب هذه المعلومة بعد لقاء مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وإن الأخير عرف بالأمر بعدما نقله إليه الرئيس الحريري، متحدثاً عن توجيه اتهام «لعناصر غير منضبطين من الحزب».

لكن هذا الكلام لم يكن العنوان البارز الوحيد الذي تناوله السيد. المؤتمر الصحافي الذي تأجّل أسبوعاً، بسبب الأحداث التي شهدتها بيروت، حفل بـ«المفاجآت» والعناوين المهمة. تحدث عن «دور يؤديه الدبلوماسي المصري أحمد حلمي في لبنان، من خلال لقاءات مع قيادات مسيحية» من 14 آذار، وتقديم الوعود لها، يتحدث باسم رئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان، ويروّج لما يريده عناصر في السلطتين المصرية والأردنية، إضافة إلى الإدارة الأميركية وإسرائيل من إحداث فتنة في لبنان وإلهاء المقاومة.

العنوان الثاني يتمثل بدعوة إلى الاستقالة وجّهها اللواء السيد لرئيس لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس الحريري القاضي دانيال بلمار ورئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي. في هذا الإطار، قال إن بلمار «يخضع للسياسة»، لكنه يمتلك أيضاً الرغبة «في أن يكون قاضياً»، ولحسم الهوّة بين «هذين الأمرين النقيضين» دعاه إلى الاستقالة. هنا، توقف اللواء السيد عند لقاء بين الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية القاضي سيرج براميرتز مع وكيله المحامي أكرم عازوري، ومما قاله براميرتز إنه فعل كل ما في وسعه لدفع القضاء اللبناني للإفراج عن الضباط، وقد تبيّن أن القاضي البلجيكي استقال كي لا يخضع لضغوط سياسية دولية. ورأى السيد أن عملية إطلاق سراح الضباط الأربعة لم تكن لتحقيق العدالة، بل «لتنظيف وسختي شهود الزور والاعتقال السياسي».

أضاف السيد إن المحكمة الدولية «من أجل حماية الحريري وفريقه، قررت تصويب السهام على نفسها، وتخلت عن حقها في ملاحقة شهود الزور»، وإن المحكمة لا تريد محاسبتهم كي لا تسقط رؤوس كبيرة في الدولة. في هذا الإطار، تحدث اللواء السيد عن لقاءات بين بلمار والقاضي سعيد ميرزا للسؤال عن قضية الاعتقال التعسفي للضباط، فكان الأخير يردّ بأن القاضي صقر صقر يتولى قراءة الملف، ثم اكتشف سكة جديدة في التحقيق، ليتبيّن لاحقاً أنها ترتكز «على شاهد زور جديد، هو أحمد مرعي».

العنوان الثالث تمحور حول فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وجّه إليه اللواء السيد الكثير من الانتقادات، منها البحث ـــــ بين نزلاء سجن رومية ـــــ عن أصحاب ملفات جنائية في سوريا لتحويلهم إلى شهود زور. لكن اللافت قول السيد إن اكتشاف هذا الفرع شبكات الجواسيس عملية ترمي إلى «تبرئة الذمة». وقد أضاف إن فرع المعلومات يريد أداء دور ضد المقاومة، وبكشف هذه الشبكات، ابتداءً من أيار 2007، كأنه يقول إنه هو أيضاً يقوم بدور ضد إسرائيل، فيما أكد اللواء السيد أن الفرع «يمتلك الأجهزة الخاصة لرصد المكالمات منذ عام 2007».

ملفات كثيرة فتحها اللواء السيد في مؤتمره أمس، توسعت لتطال مساحة جغرافية كبيرة، تتخطى لبنان، لكن بعضها أيضاً مرتبط بفترة ما قبل اغتيال الحريري، فترة الوجود السوري، وعملية شراء أراضي سوليدير، وقضية ضباط الأمن العام الذين جرت تنحيتهم في عهد وزير الداخلية السابق حسن السبع، وذلك من خلال مرسوم نقضه قرار صادر عن مجلس الشورى، فيما الرئيس الحريري يرفض إعادتهم إلّا بمرسوم كي يمنع ترقيتهم في الجيش أو إعادتهم إلى مواقعهم.

البداية كانت من قضية شهود الزور، ومن قرار إطلاق سراح الضباط الأربعة، مذكّراً بما قاله قاضي الإجراءات التمييزية، وبكلام اللجنة الدولية عن شهود الزور، وبأنها «هي التي سمّتهم».

السيد ذكّر بهذا الكلام ليرد على القائلين إن إطلاق الضباط الأربعة جاء لعدم كفاية الأدلة، في محاولة لنفي براءة هؤلاء الضباط. ثم تحدث عن ردود فعل على مؤتمر عقده العام الماضي، حيث خرجت بعض الأصوات لتنفي وجود شهود زور في قضية التحقيق في اغتيال الحريري، وقد توقف السيد عند ما قاله حينها وزير العدل إبراهيم نجار، إذ رأى أن المجلس العدلي «فعل حسناً» بعدم الرد على اللواء السيد، فيما الوزير نفسه «عندما أثير موضوع شهود الزور أخيراً في مجلس الوزراء قال إنه من صلاحياته». ورأى السيد أنه كان يفترض بالوزير نجار أن يعدّ كلامه ـــــ في المؤتمر السابق ـــــ إخباراً فيحيله على النيابة العامة لتحقق فيه، أو أن يدع المجلس الأعلى للقضاء يدرسه. لكن المدير العام السابق للأمن العام، حين سُئل عن إمكان إحالة ملف شهود على القضاء اللبناني، طالب بتنحية المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا، وتنحية المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ورئيس فرع المعلومات وسام الحسن وآخرين.

في هذا الملف شدد على أن «جريمة شهود الزور لا تقبل الجدل، وقد تحدث مراراً عن فريق لقّن هؤلاء الشهود شهاداتهم، وموّلهم فريق يحيط برئيس الحكومة سعد الحريري».

السيد، الذي ذكّر كلما فتح ملفاً بأن كلامه موثق، وأن المحكمة الدولية على دراية به، كرر ضرورة محاسبة الشهود الزور ومن صنّعهم، وعدّد أسماءً لبنانية وأجنبية ابتداءً من الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس ومساعده غيرهارد ليمان والنائب مروان حمادة. ودعا الشعب اللبناني إلى الثورة على السلطة التي دمرت البلد، وروّجت للفساد، ورأى أن المحيطين بالحريري يريدون منه مالاً فقط، وأن القاضي رالف رياشي يجب أن يسجن، وتحدث بكلام قاسٍ عن طريقة تقرب العقيد وسام الحسن من اللواء السوري رستم غزالي.

الجملة التي سيرددها اللبنانيون كثيراً هي تلك التي أعلنها السيد قبيل انتهاء المؤتمر، موجهاً كلامه خصوصاً إلى الرئيس الحريري، بأنه إن لم تعطه الدولة حقه «فسآخذ حقي بيدي».

صقر يهاجم

خُتم مؤتمر اللواء السيد بسؤال صحافي عن لقاءات بين الرئيس السنيورة والنائب عقاب صقر ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، فرد «من هو صقر؟». النائب صقر نفسه كان من أول المعلقين على كلام السيد، في مقابلة نشرها موقع «14march.com». وجّه صقر اتهامات إلى المدير السابق للأمن العام، تضمنت كلاماً مهيناً ودعا إلى وضعه في السجن. ورأى أن كلام السيد «ينقل الكثير من الأخبار التي لا يملك دليلاً على صحتها، ومنها محاضر اجتماع بين ميرزا وبلمار، أو محتوى اجتماع بين بلمار وبراميرتز». أضاف إن «مرحلة الوصاية التي مثّل السيد جزءاً منها، كانت برعاية عبد الحليم خدام وغازي كنعان اللذين يدينهما السيد الآن».

كما ادّعى صقر، في مقابلة مع تلفزيون «الجديد»، أنّ «السيد أرسل إلى الحريري شخصاً طلب منه 15 مليون دولار للتنازل عن قضيته، وعاد ليخفض المبلغ إلى النصف، فأجابه الحريري إننا نرفض هذا النوع من التسويات الرخيصة»، وأضاف: «إذا أنكر السيد ذلك فسأكشف الأسماء».

بلمار يخضع للسياسة، لكنه يمتلك أيضاً الرغبة في أن يكون قاضياً

إلّا أنّ المكتب الإعلامي للواء السيد نفى في بيان لاحق «المزاعم الكاذبة لنائب المستقبل عقاب صقر عن وجود سمسار بينه وبين سعد الحريري»، مستغرباً «عدم ذكر اسم هذا السمسار حتى الآن». ووعد السيد النائب صقر بـ«عمولة كبيرة إذا أدّى هذا الدور الذي يتقنه جيداً».

وفي المقابل، وخلال حفل تكريمي للطلاب الناجحين في الشهادات الرسمية في بلدة رشاف، تطرق النائب حسن فضل الله إلى ملف شهود الزور، فأشار إلى «أننا عندما نتحدث عن هذا الملف لا نعني أربعة أو خمسة أشخاص فحسب أدلوا بإفادات وشهادات مزورة». ورأى أن هؤلاء ربما كانوا الحلقة الأضعف من حلقات شهود الزور. وتحدث فضل الله عن منظومة سياسية وإعلامية وأمنية «بعضها له وجه رسمي وبعضها يرتبط بشخصيات وبقوى سياسية، وهي التي صنعت وفبركت شهود الزور لتضليل التحقيق وعدم معرفة الحقيقة وتحقيق مآرب سياسية أخرى»، مشدداً على «أننا نريد لهذه المنظومة أن تتفكك، ولرؤوس هذه المنظومة أن تكشف، وأن تتابع هذه القضية على المستوى القضائي والقانوني والسياسي في لبنان».

أما النائب طلال أرسلان، فقال إن «مسألة شهود الزور ليست مجرد جُرمٍ عادي... بل هي مؤامرة كبرى هدفها إلغاء لبنان من الوجود بواسطة الفوضى الخلاقة التي هي جزء من الاستراتيجية الأميركية الإسرائيلية للاستيلاء على لبنان والمنطقة بأكملها».

تعليقات: