روعة الخيام في شهر نيسان
إنّه نيسان
أجل إنّه نيسان حيث تتوقف فيه كل اللغات وتنتهي الفلسفة ويصمت الشاعر والأديب، وتبقى لغة واحدة هي لغة الصمت!
دع للطبيعة أن تتكلّم، وللحسون أن ينطق بالشعر والنغم، لا مكان هنا للرحابنة في سهل المجيدية وشعرهم الغنائي، ولا لفيروز وصوتها الملائكي، وسط هذا الجمال والإبداع الذي هو من روعة الطبيعة وبمسحة ربّانية فهنا الصمت والخشوع والتأمّل! هو المشهد الصادق وأنت في وسط هذا المرج من الأزهار والحشائش وبرك من الماء هنا وهناك والنحل الهائم والتائه بطنينه الناعم وهو يمتص من الأزهار رحيقها متنقلاّ بين الماء والزهر، وفي رحاب هذا الجمال هنا الجنة وأنت في وسطها روحاً وجسداً.
أجل هي الجنة التي وعد الله بها النسّاك والصالحون وكلُ من آمن وإتقى وتأخذك الدهشة وعظمة هذا المكان وتنظر الى الشمس وتتمنى أن لا تغيب ويبقى هذا اليوم بمشهده الشاعري الى ما لا نهاية!! لكنّه الزمن الذي لا يتوقف؛ حيث دورة الحياة الأزلية لا بدَ لها الاّ أن تستمر إنّه الأزل اللامتناهي.
وقبل المغيب علينا أن نذهب الى مكان آخر وهنا مشهد مغاير لجمال نيسان ومنظر جبل الشيخ هذا الجبل المقاوم الذي لم يزل يزهو بتلجه وهو الأب الروحي لهذا الجمال والى هذا الماء المتدفق من هنا وهناك. إنّه التكامل لتعاون الطبيعة لرسم هذه اللوحة التي فقط هي لها أن تعبّر عن نفسها، لما فيها من روعة الإبداع وبمشاركة ربّانية كي تكتمل الصورة، وفي هذا المكان الرائع يلتقي نبع سريد بمياه نهر الحاصباني.
هذان الصديقان الحميمان أبناء الكون، أحفاد الزمن، ليذهبا سويةً حيث يلتقيان مع مياه نبع الوزّاني ليشكلا فيما بينهم هذه الوحدة الأزلية التي تجمعهم معاً ليكملا رحلتهم في واديهم السّاحر مع جمال نيسان الربّاني وهنا تأخذك رهبة الماء بغزارتها المتدفقة لتكمل مشوارها في رحلة أبدية باقية ما بقيت الأيام لتعطي الأمل والحب والحياة، لكن وللأسف أن تذهب هذه المياه الى المكان الذي يجب أن لا تصل إليه، وعوداً على بدء إنّه نيسان، نيسان الحب والشعر والزهر والجمال.
روعة الخيام في شهر نيسان
تعليقات: