مياه نبع سريد تهدر في منطقة يصحّرها العطش

نبع سريد
نبع سريد


حلتا ـ

يفصل نبع سريد بين مزرعة حلتا التابعة لبلدة كفرشوبا جنوبا والسلامية التابعة لبلدة عين جرفا شمالا. تتفجر مياهه من قلب الجبل ومن بين الصخور واشجار السنديان، محدثة دويا تسمع اصداؤه في القرى المجاورة، ما يجعل هذا النبع قبلة انظار وانتظار أبناء قرى وبلدات منطقة العرقوب،خاصة بلدات كفرشوبا وعين جرفا والماري الذين يتفائلون خيرا بتفجره ما يعني لهم عام خير وانتاج زراعي وفير في منطقة غنية بالسهول الزراعية وبساتين الزيتون وغيرها، ويعتاش اهلها وما يزال معظمهم على القطاع الزراعي والثروة الحيوانية.

مياه النبع، الذي يرفد نهر الحاصباني، كما كل الينابيع والأنهر في المنطقة تذهب دون الإستفادة منها بالشكل المطلوب خاصة لجهة ري الحقول والأراضي الزراعية المحيطة بها، حيث انها تجف قبل بداية فصل الصيف، الأمر الذي يسمح للتصحر بالزحف السنوي البطيء على حساب البساتين التاريخية.

على ضفتي نبع سريد مطحنتان قديمتان باتتا بقايا اثر لأطلال يحن اليها كبار السن الذين ما زالوا يتذكرون بعضا من تفاصيلها التي عاشوا منها وعليها، متمنين على الجهات المعنية ايلاء هذه المنطقة الاهتمام اللازم خاصة لجهة اقامة بركة لتجميع مياه النبع او حفر بئر ارتوازية بقربه تغذي، حسب قولهم، ليس منطقة العرقوب وحسب انما منطقة حاصبيا باكملها، وذلك لقرب المياه الجوفية من سطح الأرض، وهناك امر يؤسف له حين تجف مياه النبع حيث تتحول بعض اماكنه الى مكب للنفايات دون حسيب او رقيب، وشتاء تجرف مياه الأمطار والنبع ما امكن من تلك النفايات.

وعن بقايا المطحنة القديمة في ارضه، يقول ابو وجدي من عين جرفا، الذي يعيش في المغترب واشترى قطعة الأرض تلك منذ عامين تقريبا: "انا لا اعرف عنها الكثير، ولكن حسب ما نسمع من اهلنا واجدادنا فتاريخها يعود الى مئات السنين حيث كانت تطحن ما ينتجونه من القمح والحبوب الأخرى، واتمنى ان استطيع ان انفض عنها غبار الزمن واجعلها قبلة لمن يرتادون المنطقة كي يعرفوا بعضا من طريقة عيش اهلنا قديما".

ويشير الشيخ ابو شريف دربية (73 عاما من عين جرفا ايضا) الى ان "مياه النبع كانت قبل اربعين سنة تتفجر كل عام وتشكل مصدر ري للمواسم الصيفية ولكن بسبب التغير المناخي الذي نشهده عاما بعد عام بتنا نلمح انعكاسه على النبع الذي وان تفجرت مياهه الا انه سرعان ما تجف، ويؤكد ابو شريف ان عمر المطحنة يزيد على مئتي عام، وكانت تشغلها مياه النبع عبر اقنية حجرية ما زالت بقاياها شاهدة على تاريخ يمكن القول انه اصبح في غياهب النسيان حتى يعاد لها بعض من الحياة".

في الجهة الجنوبية وعلى بعد الف متر تقريبا من تفجر النبع وامتار من الطريق الرئيسي الى مزرعة حلتا هناك ايضا بقايا مطحنة تعود لآل الحاج من كفرشوبا كانت وستبقى شاهدة على اهمية هذا النبع وما كان يعنيه لأهالي المنطقة قبل عقود خلت، ويتحدث ابو علي (من كفرشوبا وعمره 93 عاما) عن النبع وتفاصيله، فيقول:"سريد تجري المياه فيه كل عام من عدة اماكن ولها عدة اسماء منها "التنور" و "ام الشقاقيف" و "رأس الصخرة"، ولكن اعلى مستوى له يكون عندما يتفجر من "البراديش" وعندها تستمر المياه فيه بالجريان حتى منتصف الصيف تقريبا وهذا لا يحصل الا مرة او مرتين كل عشرة اعوام، واليوم يعتبر منسوب المياه فيه جيداً، يضيف ابو علي، لقد كنا نمضي اكثر ايام السنة في مزرعة حلتا الغنية بارضها الخصبة ووجود هذا النبع ما يساعد في تحسين انتاجنا الزراعي وتحديدا انواع الحبوب وطحنها في مطحنة آل الحاج، اما اليوم فقد اصبح الناس يزورون النبع للنزهة والتمتع بالطبيعة فيما القليل من المزارعين وبعض رعاة الماشية يمكنهم الإستفادة منه".

مياه نبع سريد تهدر في منطقة يصحّرها العطش
مياه نبع سريد تهدر في منطقة يصحّرها العطش


تعليقات: