بعض مما تبّقى
«المحترف» يدعو فرنسا لتشييد ما هدمه جيشها في ثورة 1925..
راشيا:
يهدد الزحف العمراني «الإسمنتي» المعالم التراثية البارزة في راشيا، لا سيما «البيوت القرميدية» التي يعود تاريخ تشييد بعضها إلى منتصف القرن الثامن عشر، عبر الإرساليات الأجنبية منها الفرنسية والروسية والبريطانية.
ويبرر مالكو البيوت التراثية قبولهم بما يحدث، بالتكاليف المرتفعة التي يتكبدونها لصيانة السطوح القرميدية، والجدران الحجرية وتأهيلها، في ظل عدم وجود قوانين نافذة، تمنع التعرض لبيوت القرميد.
كارثة جمالية
ويصف مدير محترف الفن التشكيلي في راشيا شوقي دلال، الزحف الجديد الذي تشهده المدينة، خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، بـ«الكارثة الجمالية».
ويقول بغصة: «سنقف قريباً على أطلال ما كان يسمى تراثاً في راشيا، في حال لم يُمنع هدم المباني التراثية، على غرار ما هو معمول به في بيروت».
ويكشف دلال لـ«السفير» أن «المحترف يتحرك عبر وزارة الثقافة ومديرية الآثار، لتصنيف هذه البيوت بالتراثية، كي تسنّ التشريعات التي تمنع هدمها أو إزالتها بالتعاون مع بلدية راشيا والتنظيم المدني»، لافتاً إلى «أن المحترف يرصد حالياً المنازل ويُحصيها، إلى جانب تحركه عبر أجهزة الدولة ووزاراتها المعنية، من أجل تقديم طلب إلى الدولة الفرنسية، كي تعيد تشييد ما تهدّم من بيوت تراثية في راشيا والمنطقة، على يد الجيش الفرنسي إبان ثورة 1925، خصوصاً أن راشيا هي مثال للتلاقي الثقافي، وبانية لجسور التواصل الحضاري، بحيث يتجلى ذلك عبر حفاظها على جداريتين تحملان أسماء الجنود الفرنسيين الذين سقطوا في القلعة عام 1925، وأسماء الشهداء الذين سقطوا عند أسوارها من أبناء المنطقة».
وفيما يشدّد على ضرورة وقف هذا التهديد المخيف لبلدة عريقة بتراثها، يقترح دلال أنه «في حال الصيانة والتأهيل من قبل المالك، يجب أن تتوفر المواكبة من البلدية، ومن التنظيم المدني لهذه الأشغال، للمحافظة على الخصوصية المعمارية للبيت التراثي، باعتبار ما حدث ـ وهناك أمثلة عديدة ـ، يعمد المالك إلى هدم جدران المنزل الداخلية، ويعيد تقطيعه، وتغيير نوافذه، وأبوابه، ومداخله، وإبقاء جدرانه الخارجية، إلا أن هذا التغيير يفقد المنزل خصوصيته التراثية».
ويشير دلال إلى «أن المنازل التراثية ذات السطوح القرميدية، أنشئت في العام 1860 على يد الإرساليات الأجنبية لا سيما الفرنسية منها، وتمتاز بخصوصية قلّ مثيلها في لبنان، إن لجهة الهندسة التي تتوفر فيها الجمالية والذوق، أو لناحية توفر الشروط الصحية».
ويعتبر أن الطابق المعروف بـ«الطيارة»، المبني فوق المنزل، وهو عبارة عن طابق ثانٍ، «له ميزة وخصوصية لا تعرفها الأبنية القرميدية في أي من المدن اللبنانية التراثية، بحيث تضفي هذه الهندسة جمالاً على مباني راشيا»، لافتاً إلى أن «بعض الأبنية الكبيرة يمكن أن ترتفع فوقها ثلاث أو أربع غرف «طيارة»، ما يوفر لها خصوصية فريدة من نوعها، فضلاً عما هو معروف بـ «المندلون» (النافذة الحجرية)، المختلف كلياً عن نوافذ الأبنية الحديثة، ناهيك عن الأقبية، والعقود الصخرية التي تتشكل منها هذه البيوت».
الصيانة والتأهيل
من جهته، يؤكد رئيس بلدية راشيا العميد مروان زاكي، عدم التساهل في إعطاء الرخص لصيانة وتأهيل المباني التراثية، ويقول: «نحن نعمل بجدية للحفاظ على التراث الذي يميز راشيا عن غيرها، ونشترط على المالك تعهداً بعدم الإخلال بالطريقة الهندسية، وبالمواصفات القائمة، كي نحافظ على الجمالية القائمة». ويساند زاكي دعوة «محترف الفن التشكيلي في راشيا» وزارة الثقافة ومديرية الآثار إلى تبني مشروع الحفاظ على المباني التراثية، وإعادة تأهيلها وترميمها، لافتاً إلى أن «معظم مالكي البيوت التراثية لا تسمح إمكانياتهم المادية بإعادة تنفيذ أشغال مصمّمة على النمط التراثي، في حال أي خراب يطرأ على بيوتهم».
ويشير إلى «أن سوق راشيا التراثي، يمنح بيوت البلدة بعداً جمالياً آخر، بحيث يتكاملان مع قلعتها التي تكتسب ميزة تاريخية إلى جانب ميزتها الاستقلالية».
مداخل صخرية
وتتميز البيوت المقاومة للزحف الإسمنتي في راشيا بـ «سطوحها القرميدية»، التي تكاد تكون بكثافة عددها ونموذجية بنائها، فريدة من نوعها، قياساً بالبلدات التراثية اللبنانية الأخرى، إذ تتميز بهندسة عالية المواصفات، إن كان لجهة مداخلها الصخرية التي ترتفع فوقها القناطر، أو لجهة توزيع غرفها الداخلية ونوافذها وشرفاتها المتساوية، فضلاً عن طبقاتها الموصوفة بـ «الطيارة»، وهي عبارة عمّا هو معروف اليوم بـ «الروف»، لكنها تختلف عنه هندسةً وذوقاً وجماليةً ومساحةً، إلى جانب تمتعها بمواصفات صحية تندر ملاحظتها في الأبنية الحديثة، بحيث تخلو من الممرات المعتمة، لتسرب خيوط الشمس إليها من الجهات كافة.
ويؤكد دلال أن تشييد البيوت التراثية في راشيا، كان نتاجاً لحركة تجارية وزراعية ناشطة تميّزت بها البلدة في ذلك الوقت، باعتبار هذه الأقبية كانت تستعمل مستودعات لحفظ البضائع، «ومن هنا نكتشف أهمية الخانات المتعددة التي بنيت على مقربة من هذه البيوت، بحيث كانت تشكل محطة تجارية مهمة بين لبنان وفلسطين وسوريا، ويدل على ذلك ما عثر من عملات في بعض الحفريات، ترجع إلى حقبات زمنية معينة، لا سيما في منطقة «الفاقعة» وغيرها».
مركز ثقاقي برازيلي في غزّة
شوقي الحاج
البقاع الغربي :
أكد الوزير المفوض في سفارة البرازيل في بيروت روبيرتو ميدروس، أن الحكومة البرازيلية قدمت مساعدات للاجئين الفلسطينيين المقيمين على أرض لبنان عبر «الأونروا»، بلغت قيمتها نصف مليون دولار، كمساهمة إنسانية بغرض تحسين أوضاعهم الصحية والمعيشية.
كلام الوزير البرازيلي جاء على هامش جولة في البقاع الغربي أمس، على رأس وفدٍ من السفارة في بيروت، التقى خلالها رئيس اتحاد بلديات السهل محمد المجذوب، ورؤساء وأعضاء مجالس بلديات الاتحاد.
وخلال اللقاء تمّ التباحث في إمكانية تقديم المساعدات والخبرات البرازيلية للبقاعيين خاصة وللبنانيين عامة، من خلال الحكومة اللبنانية، لكون البرازيل تضم أكبر جالية لبنانية من البقاع.
وتأتي زيارة ميدروس إلى البقاع، تحضيراً لإطلاق مشروع ثقافي تربوي يتضمن دورة «لتعليم اللغة البرتغالية ونشر الثقافة البرازيلية في لبنان»، في بلدة غزة في البقاع الغربي اليوم، بحضور سفير البرازيل باولو فونتورا، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، و«جامعة القديس يوسف»، و«اتحاد بلديات السهل»، بالإضافة إلى افتتاح مركز ثقافي.
وكشف الوزير البرازيلي أن «الحكومة اللبنانية تشاورت مع الحكومة البرازيلية والأمم المتحدة بهدف مشاركة البرازيل في قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) في جنوب لبنان، لتساهم في حفظ الأمن والاستقرار والسلم في لبنان».
تعليقات: