محافظ النبطية القاضي محمود المولى
الضرر يصيب الجميع·· والخاسر الأكبر هو المواطن والبيئة
..
التجربة الماليزية: <وصفة علاج> ناجحة للداء الذي يفتك ببيئتنا ومجتمعنا
..
النبطية:
تعتبر مشكلة معالجة النفايات في لبنان عموماً وفي منطقة النبطية خصوصاً، واحدة من الأزمات التي تدور حول نفسها دون حل، وتتقاذفها البلديات ككرة نار، يدفع المواطن في كثير من الأحيان فاتورتها الصحية، وتتقاسم معه الطبيعة والبيئة نسبة منها أيضاً، فيما الدولة بوزاراتها ومؤسساتها المعنية تقف متفرجة، أو حتى عاجزة عن إيجاد حلول جذرية لها، فليس من حرج أن يقفل مكب هنا، أو لا يكتمل مشروع مخمر للنفايات هناك، وحتى المطامر فاضت بأماكنها ولم تعد تستوعب، شأنها شأن المكبات العشوائية والمتنقلة··
ثمة سؤال في هذه المعمعة البيئية، ما الذي يدفع دول قريبة وبعيدة لتقدم لنا حلولا لهذه المشكلة، فيما نحن نبتعد عنها وحتى لا ندرسها، ولما لا نستفيد من تجارب وخبرات دول باتت معالجة النفايات فيها باب لتوليد الكهرباء، حتى لا نقول أنها مصدر طاقة وأسمدة وفرص عمل متعددة··
التجربة الماليزية، نوقشت في ورشة عمل عقدت في <مدينة فرح> في النبطية تحت عنوان <ماليزيا - لبنان: فرص وآفاق للتعاون في مجال إدارة ومعالجة النفايات الصلبة والتجربة الماليزية الرائدة في هذا المجال>، نظمته <شركة GUIDE> بالتعاون مع <مؤسسة MATRADE و CLEAR> الماليزيتين· وشارك فيها ممثل وزير الداخلية والبلديات زياد بارود محافظ النبطية القاضي محمود المولى، ممثل وزير الصحة العامة الدكتور محمد جواد خليفة رئيس مصلحة الصحة في النبطية الدكتور علي غندور، ممثل النائب ياسين جابر المهندس حسان جابر، السفير الماليزي في بيروت إيلانغو كاروبانان، ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي العقيد الركن نعيم نصور، رئيس <إتحاد بلديات الشقيف> الدكتور محمد جميل جابر، وحشد من رؤساء البلديات في الجنوب والبقاع والجبل ومخاتير وفاعليات، حتى كانت أشبه بمؤتمر بيئي لبناني يبحث عن حل في ماليزيا··
<لـواء صيدا والجنوب> واكب أعمال الورشة واستطلع آراء عدد من المشاركين فيه··
المحافظ المولى ممثل وزير الداخلية والبلديات زياد بارود محافظ النبطية القاضي محمود المولى، ثمّن <العلاقة المميزة بين لبنان وماليزيا، وهذا الإهتمام الماليزي في معالجة مشاكلنا والوقوف الى جانب لبنان، في كافة الأصعدة السياسية والثقافية والإقتصادية وحتى البيئية>· وقال: نحن في لبنان وخصوصاً في الجنوب، نقدّر من يدعم قضيتنا - قضيتنا المركزية - وهي الصراع مع العدو الإسرائيلي· وحكومة ماليزيا هي من الداعمين لهذه القضية في كل المحافل الدولية بالإضافة الى أن مستوى النمو التجاري والعلاقة التجارية التي تربط لبنان بالدولة الماليزية باتت متصاعدة جداً حتى أصبحت ماليزيا تعيش في كل بيت من بيوتنا من جراء هذه العلاقة التجارية المتنامية· ونحن نتوجه بالشكر إلى الكتيبة الماليزية العاملة ضمن قوات حفظ السلام على أرض الجنوب ونشكرهم أيضاً على هذه العلاقة الناشئة بينهم وبين المواطنين في الجنوب وهذا ما يدل على مدى إصرار الحكومة الماليزية على علاقة طيبة مع الحكومة اللبنانية ومع الشعب اللبناني·
وقال: إن مسألة النفايات الصلبة مسألة شائكة، ومعقدة في آن وطرق حلها تتفاوت بين دولة وأخرى وبين مناخ وآخر وبين متطلبات وبين حاجات وإفتراضات ومعامل ومطامر وكلها حلول تبدو للوهلة الأولى أنها صعبة وأنها طريق الوصول إليها للخلاص من هذه النفايات أمر صعب·
وأمل المحافظ المولى <من التجربة الماليزية فيما يتعلق بالمطامر أو بالمعامل أن تكون على مستوى العالم جزءاً من الحلول المطروحة لهذه الآفة وهذا العدو الشرس الذي إسمه النفايات· ونحن في لبنان وفي الجنوب خصوصاً كنا قد طردنا عدواً شرساً إسمه إسرائيل وقد كلفنا ذلك دماء وشهداء وعذابات ودمار ولكن طردنا العدو من أرضنا ولكن يبدو أن العدو - النفايات - سيجد صعوبة أكثر في طرده من مشكلاتنا أكثر من العدو الإسرائيلي>·
السفير كاروبانان السفير الماليزي في بيروت إيلانغو كاروبانان تحدث عن العرض الماليزي، فقال: إن لـبنان ومـاليزيا يتمتعان بعلاقات قوية قائمة على أُسس متينة من التعاون السياسي والمالي والإقتصادي والثقافي- الاجتماعي، لذلك فإنه من صميم مسؤولياتي أن أقوم بتعزيز هذه العلاقات المتينة· والرغبة في تعزيز العلاقات التجارية والإستثمار بين مـاليزيا ولـبنان·
وأضاف: إننا كدول تـسعى الى التقدم، لدينا طموحات متشابهة تهدف إلى جعل التنمية في متناول مواطنينا· لذلك فإنها لم تكن مصادفة أننا إخترنا التعاون في مجال إدارة النفايات الصلبة، لأن الأرض باتت تضيق بالوسائل التقليدية التي أصبحت غير ذي جدوى في إدارة النفايات الصلبة· كذلك فإن هذه المشكلة يمكن أن تشكل عائقاً سـياسياً إذا لم يتم التعامل معها على نحوٍ مرضٍ· وبالتالي فإن إدارة النفايات الصلبة تمثل واحدة من التحديات الأساسية التي تواجه الحكومات لأن الطلب العام على فعالية تقدير التكاليف وتقديم جودة عالية من الخدمات يتزايد مع مرور الوقت·
وختم السفير الماليزي كاروبانان بالقول: أنا على ثقة بأن الحل الذي سوف تقدمه الشركة الماليزية قد يؤخذ به في لبنان كخيار مهم لمعالجة هذه المشكلة، وأود أن ألفت النظر إلى أن مؤسسة تنمية التجارة الخارجية الماليزية (MATRADE) قد وافقت على دعم في رغبتها نقل هذه المعرفة التقنية الى لبنان، وأنا متأكد بأن العرض التقديمي لكلا الجانبين قد يكون ذا منفعة لديكم·
د· جابر رئيس <إتحاد بلديات الشقيف> الدكتور محمد جميل جابر، أشار إلى <أن الممارسة الفعالة لإدارة النفايات تتطلب المزيد من الرعاية والإهتمام والتخلي عن الأسلوب البدائي القاضي بالتخلص منها بأبعادها عن الأنظار ورميها في حفر طبيعية أو مقالع مهجورة أو حرقها بالهواء الطلق>·
وتابع: لذا ينبغي إدارة معالجة هذه النفايات بإسلوب بيئي يكفل الحفاظ على الموارد الطبيعية وصون الإنسان والبيئة من مخاطر التلوث·
وقال: اليوم تتجه الأنظار إلى الإستفادة الإقتصادية في دول العالم المتقدمة أو النامية، وذلك لإرتباطها إرتباطاً وثيقاً بالحياة اليومية والمجتمع، ونظراً لضخامة كميات النفايات المخلفة يومياً وبإنتظار إيجاد الحلول المناسبة يبقى الفرد والمجتمع ككل متوجهاً إلى المزيد من التدهور البيئي والصحي·
وأضاف: نحن في <إتحاد بلديات الشقيف> قطعنا شوطاً لا بأس به في مجال معالجة النفايات، حيث أن مشكلة جمع النفايات من قرى وبلدات الإتحاد في مكب ضخم في منطقة أرنون يتسبب لنا بمشاكل دورية ومؤذية ? من حريق وإنبعاث غازات سامة - ويستنزف ميزانيتنا ويثقل كاهلنا بأعباء مالية وبيئية وقد أصبحنا اليوم على مشارف الإنتهاء من المرحلة الاولى لبناء معمل الفرز ومعالجة النفايات بمساعدة مشكورة من الإتحاد الأوروبي ووزارة التنمية الإدارية وإذا سارت الأمور كما هو مرسوم ، فسوف يكون لدينا أول معمل لمعالجة النفايات الصلبة لقرى الإتحاد خلال سنتين مما يساهم في التخفيف بنسبة كبيرة من واقع هذه المشكلة·
وختم جابر بالقول: إننا نعوّل ونبني الكثير من الآمال على هذه الورشة بمبادرة مشكورة من السفارة الماليزية في بيروت عله يُساعدنا على مجابهة هذه المعضلة ويساهم بشكل فاعل في حماية مواردنا الطبيعية وحماية بيئتنا·
عبد القادر مدير تطوير الأعمال في شركة نور الزمان عبد القادر، عرض لتجربة بلاده في هذا المجال، إضافة إلى ما يقترحه من عرض للبنان في هذا المجال وهو <بناء مرفق مركز إستعادة الموارد- تحويل النفايات إلى طاقة (RDF-WTE) في جنوب لبنان، وهذا المرفق سيستوعب ألف طن يومياً، وسيغطي مرفق RDF-WTE، جميع أنشطة مصب النفايات، من إعادة تدوير النفايات، وتحويل النفايات إلى طاقة، مزج المواد العضوية، إدارة المطمر الصحي والإغلاق الآمن للمكبات>·
وعن كيفية المساعدة الماليزية، أوضح <أن الشركة الطارحة للمشروع ستتحمل جميع التكاليف المتعلقة بالحصول على رأس المال وإنشاء المرفق و تشغيله· ستقوم الشركة الطارحة للمشروع بإمتلاك وإدارة العمل اليومي في المصنع· ونحن سوف نخلق الإيرادات (من النفايات) للحفاظ على سير العمليات>·
وعما هو مطلوب من الحكومة اللبنانية قال عبد القادر: نحتاج من الحكومة توفير مساحات كافية من الأراضي لبناء مرفق، وموافقتها على تغيير سياسات المجلس البلدي لإرسال النفايات إلى مرفق بدلاً من مكبات النفايات المفتوحة، إضافة إلى موافقة المجلس البلدي على رسم تحويل النفايات (40 دولاراً للطن الواحد) لمشغلي مصنع RRC WTE، ثم على الحكومة أن تشتري الكهرباء المنتجة 0.09/kWh·
معاصري المستشار الدولي في شؤون البيئة في شركة <موريس> المهندس راجي معاصري، ألمح الى <أنّ الدولة اللبنانية لن تمانع قيام مشروع مماثل، والقيّمون على مراكز القرار رحّبوا بالفكرة ولاقت لديهم أصداءً إيجابية· كما أن الدولة أعطت الضوء الأخضر للبلديات، التي يبقى عليها تفعيل نفسها للضغط من أجل الإستجابة للفكرة>·
وقال: إن هذا المشروع يحتاج إلى تكافل الجهود كي يتحقّق، ولا يُمكن للزواريب السياسية إفشال الموضوع إذا كانت البلديات والإتحادات البلدية متضامنة، ومتفقة على ضرورة وجوده، وعلى البلديات أن تكون شريكة في القرار السياسي لفرض حاجتها على الدولة·
ورأى أنه <حين توافق البلديات على المشروع فإنهم بذلك يسيرون على خط معالجة كافة أنواع النفايات العضوية واللاعضوية دون تمييز، وإلغاء الحاجة إلى المكبات عملياً، وحماية البيئة، والمياه الجوفية من أخطار التلوث، وتوفير فرص عمل جديدة>·
واعتبر <أن العمل في هذه النفايات من خلال المعمل يُمكنه أن يعطي نتيجة فعالة، لأن معالجتها بيئية بإمتياز، ووطنية بإمتياز>، مؤكّداً <أن المشروع جاهز للتنفيذ إذا وافقت البلديات على الفكرة>·
كما يتلاقى طرح معاصري مع طرح <صفر نفايات>، هذا المشروع الذي يجوب قرى لبنان ويقضي بضرورة إنشاء معامل للتخمير والتسبيخ حول المناطق اللبنانية لتحويل هذه النفايات إلى مواد محسنة للتربة، تؤمن فرص عمل وتنمية في مختلف المناطق اللبنانية، ويدعم التصنيع المحلي للمنتجات الآمنة بيئياً من دون إنتهاك معاهدات التجارة الدولية، ويزيد فرص العمل بأكثر من 25 مرة·
عليق رئيس بلدية يحمر الشقيف المهندس قاسم عليق، إعتبر <هذه الورشة <وصفة علاج> ناجحة للداء الذي يفتك ببيئتنا ومجتمعنا والذي لا نمتلك الحل الجذري له للحين، ألا وهو معالجة النفايات>·
وقال: هناك دعوة للجهات المعنية في الدولة ولكل الإتحادات البلدية والبلديات للتعاون الفوري، لوضع خطة عملية لمعالجة مشكلة النفايات التي تتضخم يوماً بعد يوم بفعل الإزدياد السكاني وبالتالي بفعل ضيق المساحات الجغرافية التي تغزوها المساحات الإسمنتية، حتى لا نجد بعد فترة مساحات من الأراضي السليخ·
وأضاف: اليوم أمامنا تجربة ماليزية في هذا المضمار، هناك حل مقبول، وهناك عرض ممتاز، معالجة مشكلات متعددة، من أزمة النفايات إلى مشكلة الكهرباء، هما حلان يكفلهما العرض الماليزي، وهو ما يجب أن يُؤخذ بالحسبان، وأن لا يكون هناك أي مماطلة في الإسراع في معالجة مشكلة النفايات، لأننا جميعاً سندفع ثمن الفاتورة جراء الضرر الصحي والبيئي منها، وبالتالي يجب أن تجد الدولة الفاتورة المادية للإسهام في إطلاق التجرية الماليزية عملياً·
وأشار عليق الى <إننا فشلنا في إيجاد حل أو حتى خطة لإدارة النفايات التي تسبب الكثير من المشاكل، ولكننا نأمل أن يكون هذا الطرح الحل المنشود ويعالج المشكلة عبر تقنية جديدة لها فعاليتها، لأن تحويلها إلى طاقة في زمن نعاني من تقنين الكهرباء فهذا يجب أن يأخذ على محمل الجد وسنحاول إستطلاع مدى ملائمته مع الواقع لأن كل شيء يحترم البيئة ويكون إقتصادي ويعود بالنفع علينا يجب إعطاءه الحيز الكبير من الإهتمام>·
حسن رئيس بلدية عربصاليم محمود حسن، تساءل <إلى أين سنصل في الهروب من إيجاد حلول نهائية وحتمية لمشكلة النفايات؟>·
وقال حسن: غريب أن تأتينا الحلول ونحن بأمسّ الحاجة لها، ولكننا مقيدين بإيجاد خطة لكل البلديات متكاتفة تحت غطاء وتوجيهات ورعاية ودعم الوزارات المعنية في الدولة، ومن هنا نطلق الصرخة عالياً، فلا يجوز أن تبقى مشكلة النفايات رهينة سوء أداء إداري من هنا، وعدم وجود خطة وطنية متضامنة من هناك، الضرر يصيب الجميع والخاسر الأكبر هو المواطن والبيئة ولذا يجب أن ننظر إلى التجربة الماليزية بكثير من الإهتمام والجدية·
تعليقات: