عاملان من كهرباء راشيا يعملان على إصلاح الأعطال
30 ألف ليرة لصهريج المياه والمعاملات التجارية عبر الخلوي
راشيا:
يعيش عشرات الآلاف من أبناء منطقتي راشيا والبقاع الغربي فصولاً من القهر اليومي، بسبب الانقطاعات المتكررة والمتلاحقة للتيار الكهربائي عن منازلهم وقراهم، نتيجة الأعطال التي تستجد على شبكات استجرار الطاقة الكهربائية الداخلية، وعلى خطوط التوتر العالي، كلما ساءت الأحوال الجوية، نتيجة اهتراء الشبكات وقدمها، وعدم القيام بتأهيلها وإجراء الصيانة عليها منذ تركيبها. لكن الأضرار والأعطال التي خلفتها العاصفة الثلجية الأخيرة، تجاوزت حدود المعقول لجهة ضخامتها وكثافتها وانتشارها لتشمل القرى والبلدات كافة، ما حدا بمصلحة كهرباء لبنان إلى الاستعانة بورش فنية خاصة، تعمل على مساندة طواقم الصيانة الرسمية لإزالة الأعطال، بعدما عجزت الطواقم عن مواجهة الكارثة بمفردها.
لكن المشكلة لا تنحصر فقط بانقطاع التيار الكهربائي، بل بما يتسبب به الانقطاع من حلقات قهر أخرى، تبدأ بتوقف ضخ المياه من «مشروع لوسي» إلى «خزانات السلطان يعقوب» الرئيسية التي تغذي المنطقة بمياه الشفة، ولا تنتهي باختفاء الحرارة من الهواتف الثابتة، التي تستمد جهوزيتها من محطات رئيسية هوائية، تعتمد أصلاً على التيار الكهربائي، لشحن وحداتها المشغلة (البطاريات)، فضلاً عن توقف الأعمال في المرافق الإنتاجية لا سيما الصناعية والاقتصادية منها.
ويرتب ذلك الواقع نفقات إضافية ومصاريف جانبية قد تؤدي الى إرهاق كاهل المواطنين، الذين يرزحون بالأصل تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، وتتوزع النفقات بين شراء نقلات صهاريج المياه بأسعار مرتفعة قد تتجاوز ثلاثين ألف ليرة للصهريج الواحد، لتأمين الحاجات المنزلية من المياه، وشراء عبوات مياه الشفة، فضلا عن دفع فاتورة مزدوجة للتيار الكهربائي، قد تزيد في بعض الأحيان على 300 ألف ليرة، وتضاف إلى تلك المصاريف والنفقات فواتير الهاتف الخلوي والخسائر الناجمة عن توقف العمل في بعض المرافق. وتلك السلسلة من الأزمات التي يتلقاها المواطن دفعة واحدة، من شأنها أن تؤدي الى الإخلال بمقومات الصيغة الحياتية له، وتفقده أبسط حقوقه، وتنتهك مسيرة أمنه الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي.
ويرفض مختار بلدة ضهر الأحمر حسن بتديني الواقع القائم، مؤكداً أن «المكلف في المنطقة لم يتوان يوماً عن دفع المستحقات المطلوبة منه، والمتوجب عليه، من دون مواربة أو تأخير، ومن حقه أن ينعم بالتيار الكهربائي بعيداً عن عذابات الظلمة، وأن يحصل على مياه الشفة بدون منّة، وأن يستخدم هاتفه ساعة يشاء كي لا تتضرر مصالحه التجارية». ويلفت إلى أن «الإدارة هي المسؤولة ولا يجوز تحت أي مبرر أو حجة أن تتهرب من تأمين المقومات الحياتية لمواطنيها»، وتساءل: «هل يجوز إذا ما انقطع التيار الكهربائي ولأي سبب كان، أن يقتلنا الظمأ؟ وأن تتوقف حركة الحياة عندنا؟ وتتوقف مصالحنا التجارية؟».
ويرى المواطن أبو جهاد علي من بلدة المحيدثة أن «الأزمات الحياتية تلاحق أبناء المنطقة من كل الجوانب، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي الذي يحمل معه عذابات قاتلة، ناتجة عن توقف ضخ المياه من مشروع لوسي وفي فترات متلاحقة الى المنطقة، الأمر الذي يؤدي إلى حرماننا من مياه الشفة». ويلفت علي إلى الأعباء التي ينوء المواطن تحت أثقالها، بحيث يشتد الخناق عليه في كل التفاصيل الحيايتة التي يعيشها.
ويستغرب أبو حرب حسان «العبث بحياة المواطنين، بحيث يعيش عشرات الآلاف من أبناء هذه المنطقة أزمات حادة، تتلاحق وتتلازم من حين إلى آخر»، داعياً «الدولة الى إصلاح الوضع وإيجاد الحلول السريعة لهذه الأزمات التي تستجد من وقت الى آخر، وإلى تأمين أبسط مقومات الأمن الحياتي للمواطن».
ووصف مصدر بقاعي مسؤول في «مصلحة كهرباء لبنان» الأعطال التي طرأت على الشبكات الداخلية وعلى خطوط التوتر العالي خلال العاصفة الثلجية مؤخراً، بـ «الخارجة عن المعقول». وقال: «أدت العاصفة الى تحطم أكثر من 70 عمود كهرباء، وإلى إصابة عشرات المحطات الرئيسية والفرعية في القرى بالاحتراق، إضافة إلى تقطع الأسلاك الكهربائية داخل القرى وخارجها، وأسلاك التوتر العالي وأسلاك استجرار الطاقة، التي أكلها الصدأ وأضحت تالفة، نتيجة قدمها». وأشار إلى أن «الشبكات لم تشهد تأهيلاً ولا صيانة عامة منذ تركيبها قبل عشرات السنين». وتساءل عن بدائل الصحون الكهربائية التي غابت كلياً أو جزئياً عن أعمدة الكهرباء. وحدد المصدر «130 محطة كهربائية في المنطقة، تفتقد الفواصل الكهربائية أي نظام الحماية لعمال الكهرباء في حال قيامهم بالإصلاحات، ما يعني أن أي عملية صيانة تتطلب قطع التيار عن المنطقة بأكملها، بدل أن ينحصر ذلك في منطقة ضيقة يستهدفها العمل».
وأكد المصدر أن «المنطقة تتغذى بالتيار الكهربائي من مخرجين الأول من جب جنين قوته (15 ألف فولت)، والثاني من مركبا»، مشيراً إلى أن المنطقة تضم «توصيلات لشبكات مهترئة، ومحطات بالية، وبعضها تالف يعمل بطاقات ضعيفة جداً، فضلاً عن أن التيار الكهربائي لا تزيد قوته في معظم الأحيان عن (140 فولت)»، إلى جانب «عمال ليست لديهم الخبرة أو التخصص في مجال الكهرباء، ما يزيد من تفاقم المشكلة وصعوبتها، ناهيك عن مشاكل لا تعد ولا تحصى».
تعليقات: