المرأة والحجاب
لكأننا غزونا الفضاء وغصنا في أعماق المحيطات وأصبحنا على حافة نهاية الكون في علمنا وأبحاثنا وأعمالنا. وكأننا نسبق العالم في كل شيء ولم يعد أمامنا من شيء إلاّ وكشفنا أسراره وخفاياه عدا حجاب المرأة.
لا نحن غير ذلك وحجاب المرأة لا يستأهل كل هذا الضجيج الإعلامي، والكل في هذا العالم المتحضّر يعرف عنّا أكثر ممّا نعرف عن أنفسنا نحن مشغولين بقضية المرأة والحجاب وإسرائيل مشغولة بكيفية التنصّت على أمننا وحياتنا وزرع الجواسيس بيننا، يكفي أنّ هذا الحجاب سبب ويسبّب لنا الكثير من المتاعب والمشاكل والذي يخفي تحته شعر المرأة، الحجاب هذا مثقل بأطنان من الضغوط النفسية والفكرية والتخويف الذي لا حدود له.
كم كان جميلاً لو تركت الحرية للطفلة أو الفتاة أو المرأة المسلمة ان تضع الحجاب على رأسها دون إرغامها على ذلك، ومن غير هذا التخويف والترهيب؟؟ أفما كانت النتيجة مغايرة تماماً للوضع المزري الذي نعيش فصوله اليوم والذي يشغل الكثير الكثير من أوقاتنا؟
أما كنا في وضعٍ أفضل وثقافة دينية أكثر حضارة؟ أما كنا مقبولين عند كل الشعوب وعلى مساحة كل الكرة الأرضية؟؟ لكن أكثر المشتغلين بالدّين المرتزقين من قشوره يفضّلون التقوقع ولا يقبلون الإنفتاح على الآخرين ويرفضون ما تمّ التوصّل إليه من البحوث المعاصرة علميةًً كانت أم دينية أم قيماً حضارية.
هذا الأنسان المتحضّر الذي كشف معظم خفايا محيطنا الكوني المتطلّع اليوم الى المزيد من فك رموز هذا الكون وسبب وجوده ومن كان وراءه منذ نشاته الأولى، هذا الإبداع الذي توصّل إليه الإنسان بذاك المجهود لا يروق لبعض الجهلة لأنه لا يتناسب مع عقولهم وتخلّفهم.
فالعقلانية هي الحل الأمثل ولا مانع أن يكون لنا حجاب إذا كان مقروناً بحضارة وثقافة حياتية. نحن حتى الآن من غير هوية حضارية ومن غير هوية علمية. ومتى أصبح لنا علوم الآخرين وأصبحنا نملك ما يملكون ونعرف ما يعرفون ساعتئذٍ لن يشغلنا الحجاب ولن نقتل حتى ولو دقيقة واحدة من الوقت للدفاع عنه وعن هذا المعتقد وسنمضي وقتنا بما هو أجدى وأنفع، ومتى وصلنا الى ما وصل إليه الآخرون من علم ومعرفة وإكتشافات وأصبح لنا هوية علمية نغزو بها العالم سنستقبل بكل ترحاب وساعتئذٍ يصبح الحجاب مقبولاً وربما يختفي الى الأبد ونرفع مآذننا ومكبّرات حناجرنا وأصواتنا في كل مدن العالم لأن هذه المئذنة سوف تحمل تلك الهوية الحضارية، لكن متى وكيف؟
هل سنبقى ندخل متسللين الى عالم الحضارة والإنفتاح أم نبقى حتى الآن نعيش في دائرة الموت العلمي والحضاري ويكون الخروج من هذا الواقع من رابع المستحيلات؟؟
إذا كانت كرامتنا وحرّيتنا وأوطاننا أرضاً وشعباً معلقة بشعر المرأة وحجابها، هذا الشعار وهذا الحجاب والرأس الذي يحمله ليس من الأولويات الملحّة.
فحريّتنا وكرامتنا وأوطاننا وأرضنا وحقوق شعبنا فوق وقبل كل المعتقدات لا دين بدون كرامة، فكرامتنا مصادرة، وأرضنا مصادرة، وإرادتنا مصادرة، وأوطاننا محتلة، ومقدّساتنا تحت أقدام الصهاينة والأمريكان، وخيراتنا مسروقة، والشعب جائع والحاكم ظالم، فأيّ مكانةٍ للحجاب ونحن نعيش هذا الواقع المرير؟
أصحوا يا عرب، أصحوا يا مسلمين ولا تجعلوا من الحجاب قضيّتكم الأولى، فهناك ما هو أهم من هذا بكثير. فالقضاء على الفقر والجهل والفساد والظلم من أقدس المقدّسات، ولنعطي للحجاب القليل من الإهتمام ومن الوقت، وليكن كل إهتمامنا وكل وقتنا لقضايانا المصيريّة ولمستقبل أجيالنا القادمة، وعلينا أن لا نجعل من قضيّة الحجاب شغلنا الشّاغل.
أيها الناس أتركوا للمرأة حريّتها فالإسلام حبا المرأة بالكثير من التقدير وأعلى من مركزها ورفعها إلى المكانة السامية الجديرة بها في المجتمع، أيّها الناس لا تحطّوا من شأنها وأهميّتها وتجعلوها مسجونة في دائرة الحجاب والبرقع والجلباب والخمار، المرأة أهم من ذلك بكثير، أيها الناس إن الحجاب شيء والفضيلة شيء آخر.
تعليقات: