نبيذ لبنان يفرح قلب العالم

نبيذ لبنان يفرح قلب العالم
نبيذ لبنان يفرح قلب العالم


استراتيجيّة صناعية لنبيذ لبنان

..

الإنتاج 8 ملايين زجاجة ــ 25 مصدّراً... والمقوّمات أكبر

يتكرّر ذكر الجودة عند الحديث عن النبيذ اللبناني مع روّاده وصانعيه، فالمعايير هنا تؤدّي الدور الرئيسي في تحديد مسار تطوّر هذا المنتج، وتزداد أهميتها الآن بعدما نما عدد المصنّعين نموّاً لافتاً في المرحلة الأخيرة، واخترق عصير العنب المخمّر أسواقاً خارجية... وفي ظل نمو العرض يصبح من الضروري اعتماد استراتيجيّة وطنية محددة ترفع الإنتاج وتطوّر نوعيته، لكي لا يخسر لبنان موقعاً جديداً له على الخارطة

ليس غريباً أن يكون عدد مصنّعي النبيذ في لبنان قد نما من خمسة فقط إلى 33 مصنّعاً بين الأعوام 1990 و2009، فعوامل كثيرة كانت مكبوتة بفعل الحرب وضعف الاستثمار، أمّا اليوم، فيمكن الحديث عن فورة حميدة في صناعة يعوّل عليها، وهي صناعة بدأت خجولة مع الرهبان في الأديرة المحلية لتصل إلى شهرة خارجية، ولو محدودة.

هناك مرحلتان لا بدّ من التطرّق إليهما عند الحديث عن تطوّر صناعة النبيذ في لبنان، بحسب رئيس مجلس الإدارة، المدير العام، لشركة صناعة النبيذ اللبنانيّة، «كسارة» (Chateau Ksara S.A.L) ظافر شاوي.

المرحلة الأولى كانت بعد انتهاء الحرب مباشرةً، فحينها «تشجّع المستثمرون، ولا سيّما في المؤسسات القائمة، على زيادة الإنتاج عبر زراعة المزيد من الكرمة وشراء المعدات الحديثة للتخمير، مما أسهم في تحسين الجودة تحسيناً ملموساً».

وقد ظهر حينها جلياً أن لثقافة إنتاج النبيذ العتيقة في التاريخ اللبناني أفقاً مشرقاً، وخصوصاً أنّ هذا المنتج كان يعاند الصعوبات خلال الحرب، مع نجاح نبيذ «موزار» (Chateau Muzar) بالانتشار الخارجي، ومنافسة الأسماء العملاقة الأخرى في عالم تخمير عصير العنب.

وهكذا وجد المصنّعون أساساً ثابتاً للإنتاج والترويج والربح طبعاً، وأسهمت «الحملات الإعلانية في تظهير أهمية هذا المنتج»، وفقاً لشاوي.

وفي المرحلة الثانية، أي في منتصف تسعينات القرن الماضي، اتخذت الأمور طابعاً أكثر جدّية، يوضح شاوي، إذ انضمّ لبنان إلى المنظّمة العالميّة للكرمة (O I V) التي تضمّ 45 بلداً، الأمر الذي كان له أثر كبير على «تنظيم قطاع الكرمة والنبيذ، لجهة تحديث القوانين وملاءمتها مع المتطلبات العالمية وشروط التصدير».

وإضافةً إلى ذلك، مثّلت عودة اللبنانيّين من المهجر بعد أحداث الحرب، حافزاً لكي يقدّم المصنّعون أفضل ما لديهم في ظلّ فورة الاستهلاك، و«تحوّل المذاق في اتجاه النبيذ»، بحسب تعبير شاوي.

وهكذا نشأت حلقة إنتاج واستهلاك أرفع، مدعومةً برغبات التصدير، و«نما الاهتمام بالنبيذ مع انتشار الخمّارات في البلاد»، كما يؤكّد المدير التجاري في شركة «كفريا» (Chateau Kefraya S A L)، إميل مجدلاني.

يقول مجدلاني إنّ فريقاً كبيراً من منتجي النبيذ اللبنانيّين يتجهون نحو تطوير إنتاجهم للتصدير في إطار «توسيع الإنتاج عاماً بعد عام». وبعدما كان «موزار» المصدّر الوحيد خلال الحرب الأهليّة، أصبح هناك أكثر من 25 خمّارة لبنانيّة تصدّر نبيذها إلى العالم.

ونما الاهتمام بالأسواق الخارجية أكثر في ظلّ «محدوديّة السوق الداخليّة على أهميتها»، كما يشرح مجدلاني. وأضحى لبنان يصدّر حالياً نصف إنتاجه، فرغم ارتفاع الاستهلاك الداخلي «يبقى التصدير للمنتجين الجدد هو الضمان لتصريف منتجاتهم».

وعلى هذا الأساس تُصبح «السمعة الجيّدة» ضروريّة.

فالنظر إلى أفق صناعة النبيذ اللبناني من منظار التطوير المستمرّ، وعدم الوصول إلى إشباع غير مفيد، يطرحان تحدّيات التركيز على «استراتيجيا وطنيّة موحدة لتدعيم صورة النبيذ اللبناني، كما فعلت تشيلي وأوستراليا وجنوب أفريقيا»، حسبما يشدّد ظافر شاوي.

وتتعلّق المسألة هنا بـ«اسم ناجح» جنسيّته لبنانيّة يتوجّه ليس فقط إلى المطاعم في المنطقة والعالم بل أيضاً إلى المحالّ المتخصّصة والمطاعم الأجنبيّة.

ماذا عن التحدّيات التي تتربّص بهذا القطاع؟

كان للتطور المبرمج لصناعة النبيذ في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهليّة، يقول شاوي، «أثر عميق، مما شجع المستثمرين اللبنانيين على التوظيف في إنتاج النبيذ»، غير أنّ واقع الإنتاج حالياً يبقى دون الإمكانات المتوافرة.

فمقوّمات زراعة الكرمة موجودة في لبنان باختلاف المناطق، «من البقاع إلى الجنوب إلى الجبل، هناك تربة صالحة لهذه الزراعة» يوضح شاوي، لكنّ الإنتاج يبقى عند 8 ملايين قنّينة سنوياً، فيما تونس، على سبيل المثال، تُنتج 50 مليون قنّينة نبيذ سنوياً!

لذلك لا بدّ من السعي إلى تطوير الإنتاج تطويراً كميّاً مع التركيز على أولويّة الجودة، لأنّ هدف التصدير واستكشاف أسواق جديدة هدف أساسي.

وعلى هذا تُحدّد الاستراتيجيّات على صعيد الوحدات الإنتاجيّة والقطاع ككلّ. فوفقاً لإميل مجدلاني «يمثّل السعي المستمرّ إلى تحسين النوعيّة، الذي يتخذ طابعاً متعدّد البعد، جوهر الاستراتيجيّة التي نعتمدها».

ويشرح مجدلاني خطة شركته في الترويج لإنتاجها بالإشارة إلى روافع عديدة. فهناك، بدايةً، خلطة النبيذ التي يجب أن تكون محدّدة، بمعنى ما هي أنواع الكرمة المستخدمة، فهناك مثلاً «Cabernet – Sauvignon» و«Syrah» و«Chardonnay» و«Viognier». بعد تحديد المحتوى لا بدّ من أن «تكون القنّينة جذّابة وجميلة لكي تحاكي متطلّبات المستهلك».

أمّا الملصق (الرقعة على القنّينة) فدوره أساسي. وهنا يمكن الإشارة إلى أنّ «كسارة» مثلاً تختار كلّ عام لوحة من رسم فنّانة تشكيليّة لبنانيّة لتكون مطبوعة على زجاجاتها.

أمّا «سرّ النجاح» بالمعنى العام، يعلّق ظافر شاوي، فيمكن رصده من خلال عاملين، الأوّل هو الجودة «التي يشتهر بها النبيذ اللبنانيّ، نظراً إلى الميداليات الكثيرة التي نالها في مباريات عالمية»، والآخر هو الجهد الوطني الموحّد... «بغض النظر عن الماركات».

ننتظر إذاً جهداً ترويجياً على الصعيدين الرسمي والخاص للمضيّ قدماً في صناعة عصير العنب اللبناني المخمّر، وذلك الجهد يعني استغلال المقوّمات بالطريقة الصحيحة، فالاستراتيجيا تكون في الأساس على الصعيدين الزراعي (الاهتمام بالزراعة وحقول الكرمة)، والصناعي (تحسين التقنيّات وأساليب التخمير) للوصول إلى الإنتاج المكثّف... كما ينبغي عدم إهمال العامل الترويجي الذي تُرجم أخيراً في مهرجان النبيذ في بيروت، بصناعة أكبر كأس في العالم لهذا المشروب المخمّر، ارتفاعها 2.4 متر، وعرضها 1.65 متر.

120%

نسبة نموّ عدد مصنّعي النبيذ في لبنان بين عامي 2004 و2009. وهذا النموّ الهائل يعكس طبيعة المقوّمات التي يكتتزها هذا القطاع على الصعيد المحلّي، والتفاعل الحاصل مع السوق العالميّة التي ابتكرت للنبيذ الفاخر بورصات تقديراً لقيمته ولذّته.

ثقافة من العصر الفنيقي

انتشرت ثقافة النبيذ في لبنان منذ العصر الفنيقي غير أنّها انكفأت حتى شبه الزوال في فترة السلطنة العثمانية، وفقاً لحديث ظافر شاوي لـ«الأخبار»، لتعود هذه الثقافة إلى الازدهار بحكم انتعاش الصناعة المرتبطة بها، بعد الحرب الأهليّة، فهل يمكننا تصنيف النبيذ اللبناني بين أنواع النبيذ الفاخر عالمياً؟ يجيب إميل مجدلاني عن السؤال قائلاً إنّ «لبنان يُصنّف اليوم بين أفضل مصنّعي النبيذ عالمياً... وينعكس هذا الأمر في التقدير العالمي والميداليّات الكثيرة التي نالها».

العدد ١٢٩٩ الجمعة ٢٤ كانون الأول ٢٠١٠

اقتصاد

التعليقات

Cool

نشره ismail wehbe wehbe (لم يتم التحقق) يوم الجمعة, 12/24/2010 - 09:06

كذا ... جريدة الاخبار... حلوة منكم

* رد على هذا التعليق

المشروبات الكحولية ضارة

نشره معلوم (لم يتم التحقق) يوم الأحد, 12/26/2010 - 00:02

يجب وضع تحذير من وزارة الصحة على زجاجات النبيذ أنها مضرة بالصحة وسبب رئيسي لتشمع الكبد وأمراض القلب والسكري.. عصير العنب عندما نتناوله عصيرا يكون من أكثر المشروبات فائدة للجسم، وعندما تتناولونه نبيذاً بعد أن تم حبسه لسنوات بلا هواء وتخميره، يتحول إلى سم زعاف يفتك بخلايا الجسم وأجهزته الحيوية، لدرجة أن الجسم يحاول إخراج المواد الكحولية عن طريق التقيؤ.

صدق الله تعالى: وإثمهما أكبر من نفعهما.

نصف إنتاج النبيذ اللبناني يصدّر إلى الخارج
نصف إنتاج النبيذ اللبناني يصدّر إلى الخارج


تعليقات: