الديك الرومي.. طبق لا تكتمل مائدة أعياد الميلاد من دونه
من أميركا الشمالية إلى العالم..
يقال إن لحم الديك الرومي المشوي البارد كان الوجبة الأولى التي تناولها رائدا الفضاء الأميركيان نيل آرمسترونغ وباز آلدرين بعد هبوط مركبتهما على سطح القمر، وفي وقت سابق كان رعاة البقر في الغرب الأميركي يصنعون أحذيتهم وأحزمتهم من جلود الديوك الرومية. وهنا تعددت استعمالات هذا النوع من اللحوم. أما اليوم، وعلى مائدة الميلاد، فصار الديك الرومي طبقا رئيسيا لا يكتمل العيد من دونه، فالأمر تعدى المذاق ليصبح بمثابة رمز يوازي شجرة العيد والزينة وحتى بابا نويل. فهذا الطير الذي عرف بأنه صعب المراس والذي أخذ وقتا طويلا في الانتشار صار لوجوده على المائدة أهمية كبيرة، خصوصا في بلاد الغرب، ولا يخفى على أحد أن تحضيره ليس بالأمر السهل على الإطلاق، ويتطلب وقتا طويلا وجهدا مضنيا.
تعد أميركا الشمالية الموطن الأصلي للديك الرومي، الذي عرف حينها باسم «بوليه ديند» أي الدجاج الهندي نسبة إلى الهنود الحمر، وهم السكان الأصليون لتلك البلاد، وعرفه الشعب الإسباني بواسطة كولومبوس والمبشرين، أما في فرنسا فقد عرف باسم «ديند»، واسمه الحالي «التركي» عرف في المملكة المتحدة التي أطلقته عليه اعتقادا منها أن الموطن الأصلي له هو أفريقيا التي كان البريطانيون يظنون أنها موطن الأتراك. ويسود اعتقاد أن إنجلترا عرفت الديك الرومي للمرة الأولى عام 1526 عندما أتى به الرحالة ويليام ستريكلاند بعدما اشترى ستة منه من الهنود الحمر وباع بضاعته هذه باثني عشر بنسا في مدينة بريستول.
وعلى الرغم من أن الملك الإنجليزي هنري الثامن كان من أوائل الذين تذوقوا لحم الديك الرومي، فإنه لم يربط بالميلاد إلا في عهد إدوارد السابع عندما كانت هذه العادة حكرا على طبقة النبلاء من دون عامة الشعب. لكن الديك الرومي نزل من هذا المقام السامي إلى الشارع في القرن السابع عشر عندما أتى به البحارة من المستعمرات الأميركية التي كانت تعتبره غذاء رئيسيا طوال فصل الشتاء.
وقبل ذلك كان الأوروبيون يطهون لحم الخنزير والبجع كوجبة أساسية في عيد الميلاد. وفي احتفالات زواج شارل التاسع عام 1570 أكل الفرنسيون الديك الرومي للمرة الأولى، وصنفوه طائرا نبيلا إلى درجة أن احتفظ به لويس الرابع عشر في حظيرة حيواناته التي لا تضم إلا الحيوانات التي تعتبر أهلا للمقام الملكي السامي في قلعة فيرساي.
ولكن مع حلول القرن الثامن عشر انتشر الديك الرومي في معظم الأسواق الأوروبية، وكانت تعرض مرتدية «نعالا» في أقدامها من أجل حمايتها خلال رحلتها الطويلة من مقاطعة نورفوك - حيث يربى معظمها - إلى المدن الكبيرة مثل لندن، وتترك حرة، إذ إنها لا تقدر على الطيران بخلاف الديوك الرومية الوحشية.
وفي القرن التاسع عشر، وفي كل من بريطانيا والولايات المتحدة كان لحم الصدر ذو اللون الأبيض يعتبر أهلا لعلية القوم وكبار ضيوفهم، بينما كان يترك لحم الفخذين العكر اللون للخدم. أما اليوم؛ فتعتبر الولايات المتحدة كبرى الدول المستهلكة للديوك الرومية. ففي عيد الشكر يستهلك الأميركيون 45 مليونا منها كل عام، بالإضافة إلى 22 مليونا في الميلاد و19 مليونا في عيد الفصح. لدرجة أن الرئيس الأميركي الأسبق، بنيامين فرانكلين، لم يتورع عن الاقتراح بجعل الديك الرومي رمزا قوميا للولايات المتحدة بدلا من النسر المعروف. وفي بريطانيا أيضا لا يكتمل عيد الميلاد من دون هذه الوجبة.
ومع الوقت تطورت تربية «الحبش» في أوروبا وأميركا من حيث الأعداد واستنباط السلالات المتخصصة بإنتاج اللحم والمقاومة للأمراض، والسبب الرئيسي يعود إلى كبر حجمه، وأصبحت وسائل تربيته وتغذيته وحظائره مستندة إلى أسس علمية فنية حديثة، أما في البلدان العربية فإن تربية «الحبش» واستهلاك لحمه لا تزال في أطوارها الأولى، وذلك لعدم انتشار تربيته، وربما يرجع ذلك إلى عدم اعتياد المواطنين على استهلاك لحمه الذي يتطلب القيام بحملات توعية وإرشادات تبين لهم طرائق طهيه وتقديمه بأشكال متنوعة ومتعددة.
ثبت أن للديك الرومي فوائد جمة أشارت دراسة أميركية مؤخرا إلى أن الغذاء الأكثر فائدة بين لحوم الطيور هو لحم «الحبش»، إذ إنه يحتوي على البروتين، والنياسين، وفيتامين «ب 6» و«ب 12»، والحديد، والسيلينيوم، بالإضافة إلى الزنك. كذلك يضيف العلماء أن لحم الحبش هو من أطرى اللحوم المحتوية على البروتين وأسهلها للهضم؛ لذلك فقد تم اختيارها ضمن أهم 14 نوعا من الغذاء ذي الأهمية بالنسبة للبشر، ومن هنا ينصح خبراء التغذية بأن يتناول الإنسان العادي نحو 100 غرام من لحم «الحبش» في الأسبوع على الأقل. من خلال إعداد القائمة التي تضمنت 14 صنفا ذا خواص عالية جدا من الفائدة بالنسبة للإنسان، فقد توصل العلماء إلى أهمية بعض الأطعمة في الوقاية، وحتى في مقاومة بعض الأمراض الخطيرة مثل السرطان وأمراض القلب والسكري. واحتوائه على مادة التريبتوفان المهدئة، يجعله مساعدا على معالجة الاكتئاب وتصلب الأنسجة، وأيضا على الاسترخاء والنوم، وهو الأمر الذي أعطى فكرة بأن هذا النوع من اللحوم يسبب النعاس، لكن إذا وجد مع وجبة طعام متنوعة وغنية، فإن هذا سيخفف إلى حد كبير من فعاليته تجاه النعاس.
نصائح لتحضير الديك الرومي وتناوله
* يجب أن يحفظ الديك الرومي في الطبقة السفلى من الثلاجة لتلافي أي نوع من التسمم، ولا يجب أن يشترى قبل أكثر من يومين من تاريخ الطبخ. ويطبخ بعد ذوبان الثلج عنه بالكامل، وبعد وضعه لمدة 24 ساعة في الثلاجة، كما يجب التأكد من نظافته وغسله بالماء بشكل جيد والتأكد من التنظيف بعد ذلك.
ولا يطبخ الديك الرومي قبل يوم من تقديمه، إنما يمكن نقعه في صلصة خاصة وتركه في الثلاجة. ومن الأفضل عدم شراء ديك كبير جدا، إذ يجب مراعاة حجم الفرن للديك، وأنسب طريقة لطهي الديك عندما تكون حرارة الغرفة معتدلة. ويفضل سلخ جلد «الحبش» للتخفيف من كمية الدهون. ولكن يجب الانتباه إلى طريق حفظه لأنه تبعا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، فإن قرابة نصف مليون شخص يصابون بدرجات مختلفة من التسمم بسبب أكلهم بقايا لحم الديوك الرومية في الأيام اللاحقة ليوم الكريسماس نفسه من كل عام.
كيفية تحضير ديك رومي محشو
* المكونات:
ديك رومي كبير وزنه من 3 إلى 4 كلغ.
كوب بندق محمص.
كوب زبد طرية من حرارة الغرفة.
ملعقة طعام بهارات.
بصلة متوسطة الحجم مفرومة.
فص ثوم مدقوق.
ملعقة طعام ملح.
* الحشوة:
نصف كلغ لحمة مفرومة.
كوبان من الأرز المصري.
ثلاثة أكواب ونصف الكوب من الماء.
بصلة متوسطة الحجم مفرومة.
ملعقتا طعام زبد أو سمن.
ملح وبهار وفلفل أسود.
نصف كوب لوز ونصف كوب فستق حلبي ونصف كوب صنوبر.
* مكونات كيس الطهي:
كوبان من مرقة الدجاج أو مكعبان مرقة دجاج مذوبان في كوبين ماء.
عرق كرات مفروم.
عرق كرفس مفروم.
بصلة كبيرة الحجم مقطعة.
جزرة مقطعة.
ورقتا غار.
من 4 إلى 5 حبات بهار حلو كاملة.
من 4 إلى 5 حبات فلفل.
* الصلصة:
4 أكواب صلصة دجاج الشواء.
4 ملاعق طعام دقيق.
ملعقتا طعام خليط دقيق وزبد.
ملعقة صغيرة بهارات.
* تحضير الديك الرومي:
يطحن البندق المحمص حتى يصبح ناعما.
في وعاء يخلط البندق المطحون مع الزبد والبهارات والبصل والثوم والملح.
يغرز الطرف غير الحاد من العود الخشبي تحت جلد الديك الرومي لإبعاد الجلد عن اللحم قدر الإمكان.
تدخل الأصابع من جهة صدر الديك الرومي لفصل أي جلد ملتصق باللحم.
تحضر الحشوة ويحشى بها الفراغ الموجود تحت جلد الديك الرومي، بحيث ينفصل الجلد عن كل الجسم، بما في ذلك الرجلين.
* تحضير الحشوة:
تحمى السمن أو الزبد وتقلى فيها المكسرات أو القلوبات ثم ترفع بواسطة ملعقة ذات ثقوب وتوضع في طبق.
يستعمل الزيت نفسه لقلي البصل، بعد ذلك تضاف اللحمة المفرومة والملكح والتوابل ويطهى الكل معا، ويضاف الأرز ويخلط مع اللحمة.
تضاف ثلاثة أكواب ونصف الكوب من الماء إلى خلطة اللحمة، تخفف النار ويتابع طهي الخلطة حتى تمتص كل الماء، وتترك الخلطة جانبا لترتاح مدة عشر دقائق.
تخلط المكسرات مع حشوة اللحم، ويحشى بها جوف الديك الرومي ثم تخاط الفتحة بالإبرة والخيط وتربط رجلا الديك الرومي بخيط ويغرز سيخان خشبيان في الجناحين لتثبيتهما في مكانهما.
* تحضير كيس الطهي:
يوضع الديك الرومي المحشو في كيس كبير للطهي، تضاف إليه المرقة والبصل والجزر والكرفس والبهارات وورقتي الغار، ثم يغلق الكيس ويربط ليوضع في صينية كبيرة، ويخبز في فرن محمى على درجة 350 فهرنهايت لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة تقريبا، مع ضرورة رج الكيس بين الحين والآخر حتى يتبلل الديك الرومي بالمرقة من كل الجهات.
حين يشقر الديك الرومي ويصبح لحمه طريا عند لمسه بالأصابع، تخرج الصينية من الفرن، وتقص زاوية واحدة من الكيس بالمقص لسكب كل المرقة أو الصلصة في قدر منفصلة.
يفتح بعدها الكيس، ويعاد الديك الرومي إلى الفرن لتحميص سطحه الخارجي وذلك لمدة من 10 إلى 15 دقيقة.
ينقل الديك الرومي المحمص إلى طبق تقديم كبير ويزين ويقدم مع الصلصة والأرز المفلفل.
* تحضير الصلصة:
يسخن الزبد في قدر ويضاف إليه الدقيق ويخلط معه بملعقة خشبية للحصول على مزيج الرو.
تضاف مرقة الدجاج وملعقة صغيرة من السبع بهارات ويطهى الخليط على النار حتى تبدأ الفقاقيع بالظهور.
تطفأ النار وتسكب الصلصة في طبق خاص بها وتقدم مع الديك الرومي والأرز المفلفل.
* ملاحظة:
في حال بقاء كمية من الأرز، يمكن توزيعها بطريقة جميلة حول الديك الرومي، أو يمكن مضاعفة مقادير وصفة الحشوة.
يمكن إضافة البندق والزبيب إلى الأرز المفلفل المقدم مع الديك الرومي.
تعليقات: