طفل في المدينة الصناعية في مرجعيون يعمل على إصلاح دراجة نارية
المسؤولية ضائعة بين الأهل والمؤسسات الإجتماعية
الأولاد يدفعون الثمن بعد تزايد الحالات دون رادع
..
مرجعيون:
لو كان الطفل علي (إبن الثامنة من العمر)، يعرف ما يخبأ له المستقبل من عذابات خلال عمله في إحدى الورش الصناعية في منطقة مرجعيون، لفضّل البقاء في بطن أمه، ليرى دور المؤسسات الضامنة لحقوقه وحياته قبل أن يُقرر الخروج إلى هذه الدنيا، ويبصر النور ليرى الحياة، ويعيش طفولته وشبابه على نحو أفضل لما هو عليه اليوم··
ظاهرة عمالة الأطفال في قرى منطقة مرجعيون، تزداد يوماً بعد يوم دون أي تدخّل من الجهات المعنية، وعذابات الطفل علي، هي واحدة من بين مئات الأطفال الذين لا يعرفون معنى طفولتهم، فخلقوا في ظروف معيشية قاسية حرمتهم العيش الكريم وجعلتهم سلعة تجارية، يتقاذفها أصحاب المصالح والمؤسسات الصناعية والتجارية والمهنية، وأحياناً الأهل كما هو الحال في العديد من الأماكن والمحلات المخفية··
على من تقع مسؤولية استغلال هؤلاء الأطفال والقاصرين؟ على الدولة ومؤسساتها الإجتماعية الضامنة، أم الأهل، أو رقابة القوى الأمنية؟ المسؤولية ضائعة، والأطفال يدفعون الثمن في ظل غياب المعالجات الجذرية··
<لـواء صيدا والجنوب> جال في قرى منطقة مرجعيون، واطلع على حالات استغلال عدة للأطفال والقاصرين، التقى بعضهم بعيداً عن الأهل الذين يستخدمونهم بحجة الفقر والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمنعهم من تعليم أولادهم وحتى توفير متطلباتهم المعيشية والصحية··
حظيت مشكلة عمالة الأطفال واستخدامهم، في السنوات القليلة الماضية في لبنان، بالاهتمام الواسع، سواءٌ على المستوى الرسمي أو الأهلي أو المنظمات الدولية، وخصوصاً <وزارة الشؤون الإجتماعية>، التي اتخذت سلسلة تدابير وبرامج إجتماعية وتربوية وصحية للقضاء على عمل الأطفال والتشديد على سحب العاملين منهم، لكن هذه الحلول التي وضعت قيد التنفيذ، لم تكن كافية· وما زال العديد من أطفال قرى منطقة مرجعيون، عرضة للاستغلال وللاستخدام في الأعمال التي تُعتبر خطرة وشاقة دون أي رقيب أو حسيب أو تدخل من أية جهة كانت·
صحيح أن مسؤولية الوالدين، تتمثل في توفير كافة متطلبات مراحل النمو، الجسدية والنفسية والاجتماعية، لكن المطلوب، تعاون كل دوائر وإدارات الدولة وترجمة قرارات الوزارات المعنية بهذا بالشأن وإطلاق عمل المؤسسات الضامنة وتوفير مقومات العمل الدائم للمؤسسات المسؤولة·
خيراً فعل عندما تطرق وزير الشؤون الإجتماعية الدكتور سليم الصايغ في كلمة ألقاها في حفل إطلاق <الإستراتيجية الوطنية للتنمية الإجتماعية> في قصر <الأونيسكو> بتاريخ 25 شباط 2011 إلى هذا الموضوع، حيث قال: سوف تلتزم الوزارة في الأعوام الخمسة التالية بالعمل على تنفيذ أولويات إجتماعية عدة، ومن بينها حماية الفئات المهمشة من المشاكل الإجتماعية مثل التشرد والعنف والعمالة المبكرة·
وفي هذا السياق قامت <وزارة الشؤون الإجتماعية> عام 2002 بتدريب نحو 397 قاصراً في لبنان، وتُشير التشريعات اللبنانية الخاصة بهذا الموضوع إلى <أنه وبعد صدور القانون رقم 536 تاريخ 24/7/1996 المتعلق بتعديل المواد 21 و22 و23 من قانون العمل تم في خطوة لاحقة إصدار المرسوم رقم 700 تاريخ 25/5/1999 الذي حظّر استخدام الأحداث الذين لم يكملوا سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة في الأعمال الخطرة والتي تشكّل بطبيعتها خطراً على الحياة أو الصحة أو الأخلاق، بسبب الظروف التي تجري فيها، وأرفق هذا المرسوم، بجدول للأعمال المحظورة تبعاً لخطرها على الحياة أو على الصحة العامة أو على الأخلاق والوضع النفسي>·
وكذلك صادق لبنان على إتفاقية العمل الدولية رقم 182 والتوصية رقم 190 الملحقة بها تاريخ 2/8/2002، وهي تدعو إلى إتخاذ تدابير فورية وفعالة، تكفل حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال أو القضاء عليها، وتحديد أنواع الأعمال التي تؤدي إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي ومكان وجودهم·
الطفل علي ضحك الطفل علي··· وقال لي عندما سألناه عن حياته: لا أعرف سوى التعب والعمل في محل لتصليح السيارات يملكه والدي>·
علي يريد الراحة واللعب مع رفاقه الأطفال، لكن الوقت لا يسمح، يحاول الضحك ولا يعرف الدنيا ومعنى الحياة، يتعذب ولا يعلم، الضائقة المعيشية التي يعيشها والده دفعته إلى استخدامه في المحل لكي يؤمن لقمة عيشه·
ويقول والده، الذي رفض الافصاح عن إسمه: لحظات صعبة أعيشها وأنا أرى إبني يتعب ولا أستطيع فعل أي شيء له، أنه زمن قاسي، وعلى المؤسسات الحكومية العمل على مساعدة المحتاجين والفقراء، فعملي في هذه المصلحة، لا يكفي لتوفير متطلبات ولد واحد، فكيف أستطيع تأمين معيشة عائلة كبيرة، لا أعرف؟·
علي قانصو القاصر علي قانصو (إبن الخامسة عشر)، يعمل في مشتل ورد، بمعدل 8 ساعات في اليوم، يعتبر <أن مسؤولية وصولي إلى هذه الحالة وأنا في سن مبكر، يعود على الأهل والدولة معاً>·
ويقول: إن المؤسسات الخاصة والرسمية، يجب أن تقوم بدورها وتوفر شبكات الآمان للجميع، لكي يتمكن غيري من الأطفال والشباب القاصرين من عيش طفولتهم وحياتهم على أكمل وجه·
رواد الخطيب ويقول الشاب رواد الخطيب، الذي يعمل في فرن <للمعجنات>، أن حالة والديه دفعته لترك المدرسة، والعمل على توفير مصادر رزقه، وهو سيعود إلى المدرسة فور تحسن ظروفه المعيشية، ويأمل بمساعدة رسمية أو خاصة تمكنه من العودة إلى مقاعد الدراسة، والعيش براحة وإطمئنان مع رفاقه·
ويشدد على <ضرورة تدخل أطراف وجهات رسمية وخاصة لحماية الأطفال والقاصرين في المجتمع، من العمل والاستغلال والإستخدام غير المشروع>·
الطفل علي يعمل في محل والده لتصليح السيارات
رواد الخطيب·· يعمل في فرن
تعليقات: