الزمالك والأفريقي التونسي
إزاء مشهد غير لائق، يمكن للمشاهد أن يغمض عينيه، لكن لا يمكن للمصور أن «يغمض» عدسة الكاميرا. مع ذلك فإن التلفزيون المصري اختار أن يقطع البث المباشر من «استاد القاهرة»، عندما فوجئ الجميع «بفضيحة» اقتحام الجمهور لأرض الملعب في مباراة الزمالك والأفريقي التونسي.
كانت المباراة تقترب من نهايتها، إذ تبقى من مدتها أقل من ثلاث دقائق، والنتيجة كانت لغير صالح «الزمالك» صاحب الملعب. ألغى الحكم هدفا للنادي المصري، اقتحم مشجع تونسي شاب الملعب الأخضر فلاحقته الشرطة، وإذا بفيض جماهيري هائل يجتاح الملعب ليعتدي على اللاعبين الضيوف – بل وبعض أصحاب الملعب – ويحطم كل شيء!
تعددت التفسيرات بين الغياب الأمني وتعصب المشجعين، وصولا إلى «الثورة المضادة» التي تتحين الفرص من أجل إشاعة الفوضى. تقدمت الحكومة المصرية عبر مختلف مستوياتها باعتذارات رسمية، وتقدم شباب «الفايسبوك» باعتذارات شعبية. لكن السؤال التلفزيوني بقي بلا أجابة: لماذا اختار المخرج أن يقطع البث؟ بينما كان «الخبر» يجري على أرض الملعب، وفضل المخرج بث إعادة الأهداف.
تغيرت قيادات «ماسبيرو» في سبيل إعلام جــديد، لكن العقلية ما زالت نفسها. النعامــة تدفن رأسهــا في الرمال وتلفزيون الدولة يدفن شاشته في اللقطات المسجلة والمناظر الطبيعية. قطع الإرسال لا يمحو الفضيحة، بل يضخمها، لا يمنع الفــزع بل يزيده، لا يكتم الشائعات بل يطلقها. لذلك، وكنتيجة «للتخـشب» الرسمي، اتجه المشاهد نحو الشاشة الخاصة، وهناك كانت فضيحة أخرى.
على شاشـة قـناة «مودرن سبـورت» كان المــعلق الرياضي أيمن الكاشف يبدي أسفه على مشهد الاقتحام المخجل، وإذا بميكروفون الصوت الحساس يلتقط ما لا يـصدقه عـقل، عبر سماعة الأذن الخاصة بالمعلق يأتـيه صـوت المخرج قائـلا «مش هما دول شـباب الثـورة يا أيـمن؟ إدي كلــمتين يا أيمن». ثوان قليلة ويصدح صوت المعلق منـفذا التعليمات: «كنا نأمل من الشباب الواعد، اللي الكل وقف معاهم وساندهم وحياهم، إنهم ما يظهروش هذه الصورة السيئة على مرأى ومسمع كل الدول العربية»!
هكذا أصبح المقتحمون المتعصبون، أو المأجورون بافتراض من شباب «ثورة يناير»، وفق نظرية المعلق والمخرج. فهم تركوا الميدان ومطالب إسقاط فلول النظام كي يسقطوا نادي الأفريقي التونسي. رسالة بالغة الخبث والسطحية. كذلك، فاقم من هزلها الصوت المرتفع في سماعة المعلق، فانتشرت على «اليوتيوب» لتفضح القناة التي لم تغمض كاميرتها لكنها دفنت سمعتها.
تعليقات: