مشكلة المواشي والأبقار في منطقة مرجعيون إلى تفاعل

المزارع سجين أبقاره
المزارع سجين أبقاره


مرجعيون:

شكاوى إعتراض وإهمال بالجملة أطلقها تجمّع مربي المواشي والأبقار في الجنوب، بعد الإرتفاع الجنوني لأسعار اللحوم والأعلاف والأدوية البيطرية في مقابل ثبات سعر ليتر الحليب على 700 ليرة لبنانية، وغياب الإهتمام الرسمي، الأمر الذي جعل المزارع رهينة الإحتكار، وهو ما بدأ يدفعه لبيع ثروته الحيوانية وترك مصادر رزقه والتوجه نحو المجهول··

ويُطرح المزارع الذي يعتمد على هذا القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، تساؤلاً عن من هو المسؤول عن إعطاء القرار للمباشرة في تشغل المراكز واستلام الحليب وتصريف الإنتاج التي تكفلت به <البعثة الإسبانية> و<مؤسسة رينيه معوض>، هل هو وزارة الزراعة أم من؟

<لـــواء صيدا والجنوب> إطلع على وضع مربي المواشي والأبقار والمشاكل التي تواجههم، والحلول الجاهزة التي تحتاج إلى قرار رسمي يُعول عليه كثيراً العاملون في هذا القطاع··

يُشكّل قطاع تربية الأبقار والماشية، مورد رزق للكثير من العائلات في هذه المنطقة وغيرها، يوم كان هذا القطاع والعاملين فيه ينعمون بالقليل القليل من حقوقهم المدنية والإجتماعية، في وقت كان الاحتكار سمة هذه السنة، وأنياب المحتكرين غير مبردة من الطمع والجشع·

كانت قليلة المعاناة لو لم يكن منها إلا الإهمال الرسمي كانت الأمور تسير بشكل مقبول، كان ثمن البقرة بمليون ليرة، وطنْ العلف بـ 200 ألف ليرة، وكان سعر ليتر الحليب يتراوح بين 700 ليرة وألف ليرة، وكانت الحقول واسعة للمراعي الطبيعية وانتاج المحاصيل الزراعية، وبعض المسؤولين الرسميين الذين هم من أبناء للعاملين في هذا القطاع، يعرفون كم كانت كريمة وغالية تلك الحياة التي تربت فيها على خيرات الأرض وبركة المواشي والأرزاق، وجاءت الحروب الإسرائيلية المتتالية والتي كان آخرها حرب تموز 2006، وفيها أخذ هذا القطاع النصيب الأكبر من كرة النار الإسرائيلية·

بيد أن هذا القطاع متجه إلى تقنين المحتكرين - أي أن المزارع الذي يملك بقرة أو اثنتين أو أكثر، وإذا بقيت الأمور على حالها سيضطر إلى بيعهم ويبقى كبار المربين، وعندها يدخل القطاع إلى احتكار أوسع، وهذا الوضع سوف يؤدي إلى هجرة المربين من قراهم، فالدولة تعرف أن هناك أشخاصاً ماتوا بجانب أرزاقهم لشدة إيمانهم ببقائهم بأرضهم، لأن الرزق يُعادل الروح، فالذي يبيع بقرته ينزع روحه، ويذهب نحو البطالة الظالمة التي يُعاني منها الجميع - كما يقول صغار المربين، ومن أجل تدارك المشكلة، يُطالب المزارعين <المعنيين بأن إسمعوا صوتنا، وعلينا التعاون مع بعضنا البعض>·

الحل ليس صعباً وفقاً لإحصائيات الدولة والجهات المانحة، بحيث يُشكل الإنتاج المحلي من الحليب الطبيعي 22% من مجموع المستهلكين، وهذا يعني أن هناك 78% من المستهلكين يأكلون حليب البودرة، ولذلك يبقى الإنتاج في بيوتنا، وهذه هي المشكلة، بحيث يجب إلزام أصحاب المعامل بإستعمال الحليب المجفف إلى جانب الحليب الطبيعي لكي يستفيد الطرفين·

يختلف مركز تجميع الحليب في الخيام عن غيره من المراكز، هناك جهة مانحة <الفريق الاسباني> بالتعاون مع <مؤسسة رينيه معوض> نفذا جزءاً من المشروع الحيواني الذي إستفاد منه معظم المزارعين، ويوجد جزء آخر في نفس المشروع يتكفل بصيانة مركز تجميع الحليب في الخيام، وبتقديم التمويل وتغطية المصاريف الكاملة لمدة سنة، وتأمين أسواق لتصريف الإنتاج إلى خارج المنطقة ? أي أن مشكلة مركز تجميع الحليب في الخيام محلولة حتى 70%·

المزارعون جاهزون والنقاط الأساسية لتجميع الحليب في القرى موجودة ومحددة، وبنفس الوقت هناك إمكانيات مادية متوفرة، فإذا البلدية أو التعاونية أو تجمع المزارعين أو حتى وزارة الزراعة، وفي حال قرروا تشغيله ولا يريدون تسليمه إلى أي قطاع خاص، هناك جهة دولية مانحة جاهزة لتمويله·

وقد ناشد المزارعون <الدولة الى تدارك الأزمة، قبل تفاقم الموضوع بسبب الغلاء الفاحش في الأعلاف، بعدما بدأنا نبيع البقر لكي نطعمه، أي أنهم يأكلون بعضهم البعض، ويبقى المزارع بدون أكل>·

صبرا رئيس <الجمعية التعاونية للإنماء الزراعي والحيواني> في قضاء مرجعيون، ونائب رئيس بلدية مجدل سلم علي صبرا، قال: هذا القطاع الحيواني تعتاش منه معظم العائلات القاطنة في أقضية مرجعيون وبنت جبيل، وكانت زراعة التبغ عامل مساعد، واليوم بإرتفاع أسعار التكلفة وبقاء سعره على حاله، توجهت الناس لتربية المواشي لكي تستمر، وقد فوجئنا بعد حرب تموز 2006 بأكثر من منعطف، أولها الإهمال الرسمي المزمن لهذا القطاع، وعدم الإكثراث والنظر لحاجات المزارع، ومنذ فترة وجيزة كان لدينا كساد إنتاج بشكل مستمر، لكن الكساد عندما تكون الأسعار رخيصة يكون سهل، بينما عندما ترتفع أسعار الأعلاف بهذه الطريقة الجنونية (كان شوال العلف 50 كلغ بين 8 و9 دولارات) وأصبح اليوم (بـ 23 دولاراً) وخفت قيمته الغذائية، وفي الوقت التي كان ثمن البقرة بمليون ليرة أصبحت اليوم بــ 5 ملايين، وليتر الحليب كان بين 700 و1000 ليرة منذ العام 1992 وما زال مستمراً حتى اليوم·

وناشد <وزير الزراعة معالجة مشاكل مربي هذا القطاع، والإسراع في تشغيل مراكز تجميع الحليب لكي يتم حل الأزمة التي بدأت تداهم المربين>·· مشيراً إلى <أن الإحتكار يبدأ بعد الإنتهاء من شهر أيلول، ويتحكم أصحاب المعامل بالمربين، وينخفض سعر كلغ الحليب من الـ 1000 إلى 700 ليرة>·

وتابع: أردنا أن نقوم بتحرك سلمي ونرفع صرخة بإسم المزارعين لكي نقول للمسؤولين إننا متجهين نحو الدمار، عندما يكون ليتر الحليب بـ 700 ليرة، وطنْ العلف بــ مليون ليرة، يدفع المزارع 1200 ليرة كلفة ليتر الحليب الواحد، فكيف يُمكن أن يبيعه بـ 700 ليرة، ناهيك عن مشاكل الكهرباء، والإرتفاع في الأدوية البيطرية المرتفعة وغياب التصريف·

ودعا <المسؤولين إلى تدارك الوضع، لأن مربي الأبقار سوف يتلفون الحليب ويقفلون الطرقات أمام السيارات التي تنقل الحليب من المناطق الأخرى>·

وأعلن صبرا <أن <البعثة الإسبانية> و<مؤسسة رينيه معوض> قدمت برادات لتجميع الحليب للمزارعين الذين هم على استعداد لنقل الحليب إلى بيروت>·· مطالباً بـ <تشغيل مراكز تجميع الحليب، وإرغام أصحاب معامل الألبان والأجبان على إستعمال الحليب الطبيعي إلى جانب حليب البودرة، فحليب البودرة لغاية الآن وسيلة لقطع الأرزاق>·

بصل نائب رئيس بلدية الصوانة قاسم بصل طالب <الدولة بتوفير الخدمات للمزارعين والتي تشمل التعويضات المقررة للقطاع الزراعي والحيواني العائد لحرب تموز، ووضع حد معقول للإرتفاع الجنوني لأسعار الأعلاف وإحتكارها، وترتيب وضع الأدوية البيطرية، وحماية المزارع من نارها الحارقة، وحل مشكلة تصريف الإنتاج وذلك من خلال البدء سريعاً بتشغيل مراكز تجميع الحليب في صور وعيترون والخيام>·

ولفت الى <إننا كمزارعين مستعدون للتعاون والمساعدة في تشغيل هذه المراكز، في الوقت الذي يوجد فيه جهة مانحة جاهزة للمساعدة في تمويل وصيانة مركز الخيام·

ودعا بصل الى <حل مشكلة استيراد حليب البودرة الذي يقطع أرزاقنا في بيوتنا، وإلا أننا قد نضطر الى منع السيارات القادمة الى قرانا حاملةً إلينا قطع الرزق ووسيلة العيش الكريمة>·

حمزة أسامة حمزة (من بلدة الجميجمة - قضاء بنت جبيل) قال: إن الإرتفاع الجنوني لأسعار العلف واللحوم والأدوية سوف يجبرنا على بيع الأبقار، وفقدان مصدر رزقنا وهجرتنا من قرانا بحثاً عن مصدر آخر للعيش بكرامة، وللأسف لغاية اليوم لم تسأل أي جهة رسمية عن مشاكلنا التي تهدد حياتنا ومصير وجودنا·

وكان <تجمّع مربي المواشي والأبقار> في الجنوب قد نفذوا إعتصاماً رمزياً في بلدة ميس الجبل، إحتجاجاً على إرتفاع أسعار اللحوم والأعلاف الزراعية، وغياب الدولة والإهمال اللاحق بهذا القطاع، وطالبوا في بيان لهم، الدولة بالعمل على ضبط الأسعار وتحسين أوضاعهم المعيشية، مهددين بقطع الطريق أمام السيارات القادمة والمحملة بالحليب· كما رفع المعتصمون لافتات كتب على البعض منها: <الى متى يبقى المزارع رهينة الإهمال والإحتكار>؟

...

...

وكتب أسامة القادري في الأخبار:

إقفال 75% من مزارع الأبقار في البقاع

«الحليب» ينضب وتربية المواشي «تدخلك السجن» والمعامل تستغل المزارعين

تبدو حال قطاع تربية الأبقار في سهل البقاع على هذا النحو: كارثة طالت مختلف المزارعين، سواء كانوا من الذين يملكون رساميل موظّفة في قطاع تربية الأبقار، أو الذين يملكون مزارع بسيطة، وحتى الذين لا يملكون سوى «عملهم»، مسّت بهم الخسائر «بالجملة» وبات الجميع عاطلاً عن العمل. بينما المستفيد الأكبر هو معامل الألبان الكبرى

لم تنته خسائر مزارعي البقاع عند التبدّلات المناخية التي طرأت على لبنان هذا العام، وعدوان تمّوز قبلها. فقد أتت الزيادات المضاعقة على أسعار الحبوب عالمياً وارتفاع سعر اليورو، إضافة إلى المعوقات أمام القطاع الزراعي وغياب الخطط الوقائية، لتزيدها. فكانت النتيجة أنّ 60 في المئة من قطيع أبقار الحلوب قد بيعَ: 35 في المئة منه إلى المذبح منذ 4 أشهر حتى اليوم، فيما ابتاعت الـ25 في المئة المتبقية معامل الألبان الكبرى بأقلّ من الكلفة الحقيقيّة، مستغلة الوضع المتردّي للمزارعين، ما استدعى نشر سماسرتها بين المزارع لمساومتهم على الكميّة المتبقية منها.

إقفال بالجملة

وهكذا أقفلت حتى الآن 301 «وحدة منتجة للحليب» (مزرعة أو زريبة) من أصل 400 وحدة، و«الحبل عالجرار». والأسباب تعود إلى السياسة الاقتصادية المتبعة، ونتيجة الغياب الكلّي لروزنامة الأمن الغذائي المفترضة من قبل الحكومة ووزارة الاقتصاد تحديداً، ليبدو الأمر كأنّه مؤامرة بين الحكومة وأصحاب المعامل على مزارعي هذا القطاع. هذا ما أجمع عليه أصحاب المزارع في حديثهم لـ«الأخبار»، مشيرين إلى أنّ ما آلت إليه أوضاعهم حفّزت أصحاب معامل الألبان الكبرى كـ«LIBAN LAIT» و«غندور» على بناء مزارع شاسعة، تحوي الآلاف من رؤس الأبقار، عملاً بمبدأ «الاكتفاء الذاتي» والاستغناء عن العاملين في هذا القطاع، الذين كانوا يرون هذه المعامل مصدراً أساسياً لتصريف إنتاجهم اليومي، ووقعوا ضحايا خسائر كبيرة تراكمت نتيجة الحروب والتبدلات المناخية تارة، وأمام ازدياد الاحتكار والاستغلال لغياب المسؤوليّة تارة أخرى.

وهكذا وجد أصحاب «المزارع» طريقة جديدة «تنقذهم» من السجن الذي يهدّد غالبيّتهم بسبب ديون قروض كفالات، والتزامهم بسدادها بموجب سندات خزينة. إذ يبيعون البقرة التي تحلب ما دون الـ20 كيلو حليب إلى المذابح بسعر أقلّ من كلفتها اليوم، لأنّ أسعار الحليب لم تواكب الارتفاع في أسعار الأعلاف. واستقرت أخيراً على 900 ليرة لكيلو الحليب الطازج، رغم أنّ سعر كيلو حليب البودرة تجاوز الـ10000 ليرة.

وشهدت الحبوب العلفيّة ارتفاعاً غير مسبوق في أسعارها، حتى بلغت نسبة الزيادة 112 في المئة (من 300 ليرة إلى 700 ليرة للكيلو الواحد)، فيما حسابات الجدوى الاقتصادية التي أجمع عليها المزارعون، تفيد بضرورة أن يكون سعر كيلو الحليب ضعفي سعر كيلو العلف، حيث تغض الحكومة الطرف عن عمليّات تصديره إلى الدول العربية المجاورة، فيما المزارع اللبنانية بأمس الحاجة إليه.

تدهور الثروة الحيوانية

مجسّم لبقرة حلوب خلال مؤتمر حول أسعار الحليب في بروكسل (غز وينجنغارت - أ ب)مجسّم لبقرة حلوب خلال مؤتمر حول أسعار الحليب في بروكسل (غز وينجنغارت - أ ب)ومنذ أشهر، كانت تقدّر ثروة البقاع من الأبقار بنحو 9000 رأس بقر، تتوزّع على مزارع كبرى وصغرى، إضافة إلى ما يربّيه المواطنون في القرى البقاعيّة للاستهلاك الذاتي، فتنتج هذه الثروة ما يقارب 35 في المئة من الاستهلاك اللبناني، ليعتاش من هذه المهنة نحو ألفا عائلة بشكل مباشر، وحوالى 7000 عائلة يستفيدون منها بطريقة غير مباشرة. إلّا أنّ عدد الأبقار هذا، تراجع إلى ما دون الـ4000 بقرة بعد عمليات البيع للمعامل والمذابح. وتقلّص بالتالي إنتاج الحليب بنسبة 80 في المئة عمّا كانت تنتجه هذه المزارع. وبما أنّه لم يُستورد بقر حلوب منذ عامين، ازدادت أيضاً نسبة استهلاك الثروة الحيوانية من 6 في المئة إلى 8 في المئة سنوياً، ما ضاعف من تدنّي القدرة الإنتاجية للحليب.

المزارع قاسم المنية يؤكّد أنّه قبل أشهر كان يملك في مزرعته 500 رأس بقر. أجبرته الديون وخسائره التي بلغت 250 ألف دولار، منذ عدوان تموز حتى اللحظة، على بيع 360 بقرة من أجل تسديد سندات كفالات استحقت دفعاتها. وفي ما يتعلّق بالقطيع المتبقي لديه، يقول: «في حال توصّلت مع سماسرة المعامل إلى سعر نهائي، سأبيع لأنني غير قادر على المتابعة»، لا سيّما أنّه غير قادر على تأمين الأعلاف التي تضاعفت أسعارها: مزرعته كانت تنتج 6 أطنان من الحليب، أمّا اليوم فإنتاجها هو طنّان فقط وكلفتهما تفوق ثمنهما.

تصدير العلف

«ماذا نطعم البقر؟». سؤال كرّره المنية أكثر من مرة، باحتجاجه على سياسة «الفلتان» التي تعتمدها الدولة، والتي «تفتح أبواب التصدير للإنتاج العلفي إلى الخارج في مواسم تموين المزارع»، من دون أيّ عمليّة ضبط، فيما السوق اللبنانية «أولى به»، ويجب السماح بتصدير «ما يفيض عن حاجة المزارع» فقط.

حال طوني رحال مماثل. فقد باع كل مزرعته بعدما كان يربّي فيها 80 رأس بقر، بسبب عجزه عن السداد لقروض كفالات. يقول: «اضطررت لبيع مزرعتي حتى لا أبقى تحت رحمة الفوائد التي تتراكم ديوناً علي»، ويضيف: «وقّفت المزرعة وسكّرت معها 6 بيوت لعمّال كانوا يعملون فيها، وبعت قطعة أرض أيضاً حتى كفّي المبلغ اللّي كنت استلفته من كفالات».

أما جان منصب، وهو صاحب إحدى المزارع في منطقة معلّقة زحلة، فيشرح خسارته التي لا تعوّض. فرغم بيعه «الأرزاق»، لم يستطع الاستمرار في ظلّ خسارة متنامية تكبر مع مرور الأيّام والأشهر. «ما ننتج من حليب لا يكفي ثمناً لنطعم بقرنا، ما أوقعنا في الديون لتجّار الأعلاف، فما بالك بالقروض»، يقول متنهّداً. ويضيف: «مضطرّ بيع وإلّا بدخل السجن... منين بدفع قيمة السندات». ما حلّ بجان دفعه إلى بيع مزرعته بكلّ ما فيها من إنشاءات و80 رأس بقر، بسعر أقل من كلفتها. فهو يوضح قائلاً: «بعت الرأس بأقل من 2000 دولار لأحد المعامل الكبرى في المنطقة، بينما سعره يتجاوز اليوم 2200 يورو، أي ما يعادل 3400 دولار... ما يعني خسارة بقيمة 1400 دولار في كل بقرة، إذا أردت تجديد المصلحة، عدا الحسابات الزمنية التي يحتاج إليها هذا المشروع للوصول إلى قدرة إنتاجيّة (تنافسيّة) في السوق».

«البقر بياكل بعضه» صرخة ردّدها المزارع منير سعيد، الذي كان يملك منذ شهرين في مزرعته قرب منزله في المريجات، 35 رأس بقر. ليختصر الأسباب التي أجبرته على بيع أكثر من نصف ما لديه. يسأل: كيف من الممكن الاستمرار وسعر «قنطار» التبن (250 كيلوغراماً) ارتفع 5 أضعاف؟

«كنا نشتري القنطار بـ25 ألف ليرة، أمّا اليوم فسعره 125 ألفاً»، يتابع وهو يتحدّث عن غلاء الدواء أيضاً، «كيف بدنا نكفّي على هيدي الحالة. من أوّل نيسان حتى آخر تموز تعتمد المعامل سياسة تخفيض أسعار الاستلام بهدف استلام حليب الغنم للتخزين» يقول، مشيراً إلى أنّ البقرة تستهلك خلال العام الواحد 9 قناطير (2250 كيلوغراماً) من التبن، عدا الأدوية وعلف الصويا والذرة المخمّرة التي تصدّر اليوم إلى الأردن.

فادي الخوري من أكبر تجار الأعلاف في البقاع يؤكّد أنّ من أصل 374 مزرعة لتربية الأبقار الحلوب، بقي فقط 74 مزرعة. وعن استيراد الحبوب العلفيّة من مصر (البلد الأكثر تصديراً للأعلاف)، يشير إلى «الصعوبات»، ويقول «لا تمنحنا مصر إجازات تصدير الأعلاف من أراضيها قبل أن يكفي المزارعين المصريّين احتياجاتهم، وخصوصاً في أشهر أيّار وحزيران وآب، وذلك بهدف حماية إنتاجها الوطني. أما إنتاجنا فيصدّر إلى الخارج من دون أيّ رقابة أو حماية».

مجرد إشارة

صراع طبقي يقضي على الأمن الغذائي

يرى رئيس هيئة التنسيق للتعاونيات الزراعية، محي الدين الجمال، أنّه من الطبيعي أن تتفاقم مشكلات المزارعين، لعدم وجود رؤية اقتصادية تنطلق من الأمن الغذائي وتنتهي بالاستقرار الاجتماعي، مشيراً إلى أنّ وزير الاقتصاد أطلق صراعاً طبقياً ضدّ الطبقات الفقيرة، وخصوصاً المزارعين في الأطراف، ما يؤكّد سقوط مقولة «الإنماء المتوازن».

وعن الأزمة الاقتصاديّة التي تلاحق المزارعين في البقاع، رأى الجمال أنّها بدأت في الوقت الذي توقّفت فيه الدول الأوروبية عن دعمها المنتجات المصدّرة، لترتفع كلفة الأعلاف ويبقى سعر الحليب من دون أن يلامس هذه الزيادات، فوقع المزارعون في الخسائر، فيما المعامل والمصانع لم تحدّد لها وزارة الاقتصاد أرباح التصنيع.

«الدولة تواطأت على خسارة موسم القمح، واليوم تتواطأ مع أصحاب المعامل على مربي الأبقار لتنتهي من هذا القطاع بالكامل»، يقول الجمّال. ويشير إلى أنّه بإمكان الدولة استرداد موسم القمح في عام واحد، شرط وضع خطة دعم حقيقي بعيداً من المحسوبيّة، ما يرفع نسب الإنتاج المحلّي للقمح والأعلاف، وتكون الدولة المستفيد الأكبر، إضافة إلى المزارعين والعمّال في هذا القطاع.

تعليقات: