لبنانيون في فلك الأبراج: لا نصدّقها... لكنها أحياناً صحيحة
ليس كل من يقرأ زوايا الابراج والتوقعات في المجلات والصحف والكتب المتخصصة، يصدق ما يكتب ويعمل على اساسه. لكن هناك كثيرون مولعون بمعرفة ابراجهم، خصوصا في نهاية كل سنة. وثمة من يشبه قراءة الابراج بتدخين السيجارة، "اولها دلع وآخرها ولع"... تبدأ العادة من باب التسلية والحشرية، وما تلبث ان تتحول لدى البعض الى ادمان! فالانسان يميل الى اي كلمة تعاطف او وعود بآمال تساعده في تجاوز مشكلاته، او ربما تحمّله رتابة الايام، كما يميل الى تصديق كل ما يبعث فيه مشاعر الفرح...
ينشغل كثيرون مع بدء السنة الجديدة في البحث عما يمكن ان يخبئه لهم المستقبل، ويغوصون في قراءة كتب الحظ والابراج، فيما يصغي آخرون الى توقعات الفلكيين والمنجمين عبر شاشات التلفزيون في الساعات الاخيرة من السنة لتتحول توقعاتهم وتنجيماتهم و"مفرقعاتهم" الكلامية حديث الساعة في الصالونات و"التاكسيات" واماكن العمل، وفي مرات كثيرة تربك النسيج الاجتماعي بشؤمها. وعن كلتا الحالتين، سأل "نهار الشباب" عينة من اللبنانيين الذين يتابعون الابراج وما يقوله الفلكيون: ماذا يقرأون في كتب الابراج والتوقعات وهل يصدقونها؟ وهل يراجعون كتب الاعوام السابقة للتأكد من صحتها؟
بين مدمن ومنتقد
تتعدد الاسباب التي تدفع الفرد الى الاهتمام بالابراج. فقد تكون حادثة اثرت في حياة شخص دفعته الى فلك الابراج والغيبيات، او العكس، بحسب لور الياس التي تقول، "بدأت قراءة الابراج يوميا منذ ان سمعت بـ ماغي فرح. ولا اخفي انني اتابع الابراج اليوم، لكنني لم اعد اصدقها بعد الحادث المروع الذي تعرض له زوجي قبل اربعة اعوام. ففي ذلك اليوم، كان من المتوقع، وفق الكتاب، ان يكون الحظ الى جانبي وحصل العكس". الحشرية كانت سبب لور الرئيسي الذي جعلها تتعلق بالابراج، حتى انها وصلت الى مرحلة تشتري فيها كتابها المفضل للتأكد من صحة التوقعات عن العام الماضي، وتلجأ ايضا الى تصفح كتب ابنتها.
ازداد تعلق مايا صباح (20 عاما – سنة ثالثة اعلام)، بقراءة الابراج لتتعرف اكثر الى صفات في شخصيتها. تعيد ترتيب كتبها وتشير الى كتيب صغير، وتقول: "لا اخرج من المنزل من دون كتاب الابراج". بدأت تفعل ذلك بعدما اكتشفت مزايا صحيحة تأكدت منها في شخصيتها واصبحت مواظبة وشبه ملتزمة مراقبة التوقعات الخاصة في برجها، "هذا الامر يدفعني يوميا الى مراجعة دقيقة في الكتاب لاستخلص نسبة نجاح توقعات برجي التي تتوافق بواقع سبعين في المئة تقريبا".
ماذا عن التوقعات والتنبؤات السنوية التي يطلعنا عليها الفلكيون والمنجمون؟ تجيب مايا: "لا اؤمن بها ولا حتى اصغي الى اصحابها".
ومن قال ان الرجال لا يتابعون الابراج... فطوني عيد (30 سنة – هندسة كومبيوتر) خير دليل على ذلك، فهو يتابعها لانها "مرات تصح". لم يكن يؤمن بالمنجمين لكنه بدأ يتواصل مع الابراج بعدما "صادفتني بعض التوقعات الصحيحة". اول ما يقرأه في الصحيفة هو برجه. وقد بدأ ذلك بعد فوزه بجائزة مالية، "كنت عرفت بها من خلال توقعات برجي"، ومع ذلك تصح الابراج احيانا ويحصل العكس تماما في احيان اخرى".
وهذا ما تؤكده غنوة زريق (22 عاما – سنة ثانية ادارة اعمال)، فلا يعنيها من القراءات والتوقعات كل ما يتعلق بالسياسة والاقتصاد. فبالنسبة اليها كلها تحاليل سياسية، وتقول: "اي لبناني قادر على ان يتوصل الى استنتاجات معينة".
كل سنة تنتظر غنوى صدور كتاب ماغي فرح عن التوقعات الفلكية بفارغ الصبر، لانها "اعلامية تتمتع بصدقية في مهنتها، وتتعاطى مع الابراج بـ"تحليل وعلم وليس بتوقعات غيبية او روحانية".
اما بالنسبة الى توقعات برجها اليومية والسنوية، فتتابع ما يدور في حياتها وتدون على كتيب ما تحقق من توقعات وما لم يتحقق، لتستطيع بالتالي تصنيف الجيد من كتب الابراج والسيئ منها. وعلى هذا الاساس ستعتمد غنوى المنجم "الاصدق" لتقرأ كتابه للسنة الجديدة. تعود لتتذكر ما قرأته العام الماضي في كتب التوقعات، "منها ما صدق ومنها لا يزال حتى اليوم بعيدا من الواقع".
من جهتها، رانيا فيريك (35 عاما) موظفة، كانت تقرأ في السابق كتب الابراج لكن من حين الى آخر الى ان تحول ذلك "ادمان حقيقي" قبل سنوات عدة وفق تعبيرها. "اذكر انني بدأت بشراء كتاب ماغي فرح وصرت انتظره كلما صدر في الاسواق مع بداية السنة الجديدة، ولا يكفيني اقتناء الكتاب، فأقرأ كل شيء فيه من الامور العامة، ثم انتقل الى التفاصيل ومنها يوميات برجي. هناك عموميات لكل برج تتحدث عن العمل والعاطفة، وهناك التفاصيل في المجالين، والتفاصيل التي تدخل في اليوميات".
في احيان كثيرة، تنسى رانيا ما قرأت، "فأعود الى الكتاب حين يحصل معي اي شيء، واحيانا اتذكر ما كتب في برجي، فأحرص اذا واجهت امرا مزعجا على التحلي بالصبر كما ينصحني الكتاب. واحيانا اخرى اعمل بالنصيحة القائلة باهمال وتجاهل بعض الامور التي تثير الازعاج والقلق. وهذا ما اقوم به".
اما كمال عوض (26 عاما) هندسة اتصالات، فيتابع اخبار برجه وفق "حالته النفسية"، لذلك عندما يكون في حاجة الى ما يرفع معنوياته يقرأ برجه، مع هذا لا يصدق الابراج، وفي رأيه "كذب المنجمون ولو صدقوا".
والى موقفه هذا يتابع الابراج باهتمام شديد، ويقول: "يجب ان يفرق الناس ما بين التنجيم وعلم الفلك، مشيرا الى السماء، "انا لا اصدق المنجمين ولكن اؤمن بتأثير حركة الكواكب على الانسان. وشخصيا اصاب بالاكتئاب كلما اكتمل القمر واصبح بدرا".
كذلك ليلى ضاهر (48 عاما)، التي لا تؤمن بهذه التوقعات وتعتبرها "خزعبلات" يتلهى بها اللبنانيون عن مشكلاتهم الاجتماعية والاقتصادية، وتزداد سنة بعد سنة عكس ما يقرأونه في الكتب من توقعات ايجابية وحلحلة على المستويين السياسي والاقتصادي. تتصفح ليلى كتاب الابراج في شكل يومي بداعي الحشرية لتعرف حظها من دون الاكتراث الى توقعات الابراج الاخرى. وتؤكد ان تصديق الابراج هو مسألة نفسية وتؤثر على مسار حياتنا اليومية، وتقول، "لا شك في ان التوقعات تكون صائبة احياناً ما بين 80 الى 90 في المئة".
تواجه ليلى انتقادات من افراد عائلتها الذين يعتبرون ما تقوم به تضييعا للوقت الثمين وخزعبلات، "ويضحون علي لمتابعتي احوال برجي، ولكنني لا اخصص وقتا كبيرا لقراءة الابراج، اذ تكفي دقيقتين في الصباح قبل الخروج الى العمل، وليس أكثر، كي اكون قد قرأت في الكتاب ما يتوقعه ليومي".
لا يرغب الانسان عادة في سماع ما يناقض افكاره، او يخالف قناعاته، او يجافي ما يحب ان يراه حقيقة، خصوصا اذا كان قد تبنى تلك القناعات والافكار قبل مدة طويلة، وكيف حياته وسلوكه ومواقفه واقواله ومشاعره معها. الا ان العينة التي تحدثنا اليها تجمع في شكل غير مباشر على ان ثمة تناقضات في التوقعات والتنبؤات في شكل عام، ان كان ذلك على مستوى الابراج، وان على مستوى التوقعات السنوية.
كتابا ماغي وكارمن الأكثر مبيعا
قبيل عيدي الميلاد ورأس السنة ومع بداية كل سنة جديدة، تزدحم الاكشاك وواجهات المكتبات اللبنانية، بكتب الابراج والتنبؤات المتنوعة والتي تختلف عناوينها ما بين التفاؤل والتشاؤم. وتكاد هذه الكتب تكون بمثابة "كتب مقدسة" لكثيرين من حيث الاهتمام والانتشار في الوسط الاجتماعي.
فما هي كتب الابراج والتوقعات الاكثر مبيعا في المكتبات؟
يقول المسؤول في قسم المشتريات في مكتبة انطوان محمد فتوني، ان "كتاب ماغي فرح يباع في الدرجة الاولى ثم يليه كتاب كارمن شماس. ويكون الطلب على هذين الكتابين في الشهر الاخير من السنة وحتى نهاية الشهر الاول من السنة الجديدة، اما في اشهر السنة فيكون البيع على الخفيف".
ردا على سؤال يجيب: "هناك كتب ابراج ايضا لـ جمانة قبيسي ووفاء الزين وجاكلين عقيقي، لكن الاقبال عليها ليس بموازاة فرح وشماس، بل اقل بكثير". ويرى فتوني ان معظم كتب الابراج والتوقعات لا تلحظ تغييرا مهما الا في صورة الغلاف وتاريخ السنة.
اعتادت المكتبة الشرقية في الاعوام السابقة ان يكون كتاب ماغي على رأس مبيعات كتب الابراج، غير ان المشهد تبدل الشهر الفائت فباعت كتاب كارمن باعداد اكبر. "كان الاقبال كاسحا في الاعوام القليلة الماضية على كتب الابراج على نقيض هذه السنة، اذ تراجع حماس الناس كونهم يصغون الى التوقعات عبر شاشات التلفزيون في الساعات الاخيرة من السنة"، كما تؤكد بولا الشمالي في قسم المشتريات في المكتبة. وعن كتب بقية الفلكيين، تشير الى ان "كتابي قبيسي والزين لا ينفدان من الاسواق والطلب عليهما عادي".
كذلك الأمر بالنسبة إلى مكتبة مالك التي لا تلحظ أي فرق في ما خص المبيع ما بين كتابي ماغي وكارمن، "فالكتابان مطلوبان" على ما يوضّح المسؤول عن قسم الكتب رجا البنا، "بينما كان الإقبال في العام الماضي كاسحاً لمصحلة كتاب ماغي". وعلى مدار السنة
يقصد الناس المكتبات لشراء الكتب، "وأول أربعة اشهر من السنة تكون الحصة الكبيرة لكارمن وماغي. وغالباً ما ينفد كتاب فرح من الأسواق في منتصف السنة، لنعيد طباعته ثانية".
... تتعدد الأسباب والمحصلة واحدة، فمعظم اللبنانيين وان اختلفت دوافعهم يهتمون بمعرفة ما يخبىء لهم المستقبل من تكهنات، علّهم يرتاحون ولو لبرهة من التفكير في ما ينتظرهم في الواقع.
توقعات ماغي فرح لأبراج 2011 بالصوت والصورة + Video
مقالة الإعلامي حسين عبدالله: "كذب المنجمون ولو صدقوا"
تعليقات: