داليـة حسيـن «شهيـدة حيـة» ستقهـر إصابتهـا

داليـة في صورة قديمة
داليـة في صورة قديمة


ظنت أسرة دالية عبد الله حسين أن النزوح من البازروية التي استهدفت منذ اليوم الأول من الحرب، إلى الغازية، سينقذ أفراد الأسرة من نيران العدو. لكن ما كان ينتظر العائلة أمام منزل خالة دالية في الغازية لم يكن بالحسبان.

فيوم الثامن من آب، كانت الحاجة أم علي، جدة دالية التي رعتها منذ أن فقدت أمها لما كانت في الثانية من عمرها، قد هيأت وجبة الغداء وجلست تنتظر عودة زوجها وأولادها وأحفادها من ساحة الغازية الى المنزل الذي يقيمون فيه.

وصلوا إلى بوابة المنزل وفيما هم يهمون بالنزول من السيارة، انهمرت القذائف الإسرائيلية من البوارج المرابطة في عرض البحر. غرقوا في دمائهم. أصيب عبد الله وابناه مصطفى وفاطمة ووالده، أما دالية، وهي في السابعة من عمرها، فقد أذيع اسمها من بين أسماء الشهداء.

أدخلت على عجل إلى براد مستشفى حمود في صيدا، ولكنها كانت ما تزال على قيد الحياة.

أمضت الجدة وأقارب دالية ساعات يبحثون عن جثتها.

في المستشفى، بعد مدة، فتح المسعفون البراد لإدخال جثة جديدة، فلاحظوا حركة تحت أحد الأغطية، واكتشفوا أن «الشهيدة» ما زالت حية، وكانت الدماء تغطي وجهها ورأسها إصابتها الشديدة في الجمجمة. أدخلت دالية إلى العناية الفائقة، وأخضعت لعلاج استمر أكثر من شهر ونصف، حتى تقرر أن تسافر إلى ايطاليا مع زوجة أبيها علية لاستكمال العلاج.

كان الاستقبال في ايطاليا حميما لدالية ولأطفال آخرين أصيبوا في العدوان. على امتداد عشرة أشهر، تلقت دالية العلاج في عدد من المستشفيات الايطالية ومنها مستشفى مدينة «بارغيمو» حيث خضعت لجراحات عدة في الرأس نجحت في إرساء استقرار في دماغها الذي أصيب بارتجاج كبير أفقدها النطق.

يوم الأحد الفائت، عادت دالية من ايطاليا الى منزل عائلتها في البازورية، وقد تغير كل شيء بالنسبة للطفلة التي كانت تملأ حارتها باللعب والضجيج.

صارت دالية اليوم مقعدة، وفقدت القدرة على النطق، إلا أن الأطباء يؤكدون أن العلاج الفيزيائي كفيل بحملها على استعادة القدرة على النطق والقدرة على المشي.

تقول علية ان «حالة الطفلة كانت سيئة جدا لدى وصولنا الى ايطاليا وكان الأمل ضعيفا في بقائها على قيد الحياة، لكن جهود الأطباء أبقتها بيننا». تضيف ان «ما تحتاجه دالية في لبنان هو مواصلة العلاج الفيزيائي وهو مكلف ويفوق طاقتنا بسبب الظروف المادية الصعبة. إلا أن الأطباء في ايطاليا اتفقوا مع إدارة مستشفى أوتيل ديو على متابعة علاجها».

وتعرب علية عن شكرها العميق للحكومة الايطالية وللأطباء الذين سهروا على علاج دالية.

أما الجدة زهرة خليفة (ام علي)، فتقول انها تشعر بقلبها يحترق وهي تنظر الى الطفلة الجميلة وهي عاجزة عن النطق والمشي واللعب مع إخوتها وجيرانها.

تقول بحسرة : «يا عمري، ما أعز من الولد إلا ولد الولد. ربيتها منذ أن كانت في الثانية، بعد مرض والدتها ثم وفاتها قبل ست سنوات.. لما انتقلنا من البازورية إلى الغازية، وقبل إصابتها، شكل الأولاد ذات يوم فريقين للعب «فريق لبناني وفريق إسرائيلي» لكن دالية رفضت أن تنضم إلى الفريق الإسرائيلي. ولما فاز فريقها، طلبت خمسمئة ليرة وبدل ان تشتري بها وضعتها في صندوق الزكاة عن روح والدتها ديانا جفال».

..واليوم (السفير)
..واليوم (السفير)


تعليقات: