د. محمد صادقي: الاستقرار النفسي من أهم عوامل المسيرة التنموية
تشكّل الظروف الصعبة التي تواكب حياة الإنسان أثناء الحروب المتتالية والنزاعات، بالإضافة لمتطلبات الحياة العصرية توتراً وضغوطات تؤثر بشكل مباشر على سلوك الأفراد في المجتمع والتي تظهر بنسب متباينة من شخص لآخر. وبالرغم من الاجماع بأهمية الصحة النفسية وأثرها المباشر على سبل تفاعل الفرد مع مجتمعه - خاصة الأطفال وعمر الشباب- ما زلنا نلحظ حتى الآن بعض السلبية والأوهام الخاطئة الراسخة في أذهان الناس عن طبيعة هذا الجانب من صحة الإنسان بالرغم من الندوات والمؤتمرات الدولية التي تعقد على مدار السنة في مختلف البلدان والتي تهدف بشكل أساسي للتوعية وللتعريف لما يسمى بالاضطراب النفسي بأنواعه العديدة وسُبُل معالجته.
وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، التي أعلنت يوم 10 أكتوبر يوماً عالمياً للصحة النفسية، تُعتبر الاضطرابات النفسية مصدراً أساسيا لعجز الفرد في تأدية واجبه الفعال في المجتمع، وتنتشر هذه الاضطرابات حول العالم وتظهر في كل مراحل العمر وفي مختلف الثقافات. الإ أنه وللأسف لا تتوفر الموارد الكافية لنشر الوعي والثقافة حول الاضطرابات النفسية وكيفية علاجها خاصة في البلدان النامية. لذلك لا بد من تركيز الإهتمام على تثقيف الناس حول فهم أسباب هذه الاضطرابات ووسائل العلاج على أمل التخفيف من المعاناة المتزايدة بسبب الأمراض النفسية.
د. ميشال نوفل، طبيب أخصائي في علاج الأمراض النفسية والعصبية
للأسف في المجتمع الشرقي عامة الصحة النفسية لا تعطى الأهمية اللازمة، فقلة ارتياح الانسان نفسياً تنعكس على صحته البيولوجية.
الصحة النفسية مهمة جداً لأنها تعكس راحة على حياته بكل جوانبها، وعلى مقدرته بأن يكون فعالاً في المجتمع بطريقة سليمة.
كل إنسان يختلف عن الآخر، الإستعداد البيوليوجي يلعب دوراً ولكنه ليس بنفس النسبة عند كل الأشخاص. كذلك المناعة البسيكولوجية التي تختلف أيضاً من شخص لآخر.
الأرقام ليست دقيقة ولكن نحن نقدر أنه عندما يتعرض الانسان لصدمة (انفجار، فترة حرب)، 10 إلى 20 % من الأشخاص يدخلون بما يسمى اضطراب ما بعد الصدمة، وذلك يتفاعل مع الإستعداد البيولوجي والمناعة البسيكولوجية في الوقت نفسه.
وأضاف الدكتور نوفل أنه في يومنا هذا حدث تطور هائل في القدرة على العلاج من الأمراض النفسية، وشدد على أهمية وترابط العلاجين الدوائي والنفسي. كما اكد على أهمية التعرف المبكر على الأعراض وعدم تجاهلها لمتابعتها طبياً مما يجعل عملية الشفاء أسرع.
وإنطلاقاً من ضرورة نشر الوعي حول الصحة النفسية والدعم النفسي بتفعيل التكيف النفسي-الإجتماعي، يعمل الصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية العربية لإنشاء المركز اللبناني للدعم النفسي للأطفال والشباب بالتعاون مع وزارة التربية والجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية والهيئة اللبنانية للعلوم التربوية. حيث سيتعامل المركز مباشرةً مع المدارس لكشف العوارض ومتابعتها من قبل أخصائيين، كما سيقوم المركز بتأهيل المعلمين لرفع كفاءتهم للتعرف على الحالات النفسية المختلفة.
د. محمد صادقي، الممثل المقيم للصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية العربية في لبنان
في الحقيقة كل الدراسات أثبتت أن هناك حاجة ماسة لمثل هذا المركز في لبنان. هناك حاجة ماسة لوضع الأسس لتقييم الأطفال وخاصة فيما يتعلق بقدرتهم على التعلم. هناك ظاهرة تسرب مدرسي قد يكون من أسبابها الحالات النفسية التي تحتاج إلى رعاية. ونحن نعتقد أن هذا المركز سيقوم بخدمة كبيرة جداً في المجال التربوي التعليمي والذي سيكون له نتائج إيجابية على المجتمع بشكل كامل.
الصندوق الكويتي يهتم في هذه الأمور وخاصة مرحلة إعادة افعمار. المرحلة التنموية تبدأ بالإستقرار إذا كان هناك استقرار من جميع النواحي وخاصة الإستقرار النفسي سيكون عاملا مساعدا في تسريع الحصول على الأهداف المرجوة في إعادة الإعمار.
وقد تم استكمال دراسات مشروع "المركز اللبناني للدعم النفسي للأطفال والشباب" بانتظار عملية البدء بتنفيذه، حيث يقوم الصندوق الكويتي بتمويل إنشائه واستمرار تمويله لمدة 3 سنوات بعد انتهاء المشروع ليصل المركز إلى مرحلة التمويل الذاتي.
تعليقات: