الأستاذ عدنان اسماعيل
يتناول هذا الجزء القوى العاملة الخيامية منذ الاستقلال ولغاية العام 1975 اي بداية الاحداث اللبناينة.
..
كانت الخيام تختلف عن سواها من القرى والبلدات الجنوبية، من حيث الاعتماد على المداخيل التي تشكل العصب الاقتصادي للسكان. ففي حين كنا نلاحظ ان معظم الريف اللبناني عامة والجنوبي خاصة قد انتهج العمل الزراعي كمصدر اساسي للدخل،بجانب المصادر الاخرى، وبالرغم من ان الخيام متصلة بسهلين يعتبران مجالا واسعاً لممارسة العمل الزراعي وهما: سهل مرجعيون في الغرب وسهل الوطى في الشرق ،وقليلة البلدات الجنوبية التي تتمتع بهذه المساحة من الاراضي الصالحة للزراعة. ولكن بسبب بعدها عن مراكز تصريف الانتاج وسوء طرق المواصلات وسوى ذلك . جعل ابناء الخيام ينهجون باتجاه آخر وخاصة نحو الوظيفة كمصدر اساي للمعيشة، وهذا ما ظهر من خلال دراسة للدكتور علي فاعور تمت في العام 1978 حيث تظهر هذه الدراسة ان ما نسبته 23.3 من العاملين الذكور تتركز في قطاع القوى السملحة من جيش وقوى امنية.بينما يمثل الموظفون في القطاعين العام والخاص حوالي 15.7./. وحوالي 7.7./. في قطاع التعليم بشقيه الرسمي والخاص. اي ان نسبة العاملين في القطاعين الخاص والعام تصل في المجموع الى حوالي 46.7 ./. من مجموع النشاطات الاقتصادية الخيامية. بينما تنخفض هذه النسبة الى حوالي 2.5 في قطاع الزراعة. واذا اخذنا بالاعتبار ان القطاع الزراعي كان هو القطاع شبه الوحيد الانتاجي في البلدة بسبب شبه انعدام للمؤسسات الانتاجبة الاخرى حتى الحرفية منها . عندها عندها يصبح واضحاً لنا ان البنية الاقتصادية للبلدة انما تعتمد بشكل شبه كلي أي (حوالي 97./.) على النشاطات غير المتنجة و 0.05./. على المداخيل الحرفية. واصبحت المداخيل معتمدة بشكل اساسي على ما يحول اليها من خارجها. اما الاسباب الرئيسية لهذه التوجهات فهي: اولاً: الضعف الذي كانت تعانيه الزراعة اللبنانية ان في مجال التقنية الزراعية التي كانت سائدة في معظم الريف اللبناني ، المعتمدة على الزراعات التقليدة وبالاساليب التقليدة (الفدان والنيروالسكة).بالرغم من محاولات التحديث التي ادخلت عليها حتى اواسط السبعينات من القرن التاسع عشر.او من حيث ضعف مردود الانتاج الزراعي الذي لم يكن يؤمن الاكتفاء الذاتي للمزارعين وعائلاتهم. ثانيا: كان الوعي الشائع بين الناس في توجههم الى الوظيفة وخاصة العسكرية منها انها تؤمن دخلاً ثابتاً اضافة الى المعنوية الشخصية التي يتمتع بها الموظف ،والضمانات المتعددة من صحية وتربوية لكل افراد العائلة الذين هم على عاتق الجندي او الموظف. واكثر تلك الاغراآت في مجال الوظيفة كان معاش التقاعد الذي يؤمن دخلاً لمدى الحياة. ولذا فان الظاهرة التي كانت سائدة هي ان نسبة لا تقل عن 70./. ممن بلغوا الثامنة عشر(سن القبول في القوى العسكرية) ، كانوا يلاحقون دورات تعيين العسكريين من مرجعيون الى صيدا وبيروت وبقية المناطق اللبنانية ،وكانت تدفع مبالغ كبيرة كرشاوى للجان الفاحصة من اجل قبول المرشحين الى الجيش وقوى الامن الداخلي،اوسوى ذلك من الوظائف التي تنتهي الى تامين معاش تقاعدي بعد خدمة 18 سنة يتحول من بعدها المتقاعد لممارسة عمل آخر يؤمن له دخلاً اضافياً. ثالثاً: كانت مجالات العمل الاخرى في الخيام محدودة جداً وتتوزع بين قطاعات النقل والبناء والمهن الحرة(قليلة) والتجارة ومن يطلق عليهم الفاعل والعمال الزراعيين. ولكن ضيق مجالات هذه القطاعات جعلها محدودوة الاستقطاب،باستثناء قطاع النقل الذي وصلت نسبة العاملين فيه الى 7./. من القوى العاملة الخيامية حتى العام 1976 بينهم نسبة كبيرة من المتقاعدين.ولكن هذه النسبة عادت الى الانخفاض اثر الاحداث اللبنانية التي طاولت الجنوب اللبناني وخاصة بعد حصار البلدة من قبل ميليشيات سعد الحداد وتعذر الوصول اليها عبر الطرقات المعتمدة. اما اهم الاسباب التي ادت الى انتعاش وتوسع قطاع النقل فهي: أ- محدودية عدد السيارات الخاصة التي كان يمتلكها ابناء الخيام. ب- اكثر من نصف سكان البلدة كانوا يعملون خارجها ولكن ارتباطهم بها بقي متينا وتنقلاتهم من والى البلدة بقي متواصلا وبحاجة الى وسائل النقل الذي تؤمنه. ج- معظم سكان القرى المجاورة كانوا يعتمدون وسائل النقل الخيامية. رابعاً : بعد ثورة النفط في دول الخليج العربي وما رافقها من هجرة واسعة طمعا بالثروة والامان الاقتصادي كان نصيب الخيام يزيد عن 15./. من قواها العاملة، بينما الهجرة الى بقية دول العالم الاخرى بقيت محدودة جداً. والملاحظ ان معظم الذين هاجروا في الحقبة المبكرة الى تلك البلدان وخاصة الكويت، قد وصلوا الى مواقع اقتصادية متقدمة، مما شكل رافدا اساسيا من روافد دخل الخياميين . كما شكل حافزا اضافيا باتجاه الهجرة التي وصلت الى اوجها مع بداية الحرب الاهلية اللبنانية.
ألجزء الأول من الدراسة التي نشرها الكاتب عن الخيام
تعليقات: