لبنان لا لبنانان
دفع تفجير المعارضة اللبنانية للحكومة باستقالة ثلث اعضائها الاوضاع في لبنان الى ازمة سياسية مفتوحة والى مزيد من الانقسام السياسي , ومع كل يوم يمر دون الاقتراب من الحل تتعقد المشكلة اللبنانية اكثر واكثر وتتضاعف المخاوف على الوحدة الوطنية الهشة، لابل على استقرار لبنان. فلبنان المنقسم على نفسه سياسيا هو اقرب اليوم الى الاضطراب الامني. وطالما ان الحل الجذري للازمة اللبنانية المتجددة باستمرار تحت عناوين مختلفة منذ العام 1943 حتى اليوم اي منذ استقلال لبنان فأن الكلام عن وصول الاطراف اللبنانيين الى حل نهائي لازمتهم هو من باب الامنيات , وينقل الرئيس الاسبق للجمهورية اللبنانية شارل الحلو عن الرئيس الفرنسي الاسبق شارل ديغول قوله له اثناء لقاء مشترك في باريس العام 1969 " هناك ثلاث قضايا تعالج ولاتحل, قضية فلسطين , قضية لبنان , وقضية كشمير ". وجاء كلام الرئيس الفرنسي للرئيس اللبناني حين كان لبنان مشتعل بازمة سياسية نتيجة الوجود الفلسطيني في لبنان وما احدثه من خلاف لبناني عامودي وافقي مترافقا مع اشتباكات مسلحة بين الجيش اللبناني والقوى الفلسطينية في الجنوب اللبناني , وما اعقبها من اتفاق لبناني فلسطيني سمي اتفاق القاهرة تخلت فيه الدولة اللبنانية مضطرة عن سيادتها عن اراض في منطقة العرقوب في الجنوب .و لم يكن اتفاق القاهرة العام 1969 هو التسوية الاولى في التاريخ اللبناني التي تترجم انقساما لبنانيا داخليا حول قضايا لبنانية ذات ابعاد اقليمية تشير الى دور لبنان ووظيفته الجيوسياسية منذ استقلاله. فمنذ العام 1948, تاريخ قيام الكيان الاسرائيلي في فلسطين ,فلبنان ارتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الفلسطينية على خلفية الجغرافيا واللاجئين والنشاط الفلسطيني السياسي والمسلح من اراضيه , وهذا ما جعل الصيغة اللبنانية التقليدية التي قامت في الاربعينييات على قاعدة التعايش تهتز في مراحل كثيرة بسبب ترجمة الوجود الفلسطيني في لبنان على انه سند اساسي لطائفة معينة دون الطوائف الاخرى وشكل خللا في التوازن الداخلي, والحاجة دائما الى المساعدة الخارجية او الاتكال على العامل الخارجي اقليمي او دولي كان ولد مع ولادة لبنان الحديث وتبلور مع انتخاب رؤوسائه التي تارة جاءت بفعل التأثير البريطاني والفرنسي والعربي الناصري والسوري الامريكي او في تسوية العام 1958 بعد الاحداث الاهلية عبر التفاهم الامريكي الناصري على رئاسة لبنان وايجاد تسوية للواقع الذي كان قائما. وبعد ذلك بدأ التاثير الخارجي في لبنان يظهر بشكل بارز كثيرة متخذا صيغا متعددة ولكنه في نهاية المطاف يؤكد على وظيفة لبنان كساحة و التي اضطلع بها قسرا منذ ستة عقود ونيف اي منذ نيله استقلاله في الاربعينيات ولم ينجح حتى الان في التقاعد منها, ربما لان اللبنانيين لم يحسموا قرارهم الوطني فكانوا ومازالوا على خلاف على الثوابت الوطنية وعلى الهوية وعلى الانتماء للبنان اولا. واذا كانت الاوضاع التي رافقت الانقسام السياسي اللبناني سابقا قد اعطت تسويات سمحت بهدنات سياسية وامنية الا ان الظروف اليوم تبدو بالغة التعقيد بسبب التداخل القوي والمتشابك بين القوى اللبنانية الفاعلة والقوى الاقليمية مما يصعب حدوث تسوية تاريخية تحفظ الكيان اللبناني وهذا ما يمكن تجاوزه الى حد ما اذا تحمل اللبنانييون ، موالاة ومعارضة، المسؤولية الوطتية التاريخية والتلاقي فيما بينهم على نقاط كثيرة موجودة والتنازل من اجل لبنان الواحد.. فلبنان يدخل اليوم في تجربة سياسية وسط خوف مرتفع من ان لا يبقى لبنان موحدا مستقرا او لايبقى. ويبرز الخوف على لبنان في خلاف اللبنانيين على دور لبنان خصوصا مع تعاظم قوة حزب الله السياسية والعسكرية والتي يراها البعض عامل قلق في المشهد اللبناني الداخلي لانها تخل بالموازين الداخلية خصوصا وانها ذات عمق اقليمي لايعطي اهمية كبيرة للصيغة اللبنانية التقليدية وحساسيتها في تركيبة النظام اللبناني المحكوم بقاعدة لاغالب ولامغلوب ,وعدم امساك اي فريق بقرار تحديد وظيفة لبنان ودوره والا يبقى لبنان كما يقول المفكر اللبناني ميشال شيحا على موعد مع حرب اهلية كل عشر سنوات . ويقصد ميشال شيحا ان لبنان دائما على فوهة الحرب الاهلية والانقسام اذا لم يتوصل اللبنانيون الى حل نهائي لازمتهم . والحل النهائي هو في تغليب الانتماء الوطني على كل ماعداه واعتبار الجميع ان لبنان وطن نهائي لهم ليس في مقدم الدستور جملة مفرغة من مضمونها وانما جملة حية تحت عنوان لبنان واحد لا لبنانان , لبنان 14 مارس ولبنان 8مارس .
..
حسين عبدالله - كاتب لبناني
تعليقات: