الهوية الطائفية المشتركة ليست كافية للاندماج المثمر في المجتمع
يغرق العراقي حسين عــذاب بين قطع الحديد حيث يغزو "الشحتار الاسود" وجهه وكأنه يحاول أن ينسى لوهلة شهادته "علوم كمبيوتر"، يرمي بالحديد بقوة على الارض، كأنه يرمي بأحلامه وطموحاته بين أكوامها المبعثرة على الرفوف، تنهيدات عميقة يطلقها قائلا "هاليدين مش حرام تشتغل بالحديد وين الشهادة، احاول ان اوهم نفسي ان فيها نوعا من التجارة، ولكنها في الحقيقة عتالة، رميت بأحلامي جانبا في مقابل ان اعيش، أحاول أن أصنع من اللاشيﺀ شيئا مفيدا، ولن أستسلم لليأس".
76 عــائــلــة عــراقــيــة تعيش في النبطية فــي وضــع مـــزري وقــاس، تتخبط في سويداﺀ الحياة، تعيش على الامــل بأن تتحسن الاوضــاع.
قـــراﺀة واقــع العراقي فــي النبطية الــمــتــردي ذات الوضعية السيئة الــتــي لا تــســد رمـــق أيــامــه، يــطــرح التساؤلات عن مصير المساعدات التي تصل من مكتب السيد الحكيم والسيستاني، طالما أنها لا تصل الى العراقيين إذ كما يقول سفيرهم في النبطية قاسم الحلاق "مثل المرميين بالجنوب 90 بالمئة لا يستفيدون مــن المساعدات لان المساعدات التي تصل تروح ببطن واحــد" هل هذا عدل؟ ، ويعقب "نضطر لتحمل الــظــروف الصعبة بــمــرارة مجبولة بــتــوتــرات نــفــســيــة"، ومــع ذلـــك "لا مستقبل لنا.. لا في لبنان ولا العراق"، نعيش سني ضياع "ما نتقاضاه راتب بسيط 4500 الف وهل هذا يكفي لسد رمق العراقي الذي غالبا ما يستغل من قبل رب العمل".
داخــل حي السراي العتيق في إحــدى زوايـــاه الرثة تعيش عائلة الــعــراقــي حــيــدر الـــذي يعمل في مسح الــطــاولات فــي احــدى ملاحم المدينة، لقاﺀ 400 الف ليرة، عند مدخل المنزل الــذي لا يشبه منزلا (مستأجر 001 بـ الف)، تقف الطفلة نور الزهراﺀ يحوطها الذباب الذي يأكل وجهها، من شدة الروائح التي تنبعث من المكان، الدخول الى المنزل يكشف واقع الحال، غرفة متهالكة الــجــدران ضيقة تكسوها رطوبة مرتفعة، تكاد ان تخلو من كل شيﺀ الا من آهات وآلام اولاد ذنبهم أنهم أولاد عراقي مقيم في لبنان، حزن يخرج من عيني الام وهــي تشرح وضعها "نعيش مــرارة قاسية، لقد مضى زمــن لم نعرف السعادة، لم نعرف معنى الحياة غالبا ما ترغمنا الظروف على لبوس ما لا يلبس، وبدلا مـــن أن نــتــلــقــى الــدعــم، نــعــيــش البؤس والحرمان "، الصمت عزاؤها الوحيد" نخاف من تدهور الاحوال اكثر، علي يحتاج الى علاج نمو ونور الزهراﺀ الى عمليات لقدميها، وهل 400 الـــف تكفي لــذلــك فــي ظل مـــحـــدوديـــة الـــمـــســـاعـــدات الــتــي تصلنا من كاريتاس وغياب الدعم الآخر "، عتب كبير تحمله في قلبها" تنظر الى اولادها كيف سأعالجهم ابنتي ترتعب من قدميها، نضطر الــى تقبل الــواقــع الـــذي يفرضه القدر ولكن هل هذا هو قدرنا ام مصير محتم علينا تتساﺀ ل وهي تتجنب دموعها بضحكة باهتة".
بغضب شديد يقول الحلاق "خطأ جسيم يرتكب بحق العراقيين فـــي لــبــنــان لــمــاذا"؟ ، مــعــظــمــهــم يعيش تخبطات نفسية، اي دور لعبته حكومتنا، يصل الكثير من الــمــســاعــدات الــيــنــا ايـــن هـــي "لم تصل الى اناس واناس لا؟ ويضيف" معاناة العراقي كثيرة من أجرة منزل قد لا يتمكن من دفعها واعباﺀ المرض والمدارس وأكثر من يثير حفيظته الاستغلال "هناك تمييز ضد العراقيين لم يؤخذ في الاعتبار مكانتهم نطلب قوانيين خاصة بالعراقيين". تقول الاختصاصية الاجتماعية فــي مكتب المظمة العالمية للاغاثة irdوالتنمية ليندا جــابــر أنــنــا" نــهــدف الــى تحسين أوضـــاع اللاجئين العراقيين في لبنان ودمجهم في المجتمع، من خــلال إصــلاح وضعهم القانوني ومساعدتهم على الاستحصال على الاقــامــات والاوراق الشرعية في لبنان، لانه من دونها يعيش عدم الاستقرار ويتعرض للملاحقة من قبل الامن العام، لافتة "الى أننا ساعدنا 100 عراقي في حصوله على الاقامة تجيز له فقط أن يكون عامل تنظيفات أو ناطور أو حدائقي فــيــمــا هــنــاك 50 عــراقــيــا دخــلــوا خلسة الى لبنان يقطنون النبطية وقراها، يعيشون في الظلام يخافون الــخــروج يعيشون وضعا مأسويا قــاســيــا تــكــاد أن تــقــض مضاجع تحملهم على البقاﺀ فتراهم يقعون بين مطرقة الخوف من المستقبل وسندان العودة الى العراق والخوف مــن الــمــوت بسبب توتر الأوضــاع الامنية، فهم ينتظرون التسوية من الامن العام ولكنها منذ سنتين لم تصدر وهي تتعلق بالسياسات العامة للبنان".
وتشير جابر الى أننا "من خلال الجمعية نعمل على الحد من تلك الاوضـــاع المزرية التي يعيشها العراقي، ونحاول ان نساعدهم قدر المستطاع إذ نقدم للكفيل مبلغ من المال لكي يساعد العراقي في عمله من عدة وغيرها بطريقة غير مباشرة نساعدهم ونعمل على مراقبة عقد الشراكة الذي يوقعه العراقي مع الكفيل اللبناني مع إجــراﺀ كشف ميداني للأمر، لافتا الى ان "هناك مشروعا جديدا سينفذ عما قريب يهدف الى اقامة دورات تدريبية للعراقيين على مهن يحبذونها كي نسهل عليهم واقع الحال ونكون قد أضفنا نقطة بيضاﺀ على حياتهم التي لونتها الايام بالسواد، مشيرة الــى أن كاريتاس تهتم بالوضع الــصــحــي لــلاجــئــيــن فــيــمــا هــنــاك مساعدات ترسل من قبل المرجع السيستاني الا أنها توزع بطريقة لا تصل للعراقيين أنفسهم".
تعليقات: